الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفِتْنَةِ، وَاللَّهُ يَقُولُ:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] فَقَال: هَلْ تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ "إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْكِ".
[انظر: 3130 - فتح: 13/ 45].
(خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (رجل) هو حكيم. (ثكلتك) بفتح المثلثة وكسر الكاف أي: عدمتك، ومرَّ الحديث في التفسير (1).
17 - بَابُ الفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ
وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الفِتَنِ، قَال امْرُؤُ القَيْسِ:
الحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً
…
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا
…
وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ
…
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
(باب: الفتنة التي تموج كموج البحر) أي: بيان ما جاء فيها. (قال امرؤ القيس) كذا في نسخة، والمحفوظ كما قال شيخنا: إن الأبيات المذكورة لعمرو بن معدي كرب الزبيدي وهي: (الحرب أول ما تكون فتية) برفع (أول) ونصب (فتية) أي: أول أحوالها إذا كانت فتية فـ (الحرب) مبتدأ و (أول) مبتدأ ثان، و (فيتة) حال سدت مسد الخبر، والجملة خبر الحرب، وبنصب (أول) ورفع (فتية) أي: الحرب في أول أحوالها فتية فـ (الحرب) مبتدأ و (أول) ظرف و (قتية) الخبر، وبرفعهما مبتدأ وخبر، والجملة: خبر عن الحرب، أو (أول) بدل من الحرب،
(1) سلف الحديث برقم (3135) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} .
وبنصبهما على أن (أول) ظرف و (فتية) حال و (تسعى) خبر عن الحرب (1)، وقال الكرماني في ذلك: وجاز في أول وفتية نصبهما ورفعهما، ونصب الأول ورفع الثاني والعكس، و (كان) إما ناقصة، وإما تامة (2). انتهى، والمراد: أن الحرب تعرض لمن لم يجربها حتى يدخل فيها فتهلكه.
(يسعى) أي: الحرب. (بزينتها) بكسر الزاي، وفي نسخة:"ببزتها" بموحدتين قبل الزاي، والبزة: اللباس الجيد. (حتى إذا اشتعلت) أي: هاجت. (وشب ضرامها) أي: ارتفع اشتعالها.
(ولت عجوزا) جواب (إذا). (غير ذات حليل) بمهملة أي: لا يرغب أحد في تزويجها، ويروى بمعجمة أي: صاحب.
(شمطاء) بالنصب صفة لعجوز ويجوز الرفع خبر مبتدإٍ محذوف والشمط: اختلاط الشعر الأبيض بالشعر الأسود. (ينكر) بالبناء للمفعول. (وتغيرت) أي: تبدلت بحسنها قبحًا. (مكروهة) حال من ضمير (تغيرت). (للشم والتقبيل) أي: لأنها حينئذٍ مظنة للبخر ووصفها به؛ للمبالغة في التنفير منها.
7096 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ، إِذْ قَال: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الفِتْنَةِ؟ قَال: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ" قَال: لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ، وَلَكِنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَال: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ،
(1) انظر: "الفتح" 13/ 49.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 24/ 170.
إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَال عُمَرُ: أَيُكْسَرُ البَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَال: بَلْ يُكْسَرُ، قَال عُمَرُ: إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قَال: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ: مَنِ البَابُ؟ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَال: مَنِ البَابُ؟ قَال: عُمَرُ.
[انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 13/ 48].
(الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (فتنة الرجل في أهله) أي: بالميل إلى ما لا يحل له. (وما له) أي: بأن يأخذه من غير حله ويصرفه في غير حله. (وولده) أي: بفرط محبته له. (وجاره) أي: بالحسد والمفاخرة. (ولكن التي تموج كموج البحر) أي: تضطرب كاضطرابه عند هيجانه، وهو كناية عن شدة المخاصمة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة. (إذًا) أي: إن انكسر. (أجل) بالجيم أي: نعم. (ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة: ما يغالط به، أي: حدثته حديثًا صدقًا من حديثه صلى الله عليه وسلم لا عن رأي واجتهاد.
(مسروقًا) أي: الأجدع، ومرَّ الحديث في مواقيت الصلاة (1).
7097 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ المَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ، وَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ اليَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَأْمُرْنِي، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ البِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ، فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، قَال:"ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَدَخَلَ، فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَاءَ عُمَرُ
(1) سلف الحديث برقم (525) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة.
فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَامْتَلَأَ القُفُّ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلاءٌ يُصِيبُهُ" فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ البِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِي، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَأْتِيَ قَال ابْنُ المُسَيِّبِ:"فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمْ، اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا، وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ".
[انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح: 13/ 48].
(إلى حائط) أي: بستان أريس. (على قف البئر) في نسخة: "في قف البئر" أي: حافتها. (معها بلاء يصيبه) هو قتله في الدار، وإنما خصَّ عثمان بذكر البلاء مع أن عمر أيضًا قتل؛ لأن عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن به عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور مع تنصله من ذلك واعتذاره من كل ما نسبوه إليه ثم هجمهم عليه داره وهتكهم ستر أهله فكان ذلك زيادة على قتله. (أخالي) هو أبو بردة عامر، أو أبو رهم. (فتأولت) في نسخة:"فأولت" أي: فسرت، ومرَّ الحديث في الفضائل (1).
7098 -
حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: قِيلَ لِأُسَامَةَ: أَلا تُكَلِّمُ هَذَا؟ قَال: قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي أَقُولُ لِرَجُلٍ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ: أَنْتَ خَيْرٌ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلانُ، أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا
(1) سلف الحديث برقم (3674) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلا".