الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
113 - سورة الفلق
.
[مقدمة]
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ: {قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أعوذ برب الناس} "(أخرجه مسلم والترمذي والنسائي). وروى الإمام أحمد، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَقْبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ إِذْ قَالَ لي: «يا عقبة أَلَّا تَرْكَبُ؟» قَالَ، فَأَشْفَقْتُ أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وركبت هنية، ثم ركب، ثم قال:«يا عقبة، أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْرَأَنِي:{قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ:«كَيْفَ رَأَيْتَ يا عقب، اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت» (أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي).
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ وَيَنْفُثُ فِي كَفَّيْهِ وَيَمْسَحُ بِهِمَا رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَمَا أقبل من جسده، وروى الإمام مالك، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ اقرأ عليه بالمعوذات، وأمسح بيده عليه رجاء بركتها (أخرجه مالك ورواه البخاري وأبو داود والنسائي). وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ أَعْيُنِ الجان وأعين الْإِنْسَانِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ ما سواهما (أخرجه التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حسن صحيح).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- 1 - قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
- 2 - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ
- 3 - وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ
- 4 - وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ
- 5 - وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذا حسد
قال ابن عباس {الفلق} : الصبح، وقال ابن جرير: وهي كقوله تعالى: {فَالِقُ الإصباح} ، وقال
ابن عباس: {الفلق} الخلق، أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِ، وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ:{الْفَلَقُ} بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ، إِذَا فُتِحَ صَاحَ جَمِيعُ أَهْلِ النَّارِ من شدة حره، قال ابن جرير: والصواب القول، أَنَّهُ فَلَقُ الصُّبْحِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ اختيار البخاري رحمة الله تعالى، {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} أَيْ مِنْ شَرِّ جميع المخلوقات، وقال الحسن الْبَصْرِيُّ: جَهَنَّمُ وَإِبْلِيسُ وَذُرِّيَّتُهُ مِمَّا خَلَقَ، {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} قَالَ مُجَاهِدٌ {غَاسِقٍ} اللَّيْلِ {إِذَا وَقَبَ} غُرُوبُ الشَّمْسِ (حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عنه وهو قول ابن عباس والضحّاك)، وقال الحسن وَقَتَادَةُ: إِنَّهُ اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ، وَقَالَ الزهري: الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ، وَعَنْ عَطِيَّةَ وَقَتَادَةَ:{إِذَا وَقَبَ} الليل إذا ذهب، وقال أبو هريرة {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} الكوكب، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْقَمَرُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي فَأَرَانِي القمر حين طلع، وَقَالَ:«تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الْغَاسِقِ إذا وقب» (أخرجه أحمد والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح)، وَلَفَظُ النَّسَائِيِّ:«تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، هذا الغاسق إذا وقب» ، قال الأولون: هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَنَا، لِأَنَّ الْقَمَرَ آيَةُ اللَّيْلِ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ سُلْطَانٌ إِلَّا فِيهِ، وكذلك النجوم لا تضيء إلاّ بالليل، فَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قَالَ مُجَاهِدٌ وعكرمة: يَعْنِي السَّوَاحِرَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا رَقَيْنَ وَنَفَثْنَ في العقد، وفي الحديث: أن جبريل جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اشْتَكَيْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» ، فَقَالَ: باسم اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، وَمِنْ كل شر حَاسِدٍ وَعَيْنٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ. وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ من شكواه صلى الله عليه وسلم حِينَ سُحِرَ، ثُمَّ عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَشَفَاهُ، وَرَدَّ كَيْدَ السَّحَرَةِ الْحُسَّادِ مِنَ الْيَهُودِ فِي رؤوسهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم.
روى البخاري في كتاب الطب من صحيحه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ، وَلَا يَأْتِيهِنَّ. قَالَ سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ إِذَا كَانَ كَذَا فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَعْلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رجليَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ (لَبِيَدُ بْنُ أَعْصَمَ) رَجُلٌ مِنْ بَنِي زريق حليف اليهود كان منافقاً، فقال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاطة، قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، تحت راعوفة في بئر ذروان، قالت: فأتى البئر حتى استخرجه، فقال:«هذه بئر الَّتِي أُريتها وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَكَأَنَّ نخلها رؤوس الشياطين» ، قال: فاستخرج، فقلت: أفلا تنشَّرت؟ فقال: «أمَّا الله فقد أشفاني، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شراً» (أخرجه البخاري ورواه مسلم وأحمد بمثله). وروى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهما: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَبَّتْ إِلَيْهِ الْيَهُودُ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذَ مُشَاطَةَ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعدة من أسنان مُشْطِهِ، فَأَعْطَاهَا الْيَهُودَ فَسَحَرُوهُ فِيهَا، وَكَانَ الَّذِي تولى ذلك رجل منهم يقال له (ابن أعصم) ثم دسها في بئر لنبي زريق، يقال له ذوران، فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَانْتَثَرَ شَعْرُ رَأْسِهِ وَلَبِثَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ، وَجَعَلَ يَذُوبُ، وَلَا يَدْرِي مَا عَرَاهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ إذ أتاه مَلَكَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخِرُ عِنْدَ