المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الآيتان: (194- 195) [سورة البقرة (2) : الآيات 194 الى 195] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ١

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌دراسات حول القرآن

- ‌أولا: المكىّ والمدنيّ

- ‌السور المدنية:

- ‌ثانيا: عدد آياته، وكلماته، وحروفه

- ‌عدد آيات القرآن:

- ‌عدد كلماته:

- ‌عدد حروفه:

- ‌1- فاتحة الكتاب

- ‌آية: (1) [سورة الفاتحة (1) : آية 1]

- ‌آية: (2) [سورة الفاتحة (1) : آية 2]

- ‌آية: (3) [سورة الفاتحة (1) : آية 3]

- ‌آية: (4) [سورة الفاتحة (1) : آية 4]

- ‌آية: (5) [سورة الفاتحة (1) : آية 5]

- ‌آية: (6) [سورة الفاتحة (1) : آية 6]

- ‌آية: (7) [سورة الفاتحة (1) : آية 7]

- ‌2- سورة البقرة

- ‌آية: (1) [سورة البقرة (2) : آية 1]

- ‌آية (2) [سورة البقرة (2) : آية 2]

- ‌(الآيات: (3- 4- 5) [سورة البقرة (2) : الآيات 3 الى 5]

- ‌الآيتان (6- 7) [سورة البقرة (2) : الآيات 6 الى 7]

- ‌الآيات: (8- 9- 10) [سورة البقرة (2) : الآيات 8 الى 10]

- ‌آية: (11) [سورة البقرة (2) : آية 11]

- ‌(آية 12) [سورة البقرة (2) : آية 12]

- ‌آية (13) [سورة البقرة (2) : آية 13]

- ‌الآيات (14- 15- 16) [سورة البقرة (2) : الآيات 14 الى 16]

- ‌الآيتان: (17- 18) [سورة البقرة (2) : الآيات 17 الى 18]

- ‌الآيتان (19- 20) [سورة البقرة (2) : الآيات 19 الى 20]

- ‌الآيتان: (21- 22) [سورة البقرة (2) : الآيات 21 الى 22]

- ‌آية (23) [سورة البقرة (2) : آية 23]

- ‌آية: (24) [سورة البقرة (2) : آية 24]

- ‌آية: (25) [سورة البقرة (2) : آية 25]

- ‌الآيات: (26- 27- 28) [سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]

- ‌آية (29) [سورة البقرة (2) : آية 28]

- ‌آية (30) [سورة البقرة (2) : آية 29]

- ‌آية (30) [سورة البقرة (2) : آية 30]

- ‌الآيات (31- 33) [سورة البقرة (2) : الآيات 31 الى 33]

- ‌آية (34) [سورة البقرة (2) : آية 34]

- ‌الآيات: (35- 39) [سورة البقرة (2) : الآيات 35 الى 39]

- ‌[آدم وجنته]

- ‌الشجرة التي أكل منها آدم

- ‌الجنة التي أهبط منها آدم

- ‌الآيات (40- 43) [سورة البقرة (2) : الآيات 40 الى 43]

- ‌الآية: (44) [سورة البقرة (2) : آية 44]

- ‌الآيتان: (45- 46) [سورة البقرة (2) : الآيات 45 الى 46]

- ‌الآيتان: (47- 48) [سورة البقرة (2) : الآيات 47 الى 48]

- ‌الآيات: (49- 61) [سورة البقرة (2) : الآيات 49 الى 61]

- ‌آية (62) [سورة البقرة (2) : آية 62]

- ‌(الآيات 63- 66) [سورة البقرة (2) : الآيات 63 الى 66]

- ‌الآيات (67- 74) [سورة البقرة (2) : الآيات 67 الى 74]

- ‌الآيات: (75- 77) [سورة البقرة (2) : الآيات 75 الى 77]

- ‌الآيتان (79- 80) [سورة البقرة (2) : الآيات 78 الى 79]

- ‌الآيات (80- 82) [سورة البقرة (2) : الآيات 80 الى 82]

- ‌آية: (83) [سورة البقرة (2) : آية 83]

- ‌الآيات: (84- 86) [سورة البقرة (2) : الآيات 84 الى 86]

- ‌(الآيات: 87- 90) [سورة البقرة (2) : الآيات 87 الى 90]

- ‌الآيات: (91- 93) [سورة البقرة (2) : الآيات 91 الى 93]

- ‌الآيات (94- 96) [سورة البقرة (2) : الآيات 94 الى 96]

- ‌الآيات (97- 99) [سورة البقرة (2) : الآيات 97 الى 99]

- ‌الآيات: (100- 103) [سورة البقرة (2) : الآيات 100 الى 103]

- ‌الآيتان (104- 105) [سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 105]

- ‌الآيات (106- 110) [سورة البقرة (2) : الآيات 106 الى 107]

- ‌الآيات: (108) [سورة البقرة (2) : آية 108]

- ‌الآيات (109- 110) [سورة البقرة (2) : الآيات 109 الى 110]

- ‌الآيات: (111- 113) [سورة البقرة (2) : الآيات 111 الى 113]

- ‌الآيتان: (114- 115) [سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 115]

- ‌الآيتان: (116- 117) [سورة البقرة (2) : الآيات 116 الى 117]

- ‌الآيتان: (118- 119) [سورة البقرة (2) : الآيات 118 الى 119]

- ‌الآيتان: (120- 121) [سورة البقرة (2) : الآيات 120 الى 121]

- ‌الآيتان: (122- 123) [سورة البقرة (2) : الآيات 122 الى 123]

- ‌آية: (124) [سورة البقرة (2) : آية 124]

- ‌آية (125) [سورة البقرة (2) : آية 125]

- ‌آية: (126) [سورة البقرة (2) : آية 126]

- ‌الآيات: (127- 129) [سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 129]

- ‌الآيات: (130- 132) [سورة البقرة (2) : الآيات 130 الى 132]

- ‌الآيتان: (133- 134) [سورة البقرة (2) : الآيات 133 الى 134]

- ‌الآيتان: (135- 136) [سورة البقرة (2) : الآيات 135 الى 136]

- ‌الآيات: (137- 139) [سورة البقرة (2) : الآيات 137 الى 139]

- ‌آية: (140) [سورة البقرة (2) : آية 140]

- ‌آية: (141) [سورة البقرة (2) : آية 141]

- ‌الآية: (142) [سورة البقرة (2) : آية 142]

- ‌آية: (143) [سورة البقرة (2) : آية 143]

- ‌آية: (144) [سورة البقرة (2) : آية 144]

- ‌آية: (145) [سورة البقرة (2) : آية 145]

- ‌الآيتان: (146- 147) [سورة البقرة (2) : الآيات 146 الى 147]

- ‌آية: (148) [سورة البقرة (2) : آية 148]

- ‌آية: (149) [سورة البقرة (2) : آية 149]

- ‌آية: (150) [سورة البقرة (2) : آية 150]

- ‌الآيتان: (151- 152) [سورة البقرة (2) : الآيات 151 الى 152]

- ‌الآيتان: (153- 154) [سورة البقرة (2) : الآيات 153 الى 154]

- ‌الآيات: (155- 156- 157) [سورة البقرة (2) : الآيات 155 الى 157]

- ‌آية: (158) [سورة البقرة (2) : آية 158]

- ‌الآيتان: (159- 160) [سورة البقرة (2) : الآيات 159 الى 160]

- ‌الآيتان: (161- 162) [سورة البقرة (2) : الآيات 161 الى 162]

- ‌الآيتان: (163- 164) [سورة البقرة (2) : الآيات 163 الى 164]

- ‌آية: (165) [سورة البقرة (2) : آية 165]

- ‌الآيتان: (166- 167) [سورة البقرة (2) : الآيات 166 الى 167]

- ‌الآيتان: (168- 169) [سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 169]

- ‌الآيتان (170- 171) [سورة البقرة (2) : الآيات 170 الى 171]

- ‌الآيتان: (172- 173) [سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]

- ‌الآيات: (174- 175- 176) [سورة البقرة (2) : الآيات 174 الى 176]

- ‌الآية: (177) [سورة البقرة (2) : آية 177]

- ‌الآيتان: (178- 179) [سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]

- ‌الآيتان: (180- 181) [سورة البقرة (2) : الآيات 180 الى 181]

- ‌آية: (182) [سورة البقرة (2) : آية 182]

- ‌الآيتان: (183- 184) [سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 184]

- ‌الآية: (185) [سورة البقرة (2) : آية 185]

- ‌الآية: (186) [سورة البقرة (2) : آية 186]

- ‌الآية: (187) [سورة البقرة (2) : آية 187]

- ‌الآية: (188) [سورة البقرة (2) : آية 188]

- ‌الآية: (189) [سورة البقرة (2) : آية 189]

- ‌الآيات: (190- 191- 192- 193) [سورة البقرة (2) : الآيات 190 الى 193]

- ‌(الآيتان: (194- 195) [سورة البقرة (2) : الآيات 194 الى 195]

- ‌آية: (196) [سورة البقرة (2) : آية 196]

- ‌الآية: (197) [سورة البقرة (2) : آية 197]

- ‌الآية: (198) [سورة البقرة (2) : آية 198]

- ‌الآيتان: (199- 200) [سورة البقرة (2) : الآيات 199 الى 202]

- ‌الآية: (203) [سورة البقرة (2) : آية 203]

- ‌الآيات (204- 205- 206) [سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 206]

- ‌الآية: (207) [سورة البقرة (2) : آية 207]

- ‌الآيتان: (208- 209) [سورة البقرة (2) : الآيات 208 الى 209]

- ‌الآية: (210) [سورة البقرة (2) : آية 210]

- ‌الآية: (211) [سورة البقرة (2) : آية 211]

- ‌الآية: (212) [سورة البقرة (2) : آية 212]

- ‌الآية: (273) [سورة البقرة (2) : آية 213]

- ‌الآية: (214) [سورة البقرة (2) : آية 214]

- ‌الآية: (215) [سورة البقرة (2) : آية 215]

- ‌الآية: (216) [سورة البقرة (2) : آية 216]

- ‌الآية: (217) [سورة البقرة (2) : آية 217]

- ‌الآية: (218) [سورة البقرة (2) : آية 218]

- ‌الآيتان: (219- 220) [سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 220]

- ‌الآية: (221) [سورة البقرة (2) : آية 221]

- ‌الآية: (222) [سورة البقرة (2) : آية 222]

- ‌الآية: (223) [سورة البقرة (2) : آية 223]

- ‌الآية: (224) [سورة البقرة (2) : آية 224]

- ‌الآية: (225) [سورة البقرة (2) : آية 225]

- ‌الآيتان: (226- 227) [سورة البقرة (2) : الآيات 226 الى 227]

- ‌الآية: (228) [سورة البقرة (2) : آية 228]

- ‌الآية: (229) [سورة البقرة (2) : آية 229]

- ‌[الطّلاق وحكمته]

- ‌آية: (230) [سورة البقرة (2) : آية 230]

- ‌الآية: (231) [سورة البقرة (2) : آية 231]

- ‌الآية: (232) [سورة البقرة (2) : آية 232]

- ‌الآية: (233) [سورة البقرة (2) : آية 233]

- ‌الآية: (234) [سورة البقرة (2) : آية 234]

- ‌الآية: (235) [سورة البقرة (2) : آية 235]

- ‌الآية: (236) [سورة البقرة (2) : آية 236]

- ‌الآية: (237) [سورة البقرة (2) : آية 237]

- ‌الآية: (238) [سورة البقرة (2) : آية 238]

- ‌الآية (239) [سورة البقرة (2) : آية 239]

- ‌الآيات: (240- 241- 242) [سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌النفقة للمتوفّى عنها، زوجها

- ‌الطلاق مثلا

- ‌الطلاق قضية:

- ‌آية (243) [سورة البقرة (2) : آية 243]

- ‌آية: (244) [سورة البقرة (2) : آية 244]

- ‌آية: (245) [سورة البقرة (2) : آية 245]

- ‌آية: (246) [سورة البقرة (2) : آية 246]

- ‌الآية: (247) [سورة البقرة (2) : آية 247]

- ‌الآية: (248) [سورة البقرة (2) : آية 248]

- ‌الآية: (249) [سورة البقرة (2) : آية 249]

- ‌الآيتان: (250- 251) [سورة البقرة (2) : الآيات 250 الى 251]

- ‌الآية: (252) [سورة البقرة (2) : آية 252]

الفصل: ‌(الآيتان: (194- 195) [سورة البقرة (2) : الآيات 194 الى 195]

دين الله، فقد دخلوا فى السلم، لا ينالهم أحد بسوء إلّا من نكص على عقبه أو دخل الإسلام ليكيد له ولأهله.

(الآيتان: (194- 195)[سورة البقرة (2) : الآيات 194 الى 195]

الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)

التفسير: كان أهل الجاهلية يعظمون أربعة أشهر، هى: ذو القعدة، وذو الحجة ومحرم ورجب، فكانوا لا يطلبون فيها ثارا، ولا يوقعون بينهم فيها قتالا، فهيئوا بذلك لأنفسهم فترة أمن وسلام، يستروحون فيها ريح الطمأنينة والعافية خلال هذا الشر المحتدم بينهم، وتلك الحروب المتقدة فى كل أفق من آفاقهم، معظم حياتهم.

وجاء الإسلام فزكّى هذا الشّعور الذي يودّ الإسلام لو استقام عليه الناس أبد الدهر، لو كان ذلك مما تحتمله النفوس البشرية، وتتقبله طبيعة الناس! ولكن ماذا يكون موقف الإسلام لو تخلّى المشركون عن هذا الشعور وأباحوا حرمة هذه الأشهر الحرم، وأعلنوها حربا على المسلمين؟ وماذا يكون موقف المسلمين لو عرف العدوّ من أمر دينهم هذا المعتقد، فانتهزها فرصة فيهم، وساق إليهم جيوشه، وأعمل فيهم أسلحته؟

أيمسك المسلمون عن القتال ويدعون العدو يمضى فيهم حكمه بالهلاك والفناء؟ ذلك أمر لا يقبله عقل، ولا يرتضيه دين، إلا أن يكون عذابا من عذاب الله، ونقمة من نقمه، كما دان الله به اليهود وشرعه لهم، حيث حرّم عليهم

ص: 214

أن يباشروا عملا فى يوم السبت، فلا يقاتلوا من قاتلهم، ولا يدفعوا من اعتدى عليهم، وإلا كانوا عصاة آثمين! وهذا لا شك ضرب من البلاء، ساقه الله إلى هذا القطيع المعربد- كما يقول فيهم السيد المسيح- ليذلّوا، ويستكينوا، ويكونوا صيدا لكل صائد! وإنه لمحال أن يفى اليهود بهذا الأمر السماوي، وأن يمتثلوه، وإلا هلكوا وضاعوا..

ولكن الله سبحانه أمرهم بهذه المحال، وحمّلهم هذا الحمل الثقيل، ليلقوه وراءهم ظهريا، وبهذا لا يكون أمامهم فرصة أبدا لامتثال أمر الله، بل يكون أمرهم دائما على معصية وخلاف، حتى لو أجهدوا أنفسهم فى البرّ والطاعة..

لأن أي بارّ وأي مطيع منهم لا بد له- كى يعيش- أن يدفع العدوان ويردّ المعتدين، وإلا أصبح فى الهالكين! وهكذا.. كل يهودى محمول حملا على أن يعصى الله، ويخرج عن أمره فى حرمة يوم السبت.. وتلك هى اللعنة التي ألقاها الله عليهم.. تتناول برّهم وفاجرهم جميعا..

تقول التوراة: «فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم.. من دنّسه يقتل قتلا.. إن كل من صنع فيه عملا تقطع تلك النفس من بين شعبها.. كل من صنع عملا فى يوم السبت يقتل قتلا» (الإصحاح الحادي والثلاثون..

سفر الخروج) وقد جاءهم السيد المسيح بأمر كهذا الأمر، إذ فرض عليهم الاستسلام لكل يد تضربهم، إذا لطمهم أحد لم يكن لهم أن يردوا اللطمة.. وفى هذا

ص: 215

يقول السيد المسيح لهم: «من ضربك على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر» وفى هذا ما فيه من إذلال لهم، وقتل لمعانى الإنسانية فيهم، إن هم استقاموا على هذا الأمر، فإن خرجوا عليه فهم عصاة خارجون على أمر الله، يستحقون اللعنة وسوء المصير.. وليس هذا مما يكلف الله به عباده، ولكنه من نقمه التي ينزلها على أهل البغي والعدوان.

ولهذا أمر الله المسلمين بما أمرهم به من هذا الخير، بترك القتال فى الأشهر الحرم، ثم حرس هذا الخير من أن يستبد به الأشرار، ويجنى ثمرته المبطلون..

فهى أشهر حرم لا يبدأ فيها المسلمون بقتال، فإن بدأهم أحد فيها بقتال فلا حرمة عندئذ لهذه الأشهر الحرم، التي ما شرعت إلا لخير الإنسان وصيانة دمه، وأما وقد جعلها العدوّ ظرفا يستبيح به دماءهم، فصيانة دمائهم والدفاع عنها أكثر قداسة وحرمة من كل حرمة وقداسة.. لزمان أو مكان! هذا ما يقرره قوله تعالى:

«الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ» فى أي مكان وفى أي زمان «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» .

وفى قوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» تذكير للمسلمين بما وصاهم به الإسلام من آداب القتال، وهى ألا يعتدوا، فإن اعتدى عليهم ردّوا الاعتداء.. ولكن لما كان عدوان المعتدى باعثا على النقمة منه، جاء قوله تعالى:«وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» ضابطا لمشاعر الانتقام من العدو المعتدى، مذكرا المسلمين بالتقوى فى هذا الموطن، فلا يأخذون أكثر من حقهم فى تأديب العدوّ، وكسر شوكته، فإذا تخلّى المسلمون عن التقوى فى هذا الموطن تخلّى عنهم عون الله ونصره.

ص: 216

وقوله تعالى: «وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» . دعوة إلى البذل فى وجوه الحق والخير، وأولى هذه الوجوه ما كان فى الجهاد فى سبيل الله، فهذا باب أجزل الله فيه الثواب لأهله، وخصهم بالمزيد من فضله ورضوانه، ولهذا اقتضت حكمة الله سبحانه أن يشارك المجتمع الإسلامى كله فى الجهاد، كل بحسب جهده وقدرته، وذلك حتى لا يحرم أحد منه هذا الخير الكثير، بالقليل من الجهد..

فمن جهز غازيا فقد غزا، ومن أعان فى إعداد أدوات الحرب، ومئونة الجيش فقد غزا، ومن قام على خدمة من خلّف المجاهدون وراءهم من أهل وولد، فهو فى المجاهدين.. وهكذا كل عمل يقوّى من جبهة المجاهدين هو من الجهاد المبرور المقبول عند الله.

هذا، وقد يعمل المجاهد فى أكثر من ميدان، فيجهز المجاهدين بما له، وينفق فى كل ما تحتاج إليه الحرب من سلاح ومتاع، ثم يكون هو مع المجاهدين فى ميدان القتال، وإنه على قدر العمل يكون الثواب.

وفى قوله تعالى: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» تنبيه وتحذير من هذا الشعور الحماسى الذي قد يغلب على المجاهد وهو فى ميدان المعركة، فيتحدى الموت الذي يتخطف النفوس من حوله، فيندفع متهورا يلقى الموت فى غير مبالاة.

والإسلام حريص على أهله ضنين بهم، فلا يبيع حياتهم إلا بالثمن الكريم الغالي، ولا يقتضيها هذا البيع إلا حيث تجب التضحية والفداء فى سبيل الله، ولا سبيل آخر غير هذا السبيل تقدم فيه النفوس قربانا لله وفى سبيل الله.

وعلى هذا فإن واجبا على المسلم إذ يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله،

ص: 217