الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاسْمِ بِهِ فَيَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُمَا، وَالثَّانِي لَا بَلْ يَفْسُدُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي.
فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ وَقَدْ مَرَّ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ: الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي الْمَتْنِ، وَحُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَامِسُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَحِينَئِذٍ (يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) بِلَا مَشَقَّةٍ كَبِيرَةٍ (عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ) وَذَلِكَ بِالْعَقْدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَبِالْحُلُولِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، لِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مُنْقَطِعٍ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ الْحُلُولِ كَرُطَبٍ فِي الشِّتَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ حُصُولَهُ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ كَقَدْرِ كَثِيرٍ مِنْ الْبَاكُورَةِ، وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ كَوْنِهِ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَلِيُبَيِّنَ بِهِ مَحَلَّ الْقُدْرَةِ الْمُفْتَرِقَيْنِ فِيهَا، فَإِنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ تُعْتَبَرُ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَهُنَا يُعْتَبَرُ هَذَا تَارَةً وَتَارَةً يُعْتَبَرُ الْحُلُولُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيَأْتِي فِي تَعْبِيرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَوَّلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الرَّبِيعَيْنِ وَجَمَادَيْنِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى، وَقَالَ إلَى رَبِيعٍ أَوْ جُمَادَى فَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ حَمْلُهُ عَلَى أَوَّلِ رَبِيعٍ الثَّانِي إذَا وَرَدَ الْعَقْدُ بَعْدَ انْسِلَاخِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَوْلُهُ: بَلْ يُتَمِّمْ مِنْهُ الْمُنْكَسِرَ: أَيْ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ، فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا وَأُجِّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اُكْتُفِيَ بِالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ مُطْلَقًا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكَذَا رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إنْ نَقَصَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَمُلَ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَحِلُّ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْهُ. .
(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَحُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: بِلَا مَشَقَّةٍ كَبِيرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ فِي تَحْصِيلِهِ إلَى مَوْضِعِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ظَنَّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ صِحَّةَ الْعَقْدِ اكْتِفَاءً بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَا نَظَرًا لِعَقْدِ الشَّرْطِ ظَاهِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ الْعِبْرَةُ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ: أَيْ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ يُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ شُرُوطٌ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلْيُبَيِّنْ بِهِ مَحَلَّ الْقُدْرَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ مُحَصِّلَ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأُمُورَ الْمُعْتَبَرَةَ سَبْعَةٌ لَيْسَ مِنْهَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَهُوَ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَيُحْوِجُ إلَى تَأْوِيلِ الْعِبَارَةِ بِمَا يُخْرِجُهَا عَنْ عَدِّهَا شَرْطًا (قَوْلُهُ: الْمُفْتَرِقَيْنِ) أَيْ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ) أَيْ الْقُدْرَةُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ إذْ الْمَعْنَى لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ لصحة السَّلَم]
فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ) هَذَا وَإِنْ نَفَعَ فِي مُجَرَّدِ تَصْرِيحِهِ بِهَذَا الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ سَبْعَةٌ وَقَوْلُهُ: وَلِيُبَيِّنَ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْحَصِرُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ جَوَابٌ عَنْ عَدِّ هَذَا شَرْطًا زَائِدًا عَنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ.
بِالتَّسْلِيمِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ) وَلَوْ بَعِيدًا (صَحَّ) السَّلَمُ فِيهِ (إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (لِلْبَيْعِ) لِلْقُدْرَةِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ كَثِيرًا لِفَهْمِهِ مِنْ الِاعْتِيَادِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِنَحْوِ الْبَيْعِ بِأَنْ نُقِلَ لَهُ نَادِرًا أَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَصْلٌ أَوْ نُقِلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَوْ انْقَطَعَ فَإِنْ وَجَدَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا قُرْبَ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ هُنَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَاعْتِيَادُ نَقْلِهِ لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَافٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَحْقِيقِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ، وَاعْتِبَارُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ تَبِعَهُمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ)(أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ) وُجُودُهُ (فَانْقَطَعَ) جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ لِجَائِحَةٍ أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ وُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ وَكَانَ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ أَصْلًا أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (فِي مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ وَكَذَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا هَذِهِ الْحَالَةُ وَهِيَ كَوْنُهُ حَالًّا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنُهُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَكِنَّ هَذَا بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ فَلَوْ أُسْقِطَ مُطْلَقًا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) مِنْ أَنَّ قُدْرَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ كَمَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ اُكْتُفِيَ بِقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى انْتِزَاعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ السَّلَمَ إنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى إقْبَاضِهِ.
قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعُدَ مِثْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ: وَأَمَّا ثَالِثًا فَلَا نُسَلِّمُ هَذَا الْفَرْقَ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ مَلَكَ قَدْرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فَقَالَ الْمُسْلِمُ الْقَادِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ: تَسَلَّمْهُ عَنْ حَقِّك فَتَسَلَّمَهُ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، فَهَذَا تَسَلُّمٌ أَجْزَأَ فِي السَّلَمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ كَثِيرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَادِرًا (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاعْتِيَادِ) قَدْ يُمْنَعُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الِاعْتِيَادِ الْكَثْرَةُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَادَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُعَاوِدُهَا: أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَعَوَّدْته كَذَا فَاعْتَادَهُ وَتَعَوَّدْته: أَيْ صَيَّرْته لَهُ عَادَةً، وَاسْتَعَدْت الرَّجُلَ: سَأَلْته أَنْ يَعُودَ، وَاسْتَعَدْته الشَّيْءَ: سَأَلْته أَنْ يَفْعَلَهُ ثَانِيًا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَعْتَدْ الْمُهْدَى إلَيْهِ بَيْعُهَا وَإِلَّا فَتَكُونُ كَالْمَنْقُولِ لِلْبَيْعِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الْمُهْدَى إلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ وَقَدْ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ إلَى كَافِرٍ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ وَأَسْلَمَ لِنُدْرَةِ مِلْكِهِ لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ كَثِيرًا وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: صَيِّرْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ بَلْ هِيَ عَلَى النَّاقِلِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ عَيَّنَا لِلتَّسْلِيمِ غَيْرَ مَحَلِّ الْعَقْدِ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ، هَذَا، وَقَالَ حَجّ: أَمَّا لَوْ جَدَّ عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ بِذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَفَارَقَ الْغَاصِبُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ، فَالزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ نَمَاءِ مَا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَأَيْضًا فَالسَّلَمُ عَقْدٌ وُضِعَ لِلرِّبْحِ فَلَزِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ تَحْصِيلُ هَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ، وَالْغَصْبُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ مَطْلُوبَةٌ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ) أَيْ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا خِيَارَ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ قَدْ يَشْمَلُهُ مَا قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَقْتَ حُلُولِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ وَقْتِ الْحُلُولِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْتٌ يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَيَكُونُ وَقْتًا لِلْحُلُولِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ حَلَّ الدَّيْنُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَطْلِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ إفْلَاسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَرَدَّ بِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ: أَيْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ.
وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهَا وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ عَلَا سِعْرُهُ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَيْضًا فَالْغَاصِبُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فَهُنَا أَوْلَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْغَصْبِ وَمَا هُنَا بِمَا لَا يُجْدِي، وَفِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خُذْ رَأْسَ مَالِكَ (بَيْنَ فَسْخِهِ) فِي جَمِيعِهِ دُونَ بَعْضِهِ الْمُنْقَطِعِ فَقَطْ (وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ) فَيُطَالِبُهُ بِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَخِيَارُهُ عَلَى التَّرَاخِي فَلَوْ أَجَازَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْفَسْخُ مُكِّنَ مِنْهُ وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ (وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ) وَلَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ: وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِّ.
(وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ الْغَرَرَ فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَعْلُومَ الْقَدْرِ)(كَيْلًا) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ وَزْنًا) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ عَدًّا) فِيمَا يُعَدُّ كَاللَّبَنِ وَالْحَيَوَانِ (أَوْ ذَرْعًا) فِيمَا يُذْرَعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَحِلُّ بِالْكَسْرِ، وَاسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ مِنْهُ عَلَى مَفْعَلُ بِالْكَسْرِ.
أَمَّا اسْمُ الْمَكَانِ مِنْ حَلَّ بِمَعْنَى نَزَلَ بِالْمَكَانِ فَبِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لُغَةً لِأَنَّ مُضَارِعَهُ يَحِلُّ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ، وَلَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ بِتَقْصِيرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَقْتَ الْمَحَلِّ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ غَيْبَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَقْتَ الْحُلُولِ ثُمَّ حَضَرَ فَوَجَدَهُ انْقَطَعَ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ بَعْدَ الْحِلِّ اهـ رحمه الله.
أَقُولُ: وَكَذَا هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ امْتِنَاعَ الْمُسْلِمِ مِنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَ عَرْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ الْمُسْلِمُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ مُقَابِلُهُ وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُسْلِمِ لِكَوْنِ الْفَسْخِ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ أَنَّ الْمُسْلِمَ هُنَا لَا خِيَارَ لَهُ لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّقَبَةِ) أَيْ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي الْبَلَدِ، أَوْ كَانَ وَشَقَّ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَاضٍ، أَوْ كَانَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِ إمَّا مُطْلَقًا، أَوْ امْتَنَعَ إلَّا بِرِشْوَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: خُذْ رَأْسَ مَالِكِ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: دُونَ بَعْضِهِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ قَهْرًا، أَمَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ وَظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا زَادَ حَجّ: وَإِنْ قَبَضَ مَا عَدَاهُ وَأَتْلَفَهُ فَإِذَا فَسَخَهُ لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَرَجَعَ بِرَأْسِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُوجَدَ) أَيْ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ) أَيْ الِانْقِطَاعُ.
(قَوْلُهُ: مَعْلُومَ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَلَوْ إجْمَالًا كَمَعْرِفَةِ الْأَعْمَى الْأَوْصَافَ بِالسَّمَاعِ وَالْعَدْلَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا الصِّفَاتِ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَلَا تَحْصُلُ تِلْكَ الْفَائِدَةُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمَا تَفْصِيلًا، كَذَا قَالَهُ فِي الْقَوْتِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ، وَأَطْلَقَ جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْبُقُولِ وَزْنًا كَمَا سَبَقَ، وَجَعَلَهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُقْصَدُ مِنْهُ شَيْئًا كَالْخَسِّ وَالْفُجْلُ يُقْصَدُ لُبُّهُ وَوَرَقُهُ فَالسَّلَمُ فِيهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَافِهِ، وَقِسْمٌ كُلُّهُ مَقْصُودٌ كَالْهِنْدَبَا فَيَجُوزُ وَزْنًا، وَقِسْمٌ يَتَّصِلُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ وَهُوَ اللِّفْتُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ اهـ.
وَكَانَ الْمُرَادُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ وَرَقِهِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَنْبَغِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي حَتَّى يُوجَدَ
.
لِلْخَبَرِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ بِمَا فِيهِ (وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ) أَيْ سَلَمُهُ (وَزْنًا وَعَكْسَهُ) حَيْثُ كَانَ الْكَيْلُ يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ فَيَجُوزُ وَمَا جُرْمُهُ كَجُرْمِهِ أَوْ أَقَلَّ، وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الرِّبَوِيِّ بِأَنَّ الْغَالِبَ ثَمَّ التَّعَبُّدُ، وَلِهَذَا كَفَى الْوَزْنُ بِنَحْوِ الْمَاءِ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فَيَتَعَيَّنُ وَزْنُهُ لِأَنَّ يَسِيرَهُ مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، بِخِلَافِ اللَّآلِئِ الصِّغَارِ لِقِلَّةِ تَفَاوُتِهَا فَهِيَ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي نَقْلِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ فِيمَا يُعَدُّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِي مِثْلِهِ وَسُكُوتِهِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ جَوَازَ السَّلَمِ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَمَا عُلِمَ وَزْنُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدِ يَكْفِي فِيهِ الْعَدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا الِاسْتِيفَاءُ، بَلْ لَا بُدَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْجَوَازُ بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ أَوْ رُءُوسِهِ لِزَوَالِ الِاخْتِلَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى رُءُوسِ الْخَسِّ وَالْفُجْلِ لَا عَلَى بِزْرِهِمَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِهِ فِي الْفُجْلِ وَنَحْوِهِ وَزْنًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِوَرَقِهِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْبُقُولِ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَسَائِرِ الْأَزْهَارِ وَزْنًا لِانْضِبَاطِهَا وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ: كَجَوْزٍ وَمَا جُرْمُهُ إلَخْ) وَفِي الرِّبَا جَعَلُوا مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا مَا كَانَ قَدْرَ التَّمْرِ فَأَقَلَّ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الرِّبَا التَّعَبُّدَ اُحْتِيطَ لَهُ، فَقَدْرُ مَا لَمْ يُعْهَدْ كَيْلُهُ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّمْرِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَكِيلًا فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى مَا مَرَّ بِخِلَافِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ عُلِمَ مِقْدَارُ مَا يُفْرَضُ فِيهِ مِنْ الظُّرُوفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْوَزْنِ فَيَجُوزُ الْقَبْضُ بِهِ هُنَا، وَمِنْ نَحْوِ الْمَاءِ الْأَدْهَانُ الْمَائِعَةُ كَالزَّيْتِ (قَوْلُهُ: كَفُتَاتِ) بِضَمِّ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ أَنَّ مَحَلَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي النُّورَةِ الْمُتَفَتِّتَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا؛ لِأَنَّهَا بِفَرْضِ أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ فَالْمَوْزُونُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا إذَا عُدَّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِيهِ بِأَنْ لَا يَعْظُمَ خَطَرُهُ؛ إذْ لَمْ يُخْرِجُوا مِنْ هَذَا الضَّابِطِ إلَّا مَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى مَا فِيهِ، وَظَاهِرٌ عَدَمِ صِحَّةِ قِيَاسِ النُّورَةِ عَلَى مِثْلِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُبَابِ صَرَّحَ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا كَيْلًا وَوَزْنًا فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ فِي نَوَاحِينَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا كَيْلًا تَمَسُّكًا بِمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْوَزْنِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَنْفِي الصِّحَّةَ بِالْكَيْلِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ مَفْرُوضَةٌ فِي النُّورَةِ الْمَجْلُوبَةِ أَحْجَارًا قَبْلَ طَبْخِهَا وَتَفَتُّتِهَا كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ أَتَمَّ إيضَاحٍ فِي مُؤَلَّفٍ وَضَعْتُهُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ هَذَا هُوَ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: وَسُكُوتِهِ) أَيْ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَقْلِهِ وَقَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ أَيْ الرَّافِعِيَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ حَمَلَ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا، بِخِلَافِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ فِيهِ مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ، فَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ سَاكِتًا عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَعْنِي الرَّافِعِيَّ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا، فَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ: فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هَهُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ فِيهِمَا ضَابِطًا؛ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَرْكِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ.
مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ الْإِيفَاءِ، وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ: لَا يُسْلِمُ فِي النَّقْدَيْنِ إلَّا وَزْنًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا جُهِلَ وَزْنُهُ، بَلْ لَعَلَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِي إرَادَةِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ كَيْلًا (وَلَوْ)(أَسْلَمَ فِي مِائَةِ) ثَوْبٍ أَوْ (صَاعِ حِنْطَةٍ) مَثَلًا (عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا)(لَمْ يَصِحَّ) لِعِزَّةِ الْوُجُودِ، بِخِلَافِ الْخَشَبِ فَإِنَّ زَائِدَهُ يُنْحَتُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ لَا يُقَالُ: الصَّاعُ اسْمٌ لِلْوَزْنِ فَلَوْ قَالَ مِائَةُ صَاعٍ كَيْلًا لَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ: لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ فِي الصَّاعِ الْكَيْلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْبِطُهُ ضَبْطًا عَامًّا (وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَالْبَاذِنْجَانِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (وَالْقِثَّاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالسَّفَرْجَلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَالرُّمَّانِ)(وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ كَالرَّانِجِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالْبُقُولِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا عَدٌّ لِكَثْرَةِ تَفَاوُتِهَا وَلَا عَدَّ مَعَ وَزْنٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ فِي نَحْوِ بِطِّيخَةٍ أَوْ سَفَرْجَلَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذِكْرِ حَجْمِهَا مَعَ وَزْنِهَا وَذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ.
نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْوَزْنَ التَّقْرِيبِيَّ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ حِينَئِذٍ فِي الصُّورَتَيْنِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا مَرَّ فِيمَا يُعَدُّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ وَقْتَ الِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ: مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ وَهُوَ النَّقْدَانِ فَهُوَ حَصْرٌ إضَافِيٌّ قُصِدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْكَيْلِ لَا تَعَيُّنُ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْبَاذِنْجَانِ) .
[تَنْبِيهٌ] فِي اشْتِرَاطِ قَطْعِ أَقْمَاعِ الْبَاذِنْجَانِ احْتِمَالَانِ لِلْمَاوَرْدِيِّ، رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُمَا الْمَنْعَ قَالَ: لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي بَيْعِهِ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلِاشْتِرَاطِ قَوْلُ الْإِمَامِ: إذَا أَسْلَمَ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ لَا يَقْبَلُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ وَيَقْطَعُ مَجَامِعَ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ: أَيْ الْوَرَقِ اهـ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيمَا ذَكَرَ فِي الْقَصَبِ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَقْمَاعِ فَسُومِحَ هُنَا لَا ثَمَّ اهـ حَجّ: وَقَالَ سم: لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحُ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ اهـ أَقُولُ: بَلْ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَحَّ بِدُونِ اشْتِرَاطٍ، وَلَكِنْ إذَا أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْوَرَقِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ) أَيْ وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْقِثَّاءُ فُعَالٌ وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِمَا يَقُولُ لَهُ النَّاسُ الْخِيَارُ وَالْعَجُوزُ وَالْفَقُّوسُ، الْوَاحِدَةُ قِثَّاءَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْضُ النَّاسِ يُطْلِقُ الْقِثَّاءَ عَلَى نَوْعٍ يُشْبِهُ الْخِيَارَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ حَنِثَ بِالْقِثَّاءَةِ وَالْخِيَارِ، وَيُقَالُ هُوَ الْخِيَارُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَوْعًا غَيْرَهُ فَإِنْ صَحَّ فَتَفْسِيرُ الْقِثَّاءِ بِالْخِيَارِ تَسَامُحٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَالرُّمَّانِ) وَاللَّيْمُونِ وَالنَّارِنْجِ وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ وَزْنًا فَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوْزِ وَكِيلًا أَوْ وَزْنًا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالرَّانِجِ) اسْمٌ لِجَوْزَةِ الْهِنْدِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَلَا لِلْجُمْلَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَالْبِطِّيخَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْعَدَدُ مِنْ الْبِطِّيخِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، فَلَوْ أَتْلَفَ إنْسَانٌ عَدَدًا مِنْ الْبِطِّيخِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مِثْلِيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ يَضْمَنُ وَزْنَهُ بِطِّيخًا لِأَنَّهُ مَعَ النَّظَرِ لِمُجَرَّدِ الْوَزْنِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَامْتِنَاعُهُ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ذِكْرِ عَدَدٍ مِنْ وَزْنِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ مَا تَحَرَّرَ مِنْ الْمُبَاحَثَةِ مَعَ مَرَّ أَنَّ الْعَدَدَ مِنْ الْبِطِّيخِ مِثْلِيٌّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فَيَضْمَنُ بِمِثْلِهِ إذَا تَلِفَ، وَإِنَّمَا يَعْرِضُ لَهُ امْتِنَاعُ السَّلَمِ فِيهِ إذَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ الْغَيْرِ التَّقْرِيبِيِّ وَأَنَّ الْبِطِّيخَةَ الْوَاحِدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ فَتُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ السَّلَمِ فِيهَا وَإِنْ عَرَضَ جَوَازُهُ فِيهَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ اهـ سم.
أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَقَدَّرَ بِالْوَزْنِ وَقَدْ أَسْلَمَ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْبِطِّيخِ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَزْنِ التَّحْدِيدِيِّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ إذَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْعَدَدِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ حِينَئِذٍ فِي إلَخْ، وَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْبِطِّيخَةِ الْوَاحِدَةِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ وَيُرِيدُ التَّقْرِيبِيَّ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ سم لَفْظُ " الْغَيْرِ " بَعْدَ قَوْلِهِ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ وَإِنْ عَرَضَ جَوَازُهُ فِيهَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْوَزْنَ بِالتَّقْرِيبِيِّ أَوْ أَطْلَقَهُ وَقُلْنَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) هُمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِانْتِفَاءِ عِزَّةِ الْوُجُودِ إذْ ذَاكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ جَمَعَ فِي ثَوْبٍ بَيْنَ ذَرْعِهِ وَوَزْنِهِ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ ذِكْرَ حَجْمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَيُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ.
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ) وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْبُنَّ الْمَعْرُوفَ الْآنَ (وَاللَّوْزِ) وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ فِي قِشْرِهَا الْأَسْفَلِ لَا الْأَعْلَى إلَّا قَبْلَ انْعِقَادِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (بِالْوَزْنِ فِي نَوْعٍ يَقِلُّ) أَوْ يَكْثُرُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْوَسِيطِ (اخْتِلَافُهُ) بِغِلَظِ الْقُشُورِ وَرِقَّتِهَا لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي الرِّبَا فَهَذَا أَوْلَى إذْ الرِّبَا أَضْيَقُ مِمَّا هُنَا وَقَدَّمُوا مَا فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِأَنَّهُ تَبِعَ فِيهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لَا مُخْتَصَرِهِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ (وَكَذَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (كَيْلًا)(فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ وَالثَّمَرِ.
وَالثَّانِي لَا لِتَجَافِيهِمَا فِي الْمِكْيَالِ وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْمِشْمِشِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوَاهُ كِبَرًا وَصِغَرًا (وَيُجْمَعُ فِي اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ الطُّوبُ الَّذِي يُحَرَّقُ (بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ) اسْتِحْبَابًا فَيَقُولُ مَثَلًا عَشْرُ لَبِنَاتٍ زِنَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا لِأَنَّهَا تُضْرَبُ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا تُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَوَزْنُهُ تَقْرِيبٌ وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْعَدُّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَ كُلٍّ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينِ كَذَا. وَلَا بُدَّ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يُعْجَنَ بِنَجِسٍ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي آجُرَّ كَمُلَ نُضْجُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِيهِ مَا شَرَطَ فِي اللَّبِنِ وَفِي خَزَفٍ إنْ انْضَبَطَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُنَاوَرَةِ وَالْكَوْزِ (وَلَوْ عَيَّنَ مِكْيَالًا) أَوْ مِيزَانًا أَوْ ذِرَاعًا أَوْ صَنْجَةً: أَيْ فَرْدًا مِنْ ذَلِكَ (فَسَدَ) السَّلَمُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (إنْ لَمْ يَكُنْ) مَا عَيَّنَ (مُعْتَادًا) كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ، بِخِلَافِ بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذِكْرُ الْوَزْنِ وَالْعَدِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ السَّلَمُ فِي الْوَاحِدَةِ مَعَ ذِكْرِ وَزْنِهَا فَالطَّرِيقُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَقُولَ فِي قِنْطَارٍ مَثَلًا مِنْ الْبِطِّيخِ تَقْرِيبًا حَجْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مَا لَمْ يُرِدْ الْوَزْنَ التَّقْرِيبِيَّ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْبُنَّ) مُعْتَمَدٌ زَادَ حَجّ: وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ الْوَجْهُ صِحَّتُهُ فِي لُبِّهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ بِنَزْعِ قِشْرِهِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، بِخِلَافِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي لُبِّهِمَا وَحْدَهُ لِأَنَّهُ إذَا نُزِعَتْ قِشْرَتُهُ السُّفْلَى أَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَالْمُرَادُ بِلُبِّ الْبُنِّ مَا هُوَ الْمَوْجُودُ غَالِبًا مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي نُزِعَ قِشْرُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا قَبْلَ انْعِقَادِهِ) أَيْ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ،
وَظَاهِرُهُ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْجَوْزِ وَمَا مَعَهُ، وَيُتَأَمَّلُ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا اللَّوْزَ فَإِنَّهُ قَبْلَ انْعِقَادِ قِشْرِ الْأَعْلَى لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا لَهُ كُمَّانِ وَيُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِهِ عَلَى اللَّوْزِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ بِنَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُ قُشُورِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْمِشْمِشِ) كَالْخَوْخِ وَالتِّينِ وَمَحَلُّ جَوَازِهِ بِالْكَيْلِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ جُرْمُهُمَا عَلَى الْجَوْزِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّابُونُ لِتَأَتِّي الْعِلَّةِ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْفَرْعِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَوَزْنُهُ تَقْرِيبٌ) بِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْجَمْعِ فِي كُلِّ لَبِنَةٍ بَيْنَ الْوَزْنِ وَبَيَانِ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَثِخَنِهَا بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ سم عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَفِي خَزَفٍ) أَيْ وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَوَانِي الْخَزَفِ، وَسَيَأْتِي لَهُ، نَقَلَهُ عَنْ الْأُشْمُونِيِّ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْفَخَّارِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ: أَيْ مِنْ الْعُمُومِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَنْجَةً) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ بِالسِّينِ وَلَا يُقَالُ بِالصَّادِ، وَعَكَسَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَتَبِعَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فَقَالَ: صَنْجَةُ الْمِيزَانِ بِالصَّادِ وَلَا يُقَالُ بِالسِّينِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ التَّهْذِيبِ سَنْجَةٌ وَصَنْجَةٌ وَالسِّينُ أَعْرَبُ وَأَفْصَحُ فَهُمَا لُغَتَانِ، وَأَمَّا كَوْنُ السِّينِ أَفْصَحَ فَلِأَنَّ الصَّادَ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَجَازَ صَدَقَ الْبَائِعُ فِي قَدْرِ مَا يَحْوِيهِ الْكُوزُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا لَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا بِأَنْ عَرَفَ قَدْرَ مَا يَسَعُ (فَلَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِعَدَمِ الْغَرَضِ فِيهِ فَيَقُومُ غَيْرَ مَقَامِهِ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ مَعَهُمَا بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي أَوْصَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ كَهَذَا أَوْ صَاعِ بُرٍّ كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ فِي ثَوْبٍ وَوَصَفَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ آخَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ جَازَ إنْ كَانَا ذَاكِرَيْنِ لِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الْوَصْفَ.
وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِتَعَرُّضِ الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ لِلتَّلَفِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ وَالْمَوَازِينُ وَالذُّرْعَانُ اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَالِبٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتِيدَ كَيْلٌ مَخْصُوصٌ فِي حَبٍّ مَخْصُوصٍ بِبَلَدِ السَّلَمِ فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَلَوْ)(أَسْلَمَ فِي) قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ (ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ)(لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَذَلِكَ غَرَرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا غَالِبًا فَالْمَدَارُ عَلَى كَثْرَةِ ثَمَرِهَا بِحَيْثُ يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ عَادَةً وَقِلَّتُهُ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ كَذَلِكَ لَا عَلَى كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا فَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُنَاسِبُ شَرْطَ الْقُدْرَةِ لَا شَرْطَ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ مِنْ التَّنَاسُبِ، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الثَّمَرُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَتَى بِالْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.
(وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي) تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي الَّتِي يَنْضَبِطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِهَا وَ (يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ الْمَعْلُومِ لَهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْبُرِّ مُعَيَّنًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُمَا بِذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ الْمِكْيَالُ (قَوْلُهُ: كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَلَا تُعْلَمُ صِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهَا لِلْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ) مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ بِمِصْرِنَا مِنْ تَفَاوُتِ كَيْلِ الرُّمَيْلَةِ وَكِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ مَكَايِيلِ مِصْرَ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ إنْ كَانَا مِنْ الرُّمَيْلَةِ حُمِلَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إرَادَتُهُمَا لِوَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ نَوَيَا نَقْدًا مِنْ نُقُودٍ لَا غَالِبَ فِيهَا اهـ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي التَّحَالُفِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ قَدْرَ الْمَبِيعِ تَحَالُفًا.
(قَوْلُهُ: أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ كَأَنْ يَقُولُ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي جَمِيعِ ثَمَرِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَمًا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ) هُمَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ الْمُسْلِمُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: مَحَلُّ عَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ إنْ تَعَلَّقَ بِخُصُوصِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ غَرَضٌ لِلْمُسْلِمِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِمَذْكُورٍ بِجَامِعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا احْتِمَالُ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعِلَّةُ الصِّحَّةِ فِيهِمَا الْأَمْنُ مِنْ التَّلَفِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
. (قَوْلُهُ: لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ الْآتِي، أَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ مِنْ أَنَّ مَقْصُودَ الْمُصَنِّفِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَوْصَافِ مَعْرُوفَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا حَاجَةَ
اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا، إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ إلَّا بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا يُتَسَامَحُ عَادَةً بِإِهْمَالِهِ كَالْكُحْلِ وَالسَّمْنِ، وَمَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ كَكِتَابَةِ الْقِنِّ وَزِيَادَةِ قُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِاشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْبَكَارَةِ أَوْ الثُّيُوبَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الثُّيُوبَةِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ وُجُودُهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ، وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ سَارِقًا أَوْ زَانِيًا مَثَلًا صَحَّ بِخِلَافِ كَوْنِهِ مُغَنِّيًا أَوْ عَوَّادًا مَثَلًا: وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ مَعَ خَطَرِهَا تَسْتَدْعِي طَبْعًا قَابِلًا وَصِنَاعَةً دَقِيقَةً فَيَعِزُّ وُجُودُهُمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَ) يُشْتَرَطُ (ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ) مُقْتَرِنَةً بِهِ لِيَتَمَيَّزَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ نَعَمْ لَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَا أَرَدْنَا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ مَا كُنَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ صَحَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ، وَقَالَ لِآخَرَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ (عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَنُضْجِهِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْهُ مَحْضُ تَعَنُّتٍ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ: لَمْ يَظْهَرْ حِينَئِذٍ فَرْقٌ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْأَجْوَدِ، وَلَا مَعْنَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ تَعَيُّنِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِتَعَيُّنِهِ اسْتِحْقَاقُ الطَّلَبِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْإِخْبَارَ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا غَرَضَ يَتَعَلَّقُ بِثَمَرِ الْقَرْيَةِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ ذِكْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ (قَوْلُهُ: كَالْكَحَلِ وَالسِّمَنِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ شَرَطَهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ) أَيْ وَمَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ إذَا اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَكُلٌّ مِنْ الثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ، فَإِذَا شَرَطَ الْبَكَارَةَ لَا يَجِبُ قَبُولُ الثَّيِّبِ، وَإِنْ شَرَطَ الثُّيُوبَةَ وَجَبَ قَبُولُ الثَّيِّبِ إذَا أَحْضَرَهَا.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ قَبُولِ الْأَجْوَدِ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَ لَهُ الْبِكْرَ وَجَبَ قَبُولُهَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِالثَّيِّبِ لِضَعْفِ آلَتِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا هُوَ أَجْوَدُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ سَارِقًا أَوْ زَانِيًا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَتَى لَهُ بِغَيْرِ سَارِقٍ وَلَا زَانٍ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَوَّادًا) أَيْ أَوْ قَوَّادًا (قَوْلُهُ: صَحَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ عَمِيرَةُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ سم (قَوْلُهُ: لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) أَفْهَمَ ذِكْرُ هَذَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعَ سُكُوتِهِمْ عَنْهُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
إلَى قَوْلِهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ إلَّا بِذَلِكَ) هَذِهِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلْمَتْنِ، بَلْ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي التُّحْفَةِ، فَكَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا الْأَصْلُ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ مَعَ خَطَرِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ لَفَّقَهُ مِنْ فَرْقَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُخَالِفُ قَضِيَّةَ الْآخَرِ وَعِبَارَتَهُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَتِلْكَ أُمُورٌ تَحْدُثُ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا فَرْقٌ لَا يَقْبَلُهُ ذِهْنُكَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ الْفَرْقُ صَحِيحٌ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْغِنَاءَ وَالضَّرْبَ بِالْعُودِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَلُّمِ وَهُوَ مَحْظُورٌ وَمَا أَدَّى إلَى الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ، بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ فَهُوَ كَالسَّلَمِ فِي الْعَبْدِ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّهَا أَوْصَافُ نَقْصٍ تَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ فَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ فَصَحَّ، قَالَ: لَكِنْ يُفَرَّقُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْغِنَاءَ وَنَحْوَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَلُّمِ مِنْ الطَّبْعِ الْقَابِلِ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ شَاعِرٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ اهـ.
وَعَلَى الْفَرْقِ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغِنَاءِ مَحْظُورًا: أَيْ بِآلَةِ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَصَرَّحَ
أَيْ قِلَّتِهِ لِأَنَّ السَّلَمَ غَرَرٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يُوثَقُ بِتَسْلِيمِهِ.
(فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلَطِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ (كَهَرِيسَةٍ) وَكَشَكٍّ وَمَخِيضٍ فِيهِ مَاءٌ عَلَى مَا مَثَّلَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا سَبَبُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ انْضِبَاطِ حُمُوضَتِهِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلٍّ نَحْوِ التَّمْرِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ فَإِنَّ قَوَامَهُ بِهِ، بِخِلَافِ هَذَا إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْمَصْلُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مَعَ قَصْدِ أَرْكَانِهِ
لِأَنَّا نَمْنَعُ قَصْدَ الْمَاءِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَبْذُولِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ اللَّبَنُ (وَمَعْجُونٍ) رُكِّبَ مِنْ جُزْأَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (وَغَالِيَةٍ) وَهِيَ مَا رُكِّبَ مِنْ عَنْبَرٍ وَمِسْكٍ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ أَوْ عُودٌ وَكَافُورٌ وَمِثْلُهَا النَّدُّ بِفَتْحِ النُّونِ مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ خُلِطَ مِنْ غَيْرِ دُهْنٍ (وَخُفٍّ) وَنَعْلٍ رُكِّبَا مِنْ ظِهَارَةٍ وَبِطَانَةٍ وَحَشْوٍ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذِكْرِ انْعِطَافَاتِهَا وَأَقْدَارِهَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ مُفْرَدٍ إنْ كَانَ جَدِيدًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ لِقَبْضِهِ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَالْمَجْلِسُ لَا يَدُومُ عُرْفًا، فَعِزَّةُ وُجُودِهِ لَا تُؤَدِّي إلَى تَنَازُعٍ أَصْلًا لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ السَّلَمُ وَإِلَّا فَلَا، عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ حُضُورُ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُمَا دُهْنٌ) أَيْ دُهْنٌ بَانَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَاوَرْدِيُّ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ مُبَاحًا اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ إذْ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ لَا تُعْرَفُ أَوْصَافُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ) أَيْ: مَعَ عَدَمِ مَنْعِهِ لِمَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ، كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِمَقْصُودِ الْمَخِيضِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوتِهِ.
فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا خَالَطَهُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ مَخِيضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي إذْ الضَّمِيرُ فِي كَلَامِهِ يَرْجِعُ إلَى اللَّبَنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ عَيْبٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، فَكَوْنُهَا عَيْبًا فِيهِ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ قَصْدِ بَعْضِ أَرْكَانِهِ فَقَطْ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ، فَالْإِيرَادُ حِينَئِذٍ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْأَرْكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ مُقْتَضٍ لِلصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي، فَالصَّوَابُ مَا فِي التُّحْفَةِ، عَلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ شِبْهَ تَنَاقُضٍ حَيْثُ أَثْبَتَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْمَاءَ مَقْصُودٌ وَلَمْ يُورِدْهُ عَلَى لِسَانِ قَائِلٍ ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ زِيَادَةُ لَفْظِ بَعْضٍ قَبْلَ لَفْظِ أَرْكَانِهِ وَهِيَ لَا تُلَائِمُ الْجَوَابَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُودٍ وَكَافُورٍ) أَيْ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ وَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِقَ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعُودٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الظِّهَارَةِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَشْوِ، وَالْعِبَارَةُ تَضِيقُ عَنْ الْوَفَاءِ بِذِكْرِ أَطْرَافِهَا وَانْعِطَافَاتِهَا