الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَيُؤَدَّى مِمَّا يَأْتِي، وَأَعَادَ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِضَرُورَةِ تَقْسِيمٍ، وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ، وَتَحِلُّ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ كَمَا تَحِلُّ الدُّيُونُ عَلَى الْحُرِّ بِمَوْتِهِ.
(وَمَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ) أَيْ شَخْصٍ إذْ مُرَادُهُ بِالْعَبْدِ الْإِنْسَانُ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ لُغَةً، وَكَانَ حِكْمَةُ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْإِشَارَةُ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ عَلَى ذِي الْعَبِيدِ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَصَحُّ جَوَازَ مُعَامَلَةِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ رِقَّهُ وَلَا حُرِّيَّتَهُ كَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهُ وَسَفَهَهُ إلَّا الْغَرِيبَ فَيَجُوزُ جَزْمًا لِلْحَاجَةِ (لَمْ يُعَامِلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُعَامَلَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ) أَيْ يَظُنَّهُ (بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا إخْبَارُ عَدْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَكَذَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَبَحَثَ جَمِيعُ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الظَّنِّ وَقَدْ وُجِدَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَبْعُدْ الِاكْتِفَاءُ بِفَاسِقٍ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ (أَوْ شُيُوعٍ بَيْنَ النَّاسِ) حِفْظًا لِمَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ لِحَدِّ الِاسْتِفَاضَةِ الْآتِي فِي الشَّهَادَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْمَدَارِ هُنَا عَلَى الظَّنِّ (وَفِي الشُّيُوعِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِتَيَقُّنِ الْحَجْرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَكَذَا الشُّيُوعُ، وَكَوْنُ الشَّارِعِ نَزَّلَ الشَّهَادَةَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ مَحَلُّهُ فِي شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ الْمُكْتَفَى بِهِ هُنَا، وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِذْنُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ (وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَبْدِ) فِي جَوَازِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الصُّورَةَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ دُيُونُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَظُنُّهُ) حَمَلَ الْعِلْمَ عَلَى الظَّنِّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُجَوِّزَةِ لِمُعَامَلَتِهِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ لَا الظَّنَّ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ بِالْعِلْمِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ وَمِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ كَإِدْرَاكِ هَذَا وَكَأَنَّهُ عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ لُغَةً لَكِنْ شَاعَ اسْتِعْمَالُ الْعِلْمِ فِي الْإِدْرَاكِ الرَّاجِحِ وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقُوا عَلَى الْفِقْهِ عِلْمًا مَعَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ظُنُونِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَهَلْ يَكْفِي الْمُعَامِلُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتُ الْإِذْنِ لَا الْمَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ) أَيْ فِي جَوَازِ مُعَامَلَتِهِ لَا فِي ثُبُوتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الظَّنِّ لَا يَكْفِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرُ مُرَادِ الرُّجْحَانِ صِدْقَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمٍ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ عَدَمُ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْوَالِدُ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّهُ يَصِيرُ بِهِ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا فِي أَمْوَالِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَاحِبُ هَذَا الْفَرْعِ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِمَا ذُكِرَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ، فَلَوْ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ إذْنٌ لَكَانَ وَاضِحًا
[مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ]
. (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) مُرَادُهُ دَفْعُ الدَّوْرِ عَنْ الْمَتْنِ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ فِيهِ دَوْرٌ لِتَوَقُّفِ عِلْمِ الرِّقِّ عَلَى عِلْمِ كَوْنِهِ عَبْدًا وَعَكْسُهُ اهـ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا دَوْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَبْدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنْ يَعْلَمَ رِقَّهُ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَبْدٌ: أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ رِقُّهُ وَقَدْ لَا، فَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ عُرِفَ رِقُّهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم أَجَابَ بِمَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ هُنَا دَوْرٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمَالِهِ) فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَذَا نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ
مُعَامَلَتِهِ (أَنَا مَأْذُونٌ لِي) وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِقَوْلِ مُرِيدٍ تَصَرَّفَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ فِيهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّ لَهُ يَدًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَى سَيِّدِي فَيَكْفِي فِي عَدَمِ صِحَّةِ مُعَامَلَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِزَعْمِ الْعَاقِدِ فَلَا يُعَامَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَتَكْذِيبُ الْآذِنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ.
نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْت لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ فَلَا يُفِيدُ إنْكَارُ الْقِنِّ مَعَ ذَلِكَ.
قَالَ الشَّيْخُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافَهُ بَطَلَتْ وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا، فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِذَا حَلَفَ فَلِلْقِنِّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ مَرَّةً أُخْرَى رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ فَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ.
(فَإِنْ)(بَاعَ مَأْذُونٌ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) أَوْ غَيْرِهَا (فَخَرَجَتْ السِّلْعَةُ مُسْتَحَقَّةً)(رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهَا) وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ: أَيْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِبَدَلِهِ: أَيْ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ خَطِّهِ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ بِسَهْوٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْإِذْنَ بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ) فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ خَبَرِ الْفَاسِقِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مُتَّهَمًا فِي إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ لَا بُدَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا بَاقٍ) أَيْ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ أَذِنْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ) .
[فَرْعٌ] اشْتَرَى الْعَبْدُ شَيْئًا وَغَبَنَ الْبَائِعِ فِيهِ فَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ وَادَّعَى الْعَبْدُ الْإِذْنَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَتَصْدِيقُ السَّيِّدِ لَهُ الْآنَ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ إقْدَامَ الْبَائِعِ عَلَى مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ فِي اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَا يُعَامِلُهُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْإِذْنِ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ.
[فَرْعٌ] لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَتَاعٍ مِنْ التَّاجِرِ لِلسَّوْمِ فَفَعَلَ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَفِي تَجْرِيدِ الْعُبَابِ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ وَالْعَبْدِ فَلِلتَّاجِرِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ يَأْخُذُهُ حَالًّا وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْعَبْدِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ اهـ وَجَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْأَوَّلِ وَارْتَضَاهُ مَرَّ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقْصُرُ عَمَّا لَوْ اسْتَامَ بِوَكِيلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَصَرَّحُوا فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَامَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ: أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً أُخْرَى) أَيْ غَيْرَ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقِرَّ فَالثَّمَنُ بَاقٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
حِفْظُ مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِذْنِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْبَقَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَاقٍ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إنْكَارِهِ الْإِذْنَ اهـ.
وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ اسْتِدْرَاكًا عَلَيْهِمْ؛ إذْ كَلَامُهُمْ فِي اعْتِمَادِ قَوْلِ الْعَبْدِ فِي الْحَجْرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْآذِنُ عَلِمَ بِالسَّمَاعِ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَعْوَى الْإِذْنِ وَطُرُوِّ الْحَجْرِ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ مَعَ قَوْلِ السَّيِّدِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ لِتَنْزِيلِ قَوْلِهِ وَأَنَا بَاقٍ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ الْجَدِيدِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ تَلِفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ بِمَبِيعِهِ.