الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جمعت ممّا قلت فيه، وفي غيره ألف بيت ضاق نطاق الوقت عن تنقيحها، وإماطة سقيمها عن صحيحها، والاعتماد على كرم الناظر والمتأمل لها، ومن الله سبحانه وتعالى التسهيل، وهو حسبي ونعم الوكيل، عليه توكلّت وإليه أنيب.
ومنهم:
45- أفضل الدولة، أبو المظفّر، محمد بن أبي العباس أحمد الأبيوردي
«1» .
صدر من صدور خراسان، وبدور آفاقه الحسان. بحر أدب لا تدرك قرارته، وبدر نسب لا تطرق دارته، مع نسك وافر، وترك لما يخبئه قلب الليل الكافر، وكرم أبوّة لا يدنس من اللؤم عرضها، وعظم فتّوة لا يدلس بضوء الصباح عرضها، وله نسب إلى أبي سفيان «2» ومحاسن يقرّ بها العيان، ويقرّ «3» لها الأعيان، وتقرب البعيد فتغني عن التبيان وكتب إلى بعض الخلفاء «4» رقعة قال فيها: قال فيها المعاوي فكشط الخليفة الميم فبقيت العاوي.
ونسبه العماد الكاتب إلى معاوية بن محمد من ولد عنبسة بن أبي سفيان فتكون نسبته إلى معاوية هذا لا إلى معاوية أمير المؤمنين، وإنّما هو لأخيه من عنبر ذلك الطين، وقد كان حيث أراد من فضل يستسقى/ 487/لعس نؤيه العهاد «5»
ويستشفى بنفس كرمه جدب السنة الجماد، وهو ممّن قال فيه العماد الكاتب: شعره متين الحوك، محكم النسج، حسن الصّوغ، سليم النهج، منتقى اللفظ، منتخب المعنى، مهذّب المبنى، معسول الكلم، مقبول الحكم، ولقد كان عزيز النفس أبّيها، عزيز الفضيلة سنّيها وقّاد القريحة لو ذعيّها، نقّاد البصيرة ألمعيّها، وإنّه ولي في آخر عمره إشراف مملكة السلطان محمد بن ملكشاه «1» فسقوه السمّ وهو واقف عند سرير السلطان فخانته رجلاه فسقط وحمل إلى منزله فقال «2» :[الطويل]
وقفنا بحيث العدل مدّ رواقه
…
وخيّم في أرجائه الجود والباس
وفوق السرير ابن الملوك محمّد
…
تخرّ له من فرط هيبته الناس
فخامرني ما خانني قدمي له
…
وإن ردّ عني نفرة الجأش إيناس
وذاك مقام لا نوّ فيه حقّه
…
إذا لم ينب فيه عن القدم الراس
لئن عثرت رجلي فليس لمقولي
…
عثار وكم زلّت أفاضل أكياس «3»
وتوفي يوم الخميس العشرين من ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة بأصفهان «4» ، ثمّ قال: وكان- رحمه الله عفيف الذيل غير طفيف الكيل، صائم النهار قائم الليل، متبحّرا في الأدب، خبيرا بعلم النّسب. انتهى كلام العماد.
ومن شعر الأبيوردي وطرره المشبّه بالعذار الريحاني على الخدّ الوردي قوله يصف قصائده ويصفّ مصائده: [الخفيف]
دلّ فيها الذهن الجليّ بألفا
…
ظ رقاق على معان دقاق
فقريضي يراه من ينقد الأش
…
عار سهل المرام صعب المراقي
مؤيس مطمع قريب بعيد
…
فهو أنس المقيم زاد الرفاق «1»
وقوله من قصيدة يمدح النبيّ صلى الله عليه وسلم أولها: [البسيط]
488/خاض الدجى ورواق الليل مسدول
…
برق كما اهتز ماضي الحدّ مصقول
أشيمه وضجيعي صارم خذم
…
ومحملي برشاش الدمع مبلول
يخدي بأروع لا يغفي وناظره
…
بإثمد الليل في البيداء مكحول
منها:
إذا قضى عقب الإسراء ليلته
…
أناخه وهو بالإعياء معقول
وحال دون نسيبي بالدّمى مدح
…
تحبيرها برضا الرحمن موصول
أزيرها قرشيّا في أزرّته
…
نور ومن راحتيه الخير مأمول «2»
تحكي شمائله في طيبها زهرا
…
يفوح والروض مرهوم ومشمول «3»
من دوحة بسقت لا الفرع مؤتشب
…
منها ولا عرقها في الحيّ مدخول «4»
يا سيّد الرّسل إن لم تخش بادرتي
…
على أعاديك غالتني إذن غول «5»
والنّصر باليد منّي واللسان معا
…
ومن لوى عنك جيدا فهو مخذول
فمر وقل أتّبع ما أنت تنهجه
…
والأمر ممتثل والقول مقبول «1»
وساعدي وهو لا يلوى به خور
…
على القنا في اتّباع الحقّ مفتول «2»
منها في ذكر الصحابة رضي الله عنهم:
فمن أحبّهم نال النجاة بهم
…
ومن أبى حبّهم فالسيف مسلول
ومنه قوله: [الطويل]
وصار الهوى فينا على رأي واحد
…
إذا ما أمنّا عذله عاد واشيا
تردّ على أعقابهن دموعنا
…
وقد وجدت- لولا الوشاة- مجاريا «3»
ومنها، وهو نوع من البديع يسمّى التفريع «4» :
489/وما مغزل فاءت إلى خوط بانة
…
نأت بمجانيها عن الخشف عاطيا «5»
برابية والروض يصحو وينتشي
…
يظلّ عليها عاطل الترب حاليا «6»
فمالت إلى ظلّ الكناس وصادفت
…
طلا تتهاداه الذئاب عواديا «7»
فولّت حذارا تستغيث من الردى
…
بأظلافها والليل يلقي المراسيا
فلمّا استنار الصبح ينفض ظلّه
…
كما نثرت أيدي العذارى لآليا «1»
قضت نفسا يطغى إذا ردّ غربه
…
إلى صدره الحراّن رام التراقيا
بأبرح منّي لوعة يوم ودّعت
…
أميمة حزوى واحتللنا المطاليا «2» «3»
ومنه قوله: [الطويل]
فلا وصل حتى يذرع العيس مهمها
…
إذا الجنّ غنّتنا به رقص الآل «4»
لئن لوّحتنا الشمس والبرد منهج
…
فقد يبلغ المجد الفتى وهو أسمال «5»
ولم يبق منّي في مهاواتنا السّرى
…
ومن صاحبي إلّا نجاد وسربال «6»
ومنه قوله: [الكامل]
طرقت ونحن بسرّة البطحاء
…
والليل ينشر وفرة الظّلماء «7»
هلّا اتّقيت الشهب حين تخاوصت
…
فرنت إليك بأعين الرقباء «8»
خضت الظلام ومن جبينك يجتلى
…
صبح ينمّ عليك بالأضواء «9»
منها:
وخطا الملوك الصّيد تقصر دونه
…
وتطول فيه ألسن الشعراء
يتسرّعون إلى الوغى بصوارم
…
خلطت بنشر المسك ريح دماء
لا تهجر الأغماد إلّا ريثما
…
تعرى لتغمد في طلى الأعداء «1»
من كلّ مشبوح الأشاجع ساحب
…
في الروع ذيل النثرة الحصداء «2»
490/ينساب في الأدراع عامل رمحه
…
كالأيم يسبح في غدير الماء «3»
وتردّ من قلقت به أضغانه
…
حيّ المخافة ميّت الأعضاء
وإصابة الخلفاء فيما دبّروا «4»
…
مقرونة بكفاية الوزراء «5»
ومنه قوله: [الطويل]
فصرنا نلاقي النائبات بأوجه
…
رقاق الحواشي كاد يقطر ماؤها
إذا ما أردنا أن نبوح بما جنت
…
علينا الليالي لم يدعنا حياؤها «6»
وقوله: [البسيط]
والفقر تطفأ أنوار الكرام به
…
كما يقلّ وميض السيف بالصّدإ «7»
ومنه قوله: [الطويل]
وما أمّ ساجي الطّرف مال به الكرى
…
على عذبات الجزع تحسبه قلبا «8»
فلاح لها من جانب الرّمل مرتع
…
كأنّ الربيع الطّلق ألبسه عصبا «1»
فمالت إليه والحريص إذا عدت
…
به طوره الأطماع لم يحمد العقبى
فلمّا قضت منه اللبّانة راجعت
…
طلاها فألفته قضى بعدها نحبا
بأوجد منّي يوم عجّت ركابها
…
لبين فلم تترك لذي صبوة لبّا «2»
منها:
مهفهفة لم ترض أترابها لها
…
ببدر الدجى شبها، وشمس الضحى تربا
تنفّس حتى يسلم العقد سلكه
…
وأكظم وجدا كاد ينتزع الخلبا «3»
وتذري شآبيب الدموع كأنّما
…
أذابت بعينيها النّوى لؤلؤا رطبا «4»
ومنه قوله: [الطويل]
كأنّ نسيم العنبر الورد إن سرت
…
إلينا ووسواس الحليّ رقيبها «5»
وكنت إذ الأيكية الورق غرّدت
…
أخذت بأحناء الضلوع أجيبها «6»
491/ومنه قوله: [البسيط]
وفيّ من شيم الضرغام جرأته
…
إذا أرابتك أخلاق من الذيب
أواصل الخشف والغيران مرتقب
…
لا خير في الوصل عندي غير مرقوب «7»
منها:
أعداؤهم ومطاياهم على وجل
…
فهم أعادي رؤوس أو عراقيب «1»
ومنه قوله: [المديد]
وأراني صبح وجنته
…
بظلام الصّدغ ينتقب
وسعى بالكأس مترعة
…
كضرام النار يلتهب
فهي شمس في يدي قمر
…
وكلا عقديهما الشهب «2»
ولها من نفسها طرب «3»
…
فلهذا يرقص الحبب «4»
ومنه قوله: [الطويل]
إذا ما عقدنا راية مقتديّة
…
رجعنا بها خفّاقة عذباتها
تسير حواليها الملوك بأوجه
…
تباهي ظبى أسيافهم صفحاتها «5»
إذا ركزوها فالأنام عفاتهم
…
وإن رفعوها فالنسور عفاتها «6»
ومنه قوله يصف الديك: [الطويل]
متوّج أعلى قمة الرأس ساحب
…
جناحيه في العصب اليماني مرعّث «7»
إذا ما دعا لبّاه حمش كأنّها
…
تفتّش عن سرّ الصباح وتبحث «8»
لك الله من سار إذا كتم السّرى
…
فلا ضوؤه يخفى ولا الليل يمكث «1»
ينمّ علينا الحلي حتى إذا رمى
…
به بات واشي العطر عنّا يحدّث
له لفتة الخشف الأغنّ ونظرة
…
بأمثالها في عقدة السحر ينفث
وقدّ كخوط البان غازله الصّبا
…
يذكّر أحيانا وحينا يؤنّث
ومن بيّنات الشوق أنّي على النوى
…
أموت لذكراه مرارا وأبعث
بقايا جوى تحت الضلوع كأنّها
…
لظى بشآبيب الدموع يورّث
وركب يزجّون المطايا كأنّهم
…
أثاروا بها ربد النعام وحثحثوا «2»
ومنه قوله: [الوافر]
وإن لبس العجاجة ضلّ فيها
…
ضلال المشط في الشعر الأثيث «3»
وقوله: [البسيط]
وإن كويت فأنضج غير متّئد
…
لا نفع للكيّ إلّا بعد إنضاج «4»
منها:
ألست أغزرهم جودين شوبهما
…
دم وأولاهما فودين بالتاج «5»
من فرع عدنان في أزكى أرومتها
…
كالبحر يدفع أمواجا بأمواج
قوم حوى الشرف الوضّاح أوّلهم
…
والناس بين سلالات «6» وأمشاج «7»
ومنه قوله: [الطويل]
وقد صغت الجوزاء والفجر ساطع
…
كما لمعت ريّا إليّ بدملج «1»
وشوقي حليم غير أنّ صبابة
…
تسفّه حلم الوامق المتحرّج «2»
ومنه قوله: [مجزوء الكامل]
وأغنّ إن عذر الورى
…
في حبّه عذل الحجى «3»
ورقيبه في ناظري
…
ي قذى وفي صدري شجى
أهوى إليّ بكأسه
…
كالجمر حين تأججّا
والليل أسحم لم يكد
…
سر باله أن ينهجا
فافتّر عن قصر أها
…
ب بفجره فتبلّجا
وكأنّ طرّة صبحه
…
ليثت «4» بناحية الدّجى «5»
ومنه قوله: [الوافر]
لأرتدينّ بالظلماء حتى
…
تشقّ عزائمي ثغر الدياجي
وأروع تحت أخمصه الثريّا
…
وفوق جبينه خرزات تاج «6»
ومنه قوله: [السريع]
وإن وشى الحلي به راعه
…
بعد وفاء الخرس غدر الفصاح «7»
وكيف يستكتم خلخاله
…
سرّا وقد نمّ عليه الوشاح
وما أضاء البرق من ثغره
…
إلّا تجلّى حبب فوق راح
كأنّه الروضة مطلولة
…
لها اغتباق بالندى واصطباح «1»
فالطرف- إن مرّضه- نرجس
…
والخدّ ورد والثغور الأقاح «2»
ومنه قوله: [الطويل]
وإنّي لتسمو بي إلى المجد همّة
…
تودّ الثريا أن تكون وشاحها
فإن نلتها استخلصت حقّي وإن أخب
…
فخطوة ساع لم تصادف نجاحها «3»
ومنه قوله في الفهد: [الكامل]
ومقيل عفر زرته ويد الردى
…
بسطت أناملها لكي تجتاحها «4»
ولديّ مرقوم القميص قد احتمت
…
منه بأجنحة الحمى فأباحها «5»
وفللت عن بقر الصريمة غربه
…
والرعب أقمأ باللّوى أشباحها «6»
فكأنّما خلعت عليه إذ نجت
…
منه نواظر لا تكفّ طماحها «7»
وتحوّلت نقطا بضاحي جلده
…
حتى وقت بعيونها أرواحها «8»
وقوله: [البسيط]
إنّي لأذكرها بالظبي ملتفتا
…
والشمس طالعة والغصن ميّادا
وقد رضيت من المعروف تبذله
…
أن ينجز الطيف في مسراه ميعادا «1»
وقوله: [الوافر]
وقد جعلت على خفر تراءى
…
فتخفي من محاسنها وتبدي
وكم باك كأنّ الجيد منه
…
يوشّح من مدامعه بعقد «2»
وإن يك صافيا وشل تمشّت
…
بجانبه الصبّا فكذاك ودّي «3»
ومنه قوله: [الطويل]
سرت أمّ عمرو والنجوم كأنّها
…
على مستدار الحلي من نحرها عقد «4»
وقوله: [الكامل]
والسّمر من حذر التحطّم في الوغى
…
تبدي اهتزاز منضنض مطرود «5»
فكأنّهن أعرن من أعدائه
…
يوم اللقاء تلوّي المزؤود «6»
ومنه قوله: [الوافر]
كأنّهم ونار الحرب يقظى
…
تمشّى في عيونهم الرقاد
هم بخلوا بطاعتهم ولكن
…
على الأسلات بالأرواح جادوا «7»
وقوله: [الكامل]
وبكلّ مرمى نظرة من وامق
…
تحكي مباسمهنّ فيه عقود
خدّ وخال يعشقان كأنّما
…
نقطت بحبّات القلوب خدود «1»
ومنه قوله: [الكامل]
وعليلة اللحظات يشكو قرطها
…
بعد المسافة من مناط عقودها
حكت الغزالة والغزال ببعدها
…
وبصدّها وبوجهها وبجيدها
فمنال تلك إذا نأت كوصالها
…
ونفار ذاك إذا دنت كصدودها «2»
إذ شقّ أردية الشقيق بها الحيا «3»
…
فحكينها بقلوبها وخدودها «4»
495/ومنه قوله: [الطويل]
لأدّرعنّ النّقع والسيف ينتضى
…
لجينا ونؤويه إلى الغمد عسجدا «5»
بجرد يجاذبن الأعنّة أيديا
…
لبيقات أطراف الأنامل بالنّدى «6»
إذا هنّ نبّهنّ الثرى من رقاده
…
ذررن به في مقلة النجم إثمدا «7»
وشعّثن أعراف الصباح بهبوة
…
يطالعن منها ناظر الشمس أرمدا «8»
ومنه قوله: [الطويل]
ويوم تراءى شمسه من عجاجه
…
تطّلع أسرار الهوى من ضمائري «1»
وتختفق الرايات فيه كأنّما
…
هفت بحواشيها قوادم طائر «2»
وقوله: [الطويل]
ففي العسر أحيانا وفي اليسر تارة
…
يعيش الفتى والغصن يعرى ويكتسي «3»
ومنه قوله: [الطويل]
وأبدى الرّضا والعتب في أخرياته
…
ومن بيّنات الحبّ أن يجمعا معا «4»
إذا ما غسلت العار عنّي لم أبل
…
نداء زعيم الحيّ بشّر أو نعى «5»
وقوله: [الطويل]
فإنّ ازدياد المال من غير نائل
…
يشين الفتى كالسنّ لزّ به الشّفا «6»
بقيت ضجيع العزّ في حضن دولة
…
لبست بها طوق الأهلّة مفرغا «7»
ومنه قوله: [الطويل]
وأصبو ويلحاني على الحبّ عاذلي
…
وأين فؤاد للسلوّ يصاغ
ومن شغلته بالهوى نظراتها
…
فليس له حتى الممات فراغ «1»
وقوله: [البسيط]
لئن جحدتك نعمى قدّ ريّقها
…
إلى النوائب منّي باع منتصف «2»
فلا تلقّيت خلّي حين تزعجه
…
فظاظة الدهر بالمألوف من لطفي «3»
وقوله: [الطويل]
بروض تمشّى بين أزهاره الصّبا
…
فتحسبها مذعورة حين ترجف «4»
ومنه قوله: [الكامل]
هيفاء نشوى اللّحظ يقصر طرفها
…
خفر ويسكر تارة ويفيق
فكأنّه والبين يخضل جفنه
…
بالدمع من حدق المها مسروق «5»
منها:
يفترّ عن برد يكاد يذيبه
…
قبل تردّد في اللّمى المرشوف «6»
وجرت أحاديث تبيت قلائد
…
من أجلهنّ حواسدا لشنوف «7»
ومنه قوله: [البسيط]
كالماء والنار موجودين في حجر
…
والبدر في سدف والدرّ في صدف «8»
496/كالبحر لو أمّن التيار راكبه
…
والبدر لو لم يشنه عارض الكلف
ولم يذر في النّدى إسرافه كرما
…
وإنّما شرف الأجواد في السّرف «1»
وقوله: [الكامل]
وهواي تلو هواك في روق الصّبا
…
حتى كأنّ العاشق المعشوق «2»
ومنه قوله: [الطويل]
ولا أرض إلّا وهي من كلّ جانب
…
إلى بابه للمعتفين طريق
وبشر يلوح الجود منه وهيبة
…
تروع لحاظ المجتلي وتروق «3»
وقوله: [المتقارب]
ولمّا رأينا رداء الدّجى
…
لقى بيد الفجر عنّا يشق
جرت عبرة رقرقتها النوى
…
على وجنة هي منها أرقّ
ويقصر ليلي حتى يكا
…
د يعلق ذيل الصباح الشّفق «4»
ومنه قوله: [الطويل]
صفت في الهوى منّي ومنك سرائر
…
جمعن قلوبا في جسوم تفرّق
ففيك سكوتي والضمائر تنتجي
…
وعنك إذا ما ساعد القول أنطق «5»
وقوله: [مجزوء الكامل]
ففؤاده كسوارها حرج
…
ووساده كوشاحها قلق
497/عانقتها والشهب ناعسة
…
والأفق بالظلماء منتطق
فلثمتها والليل من قصر
…
قد كان يلثم فجره الشفق
ثم افترقنا حين فاجأنا
…
صبح تقاسم ضوءه الحدق
وبنحرها من أدمعي بلل
…
وبراحتي من نشرها عبق «1»
ومنه قوله في وصف الفرس: [البسيط]
ومرتد بالدّجى روّحت صهوته
…
بعد اختلاس ذماء الريح بالعنق «2»
فما مسحت بعرف الصبح حافره
…
ولا فليت عليه لمّة الغسق «3»
وليس في الأرض من يطوي إليه ولا
…
يجلو لمى الليل فيه مبسم الفلق «4»
ومنه قوله: [الكامل]
صدّت أميمة حين لاح بمفرقي
…
شيب يبرح بالمحبّ الوامق
لا تعرضي عنّي فأنت جنيته
…
وهواك منّع بالمشيب مفارقي
ولقد خلعت عليك ما استحسنته
…
وهو الشباب وذاك جهد العاشق
فتركتني أرعى النجوم بناظر
…
يشكو الغرام إلى فؤاد خافق «5»
فسمحت حتى بالحشاشة في الهوى
…
وبخلت حتى بالخيال الطارق «1»
ومنه قوله: [الطويل]
وذي هيف للبرق منه ابتسامة
…
وراء غمام عن مدامعه أبكي
أظنّ مهاة الرمل عن لحظاته
…
إذا نظرت تحكي من السحر ما يحكي «2»
ومنه قوله في صفة الدرع: [الوافر]
وكلّ مفاضة تحكي غديرا
…
يعانق وهو مرتعد شمالا «3»
498/وقد أهدى الدّبى حدقا صغارا
…
لها فتحولت حلقا دخالا «4»
إذا وسع التّقى كرمي فأهون
…
بخود ضاق قلباها مجالا «5»
ومنه قوله: [البسيط]
ما للجبان ألان الله جانبه
…
ظنّ الشجاعة مرقاة إلى الأجل
وكم حياة جنتها النّفس من تلف
…
ورب أمن حواه القلب من وجل «6»
منها:
حنّت إليهم ظبا الأسياف ظامئة
…
حتى أبت صحبة الأجفان والخلل «7»
إذا جرى ذكرهم باتت على طرب
…
متونهنّ إلى الأعناق والقلل «1»
ومرهف أنحل الهيجاء مضربه
…
لا يألف الدهر إلّا هامة البطل «2»
وذابل ينثني نشوان من علق
…
كالأيم رفّع عطفيه من البلل «3»
وقوله: [الكامل]
والشمس راكدة يذوب لعابها
…
والظلّ يكنس تارة ويماشي «4»
ومنه قوله: [الكامل]
فبدا وقد نشر الصباح رداءه
…
كالأيم ماج به الغدير فنضنضا «5»
إذ لم يصرّح بابتسامك جهرة
…
فلقد- وحبّك يالبينى- عرّضا «6»
وقوله فيه: [الطويل]
كأنّ خلال الغيم من لمعانه
…
يدي قادح يرفضّ من زنده سقط «7»
تناعس في وطفاء إن حلّت الصّبا
…
عزاليها بالودق عيّ بها الرّبط «8»
منها:
تبسّم عن أحوى اللثاث يزينه
…
جمان يباهيه على جيدها السّمط «1»
ومنه قوله: [الكامل]
499/والرّكب من دهش النّوى في حيرة
…
لا راقدون ولا هم أيقاظ
وبدت لنا هيفاء مخطفة الحشا
…
فتناهبت وجناتها الألحاظ
فكأنّما ألفاظها عبراتها
…
وكأنّما عبراتها الألفاظ «2»
وقوله: [الطويل]
علوت ففتّ النّجم حتى تخاوصت
…
إليك عيون الشهب وهي جواحظ «3»
ومنه قوله: [البسيط]
رنا وناظره بالحسر مكتحل
…
أغنّ يمتار من ألحاظه المقل «4»
فرحت أدنو بقلب هاجه شجن
…
وراح ينأى بخّد زانه خجل «5»
منها:
يمشي كما لاعبت ريح الصّبا غصنا
…
ظلّت تجور به طورا وتعتدل
ذو وجنة إن جنت عين الرقيب بها
…
ورد الحياء كساها ورسه الوجل «6»
ومنه: [الطويل]
وحيّ من الأعداء تبدي شفاههم
…
نواجذ مقرون بهنّ الأنامل «1»
فمنهم بمستنّ المنايا معرس
…
تطيف به سمر القنا والقنابل «2»
وآخر تستدني خطاه قيوده
…
وهنّ بساقي كلّ عاص خلاخل
أزرتهم بيضا كأنّ متونها
…
أجنّ المنايا اسودّ فيها الصياقل «3»
ومنه قوله: [الكامل]
واها لعصرك وهو يقطر نضرة
…
ويميس تحت ظلاله التأميل
فكأنّه ورد الخدود إذا اكتست
…
خجلا وكان يذيبها التقبيل
لولا تأخرّه وقد أوقرته
…
كرما لنمّ بفضله التنزيل «4»
ومنه قوله في وصف بغداد: [الطويل]
500/هواء كأيام الهوى لا يغبّه
…
نسيم كلحظ الغانيات عليل
وعصر رقيق الطّرتين تدرّجت
…
على صفحتيه نضرة وقبول «5»
ومنه قوله: [البسيط]
لله ما صنعت أيدي الركاب بنا
…
عشيّة استتر الأقمار بالكلل «6»
إذا ابتسمن سلبن البرق روعته
…
وإن نظرن فجعن الظّبي بالكحل
من كلّ بيضاء مصقول ترائبها
…
مقسومة العهد بين الغدر والملل
تسلّ من مقلتيها صارما أخذت
…
من حدّه وجنتاها حمرة الخجل «1»
ومنه قوله: [الطويل]
أتحسب تلك العامرية أنّني
…
أذلّ ويأبى المجد أن أتذّللا
وتزعم أنّي رضت قلبي لسلوة
…
إذا لا أقال الله عثرة من سلا «2»
ومنه قوله: [الطويل]
ولولاك يا ذات الوشاحين لم تكن
…
موشّحة من أدمعي بلآل
وفيك صدود من دلال أظنّه
…
على ما حكى الواشي صدود ملال
فلا تلزميني ذنب دهر يسومني
…
على غلظ الأيام رقّة حالي «3»
وعند بنيه حين يخشى بناتها
…
قلوب نساء في جسوم رجال «4»
ومنه قوله: [البسيط]
من أغفل الحزم أدمى كفّه ندما
…
واستضحك النّصر من أبكى السيوف دما
فالرأي يدرك ما يعيا الحسام به
…
إذا الزمان بذيل الفتنة التثما «5»
[ومنه قوله]«6» : [الطويل]
يشيّعهم قلب المشوق وربّما
…
يقاد إلى ما ساءه بزمام
501/وقد بخلت سعدى فلا الطيف طارق
…
وليس بمردود إليّ سلامي
من الهيف يستعدي على لحظها المها
…
وتسلب خوط البان حسن قوام «1»
وكم ظمأ تحت الضلوع أجنّه
…
إلى رشفات من وراء لثام
وما ذقت فاها غير أنّي مكرّر
…
أحاديث ترويها فروع بشام «2»
ومنها:
وهل أتناسى العيش غضّا كأنّما
…
أعير اخضرارا من عذار غلام «3»
بأرض كأنّ الروض في جنباتها
…
تجرّ ذيول العصب فوق أكام «4»
إذا صافحت غدرانه الريح خلتها
…
تدرّع أثرا في غرار حسام «5»
ومنه قوله: [الطويل]
سرى طيفها والليل رقّ ظلامه
…
وقد حطّ عن وجه الصباح لثامه
وهبّت عصافير اللّوى فتكلّمت
…
وجاوبها فوق الأراك حمامه «6»
منها:
فما راعني إلّا الخيال وعتبه
…
وفجر نضا برد الظلام ابتسامه
كأنّ ظلام الليل والنجم جائح
…
إلى الغرب غمد والصباح حسامه «7»
ومنه قوله: [البسيط]
إذا استنامت إلى العصيان مارقة
…
يأبى لها الحين أن تبقى إلى حين
مشوا إليها بأسياف كما انكدرت
…
شهب ثواقب في إثر الشياطين «1»
ومنه قوله: [الطويل]
وليلة نعمان وشى البرق بالهوى
…
ألا بأبي برق يمان ونعمان «2»
فلله حزوى حين أيقظ روضها
…
رشاش الحيا والنجم في الأفق وسنان
إذا ما النسيم الطّلق غازل روضها
…
أمال إليه عطفه وهو نشوان «3»
502/ولو لم يكن صوب الغمام مدامة
…
يعلّ بها حزوى لما سكر البان «4»
ومنه قوله: [الكامل]
ولقد طرقت الحيّ يحمل شكّتي
…
ظامي الفصوص أديمه ريّان «5»
ووقفته حيث اليمين جعلتها
…
طوق الفتاة وفي الشمال عنان «6»
ولقد ذكرت العامريّة ذكرة
…
لا يستشفّ وراءها النسيان «7»
وهفا بنا ولع النسيم على الحمى
…
فثنى معاطفه عليّ البان «8»
ومشى بأجرعه فهبّ عراره
…
من نومه وتناجت الأغصان
بأكفّ أبطال تكاد دروعهم
…
عند اللقاء تذيبها الأضغان «2»
منها:
ومهنّد تندى مضاربه دما
…
بيد ينم بجودها الإحسان «2»
ومنه قوله: [الكامل]
ورأيت من يمتار ضوء جبينه
…
بصري فقبلّت الثرى بجبيني «3»
ومنه قوله: [البسيط]
وفضّ غمد حسامي في العناق لها
…
ضمّي كما التفّ بالأغصان أغصان
والشهب تحكي عيون الروم خيط على
…
أحداقها الذرق للسودان أجفان
يا أخت معتقل الأرماح يتبعه
…
إلى وقائعه نسر وسرحان
أعرضت غضبى وأغريت الخيال بنا
…
فلست ألقاه إلّا وهو غضبان «4»
ومنه قوله: [المتقارب]
ولمّا تناديتم بالرحي
…
ل لم يترك الدمع سرّا مصونا
أمنتم على السرّ منّا القلوب
…
فهلّا اتّهمتم عليه العيونا «5»
503/قال العماد الكاتب: أنشدني الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أنشدني الأبيوردي:
تنكّر لي دهري ولم يدر أنّني
…
أعزّ وأحداث الزمان تهون
فظلّ يريني الخطب كيف اعتداؤه
…
وبت أريه الصّبر كيف يكون «1»
وقوله: [البسيط]
فلست أدري أمن دمع أرقرقه
…
أم من مباسمها ما في تراقيها «2»
وقوله: [الطويل]
فبرّح بي شوق أراني بثغرها
…
ودمعي وعقديها وشعري لآليا «3»
ومنه قوله في رثاء السلطان أحمد بن ملكشاه «4» : [الكامل]
والبيض تقلق في الغمود كما التوت
…
رقش تبلّ متونها الأنداء «5»
والسّمر راجفة كأنّ كعوبها
…
تلوي معاقدها يد شلّاء «6»
والشمس شاحبة يمور شعاعها
…
مور الغدير طغت به النكباء
والنيّرات طوالع رأد الضّحى
…
نفضت على صفحاتها الظلماء «7»
ومنه قوله من مرثية «8» : [الكامل]
ولنا بمعترك المنايا أنفس
…
وقفت بمدرجة القضاء الجاري
ملأت قبورهم الفضاء كأنّها
…
بزل الجمال أنخن بالأكوار «1»
ألقوا عصّيهم بدار إقامة
…
أنضاء أيام مضين قصار «2»
وكأنّهم بلغوا المدى فتواقفوا
…
يتذاكرون عواقب الأسفار
لم يذهبوا سلفا لنغبر بعدهم
…
أين البقاء ونحن في الآثار «3»
منها:
والناس يستبقون في مضمارها
…
والموت آخر ذلك المضمار «4»
وقوله من مرثية أخرى «5» : [الكامل]
والعيش أوّله عقيد مشقّة
…
وأذى وآخره مقيل حمام «6»
504/والعمر لو جاز المدى لتبّرم ال
…
أرواح منه بصحبة الأجسام
فمضى وقد أصحبته سيّارة
…
كالروض يضحك من بكاء غمام «7»