الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالشأن في المولود بعد ولادته، فهو يولد على الفطرة التي فطره الله عليها، ذلك الدين القيم لا تبديل لخلق الله.
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
1-
أن الله تعالى فرض على المسلمين صيام شهر رمضان؛ فهو ركن من أركان الإسلام.
2-
أما القيام فهو سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم رحمة بأمته.
3-
صيام شهر رمضان وقيامه لا يكفر الذنوب إلا إذا صدر عن مؤمن يحتسب ذلك عند الله عز وجل ابتغاء مرضاته.
4-
من صام رمضان وقام ليله إيمانًا واحتسابًا كان ثوابه كالحج، يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
5-
لذلك كان الصيام والقيام في شهر رمضان إنصافًا للفقير وغير المستطيع لأداء فريضة الحج، حتى لا يحرم من ثواب الحج المبرور للمستطيع، ولا يظلم ربك أحدًا.
6-
بالإضافة إلى ما ذكر من القيم في التصوير النبوي من الحديث الشريف.
اليد العليا:
أخرج البخاري عن حكيم بن خُزَامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله".
التصوير البلاغي المستمد من المعاني الحقيقية، التي تواضع عليها علماء اللغة لألفاظ الحديث الشريف كثيرة ومتنوعة، وصوره البلاغية كثيرة ومتنوعة، منها الصورة البلاغية في أسلوب القصر، وبلاغة الحصر بين ركني الجملة، مقصرًا فضائل الخير على اليد المعهودة بالعليا، أي ذات
الطبيعة الخيرة، والموصوفة بأفضل المعالي، من اليد المعهودة بالدنو والتسفل والقبح، كل ذلك على سبيل التوكيد والحصر، حتى صار الخير مقصورًا على اليد العليا، لأنها دائمًا سامية وعفيفة وجادة وعاملة، لأن أفضل الجهاد جهاد النفس، وتكررت هذه الصورة الأدبية، ليؤكد هذه القيم الخلقية والتشريعية السامية، في قوله بأسلوب المفاضلة:"وخير الصدقة عن ظهر غنى"، ومنها: الصورة البليغة بأسلوب الأمر والجزم، ليدل على أنه الأفضل ولا خير في غيره ولا بديل عنه، حتى يتفق مع القيم الخلقية السابقة، وذلك في قوله:"وابدأ بمن تعول"، مع دلالة "من" على جميع من تجب عليه نفقتهم، من نفسه وزوجه وأولاده ووالديه وخادمه، لأن فعل الأمر يدل على الوجوب والفرض واللزوم، زاد النسائي:"أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك"، ويؤكد هذا أيضًا بصورة أدبية أخرى، تدل على الأم، لكنها بصيغة المضارعة المقرونة بالسين والتاء، التي تدل على الطلب في قوله:"يستعفف" أي يطلب العفة، وقوله:"يستغن" أي يطلب الغنى، ومنها الصورة الأدبية، التي تدل على العموم والشمول في التعبير، بـ "من" فطلب العفة والغنى واجب على الجميع لا فرق بين الكبير والصغير، والذكر والأنثى والقوي والضعيف، فقد قصر الله عز وجل العزة على ذاته العلية، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} ، ثم ما أعظم التنكير في "غنى" فهو يدل على التعظيم والتكثير.
التصوير الفني في بلاغة الأسلوب البياني، المستمد من الصور الخيالية التي تثير النفس والعاطفة، ويعمر بها القلب والوجدان، ويتزود منها العقل والمعرفة، ومنها: الصورة الأدبية التي تستمد روافدها من كنايتين بليغتين، الأولى صورة اليد العليا، فهي كناية عن المنفق والمتصدق، وكثرة
البذل والعطاء، والترفع والعفة والكسب والعمل، والغنى والثراء والثانية صورة "اليد السفلى"، فهي كناية عن الشحاذة والسؤال، والسائل والمحتاج، والفقر والضعف والكسل والعجز وعدم الترفع، وغير ذلك مما لا يليق بالمؤمن القوي العفيف، ذي الهمة العالية في العبادة والعمل، ومنها: الصورة البليغة القائمة على الاستعارة في قوله: "عن ظهر غنى"، فقد شبه الغنى والثراء بالظهر، الذي يحمي الأحشاء والبطن في البدن من الضرر، بجامع الحماية والوقاية من الفقر والضعف، ومهانة ذل السؤال، فالغني يستظهر بغناه على النوائب والملمات، فيعينه على الإنفاق والصدقة، وقضاء فاقة المحتاج والفقير ومساعدة المساكين، ومنها: الصورة البليغة النابعة من مصادر الموسيقى في قوله: "ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله"، لما يفيده التوازن المتناسق بين جملتي الشرط والجزاء، كما يفيد المزاوجة بين الجملتين، للدلالة عن العفة وعن الغنى، وفي جملة الشرط والجزاء حتمية القرار، والقول الفصل الذي لا رجعة فيه، فمن طلب الغنى أغناه الله، ومن طلب العفه أعفه الله تعالى، إنما الأعمال بالنيات، كما في الحديث الشريف، قال الله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} ، وفي الحديث الشريف إيجاز؛ فقد دل على معان كثيرة، وقيم خلقية وتشريعية متنوعة، من خلال ألفاظ محدودة، وتعبيرات قليلة دون المعاني والقيم المختلفة، وهذا هو ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم من بين الخلق جميعًا بجوامع الكلم، فصار أبلغ العرب قاطبة كما قال:"بيد أني من قريش".
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
1-
الشأن في المسلم أن يكون قويًا عزيزًا ذا همة عالية؛ فلا يقبل منه الإسلام أن يكون ضعيفًا ذليلا حقيرًا، لا يمد يده لذل السؤال، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.