الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شأنها أن تجعله يتضرر فعلا من وقوع الحادث المؤمن منه، وينتفع من عدم وقوعه. كعلاقة المالك بملكه والمرتهن برهنه والوديع بالوديعة والمستعير بالعارية والوصي بأموال الموصى عليه والشريك بالحصة المشاعة، فلكل واحد من هؤلاء مصلحة تأمينية بالمال الذي تحت يده، بخلاف علاقة زيد من الناس بملك عمرو، فليس له فيه مصلحة تأمينية تعطيه حق التأمين عليه.
ويشترط لاعتبار المصلحة التأمينية أن تكون مالية، فلا عبرة بالمصلحة الأدبية، كتأمين الصديق على حياة صديقه، أو تأمين الأخ على أموال أخيه، وأن تكون مشروعة، فلا صحة لتأمين السارق على ما سرق، والغاصب على ما غصب، وكالتأمين على بيوت الدعارة ومخاطر التهريب والاتجار في المخدرات، ويذكر علماء القانون أن اعتبار المصلحة التأمينية عنصرا أساسيا لعقد التأمين ومدى مشروعيته يعطي عقد التأمين صفة تخرجه من عقود المقامرة والرهان. وإلى هذا تشير المادة الرابعة من قانون التأمين البحري الإنجليزي إلى أن أي عقد للتأمين البحري لا يكون فيه طالب التأمين في موقف يجعله يتضرر بتضرر المال المراد تأمينه وينتفع بسلامته يعتبر عقدا للمقامرة والرهان.
وكذا نص قانون التأمين على الحياة الإنجليزي على ما يأتي: -
يقع باطلا كل تأمين يجري من قبل شخص أو أشخاص على حياة أي شخص أو أشخاص إذا كان الشخص أو الأشخاص الذين نظمت وثيقة التأمين لمصلحتهم لا يملكون مصلحة تأمينية في إجراء التأمين المذكور.
8 -
خصائص عقد التأمين:
لعقد التأمين مجموعة خصائص: -
أحدها: أنه عقد من عقود التراضي باعتبار أن الإيجاب والقبول صدرا
من إرادتين، كل إرادة منهما أهل للإلزام والالتزام، ويعتبر عقدا مقتضيا للإلزام والالتزام بمجرد صدور الإيجاب والقبول من طرفيه سواء كان ذلك شفاها أو كتابة، ويرى بعضهم أن العقد لا يكون ساري المفعول حتى يكون مسجلا، وبعضهم يرى أن عقد التأمين يبدأ نفاذه من استلام أول قسط من المؤمن له.
الثانية: أنه عقد احتمالي لأن خسارة أو ربح كل من طرفي العقد غير معروفة وقت العقد إذ أن ذلك متوقف على تحقق أو تخلف الخطر المؤمن عنه، فعند تحققه أو تخلفه يتعين الرابح منهما والخاسر، وهذا خاص في العلاقة الحقوقية القائمة بين طرفي العقد، أما المؤمن فحيث إنه يتعامل مع مجموعة كبيرة من طالبي التأمين فخسارته مع أحدهم تتحملها أرباحه مع الآخرين.
ولهذا الجانب اتجه بعض الكتاب إلى أن عقد التأمين يعتبر احتماليا بالنسبة إلى المؤمن له إذ هو الطرف الوحيد الذي يتجه إليه احتمال الربح أو الخسارة، أما المؤمن فإن خسارته محمولة بأرباحه مع الآخرين، فلا وجه لاحتمال خسارته، وهناك من الكتاب من يرى أن الطرف الذي يعتبر العقد احتماليا بالنسبة له هو المؤمن إذ هو الوحيد الذي يتحمل الخسارة ويحصل على الربح، أما المؤمن له فهو خاسر على كل حال؛ لأنه إن انتفي الخطر المؤمن عليه خسر قسط التأمين وإن تحقق الخطر أعطى مقابله وخسر القسط فهو خاسر لقسط التأمين على أي حال، ويتجه جمهور علماء القانون إلى أن عقد التأمين عقد احتمالي للطرفين بالنسبة للعلاقة القانونية بينهما.
الثالثة: أنه عقد مستمر حيث إنه لا يتم الوفاء بالالتزام المترتب عليه بصفة فورية، وإنما يستغرق الوفاء بهذه الالتزامات مدة من الزمن هي مدة نفاذ ذلك العقد، ويظهر أثر اتصافه بالاستمرار فيما إذا طرأ على محل العقد ما يستحيل به الطرفين تنفيذ مقتضيات العقد كما لو هلك محل التأمين بسبب لا يمت إلى الخطر المؤمن عنه بصلة، فإن العقد لا ينفسخ بأثر رجعي، وإنما يبطل من تأريخ هلاك محل التأمين بحيث يستحق المؤمن الأقساط المدفوعة عن الفترة السابقة لهلاكه.
الرابعة: أنه عقد إذعان حيث يتولى أحد طرفيه وضع الشروط التي يريدها ويعرضها على الطرف الآخر، فإن قبلها دون مناقشة أو تعديل أو إضافة أو حذف مضى العقد بينهما بقبوله وإلا فلا. ويصف الدكتور محمد علي عرفة موقف شركات التأمين مع طالبي التأمين فيقول ما معناه إن المؤمن لهم يضطرون إلى توقيع وثيقة مطبوعة دون أية مناقشة لشروطها، فلا تترك لهم الحرية إلا في اختيار التأمين من عدمه، فمن شاء أن يؤمن فليوقع على ما فرضه المؤمن من شروط. . إلا أن عامل المنافسة بين شركات التأمين لعب دورا مهما في حمل شركات التأمين على التقليل من الشروط التعسفية، ووضع شروط أكثر ملاءمة لمصالح المؤمن لهم.
ويترتب على اعتبار عقد التأمين من عقود الإذعان أمران (أحدهما) أن للمحكمة الحق في إبطال أي شرط تعسفي لا يتفق مع قواعد العدالة، (الثاني) أن كل غموض أو شك في نصوص العقد يفسر لصالح المؤمن له.
الخامسة: عقد معاوضة من حيث إن كل واحد من طرفيه يأخذ مقابلا
لما يعطي. . ذلك أن المؤمن له يحصل من المؤمن مقابل دفعه أقساط التأمين على التعهد بتحمل مسئولية الخطر على محل التأمين، ويأخذ المؤمن لقاء تعهده بذلك قسطا تأمينيا، وبهذا يتضح انتفاء صفة التبرع في عقود التأمين.
السادسة: عقد ملزم للجانبين حيث إنه ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل طرف من طرفيه قبل الآخر، وتنشأ هذه الالتزامات على رأي بعضهم من اللحظة التي يتم فيها العقد بتحقق ركنيه الإيجاب والقبول، فيلتزم المؤمن له بتسديد قسط التأمين إلى المؤمن. . كما يلتزم بإشعاره بالمعلومات التي تطرأ على محل التأمين خلال فترة العقد وبإعلان الحادث عند وقوعه. . أما المؤمن فيأخذ التزامه شكلا سلبيا حتى يقع الخطر فيأخذ الجانب الإيجابي بقيامه بالتعويض اللازم للمؤمن له، وبهذا يتضح أن التزام المؤمن له بدفع القسط التزام محقق وأن دفع المؤمن التعويض الملتزم به احتمالي. .
السابعة: عقد مسمى. ذلك أن العقود تنقسم قسمين: عقود مسماة، وعقود غير مسماة، أما العقود المسماة فهي التي تخضع للأحكام العامة من حيث انعقادها وللقواعد التي تقررها الأحكام الواردة في القانون المحلي فيما يتعلق بالأمور التفصيلية، وعقود التأمين من العقود المسماة، وأما العقود غير المسماة فهي التي لا تندرج تحت أي نوع من أنواع العقود المسماة في القانون المحلي، لذلك فهي تخضع للأحكام النظرية العامة للالتزام وللشروط التي اتفق عليها الطرفان إذا لم تتعارض مع النظام العام والآداب. .
الثامنة: هو عقد من عقود حسن النية: ذلك أن حسن النية يعتبر صفة لازمة لكل عقد من عقود التراضي بمعنى أن كل طرف من المتعاقدين يجب أن يقف مع الطرف الآخر موقفا أساسه الإخلاص والأمانة والصدق. وعقد التأمين أكثر العقود احتياجا لحسن النية لأنه يفترض في المؤمن جهله بما يتعلق بمحل التأمين ومقدار استهدافه الخطر إذ هو يعتمد في تقديره للخطر على المعلومات التي يقدمها له المؤمن له باعتباره الجهة الوحيدة التي تعرف الشيء الكثير عن محل التأمين كما يفترض في المؤمن له جهله بالأصول الفنية للتأمين إلى غير ذلك مما يتطلب بإلحاح توافر حسن النية بين المتعاقدين.
التاسعة: التأمين عقد مدني تجاري: ذلك أن أعمال التأمين في الغالب تمارس من قبل مؤسسات تجارية، فالتأمين بالنسبة للمؤمنين عملية تجارية محضة يهدف أصحابها إلى الربح، أما بالنسبة إلى المؤمن لهم فقد يكون تصرفهم تجاريا كالتأمين على المستودعات التجارية والبضائع المنقولة ونحو ذلك، وقد يكون مدنيا كالتأمين على الحياة أو عن حوادث الاحتراق والسرقة بالنسبة إلى بيوتهم مثلا، وإذا كان التأمين بقسط محدود لا يثير أي إشكال بالنسبة إلى اعتباره تأمينا تجاريا فهل التأمين التبادلي- التعاوني- يعتبر تأمينا تجاريا؟ الواقع أن هذا التساؤل كان موضوع بحث مجموعة من رجال القانون، فاتجه غالبهم إلى القول بأن التأمين التبادلي ليس تأمينا تجاريا وإنما هو إجراء تعاوني لا يهدف إلى الربح، وإنما يهدف إلى تبديد الأخطار وتوزيعها بين أكبر عدد ممكن، وذهب بعضهم إلى اعتباره عملا تجاريا باعتباره يؤدي إلى تجنب الخسائر.