الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدّ إليها أسنّة ذربا
…
لا يقع النقع موضعا تقع
فبسطات المتون تحسبها
…
مدى ثني رؤوسها الصّنع
فأقعصت لا ترم عالمة
…
إنّ المنايا دوارك سرع
كأنّما انحطّ فوقها جبل
…
أو مقرم في تليله تلع
376/ذاك أو أرقم بمغصية
…
منضنض في إهابه لمع
عفّ عن الزاد أن يعيش به
…
فهو يسفّ التراب مقتنع
تهتزّ متناه وهو منبعث
…
كأنّ فرط اهتزازه زمع
قدحك ضيق الوجار هامته
…
حتى حسبناه أنّه قرع
منها:
طالوا فنالوا السماء من كثب
…
واجتنبوا الكبرياء فاتّضعوا
حتّى لظنّ الغنيّ أنّهم
…
قد نزلوا والرجال قد طلعوا
أكرم ما في الفتى أواخرها
…
عندهم لا الأوائل الشرع
ومنه قوله: [الطويل]
إذا قلت أسلو جدّدت لي صبابة
…
صمائم ورق في ذرى الأيك هتّف
تجاوبن في الأفنان حتى كأنّما
…
تجاوب فيهنّ اليراع المجوّف
377/ومنهم:
34- الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة محمد بن حيّوس
«1»
من بيت خيّم على منازل النجوم فخاره، وحوّم على مناهل الغيوم مطاره، كان يدعى بالأمير، لأنّ أباه كان أميرا «1» ، وكان بما يقيت القلوب مميرا، لا ترد المسامع منه إلّا نميرا، ولا تجدّ المجامع به إلّا للكواكب سميرا، ويده في هذه الصناعة لا يماثل صناعها، ولا يقاس بشيء إلّا وطال عليه في القياس ذراعها. وديوانه كبير الحجم «2» ، منير الجوانب كأنّما طلع في آفاقه النجم، وقد اعتمد فيه الجناس فأكثر منه حتى كدّر صفوه الزلال، وعسر عفوه حتى كاد يبطل به عمل سحره الحلال «3» . ومدح الملوك، والأمراء، والوزراء، وحصّل النعمة والثراء، وكان جملة فخر وقلّة ثبات لا يدهده له صخر.
حكى ابن خلكان «4» أنّ أباه كان من أمراء العرب، وأنّه من شعراء الشام، ولد بدمشق، وتوفي بحلب، وكان هو وأبوه في تلك الأيام من أهل اللقب، وله مفاخر باقية على الحقب، وكان يتردّد إلى البادية أحيانا، ويتخّذ له ممّا حول الريّان «5» أوطانا، فأتت على أشعاره فصاحة البدو، ولطف الحضر، وجاءت فيها مواضع كأنّما خرجت من ألسنة العرب، ومرّت بنعمان الأراك «6» عدو بها الطرب، وأخذت من أفواه سكان الأجيرع «7» فجاءت بضرب من الضرب «8» ، ومالت أدواحا، ولا قست النفوس فجرت فيها أرواحا، وكان لا يعيا 378/
عليه معنى استغلق فهمه، ولا مبنى استوثق ببيته المشيد أن لا يتمّ نظمه، ولا بعيد من الأغراض ألّا يخطيه سهمه، ولا بديع مثل سحر الجفون المراض يحسن على معاصم العذارى نقشه، وعلى وجنات ذوي العذار رقمه، وله كلّ قصيدة لا يشان في عبارة ولا يشاب أوقاتها مثل صائدة القلوب، وقد قيل: ليس ذا وقت الزيارة «1» .
ومن منتخب أشعاره السيّارة، وقصائده التى سكنت أو كار القلوب ذوات أغاريدها للطيّارة قوله:[الطويل]
ومحجوبة عزّت وعزّ نظيرها
…
وإن أشبهت في الحسن والعفّة الدّمى «2»
أعنّف فيها صبوة قطّ ما ارعوت
…
وأسأل عنها معلما ما تكلّما
وأذيال دوح نيربيّ تخاله
…
سماء دجى أبدت من النور أنجما «3»
إذا قابلت شمس الأصائل ما علا
…
تدنّر أو بدر الظلام تدرهما «4»
ومنه قوله: [البسيط]
لي بامتداحك عن ذكر الهوى شغل
…
وبارتياحك عن عصر الصّبا بدل «5»
وكيف يعدوك بالتأميل من بلغت
…
به عطاياك ما لم يبلغ الأمل
منها:
أمّا عفاتك لا أكدوا فمالهم
…
إذا المطامع طاحت عنك مرتحل «6»
فالعيس تدرس أيدي الخيل ما وطست
…
والمقربات تعفّي وطأها القبل
ومنها:
وكلّ أسمر ما في عوده طمع
…
بعد اللقاء ولا في عوده خطل «1»
وكلّ أبيض مضروب بشفرته
…
رأس المدجج مضروب به المثل
وكلّ سلهبة أنت الكفيل لها
…
ألّا يصاب لها في غارة كفل
379/دهماء كالليل أو شقراء صافية
…
تريك في الليل ثوبا حاكه الأصل
ومنه قوله: [الكامل]
نظر الخليفة للملوك كساهم
…
تاجا به تسمو وطورا تخضع «2»
ناقضتهم فوهبت ما ضنّوا به
…
وحفظت غير منازع ما ضيّعوا
وقوله: [الكامل]
وتنوفة عقمت فما تلد الكرى
…
لكنّها للنائبات ولود «3»
فيها يطيش السهم وهو مسدّد
…
ويضلّ رأي المرء وهو سديد
أفنيتها بقلائص عاداتها
…
أن تنقص الفلوات وهى تزيد
ومنها قوله يصف قصيدة:
لو أنّ فحلي طييّء حضرا لها
…
أمضى حبيب حكمها ووليد «4»
مبذولة في القوم وهي مصونة
…
معقولة في الحيّ وهي شرود
وتكررّت فينا فممّا كررّت
…
قد صار يحفظها الدّجى والبيد
ومنه قوله: [الوافر]
ومن بعد الألوف منحت كوما
…
غنيّ من تقلّ ومن تمون «1»
محرّمة الغوارب ما علتها الرّ
…
جال ولا تبطّنها وضين
وقوله: [الطويل]
ذر الهمّ للمرتاد مالا يناله
…
ومن لم تنكّبه الخطوب النواكب «2»
وذلّل عصيّ النوم بالسطوة التي
…
أرحت بها نوم الورى وهو عازب
مهلّلة نصريّة صالحية
…
حمتها العوالي والرّهاف القواضب «3»
380/وكنت شجى للآخذيها تعدّيا
…
ولولا الشّجى ما غصّ بالماء شارب
ألست من القوم الألى كفلت لهم
…
بإذلال من عادوا عتاق سلاهب
إذا قدحت في الليل لم يدج غاسق
…
وإن ضبحت في الصبح لم ينج هارب
إذا عدّدت أفعالكم عند مفخر
…
غنيتم بها عن أن تعدّ المناسب
ومنه قوله: [الطويل]
صبرنا على حكم الزمان الذي سطا
…
على أنّه لولاك لم يمكن الصّبر «4»
غرانا ببؤس لا يماثلها الأسى
…
تقارن نعمى لا يقوم لها الشكر
فأوجبت الأولى الملام فلم نلم
…
وأنّى له لوم وأنت له عذر
ومنه قوله: [البسيط]
نبكي وتسعدنا كوم المطيّ فهل
…
نحن المشوقون فيها أم مطايانا «1»
لا ومن فطر الأشياء ما وجدت
…
كوجدنا العيس بل رقّت لشكوانا «2»
ومنه قوله: [الكامل]
من عاف ماء العيش وهو مكدّر
…
عند الكرائه لم يرده زلالا «3»
تضحي سيوفك للبلاد مفاتحا
…
فإذا فتحت جعلتها أقفالا
إن شئت تعرف أنّ رأيك ثاقب
…
لا ما رأوا فانظر إلى ما آلا
وقوله: [الطويل]
وكانت دموع العين بيضا كغيرها
…
فلمّا تلوّنتم علينا تلوّنّا «4»
لذاك إذا يممّت بالركب منزلا
…
أجابت دموعي قبل أن أسأل المغنى
ومنه قوله: [الكامل]
ما في المعالي مطمع لسواكا
…
أينال ما استولت عليه يداكا»
381/من رام أن يرقى محلّك فليحز
…
بأسا كبأسك أوندى كنداكا
لا تنض عزمك طالبا أثر العدى
…
فلو اكتفيت ببعضه لكفاكا
فمتى نظرت الشّرك أدنى نظرة
…
كانت لأسرى المسلمين فكاكا
ومنه قوله في المنطقة: [الكامل]
ومضيئة كست النديّ بضوئها
…
والحاضرين به حريقا مشعلا «1»
ما إن رأينا هالة من قبلها
…
أضحت تضمّن عارضا متهلّلا
وأظنّها تاجا ولكن لم تجد
…
لعلوّ قدرك فوق خصرك منزلا
منها في الفرس:
وسوابق حزن الجمال فلو مشى
…
شبداز كسرى بينها لتخّيلا «2»
من كلّ محبوك القوى لو لم يكن
…
بعض الجبال لهدّه ما حمّلا
في العلم:
ومحلّق في الجوّ تحسب أنّه
…
ظام وقد ظنّ المجرّة منهلا «3»
أو فى على قوس الغمام معمّما
…
منه بناحية لأخرى مسدلا
ومنه قوله: [الطويل]
وإنّ ألذّ القرب ما قبله نوى
…
وأحلى وصال ما تقدّمه صدّ «4»
ولست موفىّ بعض ما تستحقّه
…
إذا لم ينب عن كلّ رجل مشت خدّ
ومنه قوله: [الكامل]
من كلّ أشقر لم يكن من قبل أن
…
تغشى به وخذ الأسنّة أشقرا «5»
يتلوه أدهم كان وردا برهة
…
ممّا تسربله النّجيع الأحمرا
داج ويشرق من ضياء حجوله
…
فيخاله رائيه ليلا مقمرا
382/ومنه قوله: [الخفيف]
صدّقت هذه المخايل بالإح
…
سان قول المدّاح والوصّاف «1»
فبقاء المديح ما لم يكن في
…
ك بقاء الحباب فوق السّلاف
وقوله: [الطويل]
تصدّت إلى أن قلت ما البخل دينها
…
وصدّت إلى أن كدت أن أنكر الصّدا «2»
وبانت فبان الطيف يقضي بحكمها
…
يواصلني سهوا ويهجرني عمدا
ومنه قوله: [الكامل]
ومحمّل الأيام ما لم تحتمل
…
يفني الحياة مخيّبا مكدودا «3»
أنّى يحلّ محلّه الجوزاء من
…
لا يستطيع من الصّعيد صعودا
وقوله:
نالوا بقربك عزّة ونباهة
…
وحموا بسيفك طارفا وتليدا «4»
ولطالما خصّت نحوس كواكب
…
قوما وكنّ لآخرين سعودا
ومنه قوله: [المتقارب]
وتغضي عن الذّنب لا رهبة
…
كما احمرّت البيض لا من خفر «5»
وتهتزّ للمدح عند السماع
…
كما اهتزّ في الرّوع عضب ذكر «6»
وقوله: [الكامل]
هذي مناقبكم فهل من طامع
…
وصفات مجدكم فهل من طامع «1»
إنّي دعوت ندى الكرام ولم يجب
…
فلأشكرنّ ندى أجاب وما دعي
ومنه قوله:
فحويت ما لم يجر في خلد المنى
…
من سيبه وحصدت ما لم أزرع «2»
منن وصلن على التداني والنّوى
…
فجمعن شمل رجائي المتوزّع
إن أقترب فنوال كفك موطني
…
أو أغترب فإلى جميلك مرجعي
383/ومن العجائب والعجائب جمّة
…
شكر بطيء عن ندى متسرّع
ومنه قوله: [الكامل]
وإذا امتطوها في نزال خلتهم
…
آساد غاب في ظهور رئال «3»
ما أوردوها قطّ إلّا أصدرت
…
جرحى الصدور سليمة الأكفال
أسد إذا صالوا صقور إن علوا
…
ولربّما كمنوا كمون صلال
وقوله: [الطويل]
إذا ما أدّعينا سلوة عن هواكم
…
جرى الدّمع منهلّا فكذّب دعوانا «4»
هبوا الوصل بالعذّال صار قطيعة
…
وبعدا فماذا صيّر الذكر نسيانا «5»
بنا حبّ من نرعاه وهو يروعنا
…
ونذكره حتى الممات وينسانا
ومنه قوله: [الطويل]
وموّهتم يوم الفراق بأدمع
…
تخبّر عن صدق الوداد فتكذب «1»
وكم غرّ ظمآنا سراب بقفرة
…
وخبّر برق بالحيا وهو خلّب
منها:
وقد رمت أن ألقى الصّدود بمثله
…
مقابلة لكنّني أتهيّب
سأحبر صبر الصّنب والماء ذو قذى
…
وأمشي على السّعدان والذلّ مركب «2»
منها:
ولست كمن أنحى عليه زمانه
…
فظلّ على أحداثه يتعتّب «3»
تلذّ له الشكوى وإن لم يفد بها
…
صلاحا كما يلتذّ بالحكّ أجرب
منها:
فجاورت ملكا تستهلّ يمينه
…
ندى حين يرضى أوردى حين يغضب «4»
تدور كؤوس الحمد حينا فينتشي
…
وطورا تصلّ المرهفات فيطرب
إذا ما احتبى غبّ الوغى خلت أجدلا
…
له أبدا فوق المجرّة مرقب «5»
وإن أعمل الأفكار عند ملمّة
…
تلمّ أرته ما يسرّ المغيّب
384/ومنه قوله: [الكامل]
حسنات فعلك جمّة فبأيّها
…
أصبحت منفردا عن الأضراب «1»
بمضائك المجتاح أم بقضائك ال
…
منتاش أم بعطائك المنتاب
منها:
شفع الشّجاعة بالخضوع لرّبه
…
ما أحسن المحراب في المحراب «2»
وغدا يحاسب نفسه لمعاده
…
وهباته تترى بغير حساب «3»
ومنه قوله: [الطويل]
خلائق أعيا في الخلائق ندّها
…
تروقك مرأى أو تشوقك مسمعا «4»
تزيد على ماء الغوادي طهارة
…
وينسيك ريّاها الرحيق المشعشعا
وقوله: [الكامل]
رشأ تشابه طرفه ووداده
…
ومحبّه كلّ أراه سقيما «5»
يحكي تعرّضه لنا ونفاره
…
والجيد والطّرف الكحيل الريما
ويشاكل الشمس المنيرة وجهه
…
نورا وبعد تناول وأديما
ويقايس المسك الذكيّ بعرفه
…
فيكون أطيب في الأنوف شميما «1»
ومنه قوله: [الكامل]
وأسود هيجاء إذا قصدت وغى
…
حملت على أكتافها الآجاما «2»
ما ضرّهم لمّا تناسب فعلهم
…
في الرّوع أن يتباعدوا أرحاما
وقوله: [الخفيف]
صحّة الشوق أحدثت علّة الصّب
…
ر وبعد المزار أدنى السهادا «3»
كم عذول عليكم رام إصلا
…
حي فكان الملام لي إفسادا
كلّما زاد عذله زاد وجدي
…
فكلانا في شأنه قد تمادى
ومنه قوله: [الطويل]
385/يصيب الفتى ما لم يكن في حسابه
…
ويحذر من شيء وليس بواقع «4»
وغير قريب من فؤاد ومسمع
…
زئير الأسود من نقيق الضفادع
وقوله: [الكامل]
وممنطق يغني النّديم بوجهه
…
عن كأسه الملأى وعن إبريقه «5»
فعل المدام ولونها ومذاقها
…
في مقلتيه ووجنتيه وريقه
ومنه قوله: [الطويل]
ولمّا وقفنا والرسائل بيننا
…
دموع نهاها الوجد أن تتوقفا»
ذكرنا الليالي بالعقيق وظلّها ال
…
أنيق فقطّعنا القلوب تأسّفا
وقوله:
وإذا ما أردت تعرف لخما
…
فشم القوم في ندى أو نزال «2»
تلق خضر الأكناف سود مثار النق
…
ع بيض الأحساب حمر النّصال
ومنه قوله: [الطويل]
وما هي إلّا غرّة سنّها النّدى
…
على سمعه في غارة سنّها الشّعر «3»
ونشوان من خمر المكارم لم يفق
…
فواقا ولولا هنّ لم تدر ما السّكر
وقوله: [الوافر]
وما أعطى الصّبابة ما استحقّت
…
عليه ولا قضى حقّ المنازل «4»
ملاحظها بعين غير عبرى
…
وزائرها بجسم غير ناحل
ومنه قوله: [الطويل]
أسكّان نعمان الأراك تيقّنوا
…
بأنّكم في ربع قلبي سكّان «5»
ودوموا على حسن الوداد فطالما
…
بلينا بأقوام إذا حفظوا خانوا «6»