الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
حث الإسلام على الترغيب والترهيب من الحرام، واتقاء الشبهات حتى لا تكون مزلقًا ومنحدرًا للوقوع في الحرام والمحذور.
4-
جواز ضرب الأمثال لتوضيح الأحكام وتجسيدها، حتى تستقر في النفوس والقلوب، وتعيها العقول بالدليل الحسي.
5-
القلب في الإنسان هو الفيصل بين الصلاح والفساد له، إن صلح القلب استقام صاحبه، وإن فسد أضل صاحبه.
6-
القلب موطن الصدق والإخلاص واليقين، يرشد العقل ويهديه إلى الصواب، لأن العقل وحده قد يضل أو يجهل، حين لا يصلح القلب، بل يفسد؛ فيضل الإنسان، ولا يهتدي.
بالإضافة إلى ما ذكر في التصوير النبوي للحديث الشريف.
سفينة النجاة في الدنيا والآخرة:
أخرج البخاري وأحمد والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"مثلُ القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة؛ فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا؛ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا".
روعة التصوير الفني في هذا الحديث الشريف؛ لأنه اتخذ أسلوبًا قصصيًا، يقوم على التشبيه التمثيلي، في صورة كلية متلاحمة الأجزاء والروافد والعناصر، تتنامى فيها الأحداث، وتتصاعد في وحدة عضوية، تتميز هنا بأسلوب الحوار والقصص، تستمد شخصياتها ومشاهدها وعناصرها في الواقع المحسوس، فقد شُبه الذي يطيع الله فيما أمر ونهى
ويتقي حدوده فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والذي لا يعمل بذلك، شبِّها بفريقين اقتسموا سفينة تمخر عباب البحر، وقد استقرت فرقة في أعلاها، والأخرى في أسفلها، فإن عطش من هم في أسفلها؛ فأرادوا أن يخرقوا خرقًا في نصيبهم، حتى لا يؤذوا من في أعلاها، فإن تركوهم والخرق، غرقوا جميعًا، وإن منعوهم من الخرق، وتعاونوا معهم، وأفسحوا لهم مكانًا في سماحة، نجوا جميعًا، وأنت ترى أن العناصر الواقعية هي السفية وركابها، وما تحتوي من آلات ومعدات، والبحر وما يضم من كائنات وعوالم وما فيه، من تيارات وأمواج وعواصف ومياه، وما حدث من صراع ومساهمة واقتراع، وغير ذلك من مظاهر الطبيعة والحياة.
التصوير الأدبي حيويًا ورائعًا في بلاغة التعبير عن الحياة والمجتمع فيها بالسفية، التي تمخر عباب الماء، في بحر متلاطم الأمواج والعواصف، فهي ليست قصرًا شامخًا مستقرًا على أرض ثابتة في البر، وإنما هي ألواح من الخشب، تطفو فوق سطح الماء في بحر عميق، ينتابه بين حين وآخر ريح عاصفة وأمواج هائجة متلاطمة، تتصدع لها أركان السفينة، وتتحطم جوانبها المختلفة، فيغرق من فيها جميعًا، تلك هي الحياة الغرورة كالمسرح تختفي وراء أستاره الفتن والأحداث، قال تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} .
وجاءت أيضًا صورة المجتمع الإنساني بالسفينة، التي تجمع بين البَرِّ والفاجر، والصالح والطالح، وأهل الخير والحق والجمال، مع أهل الشر والباطل والسوء، فالإنسانية في صراع دائم بين الخير والشر على سبيل الفتنة والاختبار، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، قال تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} .
وأما روعة التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن القضاء والقدر، فقد شُبه قدرُ الإنسان وحظُّه من متاع الحياة الدنيا بتقدير الله عز وجل وحده، بصورة الاقتراع والاستهام على أعلى السفينة أو أسفلها، لأن الإنسان في ذلك لا يملك اختيار أحدهما بل الله وحده يقدر الأقدار، قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .
وأما روعة التصوير الفني في بلاغة التعبير عن انتصار الخير، واجتياز الفتنة، ومقاومة الأنانية والفساد والتدمير، وذلك في صورة حية شاخصة، تستمد عناصرها من الصراع العنيف بين الفريقين على ضروروات الحياة، من الشرب لدفع العطش والهلاك؛ فإذا أحس الفريق الأسفل بالعطش، أرادوا أن يخرقوا خرقًا في أسفل السفية؛ فإذا تركهم الفريق الأعلى وما أرادوا غرقوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، وأفسحوا لهم أن يشربوا من أعلى السفينة متعاونين جميعًا، نجوا كلهم، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} .
وأما روعة التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حين صور الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر بصورة إيجابية فعالة لا سلبية مدمرة في صورة بليغة رشيقة، عندما أراد من في أسفلها أن يخرقوا خرقا؛ ليشربوا بقاء على حياتهم، فيأمرهم من في أعلاها بالمعروف وينهونهم عن المنكر، لينجوا جميعًا، كما ورد في الحديث الشريف:"فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا"، مصداقًا لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} والمعنى كما فسره أبو بكر رضي الله عنه: أي عليكم المجتمع المسلم الذي تعيشون فيه، وليس عليكم غيركم من المجتمعات الضالة من غير المسلمين، فلا يضرونكم متى اهتديتم أنتم وعملتم بشريعة الله عز وجل.