الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِنْسُهُمَا مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْوَثِيقَةِ وَيَصِيرَا كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُمْتَنِعٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِ التَّفْتَازَانِي إنَّ الْحَقَّ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظُّرُوفِ لِأَنَّهَا مِمَّا يَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ انْتَهَى.
وَفَصَّلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ جَازَ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَذْهَلُ عَنْ هَذَا فَيَمْنَعُ تَقْدِيمَ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُطْلَقًا (عِنْدَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ) مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ (فِي الْجَدِيدِ) وَإِنْ وَفَّى بِالدِّينَيْنِ أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا، كَمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّهْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ شُغْلٌ فَارِغٌ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي التَّوْثِقَةِ وَهَذَا شُغْلٌ مَشْغُولٌ فَهُوَ نَقْصٌ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ فَدَى الْمُرْتَهِنُ مَرْهُونًا جَنَى أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ أَوْ عَجْزِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ أَيْضًا صَحَّ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حِفْظِ الرَّهْنِ.
وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْجُعْلِيِّ (وَ
لَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ (إلَّا) بِإِقْبَاضِهِ
أَوْ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهَنَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مَعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنْ لَا يَجْعَلَا الْإِذْنَ مَشْرُوطًا بِإِرَادَةِ التَّعْجِيلِ بَلْ يَتَوَافَقَانِ عَلَى الْبَيْعِ حَالًّا، ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَجْعَلُهُ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجِّلَ الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى جَعْلِهِ رَهْنًا بِالدَّيْنَيْنِ بِأَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَيُنْشِئَ رَهْنَهُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ) هُوَ قَوْلُهُ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ بَانَتْ) أَيْ فَارَقَتْ (قَوْلُهُ: يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى نَحْوِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْهَنَ بِالدَّيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَدَى الْجَانِي بِلَا إذْنٍ هَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ كَمَنْ وَفَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ يَبْطُلُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنَيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَالَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ قَادِرًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ، أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وسم أَيْضًا عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ آخَرَ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ الْجَانِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَالِكِ إيَّاهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَبْضِهِ) .
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِلدَّيْنِ لَيْسَتْ مُوفِيَةً بِالْغَرَضِ إذْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا، فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي لَازِمٍ بِتَجَوُّزٍ: أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِاللَّازِمِ مَا وَصْفُهُ اللُّزُومُ وَلَيْسَ غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الَّذِي فَهِمَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ قَالَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَا هُنَا لِخَفَائِهِ لَكَانَ وَاضِحًا
. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبِالدَّيْنِ رَهْنٌ بَعْدَ رَهْنٍ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عَقِبَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِمَّا تَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي الْعَمَلِ بَلْ فِي التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَيْهِ فَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ الْمَنْعَ مَمْنُوعًا
[لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ إلَّا بِإِقْبَاضِهِ] .
إذْنِهِ لَهُ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُقْبَضُ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فَلَوْ لَزِمَ بِدُونِ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا فَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ بِحَالٍ. وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَيَقْبِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ الرَّهْنُ تَبَعًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) أَيْ الرَّهْنُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ نَحْوِ مَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ وَمُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ، وَلَا مِنْ وَكِيلِ رَاهِنٍ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ إقْبَاضِ وَكِيلِهِ، وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ وَكَالَتُهُ فِي الْقَبْضِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ ارْتِهَانِهِ، وَكَذَا سَفِيهٌ ارْتَهَنَ وَلِيَّهُ عَلَى دَيْنِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَأْتِي. وَالثَّانِي إنْ سَلَّمَ مَا ذَكَرَ فِيهِ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ الْقَابِضُ فِي الْحَقِيقَةِ
(وَتَجْرِي فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ (النِّيَابَةُ) كَالْعَقْدِ (لَكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ) الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ (رَاهِنًا) مُقْبِضًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَكِيلًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَقَطْ أَوْ وَلِيًّا فَرَشَّدَ مُوَلِّيَهُ أَوْ عُزِلَ هُوَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَالِكِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ إنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَكْسَهُ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَّلْتُك فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ صَحَّ وَهُوَ إنَابَةٌ فِي الْمَعْنَى رُدَّ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ مِنْهُ لَا تَوْكِيلٌ (وَلَا) يَسْتَنِيبُ (عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ مَوْلَاهُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ (وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (وَجْهٌ) لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْمُكَاتَبِ وَيُرَدُّ بِاللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ (وَيَسْتَنِيبُ مُكَاتَبَهُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] لَوْ أَقَبَضَهُ الْمَرْهُونَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ الرَّهْنِ فَوَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ مَرَّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الرَّهْنِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَجِبُ رَدُّهُ مَتَى طَلَبَهُ الْمَالِكُ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ إقْبَاضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُقْبِضُ غَيْرَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقْبِضُ الرَّاهِنَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي الْقَبْضِ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ دَفْعِهِ لَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ حَيْثُ نَوَى أَنَّ الدَّفْعَ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْقَاقٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ) أَمَّا لَوْ ارْتَهَنَ لِغَيْرِهِ كَطِفْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الطِّفْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَكَذَا سَفِيهٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) هِيَ قَوْلُهُ لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ رَاهِنًا (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ إلَخْ) أَيْ فَمَا اقْتَضَاهُ تَوَقُّفُ الْأَذْرَعِيِّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَلَا تَرِدُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبِعَ الشِّهَابَ حَجّ فِي التَّعْلِيلِ، ثُمَّ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَرِدُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ فَلَمْ يَلْتَئِمْ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ الرَّهْنُ) فِيهِ إخْرَاجُ الضَّمِيرِ عَنْ ظَاهِرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ لَفْظِ مِنْهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ
. (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ إلَخْ) هَذَا لَا يَدْفَعُ الْقِيلَ
وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهِ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ.
(وَلَوْ)(رَهَنَ) مَا لَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ كَأَنْ رَهَنَ (وَدِيعَةً عِنْدَ مُودَعٍ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَ غَاصِبٍ) أَوْ مُؤَجَّرًا عِنْدَ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِسَوْمٍ عِنْدَ مُسْتَامٍ أَوْ مُعَارًا عِنْدَ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مَأْخُوذًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ عِنْدَ آخِذِهِ (لَمْ يَلْزَمْ) هَذَا الرَّهْنُ (مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَكَانَ اللُّزُومُ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وَعَلَى الْقَبْضِ، لَكِنْ سَقَطَ الْقَبْضُ إقَامَةً لِدَوَامِ الْيَدِ مَقَامَ ابْتِدَائِهَا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ حَاضِرًا فِي قَبْضِهِ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إنْ كَانَ مَنْقُولًا، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا اُعْتُبِرَ فِيهِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَنَقْلُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيَتُهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَهَابِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فِي قَبْضِهِ) لِأَنَّ يَدَهُ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَ صَاحِبِ الْيَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الْقَبْضِ، وَلَوْ رَهَنَ الْأَبُ مَالَهُ عِنْدَ طِفْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ اُشْتُرِطَ فِيهِ مُضِيُّ مَا ذُكِرَ وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا وَإِقْبَاضًا إذَا كَانَ رَاهِنًا كَالْإِذْنِ فِيهِ (وَلَا يُبْرِئُهُ ارْتِهَانُهُ عَنْ الْغَصْبِ) وَإِنْ لَزِمَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ أَمَانَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّوَثُّقُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ ضَمِنَهُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا كَانَ لَا يَرْفَعُ الضَّمَانَ فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي إمْسَاكِهِ رَهْنًا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ قَبْضِهِ، وَكَذَا لَا يَبْرَأُ الْمُسْتَعِيرُ بِالرَّهْنِ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُعِيرُ الِانْتِفَاعَ لِمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُعَارِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِيهِ امْتَنَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ.
فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَبْرَأْتُك أَوْ اسْتَأْمَنْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك، قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقِ: بَرِئَ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَيْهِ لِيُوقِعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَعِيدَهُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ (وَيُبْرِئُهُ) عَنْ الْغَصْبِ (الْإِيدَاعُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ وَهُوَ يُنَافِي الضَّمَانَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ رحمه الله.
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ) أَيْ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ يَدْفَعُ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى إيقَاعِ) أَيْ وَضْعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: الْمَرْهُونُ إلَيْهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
نَعَمْ فِيهِ جَوَابٌ عَنْ تَوَقُّفِ الْأَذْرَعِيِّ
(قَوْلُهُ: وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ الْإِقْبَاضَ فِي الْأُولَى وَلَا الْقَبْضُ فِي الثَّانِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَالْإِذْنِ فِيهِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَقَصْدُهُ: أَيْ: قَصْدُهُ لِلْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ الْمَذْكُورَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِذْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَقَصْدُهُ لِلْقَبْضِ كَالْإِذْنِ. قَالَ شَارِحُهُ: وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ الْإِقْبَاضَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْبَاضِ إذْنٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَصْدُهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مَنْ الِابْتِدَاءِ وَدَوَامَ الرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ بِالتَّعَدِّي فِي الْمَرْهُونِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ بِحَالِهِ، فَلَأَنْ لَا يَرْفَعَ الرَّهْنُ دَوَامَ الضَّمَانِ أَوْلَى انْتَهَتْ.
فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ: يَعْنِي فِي دَوَامِهِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ