الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
خلفاء بني أمية
معاوية بن أبي سفيان
(41 - 60 هـ)(661 - 679 م):-
نسبه: هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس.
* * *
حياته:-
حضر غزوة الخندق مع المشركين، وفرَّ معهم بعد هبوب الريح، أسلم عام الحديبية 6 هـ/627 م، وأخفى إِسلامه، وأظهره عام الفتح 8 هـ/629 م عندما أسلمت قريش، شهد مع رسول الله حنين والطائف، وأعطي من غنائمها الكثير، وعُد يومها من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه.
وكان أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم 163 حديث، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:" اللهم اجعله هاديًا مهديًا، واهديه " رواه الترمذي.
تُوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنه راضٍ. شهد اليرموك، وفتح دمشق تحت راية أخيه يزيد، وفتح قيسارية وبعض سواحل بلاد الشام.
جعله عمر بن الخطاب واليًا على بلاد الشام كلها، واستأذن عمر في غزو الروم بحرًا فرفض، غزا أرض الروم ووصل إلى عمورية (قرب أنقرة)، سمح له عثمان بالغزو
بحرًا بعد إلحاح منه، فغزا قبرص وفتحها عام 28 هـ/648 م، انتصر على الروم في أعظم معركة بحرية خاضها المسلمون وهي معركة ذات الصواري عام 31 هـ/651 م.
* * *
خروجه على الخليفة:-
عندما بويع علي بن أبي طالب بالخلافة، عزل جميع الولاة، فرفض معاوية العزل، ورفض البيعة، فجرت حروب بينه وبين الخليفة، انتهت بمقتل علي على يد أحد الخوارج، فبويع ابنه الحسن، الذي ما لبث أن تنازل لمعاوية حقنًا لدماء المسلمين، وتوحيدًا لكلمتهم، فأصبح معاوية هو الخليفة الشرعي بدءًا من عام 41 هـ/661 م (الذي سمي بعام الجماعة).
استقرت الأمور، واستتب الأمن الداخلي، وعادت الفتوحات بعد توقفها بسبب الخلافات الداخلية.
* * *
الفتوحات الأموية:-
شملت الفتوحات في العهد الأموي ثلاث ميادين:-
- ضد الروم في آسيا الصغرى: وقد امتدت فشملت حصار القسطنطينية وبعض جزر البحر المتوسط.
- الشمال الأفريقي: وقد امتدت حتى المحيط ثم عبرت مضيق جبل طارق وامتدت إلى أسبانيا.
- الميدان الشرقي: امتد شرق العراق، ثم تفرع شمالا تجاه ما وراء النهر وجنوبًا فشمل بلاد السند.
ويلاحظ أن التوسع الإسلامي توقف بعد بني أمية. فلم تتقدم الدولة العباسية عسكريًا خطوة واحدة للأمام (رغم أن الإسلام واصل انتشاره عن طريق الدعاة والتجار).
وقد استؤنفت بعد ذلك حركة التوسع الحربي في ظل الغزنونيين والعثمانيين (1).
* * *
الفتوحات في عهد معاوية:-
كانت الفتوحات في عهده واسعة، وعلى جبهتين رئيسيتين:-
أولًا - الجبهة الغربية:-
- بلاد الروم (تركيا): عُمِلت ثغور دائمة هناك، وكانت الحملات مستمرة، وكان الهدف فتح القسطنطينية، حوصرت عام 50 هـ/670 م - ثم من 53 - 61 هـ/672 - 680 م ولم تفتح.
كون معاوية أسطولًا ضخمًا مجهزًا في البحر المتوسط (1700 سفينة)، وحقق به عدة انتصارات، ففتح جزيرة جربا (بصقلية) عام 49 هـ/669 م، وجزيرة رودوس عام 53 هـ/672 م، وجزيرة كريت عام 55 هـ/624 م، وجزر بحر إيجه قرب القسطنطينية عام 57 هـ/680 م.
- في أفريقيا: فتحت بنزرت عام 41 هـ/661 م، وفتحت قمونية (قرب القيروان) عام 45 هـ/665 م، وسوسة في العام نفسه، وفتح عقبة بن نافع سرت
(1) موسوعة التاريخ الإسلامي/د. أحمد شلبي، جـ 2/ص 96.
ومغداس وطرابلس وأعاد فتح ودان، ودخل فزان وقفصة، وبنى مدينة القيروان سنة 50 هـ/670 م. وفتح كورًا من بلاد السودان، وأخيرًا وصلت الفتوحات إلى الغرب الأوسط (الجزائر). فكان عقبة بن نافع الفهري من أعظم القادة في هذا الميدان.
* * *
* ثانيًا - الجبهة الشرقية:-
الجبهة الشرقية تشمل:- بلاد ما وراء النهر، والسند
أما بلاد ما وراء النهر (أو ما بين النهرين) فهي البلاد الواقعة بين نهري سيحون وجيحون، وأهم ممالكها:-
طخارستان (عاصمتها بلخ)، صفانيان (عاصمتها شومان)، الصغد (سمرقند وبخارى)، فرغانة (عاصمتها جخندة)، خوارزم (عاصمتها الجرجانية)، أشروسنه (عاصمتها بنجكث)، الشاش (عاصمتها بنكث)(1).
ومعظم سكان تلك الجهات أمم وثنية، غزا المسلمون بلاد ما وراء النهر عام 41 هـ/661 م، ففتحوا سجستان عام 43 هـ/663 م، وبعض طخارستان في 45 هـ/665 م، ووصلوا إلى قوهستان، وفي عام 55 هـ/624 م، وصل عبيد الله بن زياد إلى تلال بخارى، وفي عام 44 هـ/664 م غزا المسلمون بلاد السند والهند. وكان سكان تلك البلاد ينكثون مرة بعد أخرى، ولم تستقر الأوضاع نهائيًا إلا في عهد الوليد بن عبد الملك.
(1) ممالك ما وراء النهر/د. عبد الهادي شعيرة، ص 206.
الخوارج:-
هم الذين أجبروا عليًّا على وقف القتال في صفين لتحكيم القرآن، ثم رفضوا التحكيم، فخرجوا على عليٍّ في حروراء، وأفسدوا في الأرض فأبادهم علي في معركة النهروان، وبقي منهم الكثير في جيشه. وقد تمكن أحدهم من قتل علي رضي الله عنه.
في عهد معاوية قامت لهم عدة ثورات في الكوفة والبصرة، فقُضِيَ عليها، وكان والي البصرة زياد بن أبيه وابنه عبيد الله شديدين جدًا عليهم.
والخوارج بدو أجلاف، شديدو الإيمان، شديدو البأس، يرون أن الناس اثنين مؤمن وكافر، فمن رأى رأيهم مؤمن، ومن خالفه كافر، ورموا عثمان وعليًّا ومعاوية بالكفر، فهم حاربوا كل من ليس من جماعتهم، واستباحوا دماء المسلمين، وتسببوا في الكثير من الويلات. ويلاحظ أن أزهي انتصاراتهم كانت خلال عهد الدولة الأموية. وأهم فرقهم الأزارقة، النجدات، الإباضية، العجاردة، والصفرية (1).
* * *
بيعة يزيد
أخذ معاوية البيعة لابنه يزيد في حياته، فكان أول خليفة مسلم يفعل ذلك، وكان أهم من عارضه من الصحابة الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر، وواجهته مصاعب جمة ومشاكل
(1) الملل والنحل/الشهرستاني.