الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه قوله: [الطويل]
خرجنا لنستسقي بيمن دعائه
…
وقد كاد هدب الغيم أن يبلغ الأرضا «1»
فلمّا بدا يدعو تقشّعت السما
…
فما تمّ إلّا والغمام قد انفضّا
وقوله: [الطويل]
أقول لها والحيّ قد فطنوا بنا
…
ومالي عن أيدي المنون براح «2»
لما ساءني أن وشحّتني سيوفهم
…
وأنك من دون الوشاح وشاح «3»
وقوله: [الطويل]
لئن أشمت الأعداء صرفي ورحلتي
…
فما صرفوا فضلي ولا ارتحل المجد «4»
241/مقام وترحال وقبض وبسطة
…
كذا عادة الدنيا وأخلاقها النكد
وقوله: [الخفيف]
نلت في ذا الصيام ما ترتجيه
…
ووقاك الإله ما تتّقيه «5»
أنت في الناس مثل شهرك في ال
…
أشهر بل مثل ليلة القدر فيه
ومنهم:
19- القاضي أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الجرجاني
«6»
علم منصوب يهتدي به السارون، وعلم مصبوب يجتدي منه الممتارون، ومتقدّم تمسح
هواديها من غباره المجارون. الأدب ذيل على فنون تجمّل بتيجانها، وتكمّل شانه بما تحمّل من شانها، وعلوم وزن المعارف بميزانها، واستودعها من خاطره وأحفظ خزّانها، وفصّل منها حللا خلع على الناس ما فضل من أردانها، وفضائل فضّت سحبها فملأ الفجاج بما فاض من غدرانها. البلاغة ما صاغه، والفصاحة ما أبان إيضاحه، وأطال غرره وأوضاحه، وسائر الفنون في ذهنه عجنت طينتها فاختمرت، وعن نظره أخذت بآفاق السّماء زينتها فأزهرت.
إليه يرجع إذا تشعبّت بالأقوال طرقها المبثوثة، وعليه تجتمع الآراء وكلّ قوّة مفكّرة قد مستها لوثة.
وقد أثنى عليه الثعالبي فقال «1» : فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقه العلم، وقبّة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، ويجمع خطّ ابن مقلة إلى نثر الجاحظ، ونظم البحتري، وينظم عقده الإحسان والإتقان في كلّ ما يتعاطاه، وله يقول الصاحب:[الطويل]
إذا نحن سلّمنا لك العلم كلّه
…
فدع هذه الألفاظ ننظم شذورها
وقد كان في صباه خلف الخضر «2» في قطع الأرض، وتدويخ البلاد 242/من العراق/ والشام وغيرها، واقتبس من أنواع العلوم والآداب ما صار في العلوم علما وفي الكمال عالما انتهى ثناؤه المنصوص، وتقريظه الذي كأنّه نقش الفصوص.
وأنا ذاكر من شعره ملحا «1» ، أجيء بها على منطقة البروج مستفتحا، تحلّق بجناحي باز مطلّ وتخلّف الصّبا وراءها ذات نفس منقطع وأثر مضمحلّ. حكم تلقّفها ثّم ثقّفها ومعان اخترفها ثمّ لطّفها فيما عرّفها. رقّت مزاجا وراقت كالراح فامتزجت بالأرواح امتزاجا، بقية أسفار صقلتها صقل العيون، ونجيّة أفكار شفّت عنها مخيلات الظنون، ولولا أنّ الأدب كالدرهم والدينار لا يلتذّ به صاحبه إلّا إذا طار لكانت هذه النفائس ممّا يضنّ به فلا تذال، وتغار عليه يدحوته فما تبذله ولو مثقالا بألف مثقال.
من ذلك قوله: [السريع]
أفدي الذي قال وفي كفّه
…
مثل الذي أشرب من فيه «2»
الورد قد أينع في وجنتي
…
قلت: فمي باللّثم يجنيه
وقوله: [المنسرح]
بالله فضّ العقيق عن برد
…
برق أقاحيه من مدام فمه «3»
وامسح غوالي العذار عن قمر
…
يعضّ بالورد خدّ ملتثمه «4»
قل للسقام الذي بناظره
…
دعه وأشرك حشاي في سقمه
كلّ غرام تخاف فتنته
…
فبين ألحاظه ومبتسمه
وقوله: [السريع]
قد برّح الشوق بمشتاقك
…
فأوله أحسن أخلاقك «5»
لا تجفه وارع له حقّه
…
فإنّه خاتم عشّاقك
243/وقوله: [المنسرح]
ياليت عيني تحملّت ألمك
…
بل ليت نفسي تقسّمت سقمك «1»
وليت كفّ الطبيب إذ فصدت
…
عرقك أجرت من ناظريّ دمك
أعرته صبغ وجنتيك كما
…
تعيره إن لثمت من لثمك
طرفك أمضى من حدّ مبضعه
…
فالحظ به العرق وارتجز ألمك
وقوله: [الكامل]
هذا الهلال شبيهه في حسنه
…
كيف احتيالك من تأوّد غصنه «2»
لولا حظتك جفونها بفتورها
…
أقسمت أنّك ما رأيت كحسنه
وقوله: [السريع]
ما بال عينيه وألحاظه
…
دائبة تعمل في حتفي «3»
واها لذاك الورد في خدّه
…
لو لم يكن ممتنع القطف
أشكو إلى قلبك يا سيدّي
…
ما يشتكي قلبي من طرفي
وقوله: [السريع]
انثر على خدّي من وردك
…
ودع فمي يقطف من خدّك «4»
وارحم قضيب البان وارفق به
…
قد خفت أن ينقدّ من قدّك
وقل لعينيك بروحي هما
…
يخفّفان السقم عن عبدك «1»
وقوله: [الطويل]
فقد جعلت نفسي تقول لمقلتي
…
وقد قرّبوا- خوف التباعد- جودي «2»
فليس قريبا من يخاف بعاده
…
ولا من يرجّى قربه ببعيد
وقوله: [السريع]
وغنج عينيك وما أودعت
…
أجفانها قلب شج وامق «3»
ما خلق الرحمن تفاحتي
…
خدّك إلّا لفم العاشق
لكنّني أمنع منها فما
…
حظّي إلّا خلسة السارق
244/وقوله يمدح دائر بن يشكرور «4» : [البسيط]
وقد كفاني انتجاع الغيث معرفتي
…
بأنّ دائر لي من سيبه بدل «5»
تجنّبت نشوات الخمر همّته
…
فأعلمتنا العطايا أنّه ثمل
وقوله في الصاحب بن عبّاد: [الطويل]
ولا ذنب للأفكار أنت تركتها
…
إذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها «6»
سبقت بأفراد المعاني وألّفت
…
خواطرك الألفاظ بعد شرادها
فإن نحن حاولنا اختراع بديعة
…
حصلنا على معروفها ومعادها «1»
وقوله: [المنسرح]
لو قد تراني وقد ظفرت به
…
ليلا وستر الظلام منسدل «2»
وخوّصت أعين الوشاة كما
…
جمّش معشوقه الفتى الغزل
فذاك مغف وذاك مختلط
…
يهذي وهذا كأنّه ثمل
وقلت يا سيدي بدا علم ال
…
صبح وكاد الظلام يرتحل
فبات يشكو وبتّ أعذره
…
وليس إلّا العتاب والعلل
لخلتنا ثمّ شعبتي غصن
…
يوم صبا نلتوي ونعتدل
وقوله: [الخفيف]
في ليال كأنهنّ أمان
…
من زمان كأنّه أحلام «3»
زمن مسعد وإلف وصول
…
ومنى يستلذّها الأوهام
وقوله يذكر بغداد: [الطويل]
يحنّ إليها كلّ قلب كأنّما
…
تشاد بحبات القلوب ربوعها «4»
245/وكلّ ليالي عيشها زمن الصّبا
…
وكلّ فصول الدّهر فيها ربيعها
منها:
كأنّ خرير الماء في جنباتها
…
رعود عليها مزنة تستريعها «5»
إذا ضربتها الريح وانبسطت لها
…
ملاءة زهر فصّلتها وشيعها «1»
رأيت سيوفا بين أثناء أدرع
…
مذهّبة تخشى العيون لموعها «2»
فمن صبغة البدر المنير نصولها
…
ومن نسج أنفاس الرياح دروعها «3»
صفا عيشنا فيها وكادت لطيبها
…
تمازجها الأرواح لو تستطيعها
وقوله: [البسيط]
في كلّ يوم لعيني ما يؤرّقها
…
من ذكره ولقلبي ما يعذّبه «4»
ما زال يبعدني عنه وأتبعه
…
ويستمر على ظلمي وأعتبه
حتى أوت لي النّوى من طول جفوته
…
وسهّلت لي سبيلا كنت أرهبه
وما البعاد دهاني بل خلائقه
…
ولا الفراق شجاني بل تجنّبه
وقوله في حسن التخلّص «5» : [الطويل]
أقول وما في الأرض غير قرارة
…
تصافح روضا حولها متقاربا «6»
أباتت يد الأستاذ بين رياضها
…
تدفّق أم أهدت إليك سحائبا
أألبسها أخلاقه الغرّ فاغتدت
…
كواكبها تجلو عليك كواعبا
أوشّت حواشيها خواطر فكره
…
فأبدت من الزّهر الأنيق غرائبا
أهزّ الصّبا قضبانه كاهتزازه
…
إذا لمست كفّيه كفّك طالبا
أخالته يصبو نحوها فتزيّنت
…
تؤمّل أن يختار منها ملاعبا
وقوله: [الطويل]
ولمّا تداعت للغروب شموسهم
…
وقمنا لتوديع الفريق المغرّب «1»
246/تلقّين أطراف السجوف بمشرق
…
لهنّ وأعطاف الخدور بمغرب
فما سرن إلّا بين دمع مضيّع
…
ولا قمن إلّا فوق قلب معذّب
كأنّ فؤادي قرن قابوس راعه
…
تلاعبه بالفيلق المتأشّب
وقوله: [الخفيف]
ليلة للعيون فيها وللأس
…
ماع ما للقلوب والآمال «2»
نظمت لي المدام فيها الأماني
…
مثل نظم الأمير شمس المعالي
وقوله فى العيادة: [الطويل]
بعيني ما يخفي الوزير وما يبدي
…
فنورهما من فضل نعمائه عندي «3»
لأعدي تشكّيك البلاد وأهلها
…
وما خلت أنّ الشكو يعدي على البعد
ولم أدر بالشكوى التي عرضت له
…
ونعماه حتى أقبل المجد يستعدي
وما هي إلّا من تلهّب ذهنه
…
توقّد حتى فاض من شدّة الوقد
وقوله من أخرى يهنؤه بالبرء: [الطويل]
تقسّمت العلياء جسمك كلّه
…
فمن أين فيه للسقام نصيب «4»
إذا ألمت نفس الوزير تألّمت
…
لها أنفس تحيا بها وقلوب
وليس شحوبا ما أراه بوجهه
…
ولكنّه في المكرمات ندوب
وقوله: [الطويل]
وما الشعر إلّا ما استفزّ ممدّحا
…
وأطرب مشتاقا وأرضى مغاضبا «1»
أطاع فلم توجد قوافيه نفّرا
…
ولم تأته الألفاظ حسرى لواغبا
وفي الناس أتباع القوافي تراهم
…
يبثّون في آثارهنّ المقانبا
247/إذا لحظوا حرف الرويّ تبادروا
…
وقد تركوا المعنى مع اللفظ جانبا
وإن منعوا حرّ الكلام تطرقّوا
…
حواشيه فاحتالوا الضعيف المقاربا
ولكنّني أرمي بكلّ بديعة
…
تظلّ بألباب الرجال لواعبا
تسير ولم ترحل وتدنو وقد نأت
…
وتكسب حفّاظ الرجال المراتبا
ترى الناس إمّا مستهاما بذكرها
…
ولوعا وإمّا مستعيرا وغاصبا
أذود لئام الناس عنها وأتّقي
…
على حسبي إذ لم أصنها المعايبا
وأعضلها حتى إذا جاء كفؤها
…
سمحت بها مستشرفات كواعبا
وأيّ غيور لا يجيب وقد رأى
…
مكارمك اللاتي أتين خواطبا
وقوله: [الطويل]
ترى كلّ بيت مستقلّا بنفسه
…
تباهي معانيه بألفاظه الغرّ «2»
كأنّك إذ مرّت على فيك أفرغت
…
ثناياك في ألفاظها بهجة البشر
كفتنا حميّا الحمر رقّة لفظها
…
وأمّننا تهذيبها هفوة السّكر
وقوله من جواب: [الطويل]
تنازعها قلبي مليّا وناظري
…
فأعطيت كلّا من محاسنها شطرا «1»
تضاحكنا فيها المعاني فكلّما
…
تأملت منها لفظة خلتها ثغرا «2»
فمن ثيّب لم تفترع غير خلسة
…
وبكر من الألفاظ قد زوجّت بكرا
فلا تشك أحداث الزمان فإنّني
…
أراه بمن يشكو حوادثه مغرى
وهل نصرت من قبل شكواك فاضلا
…
فتأمل منهنّ المعونة والنّصرا
وما غلب الأيّام إلّا مجرّب
…
إذا غلبته غاية ألف الصبرا «3»
248/وقوله: [الطويل]
يقولون لي فيك انقباض وإنّما
…
رأوا رجلا عن موقف الذلّ أحجما «4»
وما زلت منحازا بعرضي جانبا
…
من الذمّ أعتدّ الصيانة مغنما
إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى
…
ولكنّ نفس الحرّ تحتمل الظما
ولم أقض حقّ العلم إن كان كلّما
…
بدا طمع صيّرته لي سلّما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
…
لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
ولو أنّ أهل العلم صانوه صانهم
…
ولو عظّموه في النفوس لعظّما «5»
ولكن أهانوه فهان ودنسّوا
…
محيّاه بالأطماع حتى تجهّما
وقوله: [الطويل]
كأنّي ألاقي كلّ يوم ينوبني
…
بذنب وما ذنبي سوى أنّني حرّ «6»