الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَرامِ»
هو بيان لمن لم يتيسر له تقديم الهدى، فيجزى عنه فى تلك الحالة أن يصوم عشرة أيام.. ثلاثة منها فى أيام الحج، تنتهى بانتهاء يوم عرفة، وسبعة بعد أن يعود الحاج إلى بلده وأهله.
وهذا الحكم خاص بمن كان من غير أهل البلد الحرام.
الآية: (197)[سورة البقرة (2) : آية 197]
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (197)
التفسير: قررت الآية السابقة الحج والعمرة، وبينت بعض الأحكام والأعمال المتعلقة بهما.. وفى هذه الآية بيان لميقات الحج وظرفه وما ينبغى أن يأخذ به الحاج نفسه من آداب، خلال تلك الأيام المباركة التي تؤدى فيها تلك الفريضة.
وأشهر الحج هى شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة، وهى ليست كلها لأعمال الحج، وإنما الثلاثة الأيام الأخيرة من عشر ذى الحجة، هى التي تضم كل أعمال الحج.. ولكن الحجيج إذ يأتون من آفاق مختلفة، فإن كثيرا منهم يهيئ نفسه، ويخرج من بلده قبل الوقوف بعرفة ببضعة أشهر، وبعضهم قبل ذلك ببضعة أيام، والمدة التي ذكرها القرآن هى المتوسط الزمنى بين من يأتون من أقصى الأرض وبين من هم أهل البلد الحرام.. وهذه الأشهر لا يصح الإحرام بالحج إلّا فيها.
وقوله تعالى: «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ»
بيان للآداب التي يجب على الحاج أن يلتزمها فى هذه الأشهر، فيصون نفسه فيها عن كل لغو، ويجنبها كلّ معصية، وينأى بها عن الجدال المفضى إلى الخصام والخلاف.
فالحج مدخل إلى طاعة الله، وسعى إلى التقرب منه، والتعرض لمغفرته ورضوانه.. ومن أجل هذا خرج الحاج من أهله، وأعماله، واتجه إلى ربّه، وبيت ربّه، ومن أجل ذلك أيضا نزع كلّ ما على جسده من ملابس عاش فيها قبل هذه الرحلة إلى الله، وأصابها ما أصابها مما اقترف من سيئات، واستبدل بها ملابس الإحرام، التي ينبغى أن يصونها ويصون نفسه فيها عن كل حرام، فلا يتندس بملابسة رفث أو فسوق أو جدال، وبهذا يكون أهلا لأن يدنو من الله، وينال من رحمته ما يناله المتقون.
وقوله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى» دعوة إلى أن يحمل الحاج معه من المال أو الطعام ما يكفيه، حتى لا يكون عالة على غيره فى هذا البلد غير ذى الزرع، ثم لكى لا يكون التزود بالمال والطعام هو كل همّ الحاج، فقد نبه الله سبحانه إلى أن هذا الزاد وإن كان مطلوبا لسدّ الحاجة، فإن هناك زادا خيرا من هذا الزاد يجب على الحاج أن يحرص عليه، وأن يسعى ما استطاع إلى تحصيله، وهو التقوى، فهى الزاد الطيب الباقي، الذي يعين على الوصول إلى الله، والتعرض لهو اطل رحمته، وغيوث رضوانه.
وقوله تعالى: «وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ» تنويه بشأن العقل، وتكريم للعقلاء الذين يحترمون عقولهم، ويستجيبون لما تدعوهم إليه، من إيثار ما يبقى على ما يفنى، وشراء الآجل بالعاجل.
فالعقلاء الراشدون هم أولى الناس بأن يرجى عندهم الخير، ويؤمل فيهم الاستقامة والهدى.. وفى هذا يقول الله تعالى:«إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» : (28: فاطر) .