الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجنحته بلغ الإحاطة، ولا كلّ من نثر كنانته قرطس الحماطة.
وقال بعد الفراغ من الخطبة:
لمّا كان كتابي هذا بين رعايا الكتب أميرا، أمطيته من عروش الإمارة سريرا، وجعلت رأسه بسماء الفخر مظلّلا، وبتاج العزّ مكلّلا.
ثم أخذ يذكر الخليفة القائم بأمر الله، وساق شعرا له في مدحه.
منه قوله: [البسيط]
أليس من عجب أنّي ضحى ارتحلوا
…
أوقدت من ماء دمعي في الحشا لهبا
وأن أجفان عيني أمطرت ورقا
…
وأنّ ساحة خدّي أنبتت ذهبا
426/أأن توقد برق من جوانبهم
…
توقد الشوق في جنبيّ والتهبا؟
كأنّ ما انعقّ عنه من معصفره
…
قميص يوسف غشّوه دما كذبا
منها:
ومهمه يتراءى آله لججا
…
يستغرق الوخد والتّقريب والخببا
تصاحب الريح فيه الغيم لم ينيا
…
أن يشركا في كلا حظّيهما عقبا
فالريح ترضع درّ الغيم إن عطشت
…
والغيم يركب ظهر الريح إن لغبا
أنكحته ذات خلخال مقرّطة
…
والرّكب كانوا شهودا والصّدى خطبا
ومنهم:
41- الوزير شرف الدين، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي البيهقي
«1»
وزير لا تقتحم لججه، ولا تخصم حججه، بلسان طلق، وسنان ذلق، وبيان ترجم ما في صدور الخلق، وإحسان لو تطلّبت مثله لم تلق. تقلّبت به الأحوال تقلّب الأيام والليّال، وتصرّفت به الدهور تصرّف السنين والشهور، ولم يكسه طول المدّة إلّا جدّة، ولم يكسبه تصريف الزمان إلّا تشريف المكان، وما زال في قطر المشرق أفقه المشرق الطالع، ومفرقه الذي يحتقر له التيجان ولو رصّعت بالنجوم الطوالع.
شرفت به بلاد العجم شرفا ما له براح، وعرفت له مهابة لو أذمّ بها الليل لما هجم عليه الصباح، وكان صدر خراسان وملء صدر كلّ انسان، بدرا لا يدركه السرار، وعودا لا ينهكه السّفار. طود نهى، وجود لهى «1» ، وكان في دولة آل سلجوق لمعاقد الوزارة مرشّحا، ولقلائد السفارة موشحّا، ودفعه تصريف الدهر في صدره دفعة أقعدته على عجزه، وردّته ردّة عاد بها إلى أوّل مركزه لولا كرم رجل انتاشه، وأضفى كذنب الطاووس رياشه، وصحبه حتى قد قدمت الجنائز تهزّ نعوشها، وتصرّمت بقايا ليال كان يعيشها.
وقد ذكره العماد الكاتب في الخريدة،/ 427/وآثره بالصفات الحميدة «2» .
ومن أشعاره التي تدبّ كالخمر في المفاصل، وتهبّ كنار المضاء في بريق المناصل،