الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
258/ومنهم:
23- أبو محمد، الحسن بن علي بن وكيع التنيسي
«1»
صاحب لسان نضناض، وساحب ذيل فضفاض، وموشع برود كقطع الرياض، وموشي رقوم كالبرق في تطريز الإيماض، أو كورد خدّ استدار به آس عذار فاض، وأطلّ عليه نرجس الحدق المراض، وفدّته العيون بمثله من السواد والبياض. فضل يوجّه ما شاء من الحجّة، وينّبه من تاه على اتّباع المحجّة، وعلم لا يعيا بقطع منازع، وفهم عنده بصحّة الدليل لكلّ مجادل وازع. عارف بالأدب علما وعملا، وطائف في طرق الصناعة يسلك سبلها ذللا.
إذا ركب كلاما كان قيودا لكنّها لا تألف التعقيد، وقلائد إلّا أنها كلّها فريد، ونجوما سعيدة وما كلّ نجم في السماء بسعيد، ودررا ما رأى الناس مثلها في بيوت قصيد، ولملكته في فنون الأدب، ونسلها إليه من كلّ حدب، واطلاعه على الأشعار وقالتها، وإحاطته منها بمعان عمه الناس في جهالتها. صنّف على شعر المتنبي كتابا سمّاه [المنصف]«2» تكلّم فيه على سرقاته الفاضحة، ومآخذه الواضحة، ورماه بالأوابد، وأتى بنيانه من القواعد. أنبأ عن غزارة مدد، وكثرة حفظ لا يحصر بعدد. ومن وقف عليه علم بأنّ محلّ ابن وكيع كقدر البدر
في فلكه الرفيع، وأمّا نظمه فكلّه بديع، منه
قوله: [الرمل]
غرّد الطيّر فنبّه من نفس
…
وأدر كأسك فالعيش خلس «1»
سلّ سيف الفجر من غمد الدجى
…
وتعرّى الصبح عن ثوب الغلس «2»
وانجلى عن حلل فضيّة
…
نالها من ظلم الليل دنس «3»
وقوله من مزدوجة: [الرجز]
ما العذر في السّلوة عن غزال
…
منقطع الأقران والأشكال «4»
259/تستخلف الشمس لدى الزوال
…
ضياء خدّيه على الليالي
والشكل والخفّة في الأرواح
…
أملح ما يعشق في الملاح
من كان يهوى منظرا بلا خبر
…
فما له أوفق من عشق القمر
وقوله من أخرى يذكر فصل الربيع: [الرجز]
نهاره من أحسن النهار
…
في غاية الإشراق والإسفار «5»
تضحك فيه الشمس من غير عجب
…
كأنّها في الأفق جام من ذهب
وليله مستلطف النّسيم
…
مقوّم في أحسن التّقويم
لبدره فضل على البدور
…
في حسن إشراق وفرط نور
كجامة البلّور في صفائها
…
أذابت الجراد في نقائها
كأنّه إذا دنت من نحره
…
جوزاؤه قبل طلوع فجره «1»
رومّية حلّتها زرقاء
…
في الجيد منها درّة بيضاء
فيه يظلّ الطير في ترنّم
…
حاذقة باللحن لم تعلّم
غناؤها ذو عجمة لا يفهمه
…
سامعه وهو على ذا مغرمه «2»
من كلّ دبسيّ له رنين
…
وكلّ قمريّ له حنين
في قرطق أعجل أن يورّدا
…
خاط له الخياط طوقا أسودا
هذا وفيه للرياض منظر
…
يفشي الثرى من سرّها ما يضمر
سرّ نبات حسنه إعلانه
…
إذا سواه زانه كتمانه
فيه ضروب للنبات الغضّ
…
يحكي لباس الجند يوم العرض
من نرجس أبيض كالثغور
…
كأنّه مخانق الكافور
260/وروضة تزهر من بنفسج
…
كأنّها أرض من الفيروزج
قد لبست غلالة زرقاء
…
قد كايدت بلبسها السّماء
تبصرها كثاكل أولادها
…
قد لبست من حزن حدادها
يضحك فيها زهر الشقيق
…
كأنّه مداهن العقيق
مضمّنات قطعا من السّبج
…
فأشرقت بين احمرار ودعج
كأنّما المحمرّ في المسوّد
…
منه إذا لاح عيون الرّمد
وارم بعينيك إلى البهار
…
فإنّه من أحسن الأنوار
كأنّه مداهن من عسجد
…
قد سمّرت في قضب الزبرجد
واشرب عقارا طال فينا كونها
…
يصفرّ من لون المزاج لونها «3»
من كفّ ظبي من بني النصارى
…
ألبابنا في حسنه حيارى
يبدي جمالا جلّ عن أن يوصفا
…
لو أنّه رزق حريص لاكتفى
وقوله: [الرجز]
وانظر إلى النارنج في بهجته
…
يلوح في أفنان هاتيك الشّجر «1»
مثل دبابيس نضار أحمر
…
أو كعقيق خرطت منه أكر «2»
كأنّ زهر الباقلاء إذ بدا
…
لناظريه أعين فيها حور «3»
كمثل ألحاظ اليعافير إذا
…
روّعها من قانص فرط الحذر
كأنّه مداهن من فضّة
…
أوساطها بها من المسك أثر
كأنّه سوالف من خردّ
…
قد زينّت بياضها سود الطّرر
وقوله في الخمر:
261/خيالها جسمه لجين
…
وجسمها شخصه نضار «4»
كأنّها تحته كميت
…
عليه من فضّة عذار
منها في الساقي: [مخلع البسيط]
كأنّ صدغا له تراه
…
وهو على خدّه مدار
ميدان آس بدا جنيّا
…
ألهب في جانبيه نار
وقوله: [الطويل]
فمن نرجس لّما رأى حسن نفسه
…
تداخله عجب بها فتبسّما «5»
وأبدى على الورد الجنيّ تطاولا
…
فأظهر غيظ الورد في خدّه دما
وقوله: [الوافر]
سلا عن حبّك القلب المشوق
…
فما يصبو إليك ولا يتوق «1»
جفاؤك كان عنك لنا عزاء
…
وقد يسلي عن الولد العقوق
وقوله: [المنسرح]
أبصره عاذلي عليه
…
ولم يكن قبل ذا رآه «2»
فقال لي: لو هويت هذا
…
ما لامك الناس في هواه
قل لي إلى من عدلت عنه
…
فليس أهل الهوى سواه
فظلّ من حيث ليس يدري
…
يأمر بالحبّ من نهاه
وقوله: [الكامل]
إن كان قد بعد اللقاء فودّنا
…
باق ونحن على النّوى أحباب «3»
كم قاطع للوصل يؤمن ودّه
…
ومواصل بوداده يرتاب
وقوله: [الكامل]
يا من إذا لاحت محاسن وجهه
…
غفرت بدائعها جميع ذنوبه «4»
والنّجم يعلم أنّ عيني في الدّجى
…
معقودة بطلوعه وغروبه
وقوله: [المجتث]