الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأدب العربي. ومعنى البيت الفرنسي:
أنه رآها تكسر الجوز بأسنانها. فقال الشاعر الفرنسي: ما رأيت خشباً يكسر بالدرر إلا اليوم. فقلت له: يقرب من هذا قول الحريري:
ولاح ليلٌ على صبحٍ أقلهما
…
غصن وضرَّستِ البلّور بالدررِ
وترجم إلى اللغة العربية من اللغة الفارسية معان متعددة؛ كقول الشاعر:
قالوا إذا جَمَلٌ حانت منيتُه
…
يطوف (1) بالبئر حتى يهلك الجملُ
وذكر الشهاب الخفاجي في "طراز المجالس " أبياتاً نقلها من ديوان الطغرائي، ثم قال: هذا نظم لما في بعض الكتب الفارسية، ومنها: أن بعض الأشجار رأت فأساً ملقاة في الرياض، فقالت: ما تفعل هذه هنا؟ فأجاب بعضها: بأنها لا تضر إلا إذا دخل فيها عود منا.
وهذا المثل ينطبق على حالنا مع المستعمر، فإنه لا يصل إلى أغراضه إلا بافراد لنا منا؛ كما دلت عليه المشاهدات.
*
إدراك الشعراء لبراعة الشعر:
ومن دلائل براعة الشعر: تداول الرواة له، وتناقل ألسنة أهل الفضل إياه.
ومنها: قصد الشعراء له بالمعارضة والتشطير؛ كما عارض الأصم السّراي أبي تمام:
السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ
…
في حدِّه الحدُّ بين الجدِ واللعبِ
بقصيدة يمدح فيها عبد المؤمن بن علي يقول في طالعها:
(1) في "طراز المجالس": أطاف.
ما للعدا جُنَّةٌ أوقى من الهربِ
…
أينَ المفرُّ وخيلُ اللهِ في الطلبِ
كما عارض نجم الدين يونس بن محمد المصري قصيدة الحصري القيرواني التي يقول في مطلعها:
يا ليلُ الصبُّ متى غدُهُ
…
أقيامُ الساعة موعده؟
بقصيدته التي يقول في طالعها:
قد ملَّ مريضَكَ عُوّدُه
…
ورثى لأسيرِكَ حسَّدُه
وعارضها الشاعر شوقي بقصيدة يقول في مطلعها:
مُضناك جفاه مرقدُه
…
وبكاه ورحَّم عُوّدُهُ
وكما صدر الشيخ قبادو التونسي وشطر القصيدة التي مطلعها:
أفاطمُ لو شهدتِ ببطن خَبْتٍ
…
وقد لاقى الهزبرُ أخاك بِشْرا
وهو الذي فتح باب الشعر العصري في تونس إذ يقول في بعض قصائده:
ومن لم يجس خبر أوربا وملكها
…
ولم يتغلغل في المصانعِ فهمُه
فذلك في كنِّ البلاهةِ داجنٌ
…
وفي مضجعِ العاداتِ يلهيه حُلْمُه
واقترح المنصور بن أبي عامر على شاعره أحمد بن دراج أن يعارض قصيدة أبي نواس التي يقول فيها: "أجارة بيتينا أبوك غيور" إلخ. فعارضها بقصيدة يقول فيها:
أَلمْ تعلمي أن الثواءَ هو الثوى
…
وأن بيوتَ العاجزين قبورُ
وقال فيها يصف ابنه الصغير عند رحيله:
تناشدني عهدَ المودة والهوى
…
وفي المهدِ مبغومُ النداءِ صغير
عَييٌّ بمرجوعِ الخطابِ ولحظُهُ
…
بموقع أهواء النفوسِ خبيرُ
ومما يدل على براعة الشعر: تعدد من يدعيه؛ بأن يقول شاعر القصيدة، فينسبها بعض الأدباء لنفسه؛ لينال فخر نظمه لها، وقد ذم ابن الرومي بعض من يأخذ شعر غيره، وينسبه إلى نفسه.
وتشكى السريُّ الرفّاء بأديبين في قصيدة بعث بها إلى المفضل الضبي.
ومما يدل على بلاغة الشعر: اتخاذه مثلاً يضرب لمن حصل له معناه؛ كقول عبد العزيز بن نباتة السعدي:
ومن لم يمتْ بالسيفِ مات بغيره
…
تعددت الأسبابُ والموتُ واحدُ
أو من حصل له ما يماثل معناه؛ كقول المتنبي:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
…
ولا الصبابةَ إلا من يعانيها
وقول أبي نواس:
لا أذود الطير عن شجرٍ
…
قد بلوْتُ المرَّ مِنْ ثمره
وهذا مثل يضربه من ناله مكروه من رجل يجرعه غصص الأذية مرة بعد أخرى.
ومن طرق التنبه على براعة الشعر: قول الأدباء: من كمال الظرف في الإنسان: أن يحفظ قصيدة فلان، أو شعر فلان، كما قال الأدباء: من كمال الظرف: أن يحفظ الإنسان قصيدة ابن زريق التي يقول في طالعها:
لا تعذليه فإن العذْلَ يولِعُهُ
…
قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
إلى أن يقول:
أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته
…
كذاك من لا يسوس الملك يخلعه