الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلقين الميت لا إله إلا الله
(1)
سؤال:
اطلعت في الجزء الثالث من "نفح الطيب" على ما نصه: "شهدت مجلساً آخر عند هذا السلطان "ابن تاشفين عبد الرحمن بن أبي حم" قُرئ فيه على "أبي زيد الإِمام" حديث "لَقِنوا مَوْتاكم لا إله إلا الله" في صحيح مسلم"، فقال له الأستاذ "أبو إسحاق ابن حكم السلاي":"هذا الملقن محتضر حقيقة ميت مجازاً، فما وجه ترك محتضريكم إلى موتاكم والأصل الحقيقة؟! " فأجابه "أبو زيد" بجواب لم يقنعه"، وكنت قرأت على الأستاذ بعض التنقيح: فقلت: "زعم القرافي أن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال مختلفاً فيه في الماضي إذا كان محكوماً به، أما إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقاً إجماعاً، وعلى هذا التقرير لا مجاز فلا سؤال"، فالمراد منكم بيان أن هذا الجواب صحيح أم لا؟
جواب:
كلام "القرافي" لا يصح تطبيقه على الحديث الشريف، وإيضاح ذلك أن قول القرافي "أما إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقةٌ مطلقاً" معناه أنه لا يشترط
(1) العدد الثاني عشر - الصادر في 16 جمادى الثانية 1322.
في إطلاق اللفظ المشتق على الذات حصول معناه فيها عند النطق وهو زمن الحكم، ولكن لا بد من شرطية حصول معنى المشتق عند تعلق الحكم به، فنحو أكرمْ العالم، يصدق على من سيكون عالماً في المستقبل حقيقة، ولكن لا بد من حصول العلم فيه عند تعلق الحكم به وهو الإكرام، ولو أبقينا كلامه على إطلاقه للزم عليه أن قول القائل: أكرمْ القائم مثلاً يقتضي إكرام المجالس الذي سيقوم لأنه يقال فيه قائم حقيقة وهو باطل بالضرورة، وإذا أجرينا الحديث على هذا التحقيق، يتضح لنا أن التلقين الذي هو الحكم لا يقع إلا إذا حصل المعنى الذي يقوم بمتعلقه وهو الموت، ومن ثم جاء الإشكال فيتعين العمل على المجاز، وله نكتتان: إحداهما ما قررها المقري بعد، وهي الإشارة إلى أن التلقين يكون عند ظهور العلامات التي يعقبها الموت، لأن التلقين قبل ذلك يُدهش ويُوحش. ثانيها أن ذلك من الإيماء إلى علة الحكم، والإشارة إلى وقت نفع تلك الكلمة النفع التام وهو الموت عليها، أي لقنوهم إياها ليموتوا عليها.