الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مَوْرًا} :
التأكيدُ يرفعُ المجاز، فيُرَدُّ قولُ الطبائعيين أن السماوات لا تقبل الانفطار.
21 - {وَالَّذِينَ آمَنُوا} :
قيل: المراد بهم المتقون المتقدم ذِكْرهم، المتصفون بأخصِّ الإيمان لا بأعَمِّه، وإلَاّ لَزِمَ الترجيح من غير مُرَجِّح؛ لأنّ الوصفَ الذي جُعِلَ عِلَّةً للإلحاق هو الإيمان، فليس إلحاقُ الذريةِ بالآباء بأَوْلَى من العكسَ، وَلا يلزم ذلك في الأخصِّ لأنّه أقوى.
وجوابُهُ عدمُ تسليم لزُومِ الترجيح دونَ مُرَجِّح، بل المرجِّح موجود، وهو سبْقيةُ إيمانِ الآباء وتَقدُّمُ وجودِهم.
وفي سماع أصبغ عن ابن القاسم في جامع "العتبية" -فيمن يُولَدُ مخْبُولا أو يصيبُه الخَبَلُ قبل أن يبلغ-، قال:"ما سمعتُ فيه شيئا إلا قولَه تعالى (وَالذينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) الآية، وأرجوا أن يجعلهم الله معهم؛ فأمَّا مَنِ احتلَم وجَرَى عليه القلم، ثم أصيبَ بعد ذلك، فقال بعض أهل العلم والفضل: يُطْبَعُ على عمله كَمَن مات".
ابن رشد: "ما رَجَاهُ ابنُ القاسم من إلحاقهم بآبائهم يُروى عن
النبي صلى الله عليه وسلم؛ ورُوي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لَيَرْفعُ ذريةَ المومن معه في جنته، وإن لم يبلغْها في العمل ليُقِرَّ بهم عينه"، ثم قرأ:(وَالذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيتهُمْ) الآية".
ابن العرِبي في "أحكامه": "فأما اتباع الصغير لأبيه في أحكام الإسلام فلا خلاف فيه؛ وأما تَبَعيَّتُهُ لأمِّه، فاختلف فيه العلماء واضطرب فيه قولُ مالك؛ والصحيحُ أنه في الدِّين يتَّبِعُ مَن أسلم مِن أبويْه، للحديث الصحيح عن ابن عباس أنه قال: "كنتُ أنا وأمِّي من المستضعَفين من المومنين"؛ وذلك أن أمَّه أسلمتْ قبل أبيه العباس، فتبِع أمَّه في الدِّين".
ع: "هذا خلافُ ما في كتاب الديات من "المدونة"، قال فيه: "مَن أسلمتْ تحت نصراني ففي جنينِها ما في جنينِ النصرانية، وذلك نصفُ
عُشُرِ ديةِ أبيه".
وظاهرُ الآية إلحاقُ جميع الذرية وإنْ بَعُدُوا، لقوله (ذُرِّياتِهِمْ) بالجمع، وأفرد في قوله (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيتُهُمْ)، وهذا في الدار الآخرة.
وليس في الآية دليلٌ على أن الابن يكرم من جهة جدِّه لأمه في الدنيا.
{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} :
احتراس، وفي سورة المدثر (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمين)، فإن اتَّحَدَ زمانُ الآيتين خُصَّت هذه بتلك، وإلا كَانتْ هذه قبلُ، فيكَون جميعُ الَخَلق في الحشر وعند الحساب مُرْتَهنين بأعمالهم، ثم يدخلُ بعضُهم الجنةَ وبعضُهم النار، وقيل: هذه تدلُّ على أن الذريةَ الملْحَقين بالآباء، إنما هم الذين آمنوا وماتوا على الإيمان وهم غيرُ عاصين، أوْ عصَوا وتابوا؛ وأما غيرُ التائبين فلا يُلْحَقون بآبائهم، بلْ كلُّ امرئٍ منهم بما كسب رهين.