الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَال لَهُ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَال: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ، فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْويرُهُ أَمْثَال الجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ"، فَقَال الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَجِدُ هَذَا إلا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ.
[انظر: 2348، 2348 - فتح: 13/ 487].
(فليح) أي: ابن سليمان. (أو لست فيما شئت؟) الهمزة للاستفهام أي: أما ترضى بما أنت فيه من النعم. (فتبادر الطرف) بالنصب. (نباته) بالرفع. (وتكويره) أي: جمعه في البذر. (لا يشبعك شيء) أي: لما صعب عليك من طلبك الزيادة، ومَرَّ الحديث في المزارعة (1).
39 - بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ، وَذِكْرِ العِبَادِ بِالدُّعَاءِ، وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالةِ وَالإِبْلاغِ
لِقَوْلِهِ تَعَالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَال لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ، ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ، وَلَا تُنْظِرُونِ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى اللَّهِ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ} [يونس: 72] " غُمَّةٌ: هَمٌّ وَضِيقٌ " قَال مُجَاهِدٌ: "اقْضُوا إِلَيَّ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ"، يُقَالُ: افْرُقْ اقْضِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]" إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ، فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ، النَّبَأُ العَظِيمُ: "القُرْآنُ"، {صَوَابًا} [النبأ: 38]: "حَقًّا فِي الدُّنْيَا، وَعَمَلٌ بِهِ".
[فتح: 13/ 489]
(1) سبق برقم (2348) كتاب: المزارعة، باب: كراء الأرض بالذهب والفضة.
(باب: ذكر الله) أي: عباده يكون (بالأمر) لهم والإنعام عليهم إذا أطاعوه، أو بعذابه إذا عصوه. (وذكر العباد) أي: له تعالى، يكون (بالدعاء والتضرع والرسالة). (والإبلاغ) في نسخة:"والبلاغ"، والمراد به: الإبلاع بأن يدعوه تعالى ويتضرعوا له، ويقروا برسالته لرسوله، ويبلغوها لخلقه. ثم احتج لذلك بقوله:(لقوله تعالى) إلى آخره والذكر يكون باللسان، كالحمد، والتسبيح، والتمجيد، وقراءة القرآن، وبالقلب، كالتفكر في الدلائل الدالة على ذاته وصفاته، وفي الجواب على الشبه العارضة في تلك الدلائل. ({إِنْ كَانَ كَبُرَ}) أي: عظم. ({عَلَيْكُمْ مَقَامِي}) أي: مكاني. ({غُمَّةً}) أي: (هم وضيق ({اقْضُوا إِلَيَّ}) أي: (ما في أنفسكم يقال: افرق) أي: (اقض) إشار إلى تفسير {فَافْرُقْ} في قوله: في سورة المائدة: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] وإنما ذكرها هنا، لمناسبة قوله هنا:{ثُمَّ اقْضُوا} (إنسان) تفسير لأحد في قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ} (يأتيه) أي: النبي صلى الله عليه وسلم. ({النَّبَإِ الْعَظِيمِ}) أي: القرآن أشار به إلى تفسير النبأ العظيم في سورة النبأ، وإنما ذكره هنا لمناسبة نبأ في قوله:({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ})({صَوَابًا}) أي: (حقا في الدنيا). أشار به إلى تفسير قوله في سورة النبأ: {إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَال صَوَابًا} . وإنما ذكرها هنا، لمناسبته للجزء الثاني من الترجمة: لأن تفسير الصواب بالحق يشمل ذكر العباد لله باللسان والقلب كما نبه عليه شيخنا (1). (وعمل به) فعل عطف على {أُذُنٌ} إذ المعنى: إلا من أذن له الرحمن وقال حقًّا وعمل به فإنه يؤذن له في القيامة بالتكلم.
(1)"الفتح" 13/ 489.