الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} :
يقتضي لفظ "على" أن السكينة عَمَّتْهُم؛ فهذه أبلغُ من آية (أَنزَلَ السكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُومِنِينَ).
19 - {يَأْخُذُونَهَا} :
قول أبي حيان: "هي حالٌ مؤكّدة"، يُرَدُّ بأنها مبيّنة لقول الفقهاء: إذا خرج سَرِيَّتَان للجهاد، فسبقتْ إحداهُما فغنِمَت، فالغنيمة مشتركةٌ بينهما. فالثانية أخذتها حسّاً والأولى أخذتها حُكماً.
ولما أسْند في الآية الأخذ للفاعل والأصل الحقيقة، دَلَّ على أنّ الأخذَ حقيقة، فدلَّ على أن الذين ياخذون الغنيمةَ هم المباشرون لها خاصّةً، وكذلك كان في فتح خَيْبَرَ، إنما أخذ الغنيمة مَن حضرها، لكنْ يرد على هذا أن الآية سيقت امتنانًا على المومنين، وهذا لا يُناسب اختصاص من حضر الغنيمة بأخذها.
26 - {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ} :
إن قلت: الحمية هي الداعي، فكيف تكون من جعلهم -إما كسبا على مذهب أهل السنة، وإما استقلالا عند المعتزلة- وهو خلاف
الإجماع؟ لاتفاق أهل السنة والمعتزلة على أن الداعي خلق لله تعالى؛ ولذلك قال المعتزلة: لولا العلم والداعي، لصح الاعتزال، وتمت الدسة.
فالجواب من أوجه:
(أ) - أن الحميَّةَ ليست هي الداعي، بل حَمَلَها المفسرون على الأفعال الظاهرة، مِنَ الكَتْبَ والمحْوِ في وثيقة صلح الحديبية، وذلك من فعل العبد إمّا كسْباً عندنا أو استقلالا عند المعتزلة.
(ب) - أنه لَمَّا دَلَّ الدليلُ العقلي على أن الداعي مخلوق لله تعالى، وخالفَ ذلك ظاهرَ الآية، وجبَ تأويلُها بأنها من إطلاقِ اسم المسبّب على السبب؛ لأن الداعي سببٌ في الأفعال الظاهرة.
(ج) - تقرّر في الأصول ثلاثةُ أمور: الفعل، والداعي للفعل، والقصد إلى الفعل.
فأما الفعل فيُختلف فيه بين أهل السنة القائلين بالكسب، والمعتزلة القائلين باستقلال العبد بفعلِه، والْمُجْبِرَةِ القائلين بنفي الكسب.
فأما الداعي فمتفقٌ عليه كما مَرَّ، والقصد إلى الفعل محلُّه القلب، وهو من فعل العبد، فالجعْلُ في الآية بمعنى القصد إلى الفعل.
(د) - جعل بمعنى صَيَّرَ، وفاعله ضمير عائد على الله تعالى. و "الذين" مفعول أول، والجملة مفعول ثان.
{وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} :
إعادة حرف "على" إشارة إلى أن السكينة مقولة بالتشكيك، وأنها على الرسول أعظم.
{وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} :
أي بالجعل الشرعي والإرادة الأزلية؛ لأن ذواتهم اقتضت ذلك لتساوي الذوات؛ وفي "القوت" لأبي طالب المكي كلام حسن في هذا المعنى.
{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} :
هي كلية لا كل؛ لتعلق علمه تعالى بالجزئيات.