الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» إطلاق لأى قيد فى اتصال الرجل بزوجه، بعد أن يلتزم الحدود التي بينها الله، وهو ألا يباشرها إلا بعد أن تطهر من الحيض، ثم أن تكون المباشرة فيما ينفع ويثمر..
قوله سبحانه: «وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» دعوة إلى ألا يكون همّ الرجل كلّه فى مباشر المرأة هو اللذة المجرّدة من كل قصد، إلا إشباع شهوته وإرواء ظمئه..
فذلك عمل مستهلك لا يبقى للإنسان منه شىء بعد ساعته.. والأولى بالإنسان هنا أن يطلب فى مباشرته للمرأة النّسل، وأن يقوم على رعاية هذا النسل، وإعداده إعدادا صالحا للحياة، ليشارك فى بنائها وعمرانها، وبهذا يكون قد استجاب لأمر الله تعالى فى قوله:«وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» فقدم لنفسه عملا صالحا يلقاه يوم القيامة: «مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ» (20: الشورى) .
قوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ» تعقيب على تلك المحظورات التي بينها الله سبحانه وتعالى فى هذه الآيات، وتنبيه إلى أنها من حرمات الله، وأن اتقاءها ومجانبتها هو الذي يرضى الله، ويحقق للمؤمن إيمانه، فيلقى الله آمنا يوم القيامة «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» بما أعدّ الله سبحانه وتعالى لهم يوم القيامة من مغفرة ورضوان.
الآية: (224)[سورة البقرة (2) : آية 224]
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)
التفسير: ذات الله سبحانه وتعالى، فى جلالها وبهائها وعظمتها، ينبغى
أن تكون فى قلب المؤمن بمكانتها المكينة من الإجلال والتعظيم، وأن تصان من كل ما يمسّ هذه المكانة من اهتزاز أو إزعاج!.
وأسماؤه تعالى، لها ما لذاته سبحانه، من هذا الإجلال والتوقير والإعظام، فلا يتلفظ المؤمن باسم من أسمائه جلّ وعلا إلّا فى مقام العبادة والتسبيح، وإلا فى حال الضراعة والابتهال.
فليس بالذي يقدر الله حقّ قدره من يتخذ اسم الله يمينا يحلف به، ويقدّمه بين يدى كل أمر يعرض له، ويتخذ من جلال الاسم الكريم وعظمته وسيلة يتوسل بها إلى نفاذ ما يحلف عليه إلى مشاعر من يحلف له، فيحترم حرمة اليمين، ويصدقه.
فقوله تعالى: «وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ» أي لا تعرّضوا اسم الله تعالى للحلف به فى كل ما يعترضكم من أمور دنياكم، تريدون لها التوثيق والتوكيد.
وقوله سبحانه: «أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ» أي لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ولو كان الحلف من أجل أمر تلتزمون فيه قول الحق، وترعون فيه تقوى الله، وتصلحون به بين الناس.. لأن الإكثار من الحلف بالله مقام الصدق والتقوى والإصلاح بين الناس، يفتح للإنسان الطريق إلى الحلف بالله فى مجال الكذب والفجور والإفساد بين الناس!.
فالنهى عن الحلف بالله فى مقام الصدق والتقوى والإصلاح بين الناس، ليس نهيا مطلقا، وإنما هو نهى عن الإكثار واللامبالاة، حيث لا يتحرج المرء من الحلف فى هذا المقام، وهو يلتزم حدود الصدق والتقوى.. فإن هذا الإكثار فى الصدق- كما قلنا- يفتح الطريق إلى الحلف بالكذب والفجور!.