المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 112 - سورة الإخلاص - مختصر تفسير ابن كثير - جـ ٢

[محمد علي الصابوني]

فهرس الكتاب

- ‌ 8 - سورة الأنفال

- ‌ 9 - سورة التوبة

- ‌ 10 - سورة يونس

- ‌ 11 - سورة هود

- ‌ 12 - سورة يوسف

- ‌ 13 - سورة الرعد

- ‌ 14 - سورة إبراهيم

- ‌ 15 - سورة الحجر

- ‌ 16 - سورة النحل

- ‌ 17 - سورة الإسراء

- ‌ 18 - سورة الكهف

- ‌ 19 - سورة مريم

- ‌ 20 - سورة طه

- ‌ 21 - سورة الأنبياء

- ‌ 22 - سورة الحج

- ‌ 23 - سورة المؤمنون

- ‌ 24 - سورة النور

- ‌ 25 - سورة الفرقان

- ‌ 26 - سورة الشعراء، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ مَالِكٍ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ تَسْمِيَتُهَا سورة (الجامعة)

- ‌ 27 - سورة النمل

- ‌ 28 - سورة القصص

- ‌ 29 - سورة العنكبوت

- ‌ 30 - سورة الروم

- ‌ 31 - سورة لقمان

- ‌ 32 - سورة السجدة

- ‌ 33 - سورة الأحزاب

- ‌ 34 - سورة سبأ

- ‌ 35 - سورة فاطر

- ‌ 36 - سورة يس

- ‌ 37 - سورة الصافات

- ‌ 38 - سورة ص

- ‌ 39 - سورة الزمر

- ‌ 40 - سورة غافر

- ‌ 41 - سورة فصلت

- ‌ 42 - سورة الشورى

- ‌ 43 - سورة الزخرف

- ‌ 44 - سورة الدخان

- ‌ 45 - سورة الجاثية

- ‌ 46 - سورة الأحقاف

- ‌ 47 - سورة محمد

- ‌ 48 - سورة الفتح

- ‌ 49 - سورة الحجرات

- ‌ 50 - سورة ق

- ‌ 51 - سورة الذاريات

- ‌ 52 - سورة الطور

- ‌ 53 - سورة النجم

- ‌ 54 - سورة القمر

- ‌ 55 - سورة الرحمن

- ‌ 56 - سورة الواقعة

- ‌ 57 - سورة الحديد

- ‌ 58 - سورة المجادلة

- ‌ 59 - سورة الحشر

- ‌ 60 - سورة الممتحنة

- ‌ 61 - سورة الصف

- ‌ 62 - سورة الجمعة

- ‌ 63 - سورة المنافقون

- ‌ 64 - سورة التغابن

- ‌ 65 - سورة الطلاق

- ‌ 66 - سورة التحريم

- ‌ 67 - سورة الملك

- ‌ 68 - سورة القلم

- ‌ 69 - سورة الحاقة

- ‌ 70 - سورة المعارج

- ‌ 71 - سورة نوح

- ‌ 72 - سورة الجن

- ‌ 73 - سورة المزمل

- ‌ 74 - سورة المدثر

- ‌ 75 - سورة القيامة

- ‌ 76 - سورة الإنسان

- ‌ 77 - سورة المرسلات

- ‌ 78 - سورة النبأ

- ‌ 79 - سورة النازعات

- ‌ 80 - سورة عبس

- ‌ 81 - سورة التكوير

- ‌ 82 - سورة الانفطار

- ‌ 83 - سورة المطففين

- ‌ 84 - سورة الانشقاق

- ‌ 85 - سورة البروج

- ‌ 86 - سورة الطارق

- ‌ 87 - سورة الأعلى

- ‌ 88 - سورة الغاشية

- ‌ 89 - سورة الفجر

- ‌ 90 - سورة البلد

- ‌ 91 - سورة الشمس

- ‌ 92 - سورة الليل

- ‌ 93 - سورة الضحى

- ‌ 94 - سورة الشرح

- ‌ 95 - سورة التين

- ‌ 96 - سورة العلق

- ‌ 97 - سورة القدر

- ‌ 98 - سورة البينة

- ‌ 99 - سورة الزلزلة

- ‌ 100 - سورة العاديات

- ‌ 101 - سورة القارعة

- ‌ 102 - سورة التكاثر

- ‌ 103 - سورة العصر

- ‌ 104 - سورة الهمزة

- ‌ 105 - سورة الفيل

- ‌ 106 - سورة قريش

- ‌ 107 - سورة الماعون

- ‌ 108 - سورة الكوثر

- ‌ 109 - سورة الكافرون

- ‌ 110 - سورة النصر

- ‌ 111 - سورة المسد

- ‌ 112 - سورة الإخلاص

- ‌ 113 - سورة الفلق

- ‌ 114 - سورة الناس

الفصل: ‌ 112 - سورة الإخلاص

-‌

‌ 112 - سورة الإخلاص

.

ص: 691

(ذكر سبب نزولها وفضلها).

عَنْ أُبيّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمَّدُ انسب لنا ربك، فأنزل الله تَعَالَى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحدٌ * اللَّهُ الصمدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أحدٌ} (أخرجه أحمد والترمذي وابن جرير)، زَادَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالتِّرْمِذِيُّ، قَالَ:{الصَّمَدُ} الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُوَلَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سيورث، وإن الله عز وجل لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وَلَمْ يَكُنْ له شبية ولا عدل وليس كمثله شيء.

حديث آخر في فضلها: روى البخاري، عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فلما رجعوا ذكروا ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَخْبِرُوهُ أَنَّ الله تعالى يحبه» (أخرجه البخاري في كتاب التوحيد).

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، عن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ، افتتح بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ كان يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ، حَتَّى تَقْرَأَ بِالْأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بأُخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكَتْكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أخبره الخبر، فقال: يافلان «مايمنعك أَنْ تَفْعَلَ مَا يأمركَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا حَمَلَكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ:«حُبُّكَ إِيَّاهَا أدخلك الجنة» (أخرجه البخاري في كتاب الصلاة).

حديث آخر: قال البخاري، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ:«أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلْثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ» ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلْثُ الْقُرْآنِ» (أخرجه البخاري).

ص: 691

حديث آخر: قال أحمد، عَنْ أُبيّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَرَأَ بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ بِثُلْثِ الْقُرْآنِ» (أخرجه أحمد).

حديث آخر: عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ يَوْمٍ ثُلْثَ الْقُرْآنِ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَزُ، قَالَ:«فَإِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أجزاء، فقل هُوَ الله أَحَدٌ ثلث القرآن» (رواه أحمد ومسلم والنسائي).

حديث آخر: عن عبد الله بن حبيب قال: أصابنا عطش وَظُلْمَةٌ، فَانْتَظَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا فَخَرَجَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ:«قُلْ» ، فَسَكَتُّ، قَالَ:«قُلْ» ، قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «قُلْ

هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تمسي، وحين تصبح ثلاثاً، تكفيك كل يوم مرتين» (رواه أبو داود والترمذي والنسائي).

حديث آخر: عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أنَس الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ» ، فَقَالَ عُمَرُ: إِذًا نَسْتَكْثِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الله أكثر وأطيب» (رواه أحمد والدارمي).

حديث آخر، في فضلها مع المعوذتين: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَدَأْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَ نَجَاةُ المؤمن؟ قال: «يا عقبة أخرس لِسَانَكَ، وَلِيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» قَالَ: ثم لقيني رسول الله صلى اللّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأَنِي، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ:«يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَلَّا أَعُلِّمُكَ خَيْرَ ثَلَاثِ سُوَرٍ أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ والإِنجيل وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ» ؟ قَالَ، قُلْتُ: بَلَى، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، قال: فأقرأني: {قُلْ هُوَ الله أحد - وقل أعوذ برب الفلق - وقل أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، ثُمَّ قَالَ:«يَا عُقْبَةُ لَا تَنْسَهُنَّ وَلَا تَبِتْ لَيْلَةً حَتَّى تَقْرَأَهُنَّ» قَالَ: فَمَا نَسِيتُهُنَّ مُنْذُ قَالَ لَا تَنْسَهُنَّ، وَمَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى أَقْرَأَهُنَّ، قَالَ عقبة: ثم لقيت رسول الله صلى اللّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وأعرض عمن ظلمك» (رواه أحمد والترمذي).

حَدِيثٌ آخَرُ: فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِهِنَّ، قَالَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما، وقرأ فِيهِمَا:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (أخرجه البخاري وأهل السنن).

ص: 692

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 693

- 1 - قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

- 2 - اللَّهُ الصَّمَدُ

- 3 - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ

- 4 - وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ

قال عكرمة: لما قالت اليهود: نحن نعبد عزير بن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن اللَّهِ، وَقَالَتِ الْمَجُوسُ: نَحْنُ نَعْبُدُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَقَالَتِ الْمُشْرِكُونَ: نَحْنُ نَعْبُدُ الْأَوْثَانَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يَعْنِي هُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ، وَلَا شبيه ولا عديل، لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَقَوْلُهُ تعالى:{آللَّهُ الصمد} يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، قال ابن العباس: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظْمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قد كمل حِلْمِهِ، وَالْعَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ، وهو الله سبحانه، لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، سُبْحَانَ الله الواحد القهار، وقال الأعمش {الصمد} السيد الذي قد انتهى سؤدده، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا {الصَّمَدُ} الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لا زوال له، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَس: هُوَ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ كَأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَهُ تَفْسِيرًا لَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} وهو تفسير جيد، وقال ابن مسعود وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ:{الصَّمَدُ} الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وقال مُجَاهِدٍ {الصَّمَدُ} الْمُصْمَتُ

الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ ولا يشرب الشراب. وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي كتاب السنة بَعْدَ إِيرَادِهِ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ الصَّمَدِ: وَكُلُّ هَذِهِ صَحِيحَةٌ وَهِيَ صِفَاتُ ربنا عز وجل، هو الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ، وَهُوَ الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُؤْدُدُهُ، وَهُوَ الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ، وقوله تعالى:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} أَيْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَلَا صَاحِبَةٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ:{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} يَعْنِي لَا صَاحِبَةَ لَهُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} أَيْ هُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ نَظِيرٌ يُسَامِيهِ، أَوْ قريب يدانيه؟ تعالى وتقدس وتنزه، قَالَ تَعَالَى:{وَقَالُواْ: اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إدّاً} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} . وفي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ ويعافيهم» (أخرجه البخاري). وفي الحديث القدسي: "كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عليَّ مِنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد"(أخرجه البخاري أيضاً).

ص: 693