الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الدَّلِيلُ الثَّامِنُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]
ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا النَّصَارَى: فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَى هَذِهِ الغَايَة، حَتَّى أَرْسَلَ رُسَلَهُ بَعْدَ صُلْحِ الحُدَيبِيَة إِلَى جَمِيعِ المُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلَام، فَأَرْسَلَ إِلَى قَيصَرَ، وَإِلَى كِسْرَى، وَالمُقَوقِس، وَالنَّجَاشِيّ، وَمُلُوكِ العَرَبِ بِالشَّرْق، وَالشَّامِ (1).
= أهل الأرض كان يقاتل من حاربه إلى أن يدخل في دينه أو يهادنه أو يدخل تحت قهره بالجزية، وبهذا كان يأمر سراياه وجيوشه إذا حاربوا أعداءهم
…
وهذا أحب إلى الله من قتلهم).
(1)
قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح (1/ 269 - 300): (ولما كان بعد عام الحديبية ومهادنة قريش أرسل صلى الله عليه وسلم رسله إلى جميع الطوائف، فأرسل إلى النصارى نصارى الشام، ومصر، فأرسل إلى هرقل ملك الروم
…
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا أيضا إلى ملك مصر المقوقس ملك النصارى في ذلك الوقت بالإسكندرية
…
ثم بعد الإرسال إلى الملوك أخذ صلى الله عليه وسلم في غزو النصارى، فأرسل أولًا زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة في جيش، فقاتلوا النصارى بمؤتة
…
فقتل الثلاثة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الثلاثة في اليوم الذي قتلوا فيه، =
فَدَخَلَ فِي الإِسْلَامِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيرِهِمْ مَنْ دَخَلَ، فَعَمَدَ النَّصَارَى بِالشَّام، فَقَتَلُوا بَعْضَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ مِنْ كُبَرَائِهِمْ بِمَعَان (1).
فَالنَّصَارَى حَارَبُوا المُسْلِمِينَ أَوَّلًا، وَقَتَلُوا مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَغْيًا وَظُلْمًا، وَإِلَّا فَرُسُلُهَ أَرْسَلَهُمْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الإِسلَامِ طَوعًا
= وأخبر أنه أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله على يديه)، وقال أيضًا في الموضع السابق (2/ 60):(فإن النبي لما رجع من الحديبية أرسل رسله إلى أهل الأرض، فبعث إلى ملوك العرب باليمن والحجاز والشام والعراق، وأرسل إلى ملوك النصارى بالشام ومصر قبطهم ورومهم وعربهم وغيرهم، وأرسل إلى الفرس والمجوس ملوك الطراق وخراسان).
(1)
وهو: فروة بن عمرو النافرة الجذامي ثم النفاثي، بعث إلى رسول الله رسولًا بإسلامه، وأهدى له بغلة بيضاء، وكان فروة عاملًا للروم على من يليهم من العرب، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام، فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه طلبوه حتى أخذوه، فحبسوه عندهم، ثم قتلوه. انظر: تاريخ دمشق (48/ 270)، والبداية والنهاية (5/ 86)، والإصابة (5/ 386).
لا كَرْهًا، فَلَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا عَلَى الإِسْلَامِ (1).
فَلَمَّا بَدَأَهُ النَّصَارَى بِقَتْلِ المُسْلِمِينَ أَرْسلَ سَرِيَّةً أَمَّرَ عَلَيهَا زَيدَ بنَ حَارِثَةَ، ثُمَّ جَعْفَرًا، ثُمَّ ابنَ رَوَاحَةَ، وَهُوَ أَوُّلُ قِتَالٍ قَاتَلَهُ المُسْلِمُونَ لِلنَّصَارَى بِمُؤْتَة مِنْ أَرْضِ الشَّام، واجْتَمَعَ عَلَى أَصْحَابِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ
(1) قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح (1/ 313): (ثم صار أكثر أهل الشام وغيرهم مسلمين طوعا لا كرها فإن إكراه أهل الذمة على الإسلام غير جائز، كما قال تعالى سورة البقرة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}. وقال ابن القيم في هداية الحيارى (1/ 12): (ولم يكره أحدًا قط على الدين، وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله، وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ولم يكرهه على الدخول في دينه، امتثالًا لأمر ربه سبحانه حيث يقول:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} ، وهذا نفي في معنى النهي، أي: لا تكرهوا أحدًا على الدين .. والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر
…
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تبين له أنه لم يكره أحدًا على دينه قط، وأنه إنما قاتل من قاتله، وأما من هادنه فلم يقاتله ما دام مقيمًا على هدنته لم ينقض عهده؛ بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له، والمقصود: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكره أحدًا على الدخول في دينه البتة، وإنما دخل الناس في دينه اختيارًا وطوعًا).
مِنَ النَّصَارَى.
وَاسْتُشْهِدَ الأُمَرَاءُ رضي الله عنهم، وَأَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بن الوَلِيد، وَكَانَ خَالِدٌ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ صُلْحِ الحُدَيبِيَةَ هُوَ، وَعَمْرُو بن العَاص، وَعُثْمَانُ بن طَلْحَةَ، فَسَلَّمَ اللهُ المُسْلِمِينَ، وَرَجَعُوا (1)، وَهَذَا قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَبَعْدَ خَيبَرٍ.
(1) هذه القصة أخرجها البخاري (ح/ 1189) وغيره من حديث أنس رضي الله عنه.