الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتتفرق به السبل إليه، فيرى الله بعين مريضة، وبقلب سقيم، وإذا الله عنده ربّ مع أرباب، وإله بين آلهة، فولاؤه لله قسمة بينه وبين ما أشرك معه من آلهة وأرباب، وحبه لله موزع مشاع بينه وبين الشركاء الذين جعلهم معه، وليس كذلك حبّ الذين آمنوا وأخلصوا إيمانهم لله، فهو الحبّ كل الحبّ لله وحده، لا شريك له فيه.
وقوله تعالى: «وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ» وعيد مزلزل لكيان أولئك الذين أشركوا بالله وجعلوا له أندادا، وانتقال خاطف بهم إلى يوم القيامة وأهوالها، والنار الجاحمة المعدة لهم، وعندئذ يرون أن الملك لله وحده، وأن القوة كلها بيده، لا يملك أحد منها مع الله شيئا، يدفع عنهم هذا العذاب المحيط بهم.
الآيتان: (166- 167)[سورة البقرة (2) : الآيات 166 الى 167]
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (166) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)
التفسير: هنالك فى هذا الموقف المتأزم الخانق، وبين يدى هذا الجحيم الآخذ بالنواصي والأقدام، يكثر التلفت إلى الوراء، وترتفع صيحات الحسرة والندم من الآثمين الضالين! وفى مشهد من تلك المشاهد تقع الملاحاة بين الأتباع والمتبوعين، ويتبرأ
المتبوعون من الأتباع، وتتقطع بينهم أسباب التقارب والتواصل، ويترامون بالعداوة والبغضاء! والأتباع والمتبوعون هنا هم جميعا من أهل الضلال.. أما الأتباع فهم العامة، وأما المتبوعون فهم العلماء وأصحاب القيادة الدينية فيهم، إذ هم الذين زينوا للعامة هذا الضلال، وهم الذين حرّفوا لهم الكلم عن مواضعه، فأهلكوهم وهلكوا معهم جميعا.
فالمشهد هنا بين الأتباع والمتبوعين قائم على شفير جهنم التي يساق إليها الأتباع والمتبوعون معا.
ولما كان هؤلاء المتبوعون هم الذين زينوا لأتباعهم هذا الضلال الذي أوردهم موارد الهلاك، فقد وقع فى أنفسهم حين رأوا العذاب الذي ينتظرهم، أن أتباعهم سوف يتعلقون بهم، ويسوقونهم للقصاص منهم، بتهمة التحريض والغواية لهم، إذّاك بادر هؤلاء المتبرعون وتبرءوا من أتباعهم، ونفضوا أيديهم من كل صلة بهم! وحين يجد الأتباع أنهم وقادتهم حصب جهنم، كما يقول الله تعالى:
«فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ» : (33: الصافات) يتضاعف حزنهم وتشتد حسرتهم، ويقطّع اليأس نياط قلوبهم، حين لم ينالوا منالا من هؤلاء الذين غرروا بهم، وأوردوهم هذا المورد الوبيل! وإذ ذاك تنطلق ألسنتهم بكلمات تتميز غيظا ويأسا:«لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً! فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا؟» فهم إنما يتمتمون- فى يأس مغلق- أن يردّوا هم ورؤساؤهم إلى هذه الدنيا، ليراجعوا حسابهم معهم على ضوء ما تكشّف لهم فى هذا الموقف، وليصموا آذانهم عن كل دعوة باطلة يدعونهم إليها..
أما تبرؤهم منهم فى الآخرة فإنه لا يجدى نفعا.. فقد دعوا إلى الضلال وأجابوا،