الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصائد فخّه، سائر في الآفاق كأنّما لاق له الظلام دواته، وبرى البرق قلمه لنسخه ببدائع لو ولجت على الليل ستره لم يرخه، أو أشعلت حمر الشقيق ما قدر لافح الريح على نفخه.
ومن قوله الممتّع بشرخه وطوله الذي لا تقدر خيلاء الروض على بذخه: [البسيط]
قل للذي بصروف الدّهر عيرّنا
…
هل عاند الدهر إلّا من له خطر «1»
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف
…
وتستقرّ بأقصى قعره الدّرر
وإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا
…
ونالنا من تمادي بؤسه الضّرر
ففي السماء نجوم مالها عدد
…
وليس يخسف إلّا الشمس والقمر
وقوله: [البسيط]
بالله لا تنهضي يا دولة السّفل
…
وقصّري فضل ما أرخيت من طول «2»
أسرفت فاقتصدي جاوزت فانصرفي
…
عن التهوّر ثمّ امشي على مهل
مخدّمون ولم تخدم أوائلهم
…
مخوّلون وكانوا أرذل الخول
وقوله: [الكامل]
خطرات ذكرك تستميل مودّتي
…
فأحسّ منها في الفؤاد دبيبا «3»
لا عضو لي إلّا وفيه صبابة
…
فكأنّ أعضائي خلقن قلوبا
ومنهم:
22- الأمير أبو الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي
«4»
254/فارع إمارة، وفارس إغارة، وفاره ميدان يردي جاره، ويردي مجاريه عاره، وقابس جذوة ترمي في كلّ خطفة بشرارة، وقابض درّ يوالي نثاره، وطويل باع يهجم على الأسد داره، وينتزع البدر من الدارة، وذكيّ قلب يصيب في كلّ إشارة، وحاضر خاطر لا تغيب له شارة، وحاضن لفظ لا يعيب ناقد الكلام له عبارة، ونديّ كفّ يمطر ديما، ويخضّر قلمه بلاغة وكرما. إن كتب فالورق وريق والخطّ كالخطّ «1» تثقيفا يعلوه بريق، والكرم جمّ لا يقع المزن في بحره بلّة ريق، والخطاب فصل لا يشتبه، والكتاب روضة من أعين زهرها منتبه وغير منتبه، وإن انتضى سيفه راع الجيش لمعه، وفضّ ما في الصدور وقعه وقصّ غريبا من قائل يرفضّ بالدم دمعه.
له نظم يسحر، ونثر يعجب من يتبحّر، وما كلّ من تأمّر على الأنام أمّر في أصناف الكلام ولكنّها مواهب توجد في الندرة بعد الندرة، وفضل من الله لا تتأهّل له كلّ فطرة، ولا تسري في كلّ فكرة، وهذا أبو الفضل من أولئك الأفراد، وواحد كالألوف في رئاسة العلم، وسياسة العباد. وهو يعاني من التجنيس ما يخفّ ويصوب ماؤه ولا يجفّ.
ومن أنموذج نسجه، وزهر مرجه، قوله:[الطويل]
لقد راعني بدر الدّجي بصدوده
…
ووكّل أجفاني برعي كواكبه «1»
فيا جزعي مهلا عساه يعود لي
…
ويا كبدي صبرا على ما كواك به
وقوله: [الطويل]
عذيري من ريم رماني بسهمه
…
فلم يخط ما بين الحشى والترائب «2»
فأصداغه يلسعنني كالعقارب
…
وألحاظه يفعلن فعل العقاربي
255/وقوله: [الخفيف]
إنّ لي في الهوى لسانا كتوما
…
وفؤادا يخفي حريق جواه «3»
غير أنّي أخاف دمعي عليه
…
ستراه يبدي الذي ستراه
وقوله: [مجزوء الكامل]
ومهفهف يلهو بلب
…
ب المرء منه شمائل «4»
فالردف دعص هائل
…
والقدّ غصن مائل
والخدّ نور شقائق
…
تنشقّ عنه خمائل
والطرف سيف ماله
…
إلّا العذار حمائل
وقوله: [الكامل]
هبه تغيّر حائلا عن عهده
…
ورمى فؤادي بالصدود فأزعجا «5»
ما بال نرجسه تحوّل وردة
…
في خدّه والورد عاد بنفسجا
وقوله: [مجزوء الكامل]
فصد الطبيب ذراعه
…
فجرى له دمعي ذريعا «1»
وأمسّني وقع الحديد
…
بعرقه ألما وجيعا
فأريته من عبرتي
…
ما سال من دمّه نجيعا
وقوله: [الخفيف]
لم ألمه أن اتّقى بحجاب
…
ردّني واله الفؤاد لمابي «2»
هو روحي وليس ينكر للرو
…
ح توار عن الورى بحجاب
وقوله: [الرجز]
ظبي يحار البرق في بريقه
…
غنيت عن إبريقه بريقه «3»
ولم أزل أرشف من رحيقه
…
حتى شفيت القلب من حريقه
وقوله: [السريع]
كم والد يحرم أولاده
…
وخيره يحظى به الأبعد «4»
كالعين لا تدرك ما حولها
…
ولحظها يدرك ما يبعد
وقوله: [الطويل]
بنفسي غزال صار للحسن كعبة
…
تحجّ من الفجّ البعيد وتقصد «5»
256/دعاني الهوى فيه فلبيّت طائعا
…
وأحرمت بالإخلاص والسعي يشهد
فجفني للتسهيد والدّمع قارن
…
وقلبي فيه للصّبابة مفرد
وقوله: [الطويل]
يصوغ لنا كفّ الربيع حدائقا
…
كعقد عقيق بين سمط لآلي «1»
وفيهنّ نوّار الشقائق قد حكى
…
خدود عذارى نقّطت بغوالي
وقوله: [الطويل]
وما ضمّ شمل الأنس يوما كنرجس
…
يقوم بعذر اللهو عن خالع العذر «2»
فأحداقه أقداح تبر وساقه
…
كأسوق ساق في غلائله الخضر «3»
وقوله: [الرجز]
أما ترى الزهرة قد لاحت لنا
…
تحت هلال نوره نور اللهب «4»
ككرة من فضّة مجلوّة
…
أوفى عليها صولجان من ذهب
وقوله: [الخفيف]
عيّرتني ترك المدام وقالت
…
هل جفاها من الكرام لبيب «5»
هي تحت الظلام نور وفي الأكباد
…
برد وفي الخدود لهيب
قلت: يا هذه عدلت عن النصّح
…
وما للرشاد فيك نصيب
إنّها للستّور هتك وبالألبا
…
ب فتك وفي المعاد ذنوب
وقوله: [الخفيف]
خير ما استعصمت به الكفّ يوما
…
في سواد الخطوب عضب صقيل «1»
عن سؤال اللئام مغن وفي العظم
…
مغن وفي المنايا رسول «2»
وقوله: [الخفيف]
خير ما استطرف الفوارس طرف
…
كلّ طرف لحسنه مبهوت «3»
هو فوق الجبال وعل وفي السه
…
ل ظليم وفي المعابر حوت
257/وقوله: [الطويل]
أخلي أمّا الودّ منه فزائد
…
وألفاظه بين الحديث فرائد «4»
إذا غاب يوما لم يغب عنه شاهد
…
وإن شهد ارتاحت إليه المشاهد
وقوله: [الكامل]
تمّت محاسنه فما يزري بها
…
مع فضله وسخائه وكماله «5»
إلّا قصور وجوده عن جوده
…
لا عون للرّجل الكريم كماله
وقوله: [الكامل المرفل]
يا دهر دع ظلم الكرام فهم
…
عقد لنحرك لو درى النّحر «6»
سالمهم واستبق ودّهم
…
فهم نجوم ظلامك الزّهر
وقوله: [الطويل]
دع الحرص واقنع بالكفاف من الغنى
…
فرزق الفتى ما عاش عند معيشه «1»
فقد تهلك الانسان كثرة ماله
…
كما يذبح الطاووس من أجل ريشه
وقوله: [البسيط]
متّع شبابك من لهو ومن طرب
…
ولا تصخ لملام سمع مكترث «2»
فخير عيش الفتى ريعان جدّته
…
فالعمر من فضّة والشيب من خبث «3»
وقوله: [الرجز]
ربّ جنين من حمى نمير
…
مهتّك الأستار والضمير «4»
سللته من رحم الغدير
…
كأنّه صحائف البلّور
أو أكر تجسّمت من نور
…
أو قطع من خالص الكافور
لو بقيت سلكا على الدهور
…
لعطلت قلائد النحور
أو أخجلت جواهر البحور
…
وسميّت ضرائر الثغور
يا حسنه في زمن الحرور
…
إذ قيظه مثل حشى المهجور
يهدي إلى الأكباد والصّدور
…
روحا تحاكي نفثة المصدور