الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوالدون أن تطيلوا مدة الاسترضاع إذا أديتم ما وجب عليكم من كفالة حاجة الأم، أداء لا حيف فيه، ولا مطل معه.
وقوله سبحانه: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» تذكير بالله فى هذه المقامات، لرعاية أحكامه، وتوقيرها، والوفاء بها، فإن عين الله الله لا تغفل، وعلمه لا بعزب عنه شىء!
الآية: (234)[سورة البقرة (2) : آية 234]
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)
التفسير: هذا حكم المرأة المتوفى عنها زوجها فى عدتها، فتعتد أربعة أشهر وعشر ليال.. هذا إذا لم تكن حاملا وامتد حملها إلى ما بعد هذا الأجل، فعدتها حينئذ وضع حملها.
والخطاب هنا موجه للأزواج الذين يتوفون ويتركون زوجات لهم..
فكيف يخاطب الأموات؟
والسر فى هذا هو بعض إعجاز القرآن الكريم، ذلك الإعجاز الذي تحمله كل كلمة من كلماته، بل وكل حرف من حروفه.
فهذه العدة التي تعتدها المتوفّى عنها زوجها إنما هى رعاية للحياة الزوجية التي انقطعت بموت الزوج، وهى توقير لقداستها وحرمتها.. ومن حق هذه الحياة أن تظل حية فى نفس الزوجة، وأن يظل الزوج المتوفى ماثلا فى خيالها، حاضرا فى خاطرها! ثم إنها- أي العدة- من جهة أخرى مجاوبة لمشاعر أهل الزوج، ومشاركة عملية فى الأسى على فراقه.
من أجل هذا كان حكم العدة هنا موجها إلى المرأة فى مواجهة الزوج، وكأنه حاضر يشهد مدى رعايتها للعلاقة التي كانت بينه وبينها.
ولهذا ينبغى للمرأة خلال هذه العدة ألّا تتزين زينتها للزوج، وألا يبدو منها ما ينم عن نسيانها لهذه الذكرى، فذلك أقل ما يجب أن يكون منها! وللزوجة على الزوج مثل هذا الحق، وإن لم توجبه الشريعة حكما، فقد أشارت إليه من طرف خفى، فى هذا الحكم الذي فرضته على الزوجة فى مواجهة زوجها، إذ حين يرى الزوج أن زوجه سوف تلتزم بنوع من الأسى عليه والحزن لفراقه، يجد فى نفسه مثل هذا الشعور نحوها حين تسبقه هى إلى الدار الآخرة.
والأمر فى ذاته ليس فى حاجة إلى تشريع، ولكن لما كان بعض المتوفّى عنهن أزواجهن يذهب بهن النزق والطيش إلى قطع علائق الزوجية وآثارها من أول يوم يغيب فيه الزوج عن شخصها، وفى ذلك ما فيه من اعتداء على حرمة تلك الرابطة المقدسة، واستخفاف بشأنها، الأمر الذي إن ترك هكذا سرت عدواه فى المجتمع، وصار تقليدا سيئا، يدخل الضيم على العلاقات الزوجية، ويذهب بجلالها! فكان لا بد من وضع حد لهذا الاستهتار، حماية الحياة الزوجية منه، حتى بعد انقطاعها.
وقوله تعالى: «فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ» بيان للجانب الآخر من جانبى المرأة وموقفها من الرجل بعد موته- فإنه كما تكون هناك بعض الزوجات غير آبهات إلى فقد الزوج، ضائقات بهذه العدّة التي فرضتها الشريعة عليهن، فإن بعضهن لأخريات قد يذهب بهن الأسى والوحشة، إلى زمن أبعد من هذا الزمن، الذي حددته العدة لهن، فتظل