الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التّقاريض
العلامة الشيخ محمد النخلي - العالم الشيخ عبد العزيز المسعودي - العلامة المحقق الشيخ محمد الطاهر بن عاشور - العلامة الشيخ محمد الصادق المحرزي - العالم محمد الحشايشي الشريف - الأديب السيد محمد الكامل ابن عزّوز - العالم الشيخ إدريس بن محفوظ الشريف - الأديب صالح سويسي - الشيخ محمد شاكر - العالم الشيخ محمد العروسي السهيلي الشريف - العلامة الشيخ محمد بن سالم الأكودي - العالم الشيخ علي بن رمضان - العالم الشيخ علي السنوسي - السيد محسن زكرياء - السيد محمد العزيز الشيخ - الشيخ الأمين بوعلاّق - الأديب السيد محمد المذكور بن الصادق - الأديب الشيخ العربي الكبَّادي - العالم الشيخ محمد بن مصطفى زروق - السيد محمد الطاهر بودربالة - العلامة القدوة الشيخ محمد المكي بن عزّوز - الشيخ عبد الحفيظ القاري - الشيخ صالح صفر - السيد أحمد بن سليمان.
- منها ما صاغه العلامة، الفهامة، الماجد، الشيخ السيد محمد النخلي، أحد أعيان المدرسين بالجامع الأعظم، ونصه (1):
أيها الفاضل البارع، النازع بهمته السامية إلى أرقى المنازع، بعد تحية
(1) العدد الثالث - الصادر في غرة صفر 1322.
يعبق من نشرها الورد، بما انطوى في ردنها من الود، فقد جاءتني ونعم المجيء، جاءت سعادتكم العظمى، التي هي سعادتنا العظمى، وما شاء الله فقد رميت وأبعدت المرمى، سبحان الله ما أسبك ذلك التحرير، وما أبرع ذلك التقرير، فقد وجب أن يكتب بالنضير، على ورق الحرير، وقصارى ما أقول، كثَّر الله من أمثال حضرتك، وأبدر هلال مجلتك:
مجلتكم جلَّت وأسعدها السعدُ
…
وحازتْ فخار العلم والشاهد النقد
ومنيتنا القصوى ابتدار هلالها
…
إلى قنة الإبدار كي يكمل القصد
إذا شرَّف الموضوع مقصد عاقل
…
فذي بعلوم الدين تشريفها يبدو
وخاتمة الدعوى نجاح مقاصد
…
لفاتحة الأعمال يا أيها الود
- ومنها ما جادت به قريحة العالم الأبرع، الماجد الشيخ السيد عبد العزيز المسعودي، أحد الكتبة بالوزارة الكبرى، ونصه (1):
الصديق الأعز منشئ "السعادة العظمى" الشيخ السيد محمد الخضر ابن الحسين.
سنا بارق الإقبال في أفق القطر
…
يعنون عن معنى كمال ذوي العصرِ
ولستَ ترى غير الصحائف آية
…
تُقام على صدق المقال لذي فكر
ولا سيما إن شخصت في مسارح
…
من القول تحقيقاً يبين لمن يدري
تشير لأسباب التقدم في الورى
…
وتبعث روح الفخر في الرجل الحرِّ
وتضرب في الإبداع ما إن تنوعت
…
وفي كل ما تبديه مُستجلِب الشكر
(1) العدد الثالث - الصادر في غرة صفر 1322.
فإنْ رفع الأستارفيها ممثِلٌ
…
لشيء من الأخبار كنتَ على خبر
وإن ذُكرت فيها التراجم ربما
…
رأيتَ وجوه القوم تبدو من السطر
وخُيِّلتَ أن اللفظ ينطق بعد ما
…
فنى موجد الإفصاح وهو من النشر
وإن جاب ميدان الفنون مديرها
…
وقام بذكر العلم حدِّث عن البحر
وأنت أيا منشي السعادة بيننا
…
ويا رائد الإسعاد والنجح والظفر
دريتَ دواء الجهل غبَّ تبصر
…
فجئتَ به للقوم في مظهر الذكر
وخبرتَ ماهم والنصيحة إن جرت
…
وحالهم في العلم والذوق والفكر
فأبرزتَ مرآة الصحيفة هادياً
…
ليرقى مريدُ الخير في مرتقى الفخر
فلله أنتَ من عليم سَمَيْدَعٍ
…
ولله أنتَ من أديب ومن حرِّ
ولا فُضَّ فو تلك المجلة بعد ما
…
تبسم عن مثل العقود من الدر
ولا زال منشيها العزيز مؤيداً
…
يقابَل بالإقبال مع سعة العمر
- ومنها ما حرره العلامة المحقق، صفوة الخير، الشيخ السيد محمد الطاهر ابن عاشور، أحد أعيان المدرسين بالجامع الأعظم (1):
إلى العلامة النحرير، صديقي السيد منشيء مجلة "السعادة العظمى" أيده الله تعالى، سلام وتحية وإجلال، كما يليق بذي قلم سعى بصريره في تقويم الأمة، وتأييد شرعة الحق، وأطلع لأهل لغتنا العربية شمساً طالما حجبها دونهم سحاب مركوم، وأعقب نهارها ليل عطَّل سماءه أفول البدر وإدبار النجوم.
(1) العدد الثالث - الصادر في غرة صفر 1322.
أما بعد:
ما سكنت هواجسي، ولا اختلف إدراكي، بأن كنه حياة الأمم ونفثة روح استفاقتها من سنة الجهالة وفساد الأخلاق، ليس غير بث الفضيلة وإيقاظ العيون إلى الواجبات والحاجات الأولية بعد حيرتها في ظلمات الشبهات التي غشيت أبصارها، وخيلت لها جميع ما يحيط بمركزها مهاوي تتوقع السقوط إلى قعرها، فلا ريبة أنها إن أشرقت عليها أنوار التيقظ أضاءت لها الأرجاء، فتقدمت نحو غايتها بخطى واسعة فما وصولها إليها بعد بعزيز.
أما إن ذهبتُ أفكر كيف يكون إيصال هذا المعنى إلى أمة كاملة، وأي لسان يُسمعها إن ناداها، وهي تملأ من الكون فضاء رحباً، وتختلف في الشرب الخلاف الذى صيَّر جميعها صعباً، فإني لا أجيد خليقاً بذلك غير لسانين: لسان التعليم (وإنه للسان حكيم)، لكنه يشتمل على عقدة ربما لا تجعله نافعاً في ذكرى الذاهلين وعظة المسرفين، ولسان النشرات العلمية التهذيبية تموج صدى صوته تجاويف حروف الطبع، فيخترق آذاناً طالما تصاممت عن عظة الواعظين، ويبلغ إلى قلوب غرق بها منام الحالمين، فلا تسل بعد عنها، وقد أشرقت عليها أنوار المعارف، كيف تنهض إلى سماء حقائق الأشياء فتصافح أفلاكها، فإن عجزت عن إدارتها لا تعدم نقد حركاتها.
ثم ما زلت راجياً أن أرى منّا ناهضاً يحمى لهاته الأمة فخاراً، ويقول لأهلها:{امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} [القصص: 29]، فهذا رجائي قد أسفر عن مجلتكم العظمى، وعسى أن يقارنها من تعضيد المؤازرين ما تحقق به الآمال،
وسيكون إن شاء الله من اسمها للأمة أصدق فال. لكنك ستجد في صنيعك هذا ألسناً شاجرة، وصدوراً ثائرة، وعيوناً متغامزة، كما وجد الناهضون من قبلك، فإن استطعت أن لا تزيدك أراجيفهم إلا معرفة بكر نفسك، وتصميماً على غاية فكرك، ولهواً عن قولهم، فإنهم حاسدون، ويأساً من نصرتهم فأولئك هم الخاذلون، ولتكن استعانتك وتوكلك على من كفل الهداية إلى الصراط المستقيم، فسيكفيهم الله وهو السميع العليم، وإليك تحية صديق مخلص، ونصير مؤازر.
- ومنها ما أنشأه العلامة الدرّاكة، الماجد، الشيخ السيد محمد الصادق المحرزي، أحد أعيان المدرسين بالجامع الأعظم، ونصه (1):
يا صاحب القلم الذي
…
فَصْلُ الخطاب غدا مداده
وافتني منك مجلة
…
جاءت على وفق الإرادة
علمية أدبية
…
تختال في حلل الإفادة
فعسى توشحها بما
…
في نشره نيل السعادة
فيحق قول مؤرخ
…
هي السعادة في السعادة
- ومنها ما سبك نظامه الفاضل، العالم، الماجد، الشيخ السيد محمد الحشايشي الشريف، متفقد خزائن الكتب بالجامع الأعظم، ونصه (1):
تشرفتُ باستطلاع فكركم الأسمى
…
وما ذاك إلا الدر ترسمه رسما
تطوقت الأعناق من سمط نظمه
…
فأكرِمْ به ذخراً، وأعظم به علما
(1) العدد الثالث - الصادر في غرة صفر 1322.
وقد شنّف الأَسماع منا وقد غدا
…
يزيل عن الألباب من نوره الرسما
إليك (أبا عبد الاله)(1) محمداً
…
شهادة عبد قاصر صاغها نظما
مجلتكم روض من العلم يانع
…
سترقى بفضل الله أغصانه النجما
وماذا أقول في مجلة فاضل
…
حوت من صنوف العلم ما نوَّر الفهما
وقد خلصت من كل بدعة زائغ
…
فحقاً بأن تُدعى سعادتنا العظمى
ومن لم يشارك في السعادة قاصر
…
على نيلها فاسعد ودم جهبذاً قرما
- ومنها ما أنشأه الأديب، البارع، الماجد، السيد محمد الكامل بن عزّوز، ونصه (2):
بدت تختال في بُرْد السعادة
…
وزفت والقبول لها قلادة
مجلة بارع فهدى سناها
…
يضيء الفكر إذ يوري زناده
رَقَتْ في دوحة العليا فأضحت
…
يُقِرُّ بفضلها أهل المجادة
فيابن الأكرمين أصبت مرمى
…
وحزت السبق في تلك الإرادة
كمال جنابك السامي حريٌ
…
بأن يجري بحلبتها جياده
وخضتَ بها علوماً لا تُجارى
…
فكان بها عظيم الاستفادة
وإنك قد زرعت خصال خير
…
لما ستنال في الأخرى حصاده
خدمتَ بها بني الوطن المعلَّا
…
ليجني من تفننها إفادة
وأقرب ما يكون النجح يوماً
…
إذا ما العلم أصبح في زيادة
(1) أبو عبد الله: لقب الإمام محمد الخضر حسين.
(2)
العدد الثالث - الصادر في غرة صفر 1322.
ولما أشرقت في الكون أرِّخ
…
بدا في تونس نهج السعادة
- ومنها ما جادت به همة الهمام الأمجد، الأبرع، الأعز، السيد محمد بوسن، رئيس مجلس عدلية الكاف، ونصه (1):
أتشرف بأن أنهي لمجادتكم أيها الجهبذ المفضال كامل التهاني الودية، الصادرة عن إحساسات خالصة قلبية، ببزوغ شمس مجلتكم "السعادة العظمى" الفيحاء البهية، في أفق سماء حاضرتنا المحمية، والشمس عن مدح المادح غنية، ولعمر الحق إنها مجلة جلَّت عن النظير، وتجلت بوجه مشرق نضير، فقوبلت من الخاص والعام، بما يليق بحسنها وبهائها من جزيل التبجيل والإكرام، مرموقة من جميعهم بأعين الإجلال والإعظام، والمسؤول من فيض نوال الملك العلَّام، أن ينيل من فوائدها ومباحثها المهمة المسلمين والإسلام، بحق نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام.
- ومنها ما تفضل به العالم الدرّاكة، الماجد، الشيخ السيد إدريس بن محفوظ الشريف، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم (1).
زهر المعارف بالرياض المزهر
…
قد لاح يخطو في الجمال الأفخرِ
يُجلى بدست مجلة قد أسفرت
…
تفترُّ عن ثغر عقيق جوهر
تزري بكل مليحة في حسنها
…
سحرت عقولاً بالبديع المبهر
برزتْ مجلات بنعت فائق
…
عظمى سعادتها لنيل المفخر
جمعت فوائدَ من فنونِ عوارفٍ
…
قد رامها مَنْ خاض كل الأبحر
(1) العدد الرابع - الصادر في 16 صفر 1322.
وحوتْ من الدُّر النفيس لطائفاً
…
ومن المعاني رائق المستندر
خفقتْ لها رايات فضلٍ نفعها
…
يعلو على رغم الحسود المنكر
يا فوز من أضحى سمير حديثها
…
يشفى بلطف في مذاق السكر
من ذا الذي يحكي نسيج برودها
…
فاقت طراز السندسي العبقري
لله ما أسنى مقاصدها التي
…
جرّت ذيول محاسن المتبختر
كلّا فما تلك المقاصد رامها
…
غير العليم الأوحد المتبصر
ذاك الجليل "محمد الخضر" الذي
…
من أشرف البيت الكريم المعشر
نجل الحسين العارف الأسمى ومن
…
هو منهل أحيا طريق الأزهر
شهم ترقى في معارج مجده
…
كل الفضائل نالها بالأوفر
أما شمائله ونفحة علمه
…
بين الحديقة والغمام الممطر
أكرِمْ به حَسَباً زكا وبأصله
…
نسباً شريفاً مثل صبح مقمر
من بضعة المختار أكرم مرسَل
…
فبكل مكرمة فذاك هو الحري
صلى عليه الله ما دام الحجا
…
متأنقاً في روض وشي الأسطر
والآل والأصحاب ما هبَّ الصبا
…
وترنم القُمري بغصن مثمر
- ومنها ما صاغته قريحة الفاضل، البارع، المهذب، السيد صالح سويسي، أحد الأدباء بالقيروان، ونصها (1):
نور "السعادة" لاح في الآفاق
…
وسناء فجر الرشد في إشراق
وكؤوس راح العلم دارت بينتا
…
من غير مهل، فاسقني يا ساقي
(1) العدد الرابع - الصادر في 16 صفر 1322.
قم عاطني لا خير فيمن قد صحا
…
عن خمرة العرفان والأذواق
من لم يذق من دنِّها باع العلا
…
وغدا بنار الجهل في إحراق
فمن المؤكد صاح أن تسعى لها
…
أهل النُّهى سعياً على الأحداق
بادر بنا فالوقت راق لذي الحجا
…
وفيالق الإنكاد في إخفاق
أو ما ترى نادي "السعادة" قد زها
…
والقلب طار له من الأشواق
كل السعادة في "السعادة" أُدرجت
…
فانهض إلى باكورة الإطراق
لله حسن مجلة أبدت لنا
…
ما فيه تبصرة لفكر راقي
ومديرها ذاك الغيور من اكتسى
…
حلل المحامد والثناء الباقي
قد قام يوقظ قومه بمواعظ
…
من نومة التأخير والإغراق
دفعته للإرشاد غيرة حازم
…
قد حركته عوامل الإشفاق
يا أهل تونس عاضدوا مشروعه
…
فلكم جميل مكارم الأخلاق
وتجملوا بمحامد من نصحه
…
فالنصح للإسلام نعم الواقي
فالعبد يرجو من صميم فؤاده
…
حسن النجاح له من الخلّاق
- ومنها ما صاغه الفاضل، الدرّاكة، الأبرع، الشيخ السيد محمد شاكر، أحد أعيان العلماء بصفاقس، ونصه (1):
هناءً لهذا القطر بالمأمل الأسمى
…
وبشراه إذ لاحت سعادته العظمى
مجلة علم طالما استشرفت لها
…
نفوس ذوى الآداب ممن حوى العلما
تجلتْ ونور الرشد من أفقها أضا
…
وعرف الفلاح الصرف من روضها شما
(1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.
ستثمر إن شاء الكريم تقدماً
…
تُباهي به الخضرا موالية بسما
وتخفق للإسلام رايات مجده
…
ويعلو بها العلم المفيد ذرى شما
وتنفث في روع المطالع رشده
…
وتؤتيه من آياتها العلم والحكما
ولا غرو إذ كان المرصع درها
…
فتى مثله في العصر ما خلته ثما
فتى جامع بين المعارف والتقى
…
وفي كرم الأخلاق حاز المدى الأسمى
هو الخضر الحبر الأريب محمد
…
سليل ولي الله مَنْ سِرُّه عمّا
دعا ذلك النحرير أمته إلى
…
سعادتها العظمى فأعظم بها غنْما
فهل يرتضي شهم فوات اقتنائها
…
فرائد في سلك الهدى نظِّمت نظما
لعمرك إن كانت لأنفس قنية
…
ينافس فيها كل من لبس الحزما
فمدوا أولي الألباب أيدي جدكم
…
عسى أن نرى الإسعاد للقوم قد تما
- ومنها ما كتبه الفاضل، العالم، الثقة، الشيخ، السيد محمد العروسي السهيلي الشريف، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم (1):
نحمدك يا من منحت كل مخلوق ما تيسر له، وهديت للخير من أسعدته فقام به وأحسن عمله، ونصلي ونسلم على من أرسلته بالحكم النافعة، وأيدته بالبراهين الساطعة، وخصصته بالكلم الجامعة، وعلى آله الطيبين وأصحابه الهداة الأقطاب، ما توشحت الصحف بثمار المعارف والآداب.
أما بعد:
فإن العلم أبهى مطلب، وأسنى مأرب، وأنفع غنيمة، وأرفع من كل
(1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.
شيء قيمة، وفق الله رجالاً هجروا في تحصيله المنام، وقاموا ببثه نصيحة للأنام، فألَّفوا التآليف المفيدة، وحلوا مشكلات المسائل بما امتازوا به من الآراء السديدة، ومن أجلِّ محبراتها مجلة "السعادة العظمى" التي ظهرت في عالم الطباعة، تجر ذيل تيه البلاغة والبراعة، ولقد أسعدنا الحظ بمطالعتها، فنزهنا الفكر في رياض آدابها، وكرعنا من عذب عبابها، فألفيناها وأيمن الحق حديقة آداب، وروضة فخر مفتحة الأبواب، طافحة بالمسائل العلمية، مطرزة بالفوائد الأدبية، والنصائح الدينية، فقراتها بحور زاخرة، وبدور سافرة، ودراري زاهرة، على غاية ما يمكن من الوشي والتحبير، ونهاية رقة السبك والتحرير، كيف لا وهي تنضيد من استمدت من نوره السعادة، ونسيج من أضحى في جبين الدهر غرة الإفادة، لا زال ناشراً لواء العلم، لابساً حلل الكرم والحلم، فقد جاد فيها بما دلَّ على تضلُّعه في المعارف والآداب، وفتح بها للصواب أقرب باب، فجاءت رقيقة المعاني، متينة المباني، نسأل الله لها الدوام في عالم الإقبال والتبجيل، ولصاحبها النجاح والجزاء الجميل، على هذا الأثر الجليل.
- ومنها ما حرره العلامة الهمام، الماجد، الشيخ، السيد محمد بن سالم الأكودي، القاضي ببنزرت، ونصه (1):
راية السعادة التي افتخرت بها يمين المعارف، وآياتها الباهرة وظل عزها الوارف، العلامة الصهميم (2) والخل الحميم، منشئ مجلة "السعادة العظمى" أدامه الله ولواء سعادته خافق منشور، وحديث فضله على
(1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.
(2)
الصهميم: السيد الشريف.
صفحات الأيام مسطور.
بعد تحتية يعبق شذاها، ويشرف بكم محياها، فقد وصلتني مجلة "السعادة العظمى" التي يسطع نورها، وينصع نَوْرها، وتجر ذيول الفخر على سحبان وائل، وتصدع بكم ترك للأواخر الأوائل، فما شئت من معان حرة، وبلاغة مدت أطنابها على المجرة، تخرق بأشعتها حجب الألفاظ، وتسفر عن فتكات مراض اللحاظ، وألفاظ تميس في حلل إبداعها، ويشدو طير البيان على أفنان يراعها، ونثر تحسبه على الورق، حصباء در على أرض من الوَرْق، ونظم لا للجواهر، بل للنجوم الزواهر، وتلك الفضائل لا تلمع بروقها إلا من السحب التي لم تزل يتفيأ ظلها، وأنتم أحق بها وأهلها، فجازاكم الله عنا أحسن الجزاء، وجعل أطناب سعادتكم منوطة بمناكب الجوزاء، فلا يرتاب أن صنيعك هذا تهز به أعطاف الفخر، وتدخر فيه عند الله أعظم ذخر، فالله عزَّ اسمه يُكثِّر من أمثالك، ويهدي القلوب بأقوالك وأعمالك.
- ومنها ما كتبه العالم، البارع، الشيخ، السيد علي بن رمضان، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم، ونصه (1):
إن أفصح كلام سمع وأعجزه، وأوضح نظام جمع وأوجزه، حمد الله الذي أحاط بكل شيء علماً، وخصص من شاء بما شاء رحمة منه وفضلاً وحلماً، والصلاة والسلام على نبينا سيدنا محمد صاحب السعادة العظمى، وعلى آله وصحبه وكل من كان لحزبهم منضماً.
(1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.
أما بعد:
فقد اطلعت -أعزك الله- على فاتحة سعادتكم العظمى، وذخركم الأسمى، فوجدتها روضة حكم قطوفها بالفضائل دانية، ودرة طلاب بجواهر المحاسن سامية، تحلت بها لشقيقتها الأخرى نحور، وتجلت لها منها حور، كأنهن الياقوت والمرجان، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، فأزرَتْ محاسنها بالبدر اللياح، وسرت فضائلها سرى الرياح، وتشوقت لعلاها الأقطار؛ ووكفت تحكي نداها الأمطار، ونالت بها الأمة الأرب، وأتنها تنسل من كل حدب:
عروس جلاها مطلع الفكر فانثنت
…
إليها النجوم الزاهرات تطلع
زففتُ بها بكراً تَضوَّع طيبها
…
وما طيبها إلا الثناء المضّوع
لها من طراز الحسن وشي مهلل
…
ومن صنعة الإحسان تاج مرصع
فلله من سعادة امتزجت بعقولنا أنوار محاسنها امتزاج الماء بالراح، وتعلقت بها تعلق الأرواح بالأشباح، حتى أهدت معانيه لمعانيها زهو الشقيق على الأقداح، وسمت مبانيها على يد بانيها سمو الصبا في الصباح، ولعمري ما هو في الفضل بدخيل، ولا يعزى إليه المجد بقيل، فلو تسابق مع فرسان البلاغة لقال: جاء الكل بعدي، أو سُئل عن الفصل لقال: الماء ماء أبي وجدي، وبالجملة فليس القول في كمالات مشروعكم ذا حصر، إذ لو مددتُ باع مدحي له لوجدته ذا قصر، ولو تكلفتُ أن أصف جميله لخرجت عن الطاقة، واعترفت بأني ذو فاقة، وكيف أعدّ من المحاسن ما لا يُعدُّ؟ أو كيف أحصر من الفضائل ما لا يقف عند حد؟ وها أنا قد عجزت فأوجزت، وقصَّرت فاقتصرت.
- ومنها ما كتبه العالم، البارع، الماجد، الشيخ، السيد علي السنوسي، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم، ونصه (1):
أيها العالم النحرير، الموشي حلة الفصاحة بتحبير التحرير، مدير "السعادة العظمى"، والبالغ من قنن الآداب المرتبة القصوى، أتم الله سراج عملك، وقرن بالسعادة خلاصة أملك، وحرس دينك ودنياك، وأدام تمكينك وعلياك، وبعد سلام تستنير في سماء الود أنواره، وتزهو في حدائق الصداقة أنواره، فقد تشرفت بمزيد السرور، ووقفت موقف الحامد الشكور، بالثمرة الشهية، والدرة النقية، التي بزغ في أفق السعادة هلالها وبدا جمالها، ومن أجله أفل القمر وبدا نقصه بعد أن ظهر كماله، فياحبذا طالع الجمال، الذي كان في غرتها كبراعة الاستهلال، قارنه العمر المزيد، للأمد البعيد، حتى يصان من الأفول هلالها، ويصير بدراً نيراً لنرى كمالها.
ولما أرسلت رائد الفكر في حياضها، وسرحت بريد النظر في رياضها، وجدتها جنة العلوم، مزهرة بأنواع من منثور ومنظوم، نشرت النسائم زواهر أغصانها؛ وباحت حمائمها بترديد سجعاتها وترنمت بأعذب الأساليب فنون ألحانها، بالدر طرزت ألفاظها، وبالفرات فاضت حياضها، ففاقت بحسن نظامها على عقود اللآل، ولم يتقدم لنا نظيرها في العصر الخوال، جامعة لعوارف المعارف، وطريف اللطائف، من كل الأرجاء، وكل الصيد في جوف الفراء، فهي آية للألباء وذكرى، وإن من البيان لسحرا، فحق للقطر أن يفتخر بمجلة حافلة بالمزايا، كافلة باستخراج الفرائد من خبايا الزوايا، فمطالعها تتسع دائرة إطلاعه، ويمتد إلى المعالي طويل باعه، ويجتني
(1) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور 1322.
الآداب، من حدائقها الرحاب، فإنها جهينة الأفكار، وخزينة الآثار، والأصل في الصلاح، والمرشد إلى سبيل النجاح، أنبتها الله نباتاً حسناً، ومنحها سناء وسنى.
- منها ما صاغه الماجد، الأبرع، الأعز، السيد محسن زكرياء، ونصه (1):
إلى صفوة الأخيار العلّامة صاحب "السعادة العظمى".
حمداً لمن بسط علينا جناح العلم، لإزاحة ظلمات الجهل والوهم، وأحيانا بعد الممات، للنهضة وإدارك ما فات، ونصلي ونسلم على من زرع فينا روح السعادة العظمى، وعلى آله نور الهداية، من بسيوف علمهم قطعوا كل ضلالة وغواية، ومهَّدوا بأعظم عناية، طرق الرواية والدراية.
أما بعد:
تقديم تحيتي المعطرة بالهناء والوداد، لحضرتكم أيها العالم الخبير، والدراكة النحرير، أشكركم حيث أدخلتموني في زمرتكم أهل العلم والأدب، بدليل إرسال مجلتكم العلمية بديعة الطرز، لأشارككم في الإفادة والاستفادة، فبعد فك ختامها، سرَّحت نظري في ساحة رياضها، واستنشقت نسيم أزهارها وذقت سلسلبيل حياضها، وجدتها غادة فريدة أم لؤلؤ منثور، أم عقد درّ في نحور الحور، أم عروس الأزهار تجلى بين غروس الأشجار؟ ترنمت بمعرب ألحانها، وطربت بذلاقة لسان أغصانها، فناهيك بها من خريدة فازت في حلية الكتابة والتأليف، وحازت قصب السبق باشتمالها على حسن الترصيع والترصيف، مشحونة بفوائد لطيفة، واستطلاعات ظريفة، ألفاظها رائقة
(1) العدد السادس - الصادر في 16 ربيع الأنور 1322.
فسيحة، وأبحاثها من مثل وتاريخ صحيحة، يعترف المنصف لها بالصواب، ويذعن الحسود لفضلها فلا ينبسر للرد عليها ولو بجواب، لله مجلة سمت في الحاضرة، لما حوت من علوم وآداب يانعة ناضرة، يمتد لها أعناق ذوي الهمم من كل جانب، ويشخص أبصار ذوي الفضائل من المشارق والمغارب، سترد الأمة بصيرة، لما تقدم لها به من إرشاد ونصيحة، فما أعظمه حظاً قمتم به في مجتمع الإنسان الضروري ليجتني مصالحه المتوقفة على التعاون، الذي لا يحصل إلا إذا كانت الأمة قلباً واحداً.
ولما وجدت حزمتها منحلة، أردت جمع ما تشتت منها وربطها بكلمة الدين، أعانك الله على ذلك الجمع تحت الكتاب والسنّة، وعلى محو البدع والضلالات المشينة للدين اللاتي دسهن أناس أرادوا بنا هبوطاً إلى ما نحن عليه من الإنصرام، صرّم الله حبال جمعهم، وفرّق شملهم وكلمتهم، فبهمتكم من حثكم على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقال في هو أمر أولي هيولي، لا بد منه لأن كل ما سواه ثانوي، ولأن الوقت يوجب على كل من فيه أدنى شعور، الالتحام مع أخوته، ثم على العلم والعمل، وأن يعمل الإنسان للدنيا كما يعمل للآخرة، كما جاء به صريح نص السنّة، تستيقظ الأمة من سنتها.
فلا شك أن هذا غاية تأسيسكم لهاته الوسيلة السامية في برد العلم والفضل، وهي أقرب وأسهل طرق الإفادة، وتنبيه أمة استهواها شيطان الغفلة والكسل وتسيطرت عليها الشهوة، وإن كان الله تعالى نَوّرها بالبصيرة التي من شأنها تقودها إلى الخير وتصدها عن الشر، إلا أن تلك الشهوة والأغراض النفسانية التي تهبط بالأمم إلى الذل والخسران "أعاذنا الله وإياكم" تخالف تلك البصيرة عما تراه، فتريد سلوكه من حميد الخصال، والإقبال على صالح
الأعمال، فبخالص نصحكم تعمل لما فيه خيرها، والله يوفر أجركم على سلوككم هذا المسلك الحسن والسلام.
- منها ما نظمه الفاضل، البارع، المجيد، السيد محمد العزيز الشيخ، ونصه (1):
بدت كما شاء أهل العلم والبصر
…
تزري بدائعها بالأنجم الزهر
وافت وفي طيها نشر العلوم وتحـ
…
ـقيق الفهوم بما تحويه من غرر
مجلة نظمتْ شمل المحاسن إذ
…
جاءت بأنفس في الأسماط من درر
زُفّت إلينا، وعين الحظ تلحظها
…
واللطف يبرزها في المنظر النضر
تختال في حلل التحرير قائلة:
…
بي أيها العصر، فاسحب ذيل مفتخر
فهي السعادة في نيل السعادة قد
…
أضحت بطلعتها الخضراء في وطر
عن نفسها كتبتْ أن لا يفوز بها
…
إلا الذي صدره خال من الوجر
دلتْ على فضل منشئها وغيرته
…
كالسيف دلَّ على التأثير والأثر
لو لم تكن خدمة الإسلام نيتها
…
لما بها حف إقبال من البشر
وهي الغريبة في الإبداع قد تركت
…
من راح ألفاظها الأرواح في سكر
وكيف لا وهي من إنشاء نادرة الـ
…
ـعصر الكريم "أبا محمد الخضر"
أستاذنا الأبرع النحرير من كُتبتْ
…
حقاً مناقبه في صفحة القمر
في كل فن له الباع الطويل يرى
…
وزند فكرته في المشكلات وري
لله درك من حبر نهضت لإر
…
شاد العباد نهوض الحازم الخبر
فأطربت من له فهم مقاصدكم
…
ففاض يثني عليكم بالثنا العطر
(1) العدد السابع - الصادر في غرة ربيع الثاني 1322.
تالله يا صاحب المجد الأثيل لقد
…
نظرت فيما صنعت موقع النظر
فدم عزيزاً قرير العين مرتقياً
…
أسنى المراتب محفوظاً من الغير
- ومنها ما كتبه الفاضل، الأمجد، الأبرع، الشيخ، السيد الأمين بوعلاق، أحد علماء توزر (1):
أخاطب سعادة عزيزي الحسيب، الفذ الأريب، والجنان يهاب محيط علومه، ويحبر مناخ معلومه، كيف لا ويراعه يشن الإغارات المتوالية على ثغور المعاني، ويتولى من منثورها على القاصي والداني، معززاً بجنود البيان، لدى فرسخ التبيان، فأعجز ببراعته ذوي البلاغة والعرفان، وبسبقه لم يفته فارس رهان، ولم يجاره فخر همذان، أعني الندس الأبرع، العلامة الأورع، الشيخ "سيدي محمد الخضر بن الحسين الشريف"، لا زال كل فضل لديه منيف.
أما بعد:
إهداء تحتية زكية، يتضوع أينما حللت رياها، ويعطرك أين توجهت شذاها، فقد تشرفت بنميقتكم العلمية المعنونة "بالسعادة العظمى" رافلة في مطارف الجمال، تعلن بأنها روضة حدائقها الكمال، فقبلتها وقبَّلتها، وعظَّمتها وجلَّلتها، بيد أنها وحياتكم ذكَّرني لطفها عهد تلك الدروس بالجريد، زبرجد الصحراء الفريد، المقول فيه:
قطر كبغداد غدا في خطه
…
تصفو به الأفهام والأفكار
والعلم يشحث فيه طبعاً مثل ما
…
يهمى من السيف الصقيل غزار
(1) العدد العاشر - الصادر في 16 جمادى الأولى 1322.
وعلم الله أنه لآثر بأن يقرَّ بكم عيناً، وينافس بكم ديناً ودنيا، هذا وإني أرفع لسعادة أبناء وطني خالص التهاني، بما أدرتموه في كؤوس الألفاظ الجزلة من لطائف المعاني:
عرِّج فديتك واقصدَنَّ بلادي
…
وأقرأ سلامي عن ربوع ودادي
وأنخ رحالك في حدائقها وعج
…
إن كنت طمآناً بذاك الوادي
وانظر بديع رسومه يغنيك عن
…
غرناطة، وعلى قصور زياد
واغنم رواحاً بين ظل نخيله
…
واطرب لرنات الهزار الشادي
وأسأل على نزل الحسين وأهله
…
إن تبغ علماً، أو طريق رشاد
وإذا سُئلت عن الذين تولهوا
…
بالفضل، أو مَنْ بالفلاح ينادي
فأنبئهم أن الهمام محمد
…
نشر السعادة في زمان الهادي
بمجلة علمية، أدبية
…
تحيي النفوس، فيالها من زاد
سطعت تنير بهمة، ودراية
…
طرق الهداية من صميم فؤاد
تدعو الأنام إلى المكارم، والنهى
…
وتزيد في وسع الحجا بسداد
حرس الإله كمالها، وجمالها
…
من أعين الأضداد، والحساد
وانهلَّ وِدقُ العلم في أرجائنا
…
ما جاد غطريف بحسن مراد
- ومنها ما نظمه البارع، الأديب، المهذب، السيد محمد المذكور بن الصادق، ونصه (1):
وكاساً دهاقاً قد شربنا على الظما
…
بكف فتاة زانها اللعس واللما
(1) العدد الحادي عشر - الصادر في غرة جمادى الثانية 1322.
لعوب كأن الوتق في ضرباتها
…
يحاكي ثنايا ثغرها إذ تبسما
غزت قلبي المتبول باللحظ عنوة
…
بروحي غزاة ما أتين محرَّما
جنى جنة العشاق في وجناتها
…
على أن فاها بالعقيق تختما
تآلف جيش من شمائل حسنها
…
ائتلاف بني اليابان في الحرب عندما
تسائلني: ماذا لقيت من الهوى؟
…
وقد علمت ما قد لقيت وإنما
فيا خالها رفقاً ويا جيدها ارحمنْ
…
ويا خصرها مهلاً على الصبّ ريثما
ثنت عطف مختال وتاهت كأنها
…
سعادتنا العظمى التي نفعها نما
سعادتنا العظمى مجلتنا التي
…
تراءت إلى نيل السعادة سلّما
روت مُلَحَ الآداب في كل محفل
…
عرائس أفكار لأشرف منتمى
هو الخضر الشهم الغيور محمد
…
هو السند الفرد الحيي تكرما
حسيب، نسيب، أريحي، مهذب
…
سني، سريٌ حين تلقاه ضيغما
لأن شغلت هند ودعد وزينب
…
أناساً فحاشا أن يرى ذاك مغنما
يَرى كل حظ ما سوى العلم ناقصاً
…
وحظ الفتى من دهره ما تعلما
فعلت وما كل امرء قال فاعل
…
وقلت وما كل امرء قال أحكما
ولا زلتَ في أوج السعادة نيِّراً
…
تباهي بكَ الخضراء شوطاً تقدما
وخذها مهاة، ناهداً، بدوية
…
فلا الطقس أضناها، ولا الضغط أسأما
وما مهرها إلا القبول فجد به
…
عليها فدتك النفس يا حامي الحمى
- ومنها ما كتبه البارع، الأديب، الماجد، الشيخ، السيد العربي الكبّادي، أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم، ونصه بعد الديباجة (1):
(1) العدد الحادي عشر - الصادر في غرة جمادى الثانية 1322.
وما كان فضلك ليمنعني أن أشكره، ولا لينسيني الشيطان أن أذكره، لذلك تحركت مني للأدب صبوة نسجت عليها العناكب، وهبت عليها الصبا والجنائب فقلت:
سعادتكم فينا لقد طلعت شمسا
…
فكلٌ لها أضحى مشوقاً كما أمسى
ولله ما خطْت يراعتك التي
…
برقة ما تبديه تستملك النفسا
مجلة علم لم تجل في ضلالة
…
ولكن جراحات الضلال بها تؤسى
تقول لقاريها مقالة مرشد
…
سنقرئك الحق المبين فلا تنسى
فدمتم ودامت للأنام سعادة
…
وأيدي العدا لا تستطيع لها مسّا
- ومنها ما صاغه الماجد، العالم، الأكتب، الشيخ، السيد محمد بن مصطفى زرّوق، أحد أعيان الكتبة بالوزارة السامية، ونصه (1):
حمداً لمن أشرق شمس السعادة، وجعلها منبعاً للاستفادة والإفادة، وصلاة وسلاماً على نور الهدى، ونبراس الحق والاهتداء، إمام البررة العلماء، وخاتم المرسلين والأنبياء، وعلى آله الفائزين وصحابته المقربين.
هذا ويا أيها الفاضل النحرير، والعالم المحقق الشهير، رب الفصاحة والبراعة، والبلاغة واليراعة، لما أمعنا النظر في مجلتكم الغراء، التي هي كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء:
وإذا السعادة راقبتك عيونها
…
نم فالمخاوف كلهن أمان
وجدناها درراً فاخرة، ومحاسن للعيان باهرة، زيادة على ما بها من
(1) العدد الثاني عشر - الصادر في 16 جمادى الثانية 1322.
التحقيق والتدقيق، للمسائل العلمية بأبدع أسلوب رشيق، خصوصاً في إشهارها للحق، بلين القول وجميل الرفق، فهي إن شاء الله ستكون خادمة للوطن والدين، حتى يكون صاحبها حاملاً لراية العلم باليمين، ولاقتنائها فليتنافس المتنافسون، وللسير على إرشادها، فليعمل العاملون، والله سبحانه يبلغكم من كل ما تأملونه النجاح، ما حيعل المحيعل بحي على الفلاح.
- ومنها ما نظمه الأنجب، الأريب، المهذب، السيد محمد الطاهر بودربالة، أحد أعيان الأدباء بالجامع الأعظم (1):
ذا زهر روض عاطر الأردان
…
أعقود دُرٍّ في نحور غوان
أسلاف بكر عُتِّقت فاستحكمت
…
وجرت كمجرى الروح في الإنسان
أبروق وصل سعادَ لاحت بعد ما
…
ذاب الفؤَاد بلوعة الهجران
أَم ذيِ السعادة للهدى قد أقبلت
…
حيَّت فأحيت مجمع العرفان
عربية شهدت لها أترابها
…
وغدت تحلِّيها بحسن بيان
قد صاغها علم العلوم "محمد"
…
من دوحة الفضلاء والأعيان
العالم الكشّاف كلَّ عويصة
…
بفصاحة تربو على سَحبان
فلتفتخر بك خطة الإنشاء، يا
…
نجل "الحسين" العارف الرباني
أهنيك يا قمر الدجى بسعادة
…
سحر ومعناها سلافة حان
تسبي العقول فصاحة ولطافة
…
وظرافة تسمو على الأقران
لا زلت ترفل في السعادة سابقاً
…
في حلبة التحقيق والتبيان
(1) العدد الثاني عشر - الصادر في 16 جمادى الثانية 1322.
- ومن أعزها ما تشرفتُ به من قلم أستاذي الذي شبّت في طوق تعليمه فكرتي، وتغذيت بلبان معارفه من أول نشأتي، العلامة الهمام، القدوة، خالنا الشيخ سيدي محمد المكي بن عزّوز أبقاه الله، ونصه (1):
حفظ الله مقام الابن العزيز العالم النحرير، والبارع الخطير، الشيخ "سيدي محمد الخضر الشريف الحسني" دام للحق ناصراً، وللعلم والكمالات ناشراً، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنَّا بمجلتكم الرائقة مبتهجون، ولتحريراتها السديدة شاكرون، وأنبئكم أنه لما أشرقت غرَّتها، وانبلجت ديباجتها، تصفحت درر عقودها، وتعمدت سبر عودها، لنعلم كيف نتيجة تربيتنا، وإلى أَي طور بلغ فرع دوحتنا، وبأي ثمرة تفتر أكمامه، وعلى الوطن بأي صفة تهب أنسامه، فألفيتها شريفة المقاصد، بصيرة المراصد، مشرئبة إلى المباحث العالية، ساعية إلى حصحصة الحق في المسائل القريبة والقاصية، واسعة العارضة، أفهمت أنها بكل عبء من المشكلات ناهضة، فحمدنا الله حيث أظهر ما كنا تفرسناه، وبالتأسيس تحريناه، غير أني نقمت منها علو تعبيرها، وإن كانت جليلة في بلاغتها وتحبيرها، فحالها إذ ذاك يقول: لا يستطيبني إلا عالم، أو أديب خبير بالمعالم، فتربصت ليتضح مسلكها، ويخلص مسبكها، ففي العدد الثالث وما بعده وجدتها تنازلت في تعبيراتها، واشترك أواسط الطلبة مع الأساتذة في اجتناء ثمراتها، واستمرت على تلك الخطة الحميدة، وصدق عنوانها بأن السيرة المستضيئة بها سعيدة، وما أظن ذا ذوق وإنصاف يغض منها، أو يحيد عنها، كيف وقد أبرزت لميدان المذاكرة مباحث مهمة، وحررت جانباً وافراً من
(1) العدد الثالث عشر - الصادر في غرة رجب الأصب 1322.
المسائل الملمة، وذبَّت عن الإسلام دواهي مدلهمة، تتبادل بها الأفكار، وتتمخض بها زبد الأنظار، أفادت العلماء تذكرة، والمستفيدين تبصرة، مراميها سامية، وقطوفها دانية، حتى ورقاتها من حسن الفال كأبواب الجنة ثمانية، وعلاوة على ذلك أعربت على كل من كتب فيها سطراً مبلغه من العلم والعقل ومقدار همته، ولامتياز الأخلاق منها نصيب وافر، فهي كالمرآة الصقيلة، وبملاحظة هذا المعنى تسابق قراؤها ومكاتبوها إلى اكتساب المعالي، وابتناء المجد العالي:
السباق السباق قولاً وفعلاً
…
حذر النفس حسرة المسبوق
وبالجملة فتلك مفخرة للخضراء بين الممالك، ويفهم من آثار أهلها اعترافهم بذلك، وأبلغكم لتحمدوا الله أن كل من رآها هنا في الآستانة العلية أعجب بها، وتحقق بمجموع ما احتوت عليه نمو العلم في تونس ونشاط طالبيه، وأن سوق التفنن بجامع الزيتونة معمور، وهذا مما يعم به في العالم الإسلامي السرور، والمظنون أن سيكون لها شأن يعتبره المشرقان والمغربان، فحافظوا على خطة الاعتدال، غير غافلين عن مقتضيات الأحوال، ودوموا على اعتناق السنَّة والكتاب، مستحضرين أنكم مسؤولون غداً، والله عنده حسن المآب، أدامكم الله لنفع الدين والوطن، ورزقكم العافية والتوفيق في السر والعلن.
- ومنها أنفسها ما تفضل به الهمام النحرير، الماجد، الأعز، الشيخ، السيد عبد الحفيظ القاري، أحد أعيان العلماء بمكة والطائف حرس الله كماله، ونصه (1):
(1) العدد الرابع عشر - الصادر في 16 رجب الأصب 1322.
حضرة مقام صاحب الفضيلة، والمآثر الجلية، مولانا السيد "محمد الخضر العلوي".
إن أشرق ما يجتنى به وداد الأفاضل، وأسنى ما يكتسب به توجه كل كريم كامل فاضل، مخاطبة العلماء بلسان اليراع، حيث لم يتيسر لهم الاجتماع، ويحصل للقلب سرور الوصل بالسماع، أخص أشرف من سما بهمته في هذا العصر، وقام بعزمٍ بعجز عن مثله الدهر، حيث وقف فقاوم الزمن وردَّ معاندة أهله، وساعدته سعادة الله العظمى حتى أظهرها بسعيه وفضله، منبع العلم ومنهل العرفان، نور حديقة الفضل بل نور حديقة الإنسان، ذو العلم الشامخ، والفضل الجليل الباذخ، الشيخ المصقع الحلاحل، محط رحال العلم وحلّ المسائل، بهجة العلم والعلماء في المحافل، السيد الذي ذبَّ عن شريعة جَدِّه، بمقوله ومنقوله وجهده وجِدِّه، فرفع أعلام الدين بجيوش "السعادة العظمى"، وطارت بأجنحة الصدق فبلغت المقام الأسمى، فنرجو لصاحبها السلامة والابتهاج، وللسعادة الدوام والرواج:
آمين آمين لا أرضى بواحدةٍ
…
حتى أضيف إليها ألف آمينا
وبعد إبلاغي جزيل التحية وأوفر الإكرام، أنهي إلى فضيلتكم أني بينما كنت أضرب أخماس الأسف، بأسداس الفكر، على ما دهى الإسلام من دجاجلة الزمان وبدر، إذا شمس أنوار السعادة بازغة، ولسراب الأهواء الزائغة دامغة، وبرزت على الأفكار الجديدة حجة الله البالغة، فشكر الله سعي منشئها وأدامه، وثبَّت على نصر الدين أقدامه.
- ومن ذلك ما صاغه الأمجد البارع، الأعز، الشيخ، السيد صالح صفر،
أحد أعيان المتطوعين بالجامع الأعظم، ونصه (1):
نحمدك يا من أسست صنع العالم على أكمل قواعد الإبداع والإتقان، وأدمت بسعة فضلك استهلال غيوث الإنعام والإحسان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي تخلصت ببعثته البرية من المهالك، وشربت من حياض كرامه كأساً ختامه مسك وفي ذلك، وعلى آله وأصحابه المحرزين قصبات السبق في مضمار البلاغة، أكمل صلاة وأشرف تسليم.
أيها الفاضل الجليل، والبارع الذي عزَّ أن يكون في هذا العصر له مثيل، حميد الأخلاق الحدبه المذاق، ومظهر أسنى المثاقب والكون في الانغلاق، مصدر حميد المآثر المنفرد بجمعه بين حسن البراعة والسكينة، والمشير بحسن براعته من خمائل الترسيل كمينه وثمينه، العالم المحقق الثبت ذو اللسانين، "الشيخ محمد الخضر بن الحسين"، زان الله تعالى دوائر المعارف بأمثال كماله، وكمال أمثاله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن الله جلَّت قدرته قد اقتضت حكمته الصمدانية، أن ألبس هذا القطر المحروس ثوب الفخار، وأطلع في سمائه سعادتكم شمساً في رابعة النهار، ولقد أسعدنا الحظ برؤيتها، والكرع من عذب موردها، فألفيناها كما قيل وفوق ما قيل:
بدائع أبدتها محاسنك التي
…
يكلُّ لساني أن يحيط بها وصفا
ثم لو حاول المحاول تمجيدها بصفة الإطناب أو الأخرى كفاه ثم
(1) العدد الخامس عشر - الصادر في غرة شعبان الأكرم 1322.
كفاه أن من البيان سحرا.
- ومن ذلك ما كتبه الثقة الزكي، البارع، السيد أحمد بن سليمان، أحد العدول ببلد الصمعة، ونصه (1):
الحمد لله الصمد العزيز الواحد، المثيب في مواقف القيامة على إخلاص النيات وحسن المقاصد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هدى الله الأنام بآياته، السيد الذي نالت أمته به السعد وبلغت من الفخر نهاياته، وعلى آله وأصحابه أولي الهمم العظيمة، والعقول الفياضة والأذواق السليمة.
أما بعد:
فيا بدر سماء المعارف، وشمس الفضائل والعوارف، ويا معدن السر المصون، ومن بلغ رتبة لا تنبغي لأحد من أهل عصرك أن تكون:
إمام له قَدْرٌ منيفٌ ورفعةٌ
…
وأغربُ مِنْ ذا ليس يوجد مثله
من غدا في بحر المجادة يسبح بالباعين، أخونا الشيخ "سيدي محمد الخضر بن الحسين"، كيف لا وأنت المقتفي سبيل أسلافك العلماء الأعلام، وخلاصة أهل المجد الجهابذة الفخام، لا زالت معاليك الجامعة وأعلامك الخافقة عالية المرصاد، بين كل رائح وغاد من العباد. آمين آمين وأمناً للأمين، فقد أسعدنا الحظ برؤية ما شرفتم به ابننا من سعادتك العظمى، وكرعنا من عذب موردها الأحمى:
الله أكبر إنها عربية
…
ختْمت كما بدئت بإسماعيلِ
فألفيناها كما قيل وأعلى ما قيل، فقد أتيتَ فيها بمعاني فصل الخطاب،
(1) العدد السادس عشر - الصادر في شعبان الأكرم 1322.
واستعرت لها قلائد الإعجاز من كرائم أم الكتاب، استدرت بها أخلاف العلوم، وحررت فيها رقائق المنطوق ودقائق الفهوم، ينزه ناظرها طرفه في روض من الفضل ظليل، ويرشف من عيون معانيها كوثراً ومن رحيق ألفاظها سلسبيل، درَّ سحاب تحقيقاتك فنقط الروض بالدرر، وابيضت شيات جياد مروياتك فكانت في جباه البلاغة غرر.
فحق أن تقتدي بك الأعلام ولا فخر، ويتصدع من مهابة صدعك بالحق الصخر، تبتهج بك القلوب والصدور مسرّة وانشراحاً، وتعلل بسلافك على مر الدهور اغتباقاً واصطباحا:
سلالةُ سادة سعدوا وجادوا
…
ولم يلدوا امرءاً إلا نجيبا
وما ريح الرياض لها ولكن
…
حباها منهمُ في الأرض طيبا
أبقاك الله مشرقاً للفضائل، سابقاً إلى تناولها من حاول نيلها من الأواخر والأوائل، وبارك فيك للعلوم والمعارف، وجعلك قرّة عين لكل عارف.