الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الدَّلِيلُ الثَّانِي عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كفْرِهِ]
وَأَيضًا: فَقَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَابَ قَبْلَ القُدْرَةِ عَلَيهِ وَهُوَ مُمتنِعٌ فَإِنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ، بِخَلافِ مَنْ تَابَ بَعْدَ القُدْرَةِ عَلَيه، فَلَو أَسْلَمَ الأَسِيرُ بَعْدَ أَسرِهِ لَعُصِمَ دَمُهُ وَلَمْ يُعْصَم اسْتِرَقَاقُهُ.
بَلْ قِيلَ: يَصِيرُ رَقِيقًا.
وَقِيلَ: يُخَيَّرُ الإِمَامُ فِيهِ (1).
(1) قال شيخ الإسلام في الفتاوى (10/ 374): (كما قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ، وقال:{وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} ؛ ولهذا من تاب من الكفار والمحاربين وسائر الفساق قبل القدرة عليه سقطت عنه العقوبة التي لحق لله، فإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه عصم دمه وأهله وماله، وكذلك قاطع الطريق والزاني والسارق والشارب إذا تابوا قبل القدرة عليهم؛ لحصول المقصود بالتوبة، وأما إذا تابوا بعد القدرة لم تسقط العقوبة كلها؛ لأن ذلك يفضي إلى تعطيل الحدود، وحصول الفساد؛ ولأن هذه التوبة غير موثوق بها؛ ولهذا إذا =
وَإِنَّمَا عُصِمَ دَمَهُ؛ لَأَنَّ الكُفْرَ شَرْطٌ فِي حِلِّ دَمِ المَقْدُورِ عَلَيه، حَتَّى أَنَّ المُسْلَمَ إِذَا حَارَبَ جَازَ قِتَالُهُ، فَإِذَا قُدِرَ عَلِيهِ لَمْ يَحِلَّ قِتْلُهُ، فَإِنَّ الإِسْلامِ عَاصِمٌ، فَفِي الحدِيثِ:"لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ، كُفْر بَعْدَ إِسْلامٍ، وَزِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَو أَنْ يَقْتُلَ نَفْسًا فَيقْتَلَ بِهَا"(1)، كَمَا جَاءَ مِثْل هَذَا الحدِيث مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ.
فَالمُحَارِبُ إِذَا كَانَ كَافِرًا: جَازَ قَتْلُهُ، وَإِذَا أُسِرَ جَازَ قَتْلُهُ لحِرَابِهِ (2) المتقَدِّم، وَدَفَعًا لِشَرِّهِ فِي المُسْتَقْبَل، فَإِنَّهُ إِذَا مُنَّ عَلَيهِ أَو فُودِيَ
= أسلم الحربي عند القتال صح إسلامه؛ لأنه أسلم قبل القدرة عليه، بخلاف من أسلم بعد الأسر، فإنه لا يمنع استرقاقه وإن عصم دمه).
(1)
أخرجه البخاري (ح/ 6484)، ومسلم (ح/ 1676) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
في المطبوعة: (حربه).
فَقَدْ يَضُرُّ بِالمُسْلِمِينَ (1).
وأَمَّا المُسْلِمُ: إِذَا جَازَ قِتَالُهُ لحِرَابِهِ (2)، مِثْل قِتَالِ البُغَاةِ والعِدَاة، فَإِذَا أسرَ لمْ يَجُزْ قتْلهُ لحِرَابِهِ (3) المتقَدِّم، وَلكِنْ إِذا كانَ لهُ فِئَةٌ مُمْتَنِعَةٌ:
فَقِيلَ: يَجُوزُ قَتْلُهُ لحِرَابِهِ (4) المُتَقَدِّم.
وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ (5).
(1) قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (2/ 506): (وصار هذا كالأسير اقتضت المصلحه قتله، لعلمنا أنه متى أفلت كان فيه ضرر على المسلمين أكثر من ضرر قتله، فإنه لا يجوز المن عليه ولا المفاداه به اتفاقًا).
(2)
في المطبوعة: (حربه).
(3)
في المطبوعة: (حربه).
(4)
في المطبوعة: (حربه).
(5)
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (10/ 374): (ولهذا من تاب من الكفار والمحاربين وسائر الفساق قبل القدرة عليه سقطت عنه العقوبة التي لحق لله، فإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه عصم دمه وأهله وماله، وكذلك قاطع الطريق والزاني والسارق والشارب إذا تابوا قبل القدرة عليهم لحصول المقصود بالتوبة، =