الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ إفْرَادُهُ بِالرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ قَالَ رَدَدْت الْمَعِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا بَلْ هُوَ لَغْوٌ؟ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا قَبْلَهَا. (وَلَوْ) تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ كَأَنْ (اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ) شَهِدَ مِنْهُمَا لَا مِنْ وَكِيلِهِمَا (فَبَانَ مَعِيبًا) أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ (فَلَهُ) فِي الْأُولَى (رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ رَدُّ أَحَدِهِمَا أَوْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ اثْنَانِ عَبْدَ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ مُوَكِّلِهِمَا (فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَدُّدِهَا حِينَئِذٍ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى قَوْلِهِ عَبْدَ رَجُلَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ لَا خِلَافَ فِيهَا لِلتَّعَدُّدِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا فَلَهُ رَدُّ الرُّبْعِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلدَّلِيلِ أَوْ مُقَابِلِ الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَلَهُ الْأَرْشُ فِي مُقَابَلَةِ النِّصْفِ الَّذِي خَصَّ أَخَاهُ وَيُسْقِطُهُ عَنْهُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الَّذِي يَخُصُّهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، وَإِلَّا تُعَلَّقُ جُمْلَةُ الْأَرْشِ بِالتَّرِكَةِ فَيُزَاحِمُ الدُّيُونَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ لَغْوٌ، وَفِي سُقُوطِ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ بِهِ مَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا) أَيْ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَخِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّ هَذَا وَرَدَ عَلَى الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَاعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الرَّدِّ فَكَانَ أَقْوَى، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْنَعُ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ لُزُومِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبٍ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ وَأَنْفَسَ بِمَا ظَنَّهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ فَضَعُفَ الْمِلْكُ مَعَهُ فَتَأَثَّرَ بِمَا لَمْ يَتَأَثَّرْ بِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ لَغْوٌ) ثُمَّ إنْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا كَقَوْلِهِ إيَّاهُ لَيْلًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ مَثَلًا لَا يَسْقُطُ رَدُّهُ وَإِلَّا سَقَطَ (قَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهَا) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدُّ الرُّبْعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُشَارَكَةُ فِي الْحُكْمِ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ مَعَ أَنَّ مَا يُفْسَخُ فِيهِ يَعُودُ تَرِكَةً فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَيَرْجِعُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا أَرْشَ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ وَلِعَدَمِ حُدُوثِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ لُزُومِ حِصَّةِ أَخِيهِ مِنْ الْأَرْشِ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ) هَذَا هُوَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ رَدَدْتُ الْمَعِيبَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ: أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا حَذَفَ الْفَاءَ مِنْ الْجَوَابِ الْوَاقِعِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ.
وَالْمَعْنَى وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي كَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَيَاهُ مَا نَصُّهُ: مِنْ وَاحِدٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ
[اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ]
.
فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلُّ مُشْتَرٍ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْبَائِعِينَ فِي عَدَدِ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ عَدَدُ الْعُقُودِ.
(وَلَوْ)(اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) وَحُدُوثِهِ وَاحْتُمِلَ صِدْقُ كُلٍّ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ أَيْضًا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَطَعَ بِمَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا كَشَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَالْبَيْعُ أَمْسُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، وَكَجُرْحٍ طَرَأَ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ.
قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا نَشَأَ مِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ كَمَا تَرَى، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حَسَنٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ فَسْخُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ وَهُوَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْبَائِعُ يَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ لِلرَّدِّ بَعْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَقَدْ أُخِذَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ حَيْثُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَرُدَّ كُلَّ الرُّبْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: أَيْ لَا أَنَّ لِأَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدَّ الرُّبْعِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُوَكِّلُ) مَرْجُوحٌ.
(قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ صِدْقَ كُلٍّ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ بِيَمِينِهِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ) زَادَ حَجّ: فَإِنْ قُلْت هُمَا قَدْ اخْتَلَفَا فِي الثَّانِي وَصَدَقَ الْمُشْتَرِي فِي قِدَمِهِ حَتَّى لَا يَمْتَنِعَ رَدُّهُ.
قُلْت: تَصْدِيقُهُ لَيْسَ إلَّا لِقُوَّةِ جَانِبِهِ لِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَى مُوجِبِ الرَّدِّ فَلَمْ تَقْبَلُ إرَادَتُهُ رَفْعَهُ عَنْهُ بِدَعْوَى حُدُوثِ الثَّانِي فَالْحَامِلُ عَلَى تَصْدِيقِهِ سَبَقَ إقْرَارَ الْبَائِعِ لَا غَيْرُ فَلَمْ يُصَدِّقْ أَنَّ الْمُشْتَرِي صَدَقَ فِي الْقِدَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت هُمَا إلَخْ، قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي الْإِيرَادِ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الرَّدُّ لِثُبُوتِ حُدُوثِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ فَلَمْ يَصْدُقْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَدَقَ الْبَائِعُ، وَهَذَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْدَفِعُ بِجَوَابِهِ الْمَذْكُورِ اهـ.
وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَرَّ أَيْضًا، وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُ الْمُجِيبِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: صِدْقُ الْبَائِعِ رُوعِيَ فِيهِ قَيْدُ الْحَيْثِيَّةِ: يَعْنِي صِدْقَ الْبَائِعِ مِنْ حَيْثُ مُجَرَّدِ دَعْوَى حُدُوثِ الْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نُظِرَ إلَى أَمْرٍ آخَرَ كَقُوَّةِ جَانِبِ الْمُشْتَرِي بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قِدَمِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ فَلَمْ يُصَدِّقْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَصْدُقْ مَعَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا لِمُجَرَّدِ الْحُدُوثِ بَلْ إنَّمَا امْتَنَعَ تَصْدِيقُهُ لَدَعْوَاهُ الْحُدُوثَ مُصَاحِبًا لِلِاعْتِرَافِ بِقِدَمِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ.
[مَسْأَلَةٌ] فِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ بَاعَ حِمَارًا ثُمَّ طَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْإِقَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ تَبِيعُهُ لِي بَعْدَ ذَلِكَ بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ، فَلَمَّا أَقَالَهُ امْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ فَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِقَالَةُ؟ الْجَوَابُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يُدْخِلَاهُ فِي صُلْبِ الْإِقَالَةِ بَلْ تَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ثُمَّ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَاغٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ لَهُ ثَانِيًا، وَإِنْ ذُكِرَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْإِقَالَةِ فَسَدَتْ الْإِقَالَةُ اهـ.
وَظَاهِرُهُ فَسَادُهَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَفَرْضُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ، فَالصُّورَةُ هُنَا أَنَّ الْعَيْبَ بَاطِنٌ بِالْحَيَوَانِ
كَانَ الْعَيْبُ يَثْبُتُ الرَّدُّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا وَلَا حَقَّ لَهُ هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ رَضِيَ الْبَائِعُ إلَى آخِرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَابُلِ فَقَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ الْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَا سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ بِهِ وَأَرَاهُ عَيْبَهُ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ زَادَ الْعَيْبُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي الْقِدَمِ بَلْ فِي الزِّيَادَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لَهُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِدَمِ نَصًّا، ثُمَّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْقِدَمِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ رَدِّ الْمُشْتَرِي لَا لِتَغْرِيمِهِ أَرْشَهُ لَوْ عَادَ لِلْبَائِعِ بِفَسْخٍ وَطَلَبَهُ زَاعِمًا أَنَّ حُدُوثَهُ بِيَدِهِ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ شَيْءٍ لَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي التَّخَالُفِ فِي الْجِرَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ، وَلَوْ بَاعَهُ عَصِيرًا وَسَلَّمَهُ لَهُ فَوُجِدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ صَارَ خَمْرًا عِنْدَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ خَمْرًا عِنْدَك وَأَمْكَنَ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْكَلَامُ فِي الْحِمَارِ لِكَوْنِهِ الْمَسْئُولَ عَنْهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَأَنَّ الْعَيْبَ يُثْبِتُ الرَّدَّ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ) كَهَذَا الْمِثَالِ وَهُوَ مَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِيمَا لَوْ ادَّعَى قِدَمَ الْعَيْنَيْنِ فَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقِدَمِ أَحَدِهِمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ) زَادَ حَجّ: سَقَطَ رَدُّهُ وَلَمْ إلَخْ، وَسُقُوطُ الرَّدِّ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ أَنَّ نُكُولَهُ يُسْقِطُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَنِي عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْيَمِينِ) سَقَطَ رَدُّهُ وَلَمْ تُرَدَّ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ) أَيْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَهُوَ حَادِثٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ (قَوْلُهُ: كَانَ عِنْدَك) أَيْ فَهُوَ قَدِيمٌ وَالرَّدُّ فِي مَحَلِّهِ وَلَا شَيْءَ لَك عَلَيَّ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) أَيْ فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَنْ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى مَا سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ) أَيْ بِأَنْ رَآهُ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَلْزِمَةُ لَهُ) أَيْ الْقِدَمِ وَهُوَ أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: ثَمَّ تَصْدِيقٌ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اخْتَلَفَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا لِتَغْرِيمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَوْ عَادَ لِلْبَائِعِ بِفَسْخِ) أَيْ كَمَا لَوْ تَحَالَفَا عَلَى صِفَةِ الْعَقْدِ أَوْ تَقَايَلَا (قَوْلُهُ: ثَبَتَ) خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا لِتَغْرِيمِهِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي التَّخَالُفِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ هَلْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَمْ لَا وَيَكْتَفِي بِالْيَمِينِ السَّابِقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لِدَفْعِ الرَّدِّ وَهَذِهِ لِطَلَبِ الْأَرْشِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ مَسْأَلَةِ التَّقَايُلِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهَا كَمَا صَنَعَ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك) صَادِقٌ بِمَا قَبْلَ الْإِقَالَةِ وَبِمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ) أَيْ ثُمَّ أَتَى الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا زَعَمَ غَيْرُهُ وُرُودَ مَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَسَّانِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ هُوَ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ قُدِّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ زَعَمَ وُرُودَ تِلْكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: نَصًّا) هُوَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ الِاخْتِلَافَ لَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ ذَكَرَ: أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِدَمِ بِالنَّصِّ بِأَنْ نَصَّ أَحَدُهُمَا فِي دَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ قَدِيمٌ وَالْآخَرُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ فَلَا تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ شَيْءٍ لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تُثْبِتُ لَهُ الْأَرْشَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ.
لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ، وَإِذَا حَلَّفْنَا الْبَائِعَ نُحَلِّفُهُ (عَلَى حَسَبِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مِثْلِ (جَوَابُهُ) لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ بِلَا رَدٍّ لَهُ عَلَيَّ بِهِ حَلَفَ كَذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِحُدُوثِهِ لِاحْتِمَالِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ أَوْ رِضَاهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَوْ مَا بِعْته أَوْ مَا أَقَبَضْته إلَّا سَلِيمًا حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَا يَكْفِيهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ لِعَدَمِ مُطَابِقَتِهِ لِجَوَابِهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَبَضَهُ إلَّا سَلِيمًا لَا يُمْكِنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ إذَا اخْتَبَرَ خَفَايَا أَمْرِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَبِرْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْ شَهَادَةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ اهـ.
فَإِنْ فُقِدَا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَيَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الرَّدِّ وَفِي جَهْلِهِ بِالْعَيْبِ إنْ أَمْكَنَ خَفَاءُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفِهِ أَوْ يَدِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ، وَفِي أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَا رَآهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَفِي أَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِعَيْبِهِ لِأَنَّهُ ظَنَّ الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ فَبَانَ خِلَافُهُ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَشَدَّ ضَرَرًا مِمَّا ظَنَّهُ فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مَائِعًا وَوَجَدَ فِيهِ نَحْوَ فَأْرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ فِيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَبْضِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ إلَخْ، وَفِيهِ ثُمَّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَيْضًا لِتَنَجُّسِهِ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مَعَهُ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَائِعُ إذَا حَصَلَ فِي فَضَاءِ الظَّرْفِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْقَبْضِ جُزْءًا جُزْءًا قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ لِمَا ذَكَرَهَا الْإِمَامُ اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ حَجّ إذَا كَانَ الظَّرْفُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ كَأَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَأْتِيَ لَهُ بِالْمَبِيعِ فِيهِ لَمْ يَتَأَتَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ صَدَقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْفَأْرَةَ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلظَّرْفِ لِمَا فِيهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلُ جَوَابِهِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَسَبِ بِالْفَتْحِ وَفِي الْمُخْتَارِ لِيَكُنْ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ اهـ.
وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَا يَعُدُّهُ مِنْ الْمَآثِرِ مَصْدَرُ حَسُبَ كَكَرُمَ كَرَمًا وَشَرُفَ شَرَفًا اهـ.
مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ عِلْمَهُ أَوْ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ مَا عَلِمْت بِهِ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدِي وَهَلْ يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ لَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ فَلَهُ تَعْيِينُ جَوَابٍ صَحِيحٍ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا سَقَطَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ إمَّا رَدُّ الْمَبِيعِ أَوْ طَلَبُ الْأَرْشِ وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَهُوَ يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْيِيدِ بِمَا فِي عَيْبِ النِّكَاحِ قَدْ يُقَالُ لَا تَأْبِيدَ فِيهِ لِأَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْمَالُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَا) أَيْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْبَائِعُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا رَدَّ، وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بَاطِنًا إذَا كَانَ مُحِقًّا أَمْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ أَخْذُ الْأَرْشِ بَاطِنًا أَيْضًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِمَا الْأَوَّلُ.
أَمَّا الْفَسْخُ فَلِوُجُودِ مُسَوِّغِهِ بَاطِنًا.
وَأَمَّا الْأَرْشُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ عَيْبٍ حَادِثٍ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ، وَيُحْتَمَلُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْعُ أَخْذِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ جُعِلَ كَالْقَادِرِ عَلَى الرَّدِّ وَهُوَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مَعَ الْبَائِعِ وَلَوْ بِالرِّضَا، بَلْ إنْ تَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى أَخْذِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .