الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقد نكاح بين ذميين بشهادة مسلمين
(1)
سؤال:
ورد إلينا سؤال من بعض الفضلاء وهو: اطلعت في "تاريخ الدولتين""للزركشي" على ما نصه: شوور "القاضي أبو علي" في عقدة نكاح بين ذمييِّن بشهادة المسلمين فأباحه، فسمع قاضي الجماعة فأنكره، فوجه قاضي الأنكحة هذا لعدول "تونس"، وأمرهم بالشهادة فيه، وأَلَّف كتاباً في إباحة الحكم بينهم والشهادة عليهم وفي أنكحتهم، وسمّاه "إدراك الصواب في أنكحة أهل الكتاب" وألَّف قاضي الجماعة كتاباً على صحة قوله، ذكر ذلك "ابن عبد السلام" عنهما، قال "ابن عرفة":"قلت لابن عبد السلام ما الصواب عندك؟ " قال: "المنع، لأنهم لا يتحفظون في أنكحتهم". قال ابن عرفة: "والصواب عندي الجواز، لأنا لا نطالبهم بما يجوز عندنا شرعاً ولا تضرنا مخالفتهم في ذلك، نقله السلاوي" اهـ.
المطلوب بيان ما يتحرر لديكم في المسألة من كتب أهل المذهب.
جواب:
أنكحة أهل الذِّمة إذا استوفت شروط النكاح المقررة في شريعتنا، كانت
(1) العدد السابع - المصادر في غرة ربيع الثاني 1322
صحيحة على ما ذهب إليه القرافي، واعتمده المحققون من أهل المذهب، وعليه فإذا تحقق المسلم استكمالها لشروطها الشرعية جازت شهادته عليها، ومدرك الجواز هو أن هذه الشهادة تدفع عنهم ضرراً وتحفظ لهم حقاً من حقوقهم، ومثل ذلك مما يزيدهم شعوراً بكمال الدين، ويغرس في صدرهم حرمته ومودته، وعسى أن يثمر ذلك استمالتهم إلى جميع أحكامه العالية، ويمنع الذهاب معهم إلى ديارهم وفاقاً لما قاله "البرزلي" احتياطاً للعزّة وسد لذرائع الإهانة إذ في التردد على الديار خفض لشيء من جناح الذل.
وأما إذا صدرت أنكحتهم عن غير الأوضاع الشرعية، كانت غير صحيحة عندنا، فيتعين وقتئذ المنع من الشهادة عليها للقاعدة المقررة، وهو أنه لا يسوغ لأحد أن يشهد إلا بما يجوز في مذهبه، ولذلك يعاقب شاهدي نكاح السر.
وسرُّ هذا الأصل أن الشهادة على العقدة إعانة على إيجاد آثارها المترتبة عليها، وفساد العقدة يستلزم بطلان آثارها، ولا يستباح للإنسان أن يعين على شيء يعتقد أنه باطل، لقاعدة أن "إيقاع السبب بمنزلة إيقاع المسبِّب".