الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْخِيَارِ
هُوَ اسْمٌ مِنْ الِاخْتِيَارِ الَّذِي هُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ فِيهِ الْخِيَارَ رِفْقًا بِالْمُتَعَاقِدِينَ رُخْصَةً إمَّا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهُوَ خِيَارُ النَّقْصِ الْآتِي.
وَإِمَّا لِلتَّرَوِّي، وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَلَهُ سَبَبَانِ: الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا مُقَدِّمًا أَوَّلَهُمَا لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ.
وَأُجْمِعَ عَلَى الثَّانِي، فَقَالَ (يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي) كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ، وَهِيَ مَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا نَحْوُ (أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) كَبَيْعِ أَبٍ وَإِنْ عَلَا مَالَ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ وَعَكْسِهِ فَإِنْ أُلْزِمَ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ لِلْآخَرِ كَمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(بَابُ الْخِيَارِ)(قَوْلُهُ: هُوَ اسْمٌ) أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ: أَيْ اسْمٌ مَدْلُولُهُ لَفْظُ الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ هُوَ طَلَبُ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُهُ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ خَيْرًا لَهُ، أَوْ يُقَالُ: أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ: يَعْنِي أَنَّ وَضْعَهُ يَقْتَضِيهِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ نَقْلُ الْمِلْكِ وَحِلِّ التَّصَرُّفِ ب مَعَ الْأَمْنِ مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقُوَّتِهِ بِثُبُوتِهِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ شَرْعًا أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ ثَبَتَ بِهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ حَتَّى لَوْ نَفَاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ لَا يُقَالُ: كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ثَبَتَ بِحَدِيثِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» إلَخْ كَذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ «مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» .
لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ ثَبَتَ بِهِمَا حُكْمُ الْخِيَارِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي نَفْسِ الْخِيَارِ حَيْثُ ثَبَتَ بِلَا شَرْطٍ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ قَوْلَهُ مَنْ بَايَعْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ) وَمِنْ هُنَا قَدْ يُوَجَّهُ تَقْدِيمُهُ بِالِاهْتِمَامِ بِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ كَمَا وَجَّهُوا بِذَلِكَ تَقْدِيمَ صِيغَةِ الْبَيْعِ عَلَى بَقِيَّةِ أَرْكَانِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيُقَالُ قُدِّمَ: إمَّا لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ إلَخْ، وَإِمَّا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ.
قَالَ حَجّ: ذَهَبَ كَثِيرُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) إنَّمَا قَالَ نَحْوُ لِتَدْخُلَ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا فَهِيَ مَحْضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَا خِيَارَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ مَشْرُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
[بَابُ الْخِيَارِ]
(بَابُ الْخِيَارِ)(قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَعْلُولِ إلَى عِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) حَاوَلَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ
فِي الْبَسِيطِ وَبَيْعُ جَمَدٍ فِي شِدَّةِ حَرٍّ لِخَبَرِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» بِنَصَبِ يَقُولَ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ لَا بِالْعُطُفِ وَإِلَّا لَقَالَ يَقُلْ بِالْجَزْمِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَصْدَ اسْتِثْنَاءُ الْقَوْلِ مِنْ عَدَمِ التَّفَرُّقِ أَوْ جَعْلُهُ غَايَةً لَهُ لَا مُغَايِرَتُهُ لَهُ الصَّادِقَةُ بِعَدَمِ الْقَوْلِ مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ، وَزَعْمُ نَسْخِهِ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِمْ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَسْخٌ كَمَا قُرِّرَ فِي الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْ أَجَلِّهِمْ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ كَانَ يَعْمَلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَوْ بَاعَ حِينَئِذٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَتْ مَصْلَحَةُ الْفَرْعِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْأَصْلِ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْأَصْلِ إلْزَامُ الْعَقْدِ عَلَى الْفَرْعِ وَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْفَرْعِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرَاعِيَ مَصْلَحَتَهُ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْأَمْرُ فَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْفَرْعِ فِي إمْضَاءِ التَّصَرُّفِ وَالْأَصْلُ خِلَافَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْأَصْلِ الْفَسْخُ بِخِيَارِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ تَخْيِيرِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ لَزِمَ انْقِطَاعُ خِيَارِهِ بِلَا تَفَرُّقٍ وَلَا إلْزَامَ مِنْ جِهَتِهِ بِمُجَرَّدِ مُعَارَضَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا نَظِيرَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ الْأَصْلُ مَالَ أَحَدِ فَرْعَيْهِ لِلْآخَرِ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ لَهُمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَانْعَكَسَتْ مَصْلَحَتُهُمَا فَقَدْ تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ تُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ أَحَدِهِمَا وَالْفَسْخَ يُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ الْآخَرِ، فَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ لِأَنَّ فِيهِ رُجُوعًا لِمَا كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى مَنْ الْمَصْلَحَةُ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْآخَرِ فِي الْإِجَازَةِ تُبْطِلُ فَائِدَةَ الْخِيَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. فَكَمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ فِي الْإِجَازَةِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَصَرَّ بِالْفَرْعِ فَكَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ جَمَدٍ) أَيْ وَإِنْ أَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى تَلَفِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْ سم عَلَى حَجّ مَا يُفِيدُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبَيِّعَانِ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (قَوْلُهُ: «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» ) أَيْ مِنْ مَكَانِهِمَا بِدَلِيلِ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ) بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لَهُمَا مُدَّةَ انْتِفَاءِ التَّفَرُّقِ أَوْ مُدَّةَ انْتِفَاءِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْأُولَى وَإِنْ انْتَفَتْ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ وَثُبُوتُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْأُولَى بِأَنْ تَفَرَّقَا، وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَرَّرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ يَكُونُ نَفْيًا لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا لِأَحَدِهِمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ أَصْلِ وَضْعِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّفْيَ لِأَحَدِهِمَا كَمَا اعْتَرَفَ نَفْسُ الرَّضِيِّ بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إشْكَالٌ لَا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ وَلَا بِحَسَبِ اسْتِعْمَالِهَا فَيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ التَّفَرُّقِ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَلَمْ يُبَالِ بِهَذَا الْإِيهَامِ شُرَّاحُ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ جَوَّزُوا فِي رِوَايَةِ «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ» نَصْبُ الرَّاءِ وَجَزْمِهَا اهـ (قَوْلُهُ: لَا مُغَايَرَتُهُ) أَيْ الْقَوْلِ: وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ التَّفَرُّقُ (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْقَوْلِ مَعَ التَّفَرُّقِ) فِي نُسْخَةٍ بِوُجُودِ الْقَوْلِ مَعَ إلَخْ، وَكَتَبَ سم عَلَيْهَا: يَنْبَغِي مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ لَكِنَّهَا لَا تُنَاسِبُ النُّسْخَةَ الَّتِي صُورَتُهَا بِعَدَمِ الْقَوْلِ، وَإِنَّمَا تُنَاسِبُ نُسْخَةَ بِوُجُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ نَسْخَهُ) أَيْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِمْ) فِي حَجّ إسْقَاطُ جُلٍّ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ عَمَلَهُمْ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَفْسَهُ نَسْخٌ أَصْلًا، وَلَوْ اتَّفَقَ نَسْخُهُ فِي مَوْضِعٍ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ظَاهِرًا كَانَ النَّسْخُ فِي الْحَقِيقَةِ بِغَيْرِهِ غَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ وَافَقَ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ أَنَّ عَمَلَهُمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحَ جَعَلَ أَنْوَاعَ الْبَيْعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِإِدْخَالِهِ لَفْظَ نَحْوَ عَلَيْهِ مِثَالًا لِلْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لَا لِمَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ، فَمِنْ النَّحْوِ حِينَئِذٍ الْإِجَارَةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ
بِهِ (كَالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ) وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الصَّرْفِ مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ تَرَوِّي الْعَاقِدِ فِي اخْتِيَارِ الْأَفْضَلِ لَهُ.
وَالْمُمَاثَلَةُ شَرْطٌ فِي الرِّبَوِيِّ فَالْأَمْرَانِ مُسْتَوِيَانِ، فَإِذَا قُطِعَ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ يُرَدُّ بِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقَصْدَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا مُجَرَّدُ التَّشَهِّي، عَلَى أَنَّ هَذَا غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِيهَا الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ (وَالسَّلَمُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالتَّشْرِيكُ) لِشُمُولِ اسْمِ الْبَيْعِ لَهَا، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا لِسَيِّدِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ لَا بَيْعٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ، وَذَلِكَ زَمَنٌ لَطِيفٌ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ.
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَقَطْ دُونَ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ وَلَوْ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ (وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، بِخِلَافِ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ فِي الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَفِي الْعَيْنِ هِبَةٌ.
أَمَّا صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَإِجَارَةٌ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ عَدَمِ الْخِيَارِ فِيهَا وَعَلَى دَمِ الْعَمْدِ فَلَا يُرَدُّ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا.
(وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ (فَإِنْ قُلْنَا) فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ (أَوْ مَوْقُوفٌ) وَهُوَ الْأَصَحُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُسْتَنِدٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالصَّرْفِ) هُوَ بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ مَضْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي الرِّبَوِيِّ) أَيْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ: بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا) وَأَيْضًا فَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِالْمَفْضُولِ أَوْ الْمُسَاوِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ فِيهَا) أَيْ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَمْنَعُ أَنَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الرِّبَوِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) أَيْ إذْ الْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْمُسَاوَاةِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَإِنْ اخْتَلَفَا جُودَةً وَرَدَاءَةً (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ إلَخْ) جَزَمَ بِهَذَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَتْنِ مَنْهَجِهِ وَصَرِيحُ الشَّارِحِ أَنَّهُ بَحْثٌ لِلزَّرْكَشِيِّ، وَعَلَيْهِ فَاللَّائِقُ نِسْبَتُهُ لَهُ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ فَإِنَّ الْجَزْمَ بِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ يُوهِمُ أَنَّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ الْجَزْمِ يُوَافِقُهُ مَا فِي حَجّ حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُهُ: أَيْ بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ اهـ (قَوْلُهُ: الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ) وَمِثْلُهُ الْحَوَالَةُ فَلَا خِيَارَ فِيهَا وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ اهـ مَتْنُ مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا خِيَارَ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيرٌ آخَرُ) أَيْ زَمَنٍ آخَرَ يَتَمَكَّنُ فِيهِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ: مُجْبَرٌ عَلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْقِسْمَةِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فِي الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ فَلَا يُنَافِي امْتِنَاعُ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ رُفِعَتْ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ وَصُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَارٍ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بَيْعًا لِكَوْنِهِ خُلْعًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ) هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الشَّيْءِ عَلَى بَعْضِهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَدِمَ الْخِيَارُ فِيهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى دَمِ الْعَمْدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ سِيَاقِهِ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِأَنْوَاعِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ) .
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَك أَوْ مَلَكْته فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ لِلْعَبْدِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْت حُرٌّ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ نَظَرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ أَوَّلًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ مَمْلُوكًا لَهُ، فِيهِ نَظَرُ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي فَصْلِ خِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَتَعْلِيقُهُ لَغْوٌ: أَيْ إجْمَاعًا فِي الْمُنْجِزِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ اهـ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك بَيْعًا صَحِيحًا فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَعْتِقُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الْعِتْقُ عَقِبَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَيَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَطِيبِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .