الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِتْقِهِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ، وَذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ دَيْنَهُ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ دَيْنَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ، وَفِيهَا لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ سَيِّدِهِ أَلْفًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَمَاتَ فَالسَّيِّدُ كَأَحَدِ الْغُرَمَاءِ يُقَاسِمُهُمْ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا فَضَلَ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ (وَلَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ) أَيْ الْقِنَّ كُلَّهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ مَا عَدَا الْمُكَاتَبِ (وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ إذْ هُوَ مَمْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَإِضَافَةُ الْمِلْكِ لَهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ وَإِلَّا لَنَافَاهُ جَعْلُهُ لِسَيِّدِهِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ يَمْلِكُ لِظَاهِرِ مَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ يَمْلِكُ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَاحْتُرِزَ بِالسَّيِّدِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِهِ جَزْمًا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي الظِّهَارِ فِي تَكْفِيرِ الْعَبْدِ بِالصَّوْمِ وَأَجْرَى فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ.
نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَحَّ، وَلَوْ مَعَ نَهْيِ السَّيِّدِ عَنْ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ لَا يَعْقُبُ عِوَضًا كَالِاحْتِطَابِ، وَدَخَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا لِلسَّيِّدِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالَ الْقَبُولِ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ، وَنَظِيرُهُ قَبُولُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْتَاقِهِ جَمِيعَهُ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دُيُونٌ) أَيْ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ) دَخَلَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبَبُ الْعِتْقِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّارِحَ اسْتَعْمَلَ الْقِنَّ فِي مُطْلَقِ الرَّقِيقِ تَجَوُّزًا وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ اللُّغَةَ وَلَا كَلَامَ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِصَاصِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِضَافَةٍ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَعَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنْ الْتَزَمْنَا تَعَلُّقَهُ بِيَكْتَسِبُهُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ هِبَةً إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ وَمَا مَوْقِعُهُ
[كِتَابُ السَّلَمِ]
.
كِتَابُ السَّلَمِ وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ، سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ آيَةُ الدَّيْنِ فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» كَالشَّفَقِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ، فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ الْمُثَمَّنُ،
وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا
فَإِنَّ أَرْبَابَ الضِّيَاعِ قَدْ يَحْتَاجُونَ لِمَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى مَصَالِحِهَا فَيَسْتَسْلِفُونَ عَلَى الْغَلَّةِ، وَأَرْبَابَ النُّقُودِ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّخْصِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. وَمَعْنَى الْخَبَرِ: مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ (هُوَ) شَرْعًا (بَيْعُ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) بِلَفْظِ السَّلَمِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ السَّلَمِ أَيْ كِتَابُ بَيَانِ حَقِيقَتِهِ وَأَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ) أَيْ لُغَةً، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ السَّلَمَ هُوَ الْكَثِيرُ الْمُتَعَارَفُ وَأَنَّ هَذِهِ اللُّغَةَ قَلِيلَةٌ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ) أَيْ هَذَا الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ لِاشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ لِتَقْدِيمِ عَقْدِهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَالِبًا، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ عَجَّلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَدَفَعَهُ حَالًّا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا شَذَّ) اُنْظُرْ الَّذِي شَذَّ بِهِ هَلْ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَمِ أَوْ أَنَّ جَوَازَهُ مُعْتَبَرٌ عَلَى وَجْهٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، إذْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) هَذَا آخِرُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ الَّذِي يَلِي وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى الْعِيدِ أَوْ جُمَادَى وَالْمُرَادُ تَكَامُلُ طُلُوعَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ) وَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيَاسِ) الْأَظْهَرِ حَذَفَ الْبَاءَ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى آيَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَسَادُ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْحَالِّ اهـ (قَوْلُهُ: بَيْعُ شَيْءٍ) يُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِ بَيْعًا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً كَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الَّتِي يَفْهَمُهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَوْصُوفٍ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِالْجَرِّ: أَيْ فَمَوْصُوفٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ كَانَ بِمَعْنَى بَيْعٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَالْبَيْعُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ كَمَغِيبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ الَّذِي يَنْضَبِطُ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَحْمَرَ وَقَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا يَخُصُّهُ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ يُمَثِّلُ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي أَنْ يَقُولَ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَفِي الذِّمَّةِ إلَخْ،