المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة الإمام محمد الخضر حسين - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١٢/ ٢

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(24)«السَّعَادَةُ العُظمَى»

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌التّقاريض

- ‌المباحِث العلميّة

- ‌الاعتصامُ بالشّريعة

- ‌الأخذ بالقول الرّاجح

- ‌براءة القرآن مِنَ الشِّعِر

- ‌العمل والبطالة

- ‌حياة الأمّة

- ‌التّربية

- ‌التّقدم بالكتابة

- ‌مدنيّة الإسْلام والعلوم العصريّة

- ‌مدنيّة الإسلام والخطابة

- ‌كبر الهِمَّة

- ‌التّعاون والتّعاضد

- ‌الدّيانة والحريّة المطلقة

- ‌البدْعة

- ‌الزّمان والتّربية

- ‌الصّيام

- ‌الأحاديث الموضوعة

- ‌المباحث الأدبيّة

- ‌تقسيم الكلام بحسب أغراضه

- ‌الإبداع في فنون الكلام

- ‌الفصيح من الكلام

- ‌طرُق التّرقي في الكتابة

- ‌الشّعر العصْرىّ

- ‌الكلامُ الجامع

- ‌الأخلاق

- ‌الحياء

- ‌أبو بكر بن العرَبيّ

- ‌ترجمة القاضي أبا الوليد الباجيّ الأندلسيّ

- ‌منذر بن سعيد

- ‌تحقيق مسْألة تاريخيّةٍ

- ‌الأسئلة والأجوبة

- ‌عقد نكاح بين ذميين بشهادة مسلمين

- ‌كتابة القرآن بلفظه العربي بالأحرف الفرنسية

- ‌أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان

- ‌هل صوت المرأة عورة

- ‌جواز الاقتباس من القرآن في المقالات

- ‌قصة رتن الهندي

- ‌تقديم الإنسان اسمه على اسم المكتوب إليه

- ‌الطب النبوي

- ‌تلقين الميت لا إله إلا الله

- ‌الاستخارة بالقرآن

- ‌فتوى ابن العربي

- ‌وصول ثواب الذكر للميت

- ‌الخطبة الثانية في الجمعة

- ‌دخول ولد الزنى للجنة

- ‌كيف التخلص من البدع

- ‌الرؤيا والحكم الشرعي

- ‌جوائز التفوق في المسائل العلمية

- ‌إجزاء إخراج القيمة من الزكاة

- ‌حكم الرجل يقول لزوجته أنت طالق ليلة القدر

- ‌الصوم بخبر السلك البرقي

- ‌المستدرك من "السعادة العظمى

- ‌ استدراك

- ‌ التمدن

- ‌ وفاء ذمة

- ‌ تعليق

- ‌ وفاة عالم جليل

- ‌ إحياء سنّة

الفصل: ‌مقدمة الإمام محمد الخضر حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الإمام محمّد الخضر حسين

(1)

نتحرى باسمك اللهم أسلوباً حكيماً، ونضع لعارضة اليراع قسطاطاً مستقيماً، ونستفتح خزائن النعم، ونستمنح لطائف الحكم، بحمد تنفث فيه الأفئدة روح الاخلاص، وتسلك بصيغته الألسنة مسلك الاختصاص، ونصلِّي على مبدأ عقد الرسل ومنتهاه، وواسطته الذي لم يتمخض الكون بمثل محيَّاه، وعلى آله وأصحابه، القابضين على سننه وآدابه، وننشر بيد الاستعطاف ألوية الرضا، على من له في فهم مقاصد الشريعة اليد البيضا، أما من انفرد بمضيق في بنيّات الطريق، فزاع بالكلم عن مدلولها، وانتزع الفروع من غير أصولها، فإليك إيابه، وعليك حسابه.

أمّا بعد:

فإن العلم أساس ترفع عليه قواعد السعادة، ولا تنفتح كنوزه إلا بتدقيق النظر ممن تصدى للإفادة أو الاستفادة، وهاته مقدمة لا يؤود اللسان حفظها، ولا يكبر على صدف المسامع لفظها.

أما العقل الذي يقدر الأشياء حق قدرها، ويسير بمعيار التدبر والانصاف

(1) المقدمة التي افتتح بها الإمام مجلة "السعادة العظمى"، وقد استوفت جميع صفحات العددين الأول والثاني الصادرين بتاريخ 16 محرم 1322 هـ.

ص: 7

بعد غورها، فلا ينسج إلا على منوالها، ولا يرسم حركاته إلا على أشكالها، وباستفراغ الوسع بالسعي وراء نتائجها العظام، دبَّر أبناء نشأتنا الأولى شؤون العالم بأبدع نظام، انفلق أمامهم صبح المعارف والهداية، فاستنقذوا من عماية الجهالة وظلمات الغواية، ونبذت مداركهم الوقوف مع الظواهر ظهرياً، ونشبت بلبابها فاقتطفته من أفنانه غضاً طرياً، ولم تستفزهم نزعات الكسل إلى البطالة والخمول، أو تجمد بهم عن التصرف فيما أضافه الشارع إلى المعقول، ولم تطرقهم -وهم الأشداء- نكبات الضعف، ولم يساموا وهم الأعزة بسوء الهوان والخسف، واستنكفوا من أن تكون ألسنتهم مركزاً للهذيان، واشمأزوا من أن تصبحَ سرائرهم مغمزاً لأصابع الشيطان، وما برحوا يعملون على هاته الشاكلة، متعاضدين على تأييدها بالاتحاد والمشاكلة، إلى أن استحوذ الفشل على بعض النفوس المستضعفة، وانخدعت بدسائس ما زيَّنه من الأباطيل وزَخرفه، ومدَّ يده "رماها الله بالشلل"؛ لنقض شيء من عرى ذلك الاستحكام وقد فعل.

ومن ثم أزمع أبناء النشأة الآخرة، علاج تلك العلة الفاقرة، ومما تنافسوا في اتخاذه ذريعة لنجاح الأمنية، وتسابقوا إلى انتضاء غاربه فكان أسرع مطية، تدوين المجلات والجرائد، وترصيع عقودها بنفائس الفرائد.

وكثيراً ما ترصدنا فترة من العوائق لمسايرتهم بتحرير مجلة علمية أدبية، توفية ببعض حقوق دينية، ولم تهب رياح القدر مسعفة بفصالها إلا في هذا الإبان، فخطرت بأمر مليكنا الأسمى، ومطلع السعادة العظمى، من أحيا بشباب ملكه مجد الأمة، ورفع سمك ترقيها بأكمل تبصر وأفخم همة، وانشرح به صدر الإسلام، وابتهجت بطالعه الأسعد ثغور الأيام، حضرة مولانا وسيدنا

ص: 8

"محمد الهادي باشا باي" أطال الله أمد حياته كما أطال له برود الإسعاد، وفاضت على يد تدبيره ينابيع الصلاح والسداد، ولا برحت حدائق آماله مثمرة، ورياض أنسه بأنجاله الأكرمين مزهرة.

ولنتجاوز إثر هذا إلى صوغ سبيكة، تتجلى في مرآتها الأغراض التي تناط بها إرادة هاته المجلة فنقول:

تفاتح مطالعيها بمقالة تتخذ مظهراً لبعض مطالب تقتضيها المحافظة على حياة مجدنا القديم، ويتلوها باب نعده معرضاً لعيون مباحث علمية، ولا نريد إلا انتظامها في أسلاك ما هو التحقيق بما يتخللها من الأفكار السامية، ويقفوهما باب ثالث تُنشر فيه من الآداب ما يكون مرقاة للتقدم في صناعتي الشعر والكتابة لا ليتمتع بها عند المسامرة، ثم ترفض كأضغاث أحلام، ونقصُّ في هذا الباب من التاريخ أحسن القصص، وإن في ذلك لعبرة لأولي الألباب، ويتصل بذلك باب رابع يبحث فيه عن الأخلاق كيف ينحرف مزاجها، وبماذا يستقيم اعوجاجها، ويندرج تحت عنوانه الاستشراف إلى العوائد من خلال الشريعة، ويليها باب آخر للأسئلة والاقتراحات، ثم خاتمة عنوانها مسائل شتى.

ولنعطف عنان القلم قبل نشويه بأطراف المقاصد إلى الإفصاح عن ثلاث تلويحات، يزداد بها المنهج الذي نصرف إليه الوجهة اكتشافاً:

التلويح الأول: لا ينازع في شرف العلم إلا جاهل لم يضرب له مع أهله بسهم، ولكن ذلك الشرف لا يثبت له بشهادة الشارع إلا من جهة أنه يفيد عملاً مكلفاً به، وهذا منتزع من عدة مواضع من الشريعة، كالإعراض عن إجابة المسائل التي لا يتعلق بها تكليف، والنهي عن كثرة السؤال؛ لأنه

ص: 9

مظنة السؤال عما لا يفيد، وبهذا تقيد النصوص المطلقة الواردة في فضله، كقوله صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة".

وصرَّح بعض الكاتبين بأنه شريف لذاته، واستند في ذلك إلى أنه لذيذ في نفسه، إذ هو نوع من الاستيلاء على المعلوم، ومحبة الاستيلاء قد جُبلت عليها النفوس فيطلب لذاته، وهاته شبهة، والذي ينفض قتامها أن مجرد الاشتمال على اللذة لا يقتضي شرفاً من قبل أن تقام عليه شهادة من الشارع، وكأين من لذة تقع من الإنسان موقع الطيبات، والأحكام الشرعية تريه أنها من أفرد الخبائث، كالزنا وشرب الخمر وسائر وجوه الفسوق والمعاصي، ولا ينتقض ما عقدناه بأنَّا نجد من العلوم ما هو فضيلة مثاب عليها، كالعلم ببعض الأحكام التي لم يحدث في الخارج ما تنطبق عليه، لأنه مظنة الانتفاع عندما يوجد محله.

ويتفرع من هذا الأصل أن الخوض في المسائل التي لا يستنتج منها فائدة أو يستعان بها على ذلك الاستنتاج، ضرب من اللاغية وتعطيل للوقت النفيس من حلية الأعمال النافعة، ويلتحق بها في السقوط عن درجة الاعتبار الخلافات التي لا تنشق عن ثمرة، كاختلاف الأصوليين في مسألة هل كان عليه الصلاة والسلام قبل النبوءة متعبداً بشرع أم لا؟ ومسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا؟ ومسألة أمر المعدوم، وكاختلاف أهل العربية في مسألة اللهم، ومسألة أشياء، ومسألة اشتقاق الفعل من المصدر وغير ذلك.

ويجتنى من هذا الفرع أن هاته المجلة لا تنثر من كنانتها إلا ما يشمله نظر الشارع بعنايته.

ص: 10

ومن ههنا نتخلص بطريق وجيز إلى خلاصة العلوم التي تنطق هاته الصحائف ببدائها، وهو التلويح الثاني:

تتنوع هاته العلوم إلى نوعين:

الأول: ما دونه أهل الإسلام، وهو إما لبيان ألفاظ القرآن فعلم التفسير، أو ألفاظ السنّة فعلم الحديث، أو لإثبات ما يستفاد منها وهو: إما عن الأحكام الأصلية الاعتقادية فعلم الكلام، أو عن أحوال النفس فعلم الأخلاق، أو عن الأحكام الفرعية فعلم الفقه. ثم لا بد في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني يفيد العلم بكيفية هذا الاستنباط وهو أصول الفقه، أو ما دوّن لمدخليته في استخراج تلك المعاني من الكتاب والسنّة وهو علم الأدب، وينقسم على ما صرح به الأئمة إلى اثنى عشر علماً، منها أصول ومنها فروع، أما الأصول فالبحث فيها إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها وهو علم متن اللغة، أو من حيث صور هيئاتها وهو الصرف، أو من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية وهو علم الاشتقاق، وإما عن المركبات على الإطلاق فإما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية وهو النحو، أو باعتبار إفادتها معاني متغايرة الأصل وهو علم المعاني، أو باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح فعلم البيان، وإما عن المركبات الموزونة، فإما من حيث وزنها فعلم العروض، أو من حيث أواخر بقيتها فعلم القوافي، وأما الفروع فالبحث فيها إما أن يتعلق بنقوش الكتابة وهو علم الخط، أو يختض بالمنظوم وهو العلم المسمى بقرض الشعر، أو بالمنثور هو علم الإنشاء النثري من الرسائل والخطب، أو لا يختص بشيء منها وهو علم التاريخ والمحاضرات، وأما البديع فقد

ص: 11

جعلوه ذيلاً لعلم البلاغة.

النوع الثاني: ما دوّنه الفلاسفة كعلم المنطق والهندسة والعدد والطبيعة والطب والهيئة.

ولنلمع بعد أن انضبطت هاته العلوم بوجه إجمالي إلى استطلاعات يتطرق بها إلى أبوابها، وهي التلويح الثالث:

- الاستطلاع الأول:

لما استيقن الصحابة أن فهم القرآن مرتقى صعب لا يتسنمه كل نظر، انتهضوا يفتتحون باب تفسيره وتأويله، والعلماء بعدهم على آثارهم مقتدون؛ رعاية لجانب من لا يهتدي إلى ذلك سبيلا، أما من تبحر في أصول الشريعة وفروعها، وبرع في الصناعة العربية بأنواعها، وتوفر له بذلك وجدان يدرك به كنه الإعجاز، فما كان ينبغي له الإقامة تحت قيد الحجر عالة على غيره، وروي عن ابن عباس أنه قال:"إن في القرآن علماً لا يسع أحداً جهله، علماً تعرفه العرب، وعلماً تعرفه العلماء، وعلماً لا يعرفه إلا الله".

وهذا تقسيم للقرآن بحسب انقسام الناس فيه، فمنهم المقصر الذي لا يعلم إلا البيِّن، ومنهم الفصيح الذي لا يخفى عليه قصد المتكلم من تفسير الألفاظ ومقاطع الكلام، فيختص بمعاني خفية دون الأول:

ولكنْ تأخذ الأفهامُ منه

على حسب القرائح والفهومِ

وحديث "من تكلم في القرآن بغير علم فقد أخطأ وإن أصاب"، معناه صحيح، وإن لم يصح سنده، وذلك بتخريجه على من تكلم في المشكل وهو لا يجد إليه سبيلاً مما يرجع إليه في تفسير ألفاظه.

ص: 12

ويشترط لفهمه أن يكون مطابقاً لما تقتضيه قوانين اللغة العربية انطباقاً مَحكماً لورود القرآن على أساليبها، بحيث لا يقتبس من مشكاة أنواره إلا ما يفهمه بلغاء العرب الذين نزل في عصرهم، ولا يكن في صدرك حرج من أن الصحابة كانوا على علو كعبهم في الفصاحة، وذلك كثيراً ما يرجعون إليه عليه الصلاة والسلام بالسؤال عن أشياء لم تصل إليها أفهامهم، بل ربما التبس عليهم الحال ففهموا غير المراد، كما وقع لبعضهم في الخيط الأبيض والأسود، لأن عدم توصلهم لفهم تلك الآيات، لم يكن ناشئاً عن استعمالها في غير المعاني المعهودة عندهم، أو على غير النمط المتداول بينهم، وإنما منشؤه الإبهام أو العموم أو الإطلاق، وهاته الطرق يرتكبها فصحاء العرب، فتحتاج إلى بيان أو تخصيص أو تقييد، وأما الاشتباه الذي وقع لعدي بن حاتم فلعدم اهتدائه لقرينة ذلك المجاز، يشهد لذلك ما أجابه به عليه الصلاة والسلام.

وقد انجر الغلو ببعضهم في تفهم قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38} {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، فأضافوا إليه كل علم للمتقدمين أو المتأخرين، حتى أهل المعمى والألغاز لم يتركوا حظهم، فقالوا في قوله تعالى:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] ما يمجه السمع ويتبرأ منه العقل، سبحانك هذا بهتان عظيم.

والمراد بالشيء في الآيتين على ما قاله المحققون، ما يتعلق بحال التكليف، وحمل الكتاب في الآية الأولى على اللوح المحفوظ وما هو من سياق الآية ببعيد.

وإذا تحقق هذا الأصل الأصيل، فإنا نجعله مركزاً لدائرة هذا الفن،

ص: 13

فلا نتقدم للخوض في عبابه إلا بعد الاعتصام به.

- الاستطلاع الثاني:

كان للسابقين الأولين توفر رغبة في رواية حديثه عليه الصلاة والسلام، حتى كان أحدهم لشدة اعتنائه بذلك يقطع المراحل الشاسعة، ويجوز المفاوز المتسعة، غير مكترث مما يتجشمه من العناء في طلب حديث واحد يسمعه من روايه:

وكنتُ إذا ما جئتُ سعدى أزورها

أرى الأرض تُطوى لي ويدنو بعيدها

ولما قلَّ الضبط والتحري من الرواة "وما آفة الأخبار إلا رواتها" اشتدت الحاجة إلى تدوينه محافظة على ما فيه منافع للناس، من أهمها تبيينه لهم ما أنزل إليهم، واختلف أول ما صنف في الإسلام، قيل:"كتاب ابن جريج"، وقيل:"موطأ مالك بن أنس"، وقيل: إن أول من صنف وبوَّب، الربيع بن صبيح بالبصرة.

ومن أهل هذا الشأن من قصر همته على تدوين الحديث مطلقاً؛ ليحفظ لفظه، ويفهم معناه، كما فعل "عبد الله بن موسى الضبي" وغيره، ومنهم من أثبت الأحاديث من مسانيد رواتها، فيذكر مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويثبت فيه كل ما رووه عنه، ثم يذكر الصحابة واحداً بعد واحد على هذا النسق، وهاته طريق "أحمد بن حنبل" وجماعة اقتفوا أثره في ذلك، ومنهم من يثبت الأحاديث في الأماكن التي هي دليل عليها، فيضعون لكل حديث باباً يختص به، فإن كان في معنى الصلاة ذكروه في باب الصلاة، وإن كان في معنى الزكاة ذكروه فيها، كما فعل "مالك بن أنس" في "الموطأ" ثم اقتدى من بعده.

ص: 14

- الاستطلاع الثالث:

كانت العقائد في صدر الإسلام متمكنة تمكناً لا تزلزله الشبهات، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، إلى أن خرجت طائفة من المبتدعة الضالين يبتغون الفتنة باتباع المتشابهات، وقام في وجوههم العلماء الراسخون يعلمونهم تأويلها، وكلما أوقدوا ناراً للفتنة أطفؤوها بأفواه الحجج القاطعة، ولما لم ينقطع ما في قلوبهم من الزيغ الذي هو مثار تلك الفتن، دوَّن أولئك العلماء علماً يُقتدر به على إثبات العقائد، وهاته العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليُعتد بها.

ومما يوجد في طوالع الكتب المؤلفة في هذا الفن، أنَّ أرفع العلوم الدينية ورئيسها علم الكلام، ووجهه أن المفسّر إنما يبحث عن معنى كلام الله تعالى، وذلك فرع على وجود الصانع المختار المتكلم، وأما المحدِّث فإنما يبحث عن كلام رسول الله وذلك فرع التوحيد والنبوة، إلا أنه مرؤوس لعلم التفسير من جهة أخرى، وهو ما أشرنا إليه من أن تلك العقائد لا يُعتد بها إلا إذا أخذت من الشرع الذي أصله الكتاب، وعلى هذا صنيع القاضي البيضاوي حيث قال:"علم التفسير رئيس العلوم الدينية ورأسها".

- الاستطلاع الرابع:

كانت العرب على جانب من التعلق بمكارم الأخلاق، ولعقلائهم عناية كبرى بالشجاعة والوفاء بالعهد والكرم، ومن طالع أشعارهم الحماسية، وتردد في بيوتها ينخل من معظمها إلى هاته الأوصاف الثلاثة، إلا أنهم أُشربوا في قلوبهم غِلظة وفي ألسنتهم فظاظة، وكلٌ يسعى وراء داعية هواه، ولذلك كانت الحروب بينهم ناشبة أظفارها، حاملة على الدوام والاستمرار أوزارها، ولما

ص: 15

تنفس صبح الشريعة المحمدية، أخذت تنزع من نفوسهم ما استغلظ فيها من الرذائل، وتطبع فيها ما تتحلى به من الفضائل، وذلك أول ما خوطبوا به، وأكثر ما تجده في السور المكية، كقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النحل: 90] الآية. وقوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الأنعام: 151]. وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32]. وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} {الأعراف: 33] إلى غير ذلك من الآيات، وابتدئت المخاطبة في هذا النوع بما كان مألوفاً عندهم قريباً لعقولهم، حتى تمكنوا منه ورسخوا فيه، ثم خاطبهم بما كانوا يظنونه صلاحاً ولا يُعقل معناه من أول وهلة، كتحريم الخمر والميسر والربا وهو من آخر ما حُرِّم، والحكمة الغرّاء في ابتداهم بهذا النوع، إيناسهم بما يعهدونه في الجملة ويتمدحون به وهو من بديع السياسة، ولأن الأعمال الصالحة لا تقام إلا على تزكية النفس وطهارتها، يحقق لنا هذا قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا} [الأعراف: 58]، كما أن أضدادها لا تصدر إلا عن خبث ضربت عليه السريرة {وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا} [الأعراف: 58].

وإذا كان في الأنابيب حيف

وقع الطيش في صدور الصعاد

وإذا نظر الإنسان نظرة أخرى، يجد ملاك الفضائل كلها إنما هو إشراق العقل، ويقع التفاوت فيها بحسب ذلك قوة وضعفاً، والذي يستوقده التعليم ينبئنا على هذا تقديمه على التزكية في قوله تعالى:{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 129]، ومن أعار هذا الموضوع نظرة ثالثة استقبل منه

ص: 16

ما استدبر على غيره، وهو أن الأخلاق ليست كلها طبيعية، ولو كانت كذلك لرُفضت السياسات، وتُرك الناس همجاً، ولتُرك الأحداث والصبيان إلى ما تُلقيهم إليه قذفات الصدفة، ولعلنا نزيد هذا المبحث بسطة فيما يستقبل، والنظر إلى هذا المطلب من خلال الشريعة أقرب للإصابة لأنها مما أتقنت صنعه، وأحكمت بيانه.

- الاستطلاع الخامس:

القصد من التشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية على وجه يستقيم به نظامها، وهذا يستدعي إرشاد المكلفين إلى حكم كل ما عسى أن يُعرض لهم من الوقائع، ومن ثم أخذت الشريعة بالاحتياط الكافي لتعميم الأحكام، فنصت على بعض الجزئيات؛ ليقاس عليها ما يشاركها في علل أحكامها، وأفصحت عن كليات يدخل تحت ظلها سائر ما لم يُفصَّل حكمه تفصيلاً، ولوَّحت بذلك إلى أنظار المجتهدين، فبذلوا أقصى ما عندهم من الاستطاعة في استخراج الفروع من أدلتها، وأفردوها بالتدوين، وعلقوا عليها اسم الفقه؛ ليسهل تناولها على من لم يصل إلى درجة الاجتهاد، أما من استكمل شروطه المقررة في الأصول، فلا يسوغ له المقام في حوزة التقليد، ودعوى أن باب الاجتهاد مغلق لا تُسمع إلا بدليل ينسخ الأدلة التي انفتح بها أولاً.

- الاستطلاع السادس:

بعد أن قضى العلماء حق الاستدلال عن الأحكام الفرعية بأدلتها، الكتاب، والسنّة، والإجماع، والقياس، استأنفوا الالتفات إلى كيفية ذلك الاستدلال، فانكشفت قضايا كلية تتعلق بكيفية الاستدلال، فدوّنوها وأضافوا إليه من اللواحق وسمّوا العلم المتعلق بها أصول الفقه، وأول من

ص: 17

صنف فيه الإمام الشافعي.

- الاستطلاع السابع:

من العلل التي طرأت على الألفاظ العربية استعمالها في غير ما وضعت، وهو من أتعس الذرائع للجهل بالقرآن والحديث، ولما انتبه لذلك عظماء الإسلام صرفوا هممهم في استيعاب الموضوعات اللغوية، وواصلوا فيها الدواوين، وهي موضوعة على أسلوبين، لأن من الناس من يذهب من جانب اللفظ إلى المعنى بأن يسمع لفظاً ويطلب معناه، ومنهم من يذهب من جانب المعنى إلى اللفظ، ولكل من الطريقين وضعوا كتباً ليصل كل إلى مبتغاه، فمن وضع بالاعتبار الأول فطريقه ترتيب حروف التهجي، إما باعتبار أواخرها أبواباً وأوائلها فصولاً، كما اختاره "الجوهري في الصحاح"، و"مجد الدين في القاموس"، وإما بالعكس، كما اختاره "ابن فارس في المجمل"، ومن وضع بالاعتبار الثاني فطريقه أن يجمع الأجناس بحسب المعاني، ويجعل لكل جنس باباً، كما اختاره "الزمخشري في قسم الأسماء من مقدمة الأدب".

وقد اطلع أرباب هاته الصناعة على مأخذ عزيز، وهو أنهم وجدوا بعض الألفاظ عامة باعتبار وضعها خاصة بحسب استعمالها، ومعرفة الوضع في هذا النوع غير كافية، بل لا بدَّ من العلم بموارد الاستعمال، فتتبعوا ما كان من الألفاظ بهاته المثابة وأفردوها بالتدوين، وهو المسمّى "بفقه اللغة"، وهو من أكد ما يحيط به الكاتب والشاعر خبراً كي لا يُحرِّف الكلم عن مواضع استعماله.

- الاستطلاع الثامن:

كانت اللغة العربية في صدر الإسلام آخذة من الاعتدال والاستقامة

ص: 18

هيئتها الأولى، وفي آخر عهد الصحابة ألمَّ بمزاجها بعض انحراف نشأ من دورانها على ألسنة لم تتعودها منذ النشأة، فأوجسوا خيفة من سريان تلك العلة إلى جميع الألسنة، فتجتث اللغة من أصولها، وتنغلق عند ذلك أبواب فهم الكتاب والسنّة، فدونوا علم النحو، ولهذا السبب نفسه دونوا علم الصرف أيضاً، وما روي من قول سيدنا عثمان أن في القرآن لحناً وستقيِّمه العرب بألسنتها فغير ثابت نقلاً، ومستحيل عقلاً وشرعاً، والدليل على ما نقوله أن الاشتمال على اللحن إن ادعي أنه ثابت للقرآن حال نزوله، طعن في نحر هذه الدعوى قوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]، وإن ادعي أن بعض القارئين لم يتله حق تلاوته، رد بأن الصحابة لا يقع منهم اللحن في الكلام فضلاً عن القرآن، وعلى فرض وقوعه فكيف يُظن بعثمان عدم تغييره؟ وكيف يتركه لتقيِّمه العرب؟ وأصل الرواية لمَّا فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال:"أحسنتم وأجملتم، أرى شيئاً سنقيِّمه بألسنتنا"، وهذا لا إشكال فيه لأنه عُرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى في رسمه ما لا ينطبق على التلفظ به.

- الاستطلاع التاسع:

لما تحصحص بالبرهان الفصل أن القرآن معجز، أخذ العلماء يتفحصون الجهة التي وقع بها الاعجاز، والذي تخلص للجمهور أن عجز العرب عن معارضته لبلوغه الغاية القصوى في البلاغة، وحيث كان الكشف عن ماهيتها وتلخيص فروعها من أصولها لا يهتدي إليه كل عارف بأوضاع اللغة، أنشأت طائفة من ذوي الفِطَر السليمة تدقق النظر في كل كلام توسمت فيه أمارات البلاغة، حتى استئارت بذلك دقائق عجيبة ولطائف بديعة، انتظمت منها

ص: 19

أصول يُدرك العارف بها أن الكتاب العزيز له السابقية في هاته الحلبة، وصارت بهاته الجهة من العلوم الدينية، واشتغل بها طائفة من أهل هذا الشأن، وأولهم:"الشيخ عبد القاهر"، وبحسب اختلاف جهات البحث رتبوها على ثلاثة فنون:

فن يبحث عن المركَّبات من حيث تختلف صورها لاختلاف الأغراض منها، وسمّوه فن المعاني، وفن يبحث عن الألفاظ من حيث كونها مستعملة في معانيها التي وضعت لها، أو فيما يناسبها اعتماداً على المناسبات، وسموه فن البيان، وفن يبحث عن أحوال تُعرض للكلام فتكسبه حسناً، وسموه البديع، ولغموض مسائل العلمين الأولين، عظمت العناية بهما عندنا بالحاضرة دون الفن الثالث؛ لسهولة مأخذه، عكس ما كان عليه أهل المغرب لعهد "ابن خلدون".

- الاستطلاع العاشر:

ينقسم الكلام العربي إلى نوعين:

الأول النثر: وهو ضربان: سجع وهو الذي يؤتى به قطعاً، ويلتزم في كل كلمتين منه قافية واحدة، ولا يستحسن إيراده في مثل المخاطبات الإدارية والتحريرات العلمية إلا إذا أرسلته المَلَكة إرسالاً من غير تعسف، ومُرسَل وهو ما يطلق فيه الكلام إطلاقاً من غير تقييد بقافية. والعلم بصياغة هذين الضربين يسمّى بفن الكتابة وصناعة الإنشاء، ومما ينبهنا على شرفها، ما ناله أهلها من الرفعة ونباهة الذكر، "كالربيع والفضل ابنه"، و"بني برمك يحيى وابناه الفضل وجعفر"، و"بني الفرات" وغيرهم في الدولة العباسية، والأستاذ "ابن العميد"، و"الصاحب بن عباد"، وغيرهما في سلطنة بني بويه،

ص: 20

و"عبد الرحيم المشهور بالقاضي الفاضل"، و"العماد الأصبهاني" في سلطنة بني أيوب، و"ابن زيدون ولسان الدين بالمغرب"، و"عبد الحميد بن يحيى" كاتب مروان آخر ملوك دولة بني أمية، إلا أنه أطال النفس في الكلام، وزاد في المقاصد زيادة يخرج الكلام عن حد الإفادة، بحيث إذا ورد الكتاب على مأمور ينفذه، قال لكاتبه:"خذ هذا الكتاب واقرأه، وتأمل ما فيه، واستخرج لي غرضه"، فيتعب الكاتب في ذلك حتى يلخص عبارة وجيزة تتضمن المقصود، وتكون هي روح الكتاب، ويكون الباقي بمنزلة اللغو، وينقل عن "جعفر بن يحيى" أنه كان يقول لكتّابه:"إن استطعتم أن تجعلوا كتبكم كلها توقيعات فافعلوا"، والتوقيع هو ما يكتبه الكاتب عن السلطان فمن دونه من أولي الأمر في أواخر الكتاب مما يريد المكتوب عنه إجراءه، ويكون ذلك بعبارات مختصرة، وافية بالغرض، متمكنة في باب البلاغة، وكان الناس يطلبون توقيعات "جعفر بن يحيى"، حتى قيل:"إن الورقة من كتبه ربما اشتريت بدينار".

- الاستطلاع الحادي عشر:

النوع الثاني الشعر، وهو كلام مفصل قِطَعاً متساوية في الوزن، متحدة في الحرف الأخير، وله مباحث شتى، وليس من الغرض الآن الانطلاق إليها، فإن ظلها لغرة هذه المجلة غير ظليل، وخلاصة ما نقوله الآن: إن دراسة شعر العرب يُتَذرع بها إلى فهم نظم القرآن وأقوال النبي عليه الصلاة والسلام، فعدُّها من الدين ضربة لازب، وأما إنشاؤه فمع إحكام وضعه وانتفاء مواده التي يجب تحته منها فحلية للعلماء وزينة للأدباء، ومن تعاطاه لفضيلته لم يوحشه كساده.

ص: 21

- الاستطلاع الثاني عشر:

لما انتهت الخلافة إلى بني العباس، كان أول من عُني منهم بالعلوم "الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور"، فبعث إلى ملك الروم أن يبعث إليه بكتب التعليم مترجمة، فبعث إليه بكتاب إقليدس وبعض كتب الطبيعيات، ولما أفضت الخلافة إلى السابع "عبد الله المامون"، تمم ما بدأ به جدُّه، فداخل ملوك الروم وسألهم وصله ما لديهم من كتب الفلاسفة، فأرسلوا إليه ما حضرهم من كتب "أفلاطون" و"أرسطو" و"بقراط" و"جليانوس" و"إقليدس" و"بطليموس" وغيرهم، وأحضر مهرة المترجمين فترجموا له على غاية ما أمكن، ثم كلف الناس قراءتها ابتغاء الانتفاع بها من حيث العلم والعمل.

ومن فروعها علم الطبيعة والمنطق والهيئة والطب والهندسة والعدد، ولقد بالغ بعض المفسرين في نسبته الجهل للعرب بهذا العلم الأخير، حتى ذكره نكتة للتصريح بالعشرة في قوله تعالى:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196]، وسنأتي على ما يخص هاته العلوم الفلسفية في فصل يستقل بها، نتصدى فيه لييان فوائدها مع تحرير المقدار الذي يجب الانتهاء إليه. هذا ونقدم لحضرة كل عالم نحرير، أو ألمعي مهذب، أو أديب بارع، ممن كتب على نفسه مراقبة أحوال جنسه العمومية، أن هاته المجلة مستعدة لقبول كل ما يرد عليها من الرسائل المنقحة، التي تنطبق على المنهج الذي كنا بصدد تسويته، ولا أخاله إلا صراطاً سوياً، ونؤمِّل من عواطف هؤلاء الفضلاء، أن ينظروا إلى ما تنطوي عليه صحائف هاته المجلة كيفما صدرت نظر بحث وانتقاد، وإن عثروا على نوع ما من الخلل جاهرونا به، ولا نتلقاه إلا بفساحة الصدر وغاية الارتياح،

ص: 22

بل ربما استدللنا بذلك على نجاح المسعى، ومن انسدت أمامه طرق الاذعان إلى الحق عميت عليه أنباء التحقيق.

* استدراك:

من مقاصد هاته المجلة التعرض لما تتداوله الألسنة وتتناقله الأقلام من الأحاديث الموضوعة، قال أبو بكر بن العربي:"إن ناقلها عن غير ثقة من غير أن يبين وضعها، يشمله وعيد قوله عليه الصلاة والسلام: "من كذَّب عليَّ

" الحديث. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

محمّد الخضر حسين

16 محرم 1322 هـ

ص: 23