المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل صوت المرأة عورة - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١٢/ ٢

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(24)«السَّعَادَةُ العُظمَى»

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌التّقاريض

- ‌المباحِث العلميّة

- ‌الاعتصامُ بالشّريعة

- ‌الأخذ بالقول الرّاجح

- ‌براءة القرآن مِنَ الشِّعِر

- ‌العمل والبطالة

- ‌حياة الأمّة

- ‌التّربية

- ‌التّقدم بالكتابة

- ‌مدنيّة الإسْلام والعلوم العصريّة

- ‌مدنيّة الإسلام والخطابة

- ‌كبر الهِمَّة

- ‌التّعاون والتّعاضد

- ‌الدّيانة والحريّة المطلقة

- ‌البدْعة

- ‌الزّمان والتّربية

- ‌الصّيام

- ‌الأحاديث الموضوعة

- ‌المباحث الأدبيّة

- ‌تقسيم الكلام بحسب أغراضه

- ‌الإبداع في فنون الكلام

- ‌الفصيح من الكلام

- ‌طرُق التّرقي في الكتابة

- ‌الشّعر العصْرىّ

- ‌الكلامُ الجامع

- ‌الأخلاق

- ‌الحياء

- ‌أبو بكر بن العرَبيّ

- ‌ترجمة القاضي أبا الوليد الباجيّ الأندلسيّ

- ‌منذر بن سعيد

- ‌تحقيق مسْألة تاريخيّةٍ

- ‌الأسئلة والأجوبة

- ‌عقد نكاح بين ذميين بشهادة مسلمين

- ‌كتابة القرآن بلفظه العربي بالأحرف الفرنسية

- ‌أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان

- ‌هل صوت المرأة عورة

- ‌جواز الاقتباس من القرآن في المقالات

- ‌قصة رتن الهندي

- ‌تقديم الإنسان اسمه على اسم المكتوب إليه

- ‌الطب النبوي

- ‌تلقين الميت لا إله إلا الله

- ‌الاستخارة بالقرآن

- ‌فتوى ابن العربي

- ‌وصول ثواب الذكر للميت

- ‌الخطبة الثانية في الجمعة

- ‌دخول ولد الزنى للجنة

- ‌كيف التخلص من البدع

- ‌الرؤيا والحكم الشرعي

- ‌جوائز التفوق في المسائل العلمية

- ‌إجزاء إخراج القيمة من الزكاة

- ‌حكم الرجل يقول لزوجته أنت طالق ليلة القدر

- ‌الصوم بخبر السلك البرقي

- ‌المستدرك من "السعادة العظمى

- ‌ استدراك

- ‌ التمدن

- ‌ وفاء ذمة

- ‌ تعليق

- ‌ وفاة عالم جليل

- ‌ إحياء سنّة

الفصل: ‌هل صوت المرأة عورة

‌هل صوت المرأة عورة

؟ (1)

سؤال:

حضرة الأستاذ النحرير دام كماله، بعد أداء التحية اللائقة بجنابكم، فإني أسترشد حضرتكم فيما يختلج في ضميري من المسائل التي فيها شيء من الالتباس معتمداً على مكارم أخلاقكم واتساع دائرة نطاقكم، فأقول:

"قد تقرر في كتب الفقه، أن صوت المرأة عورة، وعليه فلا يمكن لها أن تسمعه لغير المحرم لها، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خُذوا نِصف دِينَكم عَن هاتِهِ الحُميراء" وعنى بذلك "السيدة عائشة رضي الله عنها"، كما ورد أيضاً من أنه عليه الصلاة والسلام، لما قَدِمَ "ليثرب" ومرَّ علي بنات النجار حيينه بألحان وأناشيد منها قولهنَّ "أقبل البدرُ علينا" إلخ. ولم ينكر عليهن ذلك، وأقرهنَّ عليه مع أن الأناشيد لا تكون إلا بصوت عال، وأيضاً فكيف للنسوة إسماع العدول فيما تدعُ إليه الحاجة من المعاملات؟ " نرجو الجواب أدام الله مقامكم العلمي محفوفاً بالإجلال، وأيد سعادتكم مقرونة بكل كمال. جواب:

إسماع المرأة صوتها للأجنبي وسماعه منها إن ترتبت عنه مصلحة،

(1) العدد الحادي عشر - الصادر في غرة جمادى الثانية 1322.

ص: 177

كالتعليم والشهادة والإشهاد والبيع والشراء وسائر المعاملات الشرعية، جاز بلا خلاف، ومن أدلته خطاب النساء الأجنبيات واسترشادهن للنبي صلى الله عليه وسلم بمحضر الصحابة، ورواية الصحابة عن أمهات المؤمنين وغيرهن، وإن كان مما ينشأ عنه مفسدة في الأغلب، كالغناء والتكلم بما فيه تعريض بالفواحش أو تمطيط وتكسير وتشويق، حُرم قطعاً إذ لا مرية أنه مما يُهيِّج النفوس، ويثير هواها ويحرك الساكن من شهواتها الزائغة، ومن القواعد التي بنيت عليها أحكام الشريعة المطهرة، قطع الوسائل التي تجر إلى المفاسد في الغالب بمنع سائر المكلفين من التلبس بها، وقال تعالى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: 32] أي ليكن قولكنَّ جزلاً وكلامكنَّ فصلاً ولا يكن على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين المطمع للسامع.

ولا يرد على هذا حديث الجاريتين المغنيتين في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرهما على ذلك؛ لأن غناءهما ليس من النوع الذي أشرنا إليه، المقول فيه الغناء رقية الزنى، ألا يرى إلى قول "عائشة رضي الله عنها" وليستا بمغنيتين، أي ليستا ممن يحسن الغناء الذي فيه التمطيط والتكسير، وإنما سمَّت ما صدر منهما غناء على عادة العرب في تسميتها لرفع الصوت غناء، ولو لم يكن بترنم، كما أنه لم يكن في التشبيب بأهل الجمال، وإنما كان في الحرب والشجاعة والتفاخر بالظهور الذي يبث في جأش سامعه قوة وإقداماً مع أمن الافتتان بهما وقتئذ، ومثله حديث بنات النجار الذي تضمنه السؤال، على أن الوارد فيه عن "عائشة رضي الله عنها"، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:"طلع البدر علينا"

إلخ.

نعم يكره للمرأة رفع صوتها في المواطن التي يستغنى فيها عن ذلك،

ص: 178

ولا تدعوها إليه حاجة خشية الفتنة، ولندورها هنا وضعفها عما يهيجه الغناء المحرم والكلام المرخم المتكسر فيه لم يبلغ به إلى التحريم على ما اعتمده في الشامل، ورفع المرأة صوتها لا سيما مع تكرره مما ينخرق به حجاب الحياء الذي هو شعار الصيانة ودثارها، وقد فُسِّر القول المعروف في قوله تعالى:{وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] بالكَلامِ المُنْخَفِض، قال "ابن العربي" في "الأحكام":"قيل القول المعروف هو المفسِّر بأن المرأة مأمورة بحفظ الكلام"، فتلخص: أن معنى قول الفقهاء صوت المرأة عورة، أنها مطالبة بستره إلا لحاجة تدعو إليه خشية الافتتان.

ص: 179