الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقفة الرابعة
أن المتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته المليئة بقتال وجهاد الكافرين، والتضحية في سبيل هذا الدين، ليرى أنه مر في قتاله وجهاده للكافرين بمراحل متنوعة، ومراتب متغايرة، وأن هذه المراحل والمراتب جاءت متكيفة مع الحال والوضع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام يعيشون فيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1) رحمه الله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر مأمورًا أن يجاهد الكفار بلسانه لا بيده، فيدعوهم ويعظهم ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويجاهدهم بالقرآن جهادًا كبيرًا
…
، وكان مأمورًا بالكف عن قتالهم لعجزه وعجز المسلمين عن ذلك، ثم لما هاجر إلى المدينة وصار له بها أعوان أذن له في الجهاد، ثم لما قووا كتب عليهم القتال، ولم يكتب عليهم قتال من سالمهم؛ لأنهم
(1) الجواب الصحيح (1/ 237).
لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفار، فلما فتح الله مكة وانقطع قتال قريش ملوك العرب، ووفدت إليه وفود العرب بالإسلام، أمره الله تعالى بقتال الكفار كلهم).
فقتاله صلى الله عليه وسلم وقتال أصحابه للكفار، إنما هو قتال لمن يقاتلهم أثناء قيامهم بنشر دين الله تعالى حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
قال شيخ الإسلام (1) رحمه الله تعالى: (ثم خلفاؤه بعده أبو بكر وعمر ومن معهما من المهاجرين والأنصار الذي يعلم أنهم كانوا أتبع الناس له وأطوعهم لامره وأحفظهم لعهده، وقد غزوا الروم كما غزوا فارس، وقاتلوا أهل الكتاب كما قاتلوا المجوس، فقاتلوا من قاتلهم، وضربوا الجزية على من أداها منهم عن يد وهم صاغرون).
(1) مجموع الفتاوى (4/ 205).
فقتالهم إنما كان لمن قاتلهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1)
رحمه الله تعالى: (ثم إنه كتب عليهم القتال مطلقًا وفسره بقوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} الآية، فمن ليس من أهل القتال لم يؤذن في قتاله).
* * *
(1) الصارم المسلول (2/ 206).