الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
46- أبو عبد الله، محمد بن نصر بن صغير المعروف بابن القيسراني
«1» .
هو أول بيته، وممول حيّه وميته، لأنّه نبّه ذكر عقبه وشبّه بالنظراء أهل نسبه بما ألهمه من ذكاء أضاء له زناده المقتدح، وجاء وفق المقترح فنظم القصائد الغرّ، ومدح بها وتكسّب بتجارتها، وتوصّل إلى المجالس بسفارتها، وأرخص سومها في البيع فكانت على قلّة المتحصّل أجدى في الرّيع، وتوسّع في المدائح وتنوّع في تحصيل المنائح، ومدح حتى رؤوساء اليهود، وكبراء الرعاع طلبا للجود، هذا مع ما ادّعاه من النّسب القرشي، والأدب الذي ليس معه شيء بمخشي حتى قال إنّه من ولد خالد بن الوليد رضي الله عنه قولا ردّه النّسابون، وصدّه أهل الصدق بما عرف به الكذّابون. وقد أتى في ذكر بعض ولده من الكتاب ما ذهبت مذهب التّصريح معاريضه، وركبت ركوب الأبحر أعاريضه.
وهذا الأديب أصله من قيسارية الساحل، ومولده عكا، وأقام بها لا يزال يتشكّى حظّه وعكا ثمّ اضطرب في بلاد الشام وشقّها طولا وعرضا، وشام بارقها خفوا وومضا. ومدح الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وحظي بجوائزه ثمّ تصرّف ابنه في ملكه تصرّف مالك حائزه حتى بعثه نور الدين إلى السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب
قدّس الله روحه ظنا أنّه يضبط له مال مصر ويمتدّ له هناك قلم قطّه صلاح الدين وغلّه بعدم التمكين فعاد بأقبح خزية وأبداها. وأخيب سفرة/ 505/ما أقلّ جداها، ثمّ كان في هذا البيت من ذكر ممّن ذمّ أو شكر، وكان هذا أصل تلك الدّوحة، وأصل وأبكار تلك الغدوة والرّوحة، وكان في الهيئة ذا مشاركة لا تخطي في مساحتها إذا قسّم، ولا تضيق في صدره ساحتها إذا توسّم، وكان في الأدب حيث يستمك السنّام، ويستمع قول الأنام، وكانت بينه وبين ابن منير الطرابلسي شحناء لا يسكن غليانها، وبفضاء لا تنقضي أحيانها، واستعدى ابن القيسراني الملك العادل نور الدين عليه فأباحه دمه، وحلّى وشاحه بسيف يضرب به عنقه، ويطيح دمه، وجعل له هذا السّيف حكما ماضيا، وحكما قاضيا، فتحّيل ابن منير بحيل دقّقها، ووصل اهتبل بها غرّة ابن القيسراني ووطي عنقها حتى أخذ ذلك السيف وبخّه بخلّ ثمّ رده إلى قرابه فصدأ في القراب، ولصق به لصوقا لا يفارقه إذا سلّه للضراب، ثمّ كان ابن منير في تلك المدّة يتحيّد ابن القيسراني ويقول قول الأرنب أن خير إليّ يوم لا أرى الكلب ولا الكلب يراني حتى علم بأنّ سمّ كيده قد استحكم في جسم ذلك السيف، وأنّ جفن ذلك الغرار قد تملّأ كرى لا حلم فيه ولا طيف ثمّ تعرّض له في الطريق، وأتاه وهو بين حفد له غير فرق من ذلك الفريق، فأومأ ابن القيسراني بيده إلى السيف ليخرطه فما انخرط، وخان عهده مقيما عذره في عدم الوفاء بأنّه ما شرط، فضحك من حضر، وخجل ابن القيسراني خجلا صار به مثلا للبشر، وبلغ هذا نور الدين فقال: لو كان ابن القيسراني محقّا ما كفّ عن هذا ودمه هدر.
أمّا ما يختار له فقوله: [الطويل]
كتائب تروى بالكتائب لفظها
…
ظباها وسمر الخطّ فيها بنودها «1»
وقوله: [الطويل]
فمن حذري ورّيت بالبان والنّقا
…
مخافة أن يسعى عليّ رقيب «1»
506/فلا تمنعيها من قوامك هزّة
…
فيحظى بها غصن سواك رطيب
منها في ذكر النّياق:
وليلة بتنا والمهاري حواسرا
…
يزرّ عليها للظلام جيوب
فبتن يبارين الكواكب في الدّجى
…
لهنّ طلوع بالفلا وغروب
نواصل من صبغ الظلام كما بدا
…
لعينك من تحت الخضاب مشيب «2»
خوافق في صدر الفضاء كأنّها
…
وقد وجبت منّا القلوب قلوب
منها:
سوابح في بحري فضاء وسدفة
…
لهنّ اعتلاء بالضحى ورسوب «3»
وريق وفي عود الكرام قساوة
…
طليق وفي وجه الزّمان قطوب
بليغ إذا جدّ الخصام مضى له
…
لسان بأطراف الكلام لعوب
نسيب المعالي يطرب القوم مدحه
…
كأنّ الثناء المحض فيه نسيب
ومنه قوله: [السريع]
أشتاق أهلي بدمشق وفي
…
بغداد حظّ القلب والعين «4»
ففي لقائي ذا فراقي لذا
…
قل إلى متى أخلو من البين
وقوله: [الوافر]
وضاقت ساحة الأخلاق حتى
…
نبا الخلق الكريم عن التغاضي «1»
وعندك أنّني مع ما ألاقي
…
نسيتك، لا وعينيك المراض
ومنه قوله: [المتقارب]
وفي الركب صب إذا اشتاقكم
…
لوى جيده نحوكم فالتوى «2»
يجود بعين لو أنّ الرّكا
…
ب تغمّر في دمها لارتوى
أحبّ الشآم وأهوى العراق
…
فخلفي هوى وأمامي هوى
507/وقوله: [الوافر]
شتوا يدعو الضيوف إلى قراهم
…
سنانير أنّهم فوق الروابي «3»
وقوله: [الوافر]
يتيّمني بأرض الشام حبّ
…
ويعطعني على بغداد حبّ «4»
فكلّ هوى يطالبني بقلب
…
وهل إلى غير هذا القلب قلب
إذا كان التنائي في التلاقي
…
فماذا يصنع الدّنف المحبّ
ومنه قوله: [المتقارب]
وكيف يفوز بفضل الكما
…
ل من جعل الأكمل الأنقصا «5»
لعمرك ما أنصف المثمرا
…
ت من يجتنيها بخبط العصا
وقوله: [مجزوء الكامل]
أو ما ترى طرب الغدي
…
ر إلى النسيم إذا تحرّك «1»
بل لو رأيت الماء يل
…
عب في جوانبه لسرّك
فإذا الصّبا هبّت علي
…
هـ أتاك في ثوب مغرّك
ومنه قوله: [السريع]
آلى على الخمرة لا ذاقها
…
ما عاش إلّا زمن الورد «2»
وقد مضى الورد فهل رخصة
…
في أن يكون الورد من خدّ
وقوله: [الكامل المرفّل]
لم أنس ليلة قال لي
…
لمّا رأى جسدي يذوب «3»
بالله قل لي من أعل
…
لك يا فتى؟ قلت: الطبيب
وقوله: [الطويل]
عفائف إلا عن معاقرة الهوى
…
ضعائف إلّا في مغالبة الصّب «4»
إذا جاذبتهنّ البوادي مزية
…
من الحسن شبهّن البراقع بالنّقب
ولمّا دنا التوديع قلت لصاحبي
…
حنانيك سر بي عن ملاحظة السّرب
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبى
…
فلا شك أنّ اللحظ ضرب من الضّرب
508/وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا
…
ألست ترى في وجهه أثر التّرب
وأعجب ما في خمر عينيه أنّها
…
تضاعف سكري كلّما قللّت شربي
ومنه قوله: [الكامل]
نبت الجفون فما اغتمضن وإنّما
…
حقّ السيوف إذا نبت أن تغمدا «1»
وكأنّ طرفي حين أبكته دما
…
ألقى الشعاع بخدّها فتورّدا
وقوله: [الطويل]
غدرتم بنا غدر الشباب الذي مضى
…
فوا أسفا هل كان بينكما عهد «2»
وإن قلتم إنّي سبقت إلى النّوى
…
فما جئتها حتى بدا منكم الصدّ
فلا تغفلوا ناري فلي عنده [هوى]«3»
…
متى كتمته العين نمّ به الخدّ
ومنه قوله: [الكامل]
أتقيّل الجدوى وتلك غمامة
…
حاشاكم انقشعت ونجم قد خوى «4»
ولكم نويت لقاءكم وتصدّني
…
أيدي النّوى ولكلّ عبد ما نوى
وقوله: [الطويل]
تجاهل صحبي أن بكيت صبابة
…
عليّ فقالوا: ما جرى؟ قلت: أدمع «5»
وما عبّر الصبّ الكئيب عن النوى
…
بمثل لسان فوه جفن ومدمع
إلى الله من قلب يواصل بثّه
…
عشيّة أسباب المنى تتقطّع
وقد ردّت الحاجات خوف وشاتها
…
إلى مقلة فيها لسان ومسمع
منها في ذكر الفرس:
وأسرى نعاس يممّوا كعبة الندى
…
فهم سجّد فوق المذاكي وركّع «1»
على كلّ نشوان العنان كأنّما
…
جرى في وريديه الرحيق المشعشع
وقوله: [الكامل]
حسبي من البرحاء أنّي مولع
…
بمهفهف أمسى بقتلي مولعا «2»
509/يسبي القلوب بفاحمين تكنّفا
…
من طرّتيه للغزالة مطلعا
وفم تخال غديره مترقرقا
…
في نوره حوضا وروضا ممرعا
فعلى العواذل فيه أن لا تنتهي
…
عن عذلها وعليّ أن لا أسمعا
ومنه قوله: [الطويل]
يخوّفني بالبعد من لا أودّه
…
ويأمرني بالعجز من لا أطيعه «3»
وهل يفرس الضرغام إلّا انتجاعه
…
ولو دام في عرّيسه دام جوعه
وقوله: [الطويل]
سقى الله أيام التهافت في الصّبا
…
جنى كلّ جنّان الأصائل أو طفا «4»
ليالي أضللت الرّقيب موافقا
…
أغازل فيهنّ الغزال المشنّفا
إذا بتّ أستجلي الحسان محاسنا
…
تروّحت أستجلي البنان المطرّفا
أودّع لبّي ذاهل العقل مغرما
…
وأودع قلبي فاتر الطّرف أهيفا
ومنه قوله: [الخفيف]
كلّما امتدّ بيننا أمد البي
…
ن تدانى هواكم المرموق «1»
طول عهدي بكم يضاعف وجدي
…
وكذا يفعل الشراب العتيق
وقوله: [الطويل]
ألذّ بما أشكوه من ألم الجوى
…
وأفرق إن قلبي من الوجد أفرقا «2»
وأذهل حتى أحسب الصدّ والنّوى
…
بمعترك الذكرى وصالا وملتقى
ومنه قوله: [الوافر]
تملّكتم فؤادي دون جسمي
…
فما أنا بالأسير ولا الطّليق «3»
وذي عذل معنّى بالمعنّى
…
يميل على الدعابة للعقوق
يحوم من الغرام على خلافي
…
وأين الروح من نفس الغريق
[وقوله]«4» : [الكامل]
510/بنتم فبان محلّ صبري عنكم
…
والجسم بعد القلب أوّل لاحق»
وتقوّضت خيماتكم عن ناظري
…
فضربتموها في الفؤاد الوامق
فلأهدينّ إلى جفونكم الكرى
…
ولأسرينّ سرى الخيال الطارق
ولأقضينّ مناسكي من قربكم
…
فزيارة المعشوق حجّ العاشق
ومنه قوله: [البسيط]
على اسم [مريم]«1» فيه هيكل صلف
…
سماؤه ذات أنوار من الحبك «2»
لمّا رأيت بها الأقمار طالعة
…
عجبت كيف أقاموا قبّة الفلك
وقوله: [الطويل]
تنوء بها يوم الخصام حلومها
…
وتغدو بها نحو الصّريخ خيولها «3»
كأنّ أنابيب القنا بأكفّهم
…
قداح بأيدي اللاعبين تجيلها
ومنه قوله: [البسيط]
أقول للصّاحب الهادي ملامته
…
ضلالة القلب في أكناف ذي ضال «4»
دعني أفضّ شؤوني في معالمها
…
فالدمع دمعي والأطلال أطلالي
أما كفى أسفا أنّي أصخت إلى
…
نهي النّهى وكفيت الشّهيب عذّالي
إذا التفتّ إلى ما فات من عمري
…
سحبت فوق رسوم اللهو أذيالي
سقى الحيا طرفي عيش نعمت به
…
فلم يكن غير أسحار وآصال
أولى لها أن دنت بالوصل ثانية
…
فإن ذكرت النّوى يوما فأولى لي
ومنه قوله مهنئا بالنوروز: [الكامل]
ملك المدى يوم أغرّ محجّل
…
يأتي السوابق وهو منها أوّل «5»
يختال في عطفيه جوّ ضاحك
…
ويميس في طرفيه عام مقبل
511/دول الربيع له بأكمل زينة
…
فأتاك في خلع الغمائم يرفل «6»
من أقحوان ما جرى دمع الحيا
…
إلّا تبسّم من شقيق يخجل
وعيون نور هوّمت أجفانها
…
فسرى ينبّهها النسيم المرسل
فلكل ضاحكة إذا استجليتها
…
ثغر بأفواه العيون تقبّل
ومنه قوله: [البسيط]
من كلّ ذي هيف ترنو لواحظه
…
إليك من لهذم في صدر عسّال «1»
أبلّ كلّ نسيم غير ناظره
…
وغيّر جسمي ما همّا بإبلال
كم ليلة بتّ من كأس وريقته
…
نشوان أمزج سلسالا بسلسال
وبات لا تحتمي عنّي مراشفه
…
كأنّما ثغره ثغر بلا وال
ولم يدع لي سوى نفس أجود بها
…
والجود بالنفس غير الجود بالمال «2»
هب أنّ ليل شبابي زال فاحمه
…
عنّي فما بال أسحاري وآصالي
تجري النّعامى فما بالي إذا خطرت
…
بالركب ما خطرت إلّا على بالي «3»
ومنه قوله: [الطويل]
كأنّ الذي آلى على بسط كفّه
…
سوى ما لها في البأس من قائم النّصل «4»
يروح عقيد الراح لا يستفزّه
…
إلى الكأس إلّا أنّها ضرّة البخل
يملّك ألباب الملوك بروعة
…
تحالف من بعدي على حرب من قبلي
وليست كأخرى تربها يكفر الحيا
…
كأنّ وقوع الغيث منها على رمل
أبا الحسن انقادت إلى بابك المنى
…
وحلّت به الآمال محلولة العقل
بقيت [لنشء]«1» الدولة المرتجى لها
…
إلى أن ترى من نسله أبوي شبل
512/هلال تجلّى في الكمال على الصّبا
…
وربّ صبا يأوي إلى سؤدد كهل
وغرس علمنا أصله من فروعه
…
وما العلم إلّا ردّ فرع إلى أصل
ومنه قوله: [الطويل]
تباشرت الأقطار من فرح به
…
ففي كلّ ثغر من ظباه مباسم «2»
وما تحمل الخيل الأعادي جهالة
…
به بل رجاء أنهنّ غنائم
وقوله: [الرمل]
وما عليهم لو أباحوا في الهوى
…
ما عليهم من صفات المستهام «3»
من حضور وشحّوها بالضنى
…
وعيون كحّلوها بالسّقام
ومنه قوله: [الطويل]
إذا أبرزتهنّ العيون حواسرا
…
نظرن إلينا من خلال المعاصم «4»
حلول بمستنّ العفاة عفاتهم
…
غنيّون عن نار القرى بالمباسم
وقد بان عن لبنان برق كأنّه
…
بياض الأيادي أو سنا وجه حاتم
تعود وفود الحمد عنه كأنّهم
…
قد افترقوا عن جامعات المواسم
ومنه قوله: [البسيط]
وخبّروني عن قلب ومالكه
…
فرّبما أشكل المعنى على الفطن «5»
هذا الذي سلب العشاق نومهم
…
أما ترى عينه ملأى من الوسن
وقوله: [الخفيف]
ظنّ صبغ الشباب صبغ الليالي
…
فاصطفاها عليّ أكبر عون «1»
حال حين استحال لون شبابي
…
باعني في الهوى بفاضل لون
وقوله: [مجزوء الكامل]
ينأى ويدنو طيفه
…
فهو المواصل والمباين «2»
ما أغفل الأجسام من
…
أخذ القلوب بها رهائن
513/ومنه قوله: [البسيط]
والله لو أنصف العشّاق أنفسهم
…
أعطوك ما ادّخروا منها وما صانوا «3»
ما أنت حين تغنّي في مجالسهم
…
إلّا نسيم الصّبا والقوم أغصان
وقوله: [البسيط]
شطّت بصحبي عن الشطّين فانبعثت
…
تراهن الكوكب الساري فيشآه «4»
أفنى بمائلها الحادي فما عملت
…
لمّا هوى النّجم عنها أين مهواه
ومنه قوله فيمن اسمه وهيب: [الوافر]
أجرني يا وهيب وهب حياتي
…
لخال فوق وجنتك اليسار «5»
بدا كبقية الندّ المعلّى
…
رماها قابس في وسط نار
وقوله: [المتقارب]
أهيم إلى العذب من ريقه
…
إذا تيّم العاشقين العذيب «1»
شهدت عليه وما ذقته
…
يقينا ولكن من الغيب غيب
ومنه قوله: [السريع]
سطرا عذار مونق خطّه
…
يقرأ لي منه المعاذير «2»
بينهما روضة ورد لها
…
من خالها الأسود ناطور
ومنه قوله ممّا يكتب على سرج: [المتقارب]
حملت الكرام فأكرمنني
…
ورحت وقد حملتني الجياد «3»
فإن ترني للمعالي مهادا
…
فلي من ظهور المذاكي مهاد
فلم لا أتيه على العالمين
…
وفوقي جواد وتحتي جواد
ومنه قوله: [المتقارب]
ولمّا أردنا نتاج السرور
…
خطبنا من الماء للخمر صهرا «4»
فزفّت عروسا تريك الحبا
…
ب إن شئت عقدا وإن شئت ثغرا
514/إذا الماء أهدى له لونه
…
رأيت العقيق وقد حال درّا
ومنه قوله في رثاء: [الطويل]
وعيشك ما سمّيت يومك باسمه
…
ولكنّني أرّخته مولد العدى «1»
وحسبك من زوّار قبرك روضة
…
ترى أعين الباكين زهرا مورّدا
ومنه قوله: [السريع]
دمعي لسان فمه ناظر
…
يعزو الوشايات إلى سبكه «2»
فاعجب لطرف دلّ قلبا على ال
…
حبّ هو الواشي على حبّه
إذا الحبيب اشتطّ في هجره
…
فاعدل من الحسن إلى تربه
وداو أدواء الهوى بالهوى
…
إفاقة المخمور في شربه
يا عجبا من قائل لم يجد
…
معنى فقاس الشمس يوما به
تلك احتراق النّجم في قربها
…
منه وهذا الفوز في قربه
ومنه قوله يصف دارا: [المتقارب]
تأنّق في وضعها ماهر
…
تفيت البصائر أنوارها «3»
بنى في حشا الصبّ حمّامها
…
وفي وجنة الحبّ طيّارها
ومنه قوله: [الرمل]
داو أنفاسي بأنفاس الصّبا
…
فلتعليل الهوى اعتلّ الهواء «4»
وجفون دمعها الساعي بها
…
فعليها من بكاها رقباء
هل محلّ الحبّ إلّا أعين
…
خائنات أو قلوب أمناء «5»
يا نديميّ وكأسي وجنة
…
ضرّجتها باللّحاظ الندماء «1»
515/لا تظنّوا الورد ما يسقي الحيا
…
إنّما الورد الذي يسقى الحياء
منها في ذكر العافية:
أعقب البرء سرورا ضاحكا
…
في جفون كاد يدميها البكاء «2»
وأرت ألحاظها أعراضها
…
لا يصحّ اللحظّ ما اعتلّ الضياء
ومنه قوله: [الطويل]
وقلّدتني طوق الحمامة منّة
…
تردّد فيها من ثنائك تغريد»
ثناء يثني أعظم الدهر دقّة
…
وإيراده في وجنة الشمس توريد
وقوله: [الكامل]
لاموا على فرط البكاء وفقده
…
فدهيت من قبل الوفيّ الغادر «4»
وهب المدامع أخرست أفما رأوا
…
سهرا يصيح على جفون السّاهر
ومنه قوله: [الوافر]
وآراء إذا شهرت ظباها
…
على ليل الظبى فتقت نهاره «5»
ومجد ندّ عن شعري وهمّت
…
به الشعرى فما شقّت غباره
وما للشمس أن تخفي سناها
…
ولا للصبح أن يطوي مناره
منها:
يحاول رزقه بنفاد رزقي
…
وربّ جسارة عادت خساره
وإنّ من العجائب أنّ ناري
…
موججة وتلذعني شراره
ومنه قوله: [الطويل]
نشدتك لا تأمن على مضمر الحشا
…
مدامع شمل الستر فيها مبدّد «1»
وكلّ حديث يمكن السمع ردّه
…
سوى مستفيض عن جوى القلب يسند
بكينا دما والقاصرات سوافر
…
فلاحت خدود كلّهنّ مورّد «2»
516/وقد وقف الواشون من كلّ وجنة
…
على محضر فيه المدامع تشهد
فجفن محبّ فيه جرح مضرّج
…
كجفن حبيب فيه سيف مهنّد
وقوله: [الخفيف]
فارقونا وكلّ عين من الحر
…
قة قلب وكلّ جفن وريد «3»
ومنه قوله: [البسيط]
قد أنكر الناس من دمعي ومن حرقي
…
هوى تهادن فيه الماء والنّار «4»
غصن تنزه أن يجنى له ثمر
…
من الوصال وهل للبان أثمار
ومنه قوله: [الكامل المرفل]
يجري الثناء له بسؤدده
…
وأخو العنان أحقّ بالفرس «5»
والشكر عند المستحقّ له
…
مثل الجنى في كفّ مغترس
ومنه قوله: [البسيط]
وما يريب الغواني من ذوي كلف
…
عفوا فعفوا طريق الطيّف بالسّهر «1»
أما ترى سنّة الأقمار مشرقة
…
في لمّتي فبياض الليل للقمر
هبني تخلّصت جسمي من معذّبه
…
فمن يخلّص قلبي من يدي نظري «2»
ويا نسيم الخزامى هبّ عن كثب
…
لعلّ نشرك مطويّ على خبر «3»
واحذر لسان غرامي أن ينمّ به
…
فإنّ سرّي من دمعي على خطر
منها في ذكر القصيدة:
إذا المقاصد عنّت سامعا أخذت
…
على طريق إلى الأفهام مختصر «4»
خود يسرّك منها أنّها أبدا
…
مقيمة وهي في الدنيا على سفر
وقوله: [الكامل]
أهوى الغصون وإنّما أضنى الصّبا
…
شوق النسيم إلى القضيب المائد «5»
517/يمضي العزائم وهي غير قواطع
…
ما السيف إلّا قوة في الساعد
وقوله: [الكامل]
وخوافق قد توّجت بأهلّة
…
وعوامل قد نصبّت بكواكب «6»
وإذا رأيت الليث يجمع نفسه
…
دون الفريسة فهو عين الواثب
ومنه قوله: [البسيط]
لئن علوت ملوك العصر مرتبة
…
فمثل ما نلته تعلو بك الرّتبا «1»
لو لم يكن شرف الأفعال معتبرا
…
كان القنا مثل باقي جنسه قصبا «2»
ومنه قوله: [الكامل]
إنّي لأغنى الناس عن عصبّة
…
ما الحقّ مفتقر إلى متعصّب «3»
ومخاتل بالكيد يهتك شخصه
…
وضح النهار فيحتمي بالغيهب
ما كان أبصرني بكفّ أذاته
…
لو كنت أحسن رقية للعقرب
يأتّم في ليل الوغى بسنانه
…
أرأيت شمسا تستنير بكوكب
ومنه قوله: [البسيط]
عجبت للصّعدة السمراء مثمرة
…
برأسه إنّ إثمار القنا عجب «4»
سما عليها سمو الما لترهقه
…
أنبوبة في صعود أصله صبب «5»
إذا القناة ابتغت في رأسه نفقا
…
بدا لثعلبها في نحره سرب «6»
لم يبق منهم سوى نبض بلا رمق
…
كما التوى بعد رأس الحيّة الذّنب
ومنه قوله: [الطويل]
فلا تسألنّ الصبّ أين فؤاده
…
فإنّ فؤاد المرء مع من يحبّه «7»