الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَشَقُّقُ جَوْزِ قُطْنٍ يَبْقَى أَصْلُهُ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرُ غَيْرَهُ إنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ التَّبِيعَةِ الْآتِيَةِ، وَمَا لَا يَبْقَى أَصْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخَرَجَ جَوْزُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ، فَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ صَحَّ الْعَقْدُ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ.
لَا يُقَالُ: هُوَ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ سَائِرِ الْأَعْوَامِ، وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ.
(وَلَوْ)(بَاعَ) نَخْلَةً مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ (نَخَلَاتِ) بُسْتَانٍ (مُطْلِعَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ خَرَجَ طَلْعُهَا (وَبَعْضَهَا) مِنْ حَيْثُ طَلْعُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُبَيِّنًا بِهِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّسَامُحِ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ بَعْضَ النَّخَلَاتِ مُؤَبَّرٌ مَعَ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ إنَّمَا هُوَ طَلْعُهَا (مُؤَبَّرٌ) وَبَعْضَهَا غَيْرُ مُؤَبَّرٍ، وَمُؤَبَّرٌ هُنَا بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَلِلْبَائِعِ) جَمِيعُهَا الْمُؤَبَّرُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ مُخْتَلِفًا لِعُسْرِ التَّتَبُّعِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ أَفْرَدَ) بِالْبَيْعِ (مَا لَمْ يُؤَبَّرْ) مِنْ بُسْتَانٍ وَاحِدٍ (فَالْمُشْتَرِي) طَلْعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ.
وَالثَّانِي هُوَ لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِدُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُؤَبِّرُ فَالْبَائِعُ، وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَتْ ثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ كَانَ لَهُ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَا بِهِ وَعَلَّلَاهُ بِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ.
لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُطْلِعَةٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَا يُتَّبَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُتَّبَعُ مُطْلَقًا مَتَى كَانَ مِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ الْعَامِ فَحَذَفَ مُطْلِعَةً بَلْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا قَدَّمَهُ أَحْسَنُ.
لِأَنَّا نَقُولُ: بِمَنْعِهِ إذْ هَذَا تَفْصِيلٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ إلَخْ، وَذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِلِاطِّلَاعِ فَافْهَمْ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَيَانُ أَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعَيْنِ نَوْرُ كُلِّ شَيْءٍ وَرْدُهُ (قَوْلُهُ: يَبْقَى أَصْلُهُ سَنَتَيْنِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِجَازِيِّ (قَوْلُهُ: الْآتِيَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَاصِلُ شَرْطِ التَّبَعِيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الزَّرْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ.
فَالزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقُطْنِ وَالزَّرْعِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْقُطْنُ لَا غَيْرَهُ فَوَجَبَ جَعْلُ جَوْزَتِهِ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِسَنَابِلِهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهَا لِلْبَائِعِ دُونَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: وَمُؤَبَّرٌ هُنَا بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ تُمْنَعُ الدَّلَالَةُ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ يَقْتَضِي فِعْلَ فَاعِلٍ، بِخِلَافِ الْمُتَأَبِّرِ فَدَفَعَ تَوَهُّمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَتُسْتَفَادُ صُورَةُ تَشَقُّقِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَأْبِيرُ بَعْضِهِ بِتَأْبِيرِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَيْضًا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ شَيْخُنَا طب: بِشَرْطِ أَنْ يُعَدَّ مَعَ الْأَوَّلِ بَطْنًا وَاحِدَةً، فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّهُ بَطْنٌ ثَانٍ لَيْسَ مِنْ حَمْلِهِ الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي، وَوَافَقَهُ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَاعْتَمَدَ طب هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهَا اهـ. أَقُولُ: التَّعْلِيلُ بِإِلْحَاقِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ يُنَافِي هَذَا التَّفْصِيلَ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَا بِهِ إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ دُونَهَا ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ فَلَا يَكُونُ لَهُ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَالشَّجَرَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْطَى حُكْمَهُ
[بَاعَ نَخَلَاتِ مُطْلِعَةٍ وَبَعْضَهَا مُؤَبَّرٌ فَلِلْبَائِعِ]
. (قَوْلُهُ: نَخْلَةً مِنْ بُسْتَانٍ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَتْنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُؤَبَّرُ فَلِلْبَائِعِ) لَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَا يَتْبَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ) يَعْنِي لَا يَتْبَعُ إلَّا إنْ كَانَ مُطْلِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ.
وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْكِتَابِ خِلَافَ مَا رَجَّحَاهُ؛ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ ثَمَرَةَ غَيْرِ الْمُطْلِعَةِ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا أَطْلَعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ الشِّهَابُ مِنْ أَنَّ مَا سَبَقَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ
الِاطِّلَاعَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْبِيرَ (وَلَوْ)(كَانَتْ) أَيْ النَّخَلَاتُ الْمَذْكُورَةُ (فِي بَسَاتِينَ) وَمَا تَأَبَّرَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَغَيْرُهُ بِآخَرَ (فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) سَوَاءٌ أَتَقَارَبَا أَمْ تَبَاعَدَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ اخْتِلَافِ الْبِقَاعِ اخْتِلَافَ وَقْتِ التَّأْبِيرِ، وَلَا يَتْبَعُهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدُ أَوْ الْحَمْلُ أَوْ الْجِنْسُ.
وَحَاصِلُ شَرْطِ التَّبَعِيَّةِ اتِّحَادُ بُسْتَانٍ وَجِنْسٍ وَعَقْدٍ وَحَمْلٍ، وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَمَالِكٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ تَفْصِيلُ الثَّمَنِ وَهُوَ مُقْتَضَى لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ (وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ) لِلْبَائِعِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَهُ) وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي مُنْتَفَعٍ بِهِ كَحِصْرِمٍ لَا فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَوْ نَفْعُهُ تَافِهٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى) زَمَنِ (الْجِذَاذِ) نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِي الْأُولَى وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ، وَإِعْجَامِهِمَا الْقَطْعُ: أَيْ زَمَنُهُ الْمُعْتَادُ فَيُكَلَّفُ حِينَئِذٍ أَخْذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَنْتَظِرُ نِهَايَةَ النُّضْجِ وَلِلشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَنْتَهِي فِيهَا كُلِّفَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ لِأَنَّ هَذَا وَقْتُ جِذَاذِهَا عَادَةً، وَقَدْ لَا تَلْزَمُ التَّبْقِيَةُ كَأَنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ النَّخْلِ بِبَقَائِهَا أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ.
(وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا بَقِيَتْ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا (وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ) مِنْهُ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ إذْ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ سَفَهٌ أَوْ عِنَادٌ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ بِانْتِفَاءِ ضَرَرِ الْآخَرِ عَدَمَ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي حَائِطٍ بَيْنَ بُسْتَانَيْنِ هَلْ تُنْسَبُ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ مُسْتَقِلَّةً فَإِذَا أُبِّرَتْ لَمْ يَتْبَعْهَا ثَمَرُ الْبُسْتَانَيْنِ.
وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ مِنْ التَّرْدِيدَاتِ لِأَنَّ إلْحَاقَ أَحَدِهِمَا بِهَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ فَتَكُونُ ثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ وَثَمَرَةُ الْبُسْتَانَيْنِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا) أَيْ لُزُومُ الْقَطْعِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَبِهَا زَرْعٌ شَرْطُ قَطْعِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ يُكَلَّفُ قَطْعَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ حَيْثُ اشْتَرَطَ كَوْنَهَا مُنْتَفَعًا بِهَا بِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مَبِيعًا فَلَا يَضُرُّ فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْعُهُ تَافِهٌ) أَيْ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: لَزِمَهُ قَطْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ حَجّ فِي الْعُبَابِ انْتَهَى.
وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِعْجَامُهُمَا) وَبِإِهْمَالِ أَحَدِهِمَا وَإِعْجَامُ الْأُخْرَى وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْقِطْعَةِ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَبِالزَّايَيْنِ أَيْضًا كَمَا فِي الْعَلْقَمِيِّ (قَوْلُهُ: أَخَذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَخَذَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ حَصَلَ النُّضْجُ الْمُقْتَضَى لِقَطْعِهِ عَادَةً فِي الْجَمِيعِ فَلَوْ حَصَلَ نُضْجُهُ عَلَى التَّدْرِيجِ كُلِّفَ قَطْعَهُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَفْرَدَ إلَخْ، وَيُتَوَهَّمُ مِنْهُ خِلَافُ الْحُكْمِ وَأَنَّ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَإِنْ أُفْرِدَ يَتْبَعُ الْمُؤَبَّرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَمْلُ) أَيْ كَالتِّينِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ النَّخْلُ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْجُذَاذُ، وَقَوْلُهُ: أَيْ زَمَنُهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْجُذَاذِ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ أَوْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ إلَى هُنَا
. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ) أَيْ عَلَى الْآخَرِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا ضَرَّ السَّاقِيَ أَوْ نَفَعَهُ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ، فَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ أَوْ كَانَ السَّقْيُ يَضُرُّهُ أَوْ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْمُشْتَرِيَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْفَعُ السَّاقِي بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَوَقُّفُ الشَّيْخِ
الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَمْكِينُهُ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْبَائِعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي السَّقْيَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَنْمِيَتَهَا فَلْتَكُنْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَمْكِينُهُ مِنْ السَّقْيِ بِمَا اُعْتِيدَ سَقْيُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَبِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِطًا لِنَفْسِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَمَرَةٍ غَيْرِ مُؤَبَّرَةٍ شَرَطَهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ ضَرَّهُمَا) كَانَ لِكُلٍّ مَنْعُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ صَاحِبَهُ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِ فَهُوَ سَفَهٌ وَتَضْيِيعٌ وَ (لَمْ يَجُزْ) السَّقْيُ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا (إلَّا بِرِضَاهُمَا) مَعًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَيَمْتَنِعُ عَلَى أَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِهِ عَلَى صَاحِبِهِ ضَرَرًا.
لَا يُقَالُ: فِيهِ إفْسَادٌ لِلْمَالِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ مَعَ تَرَاضِيهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِفْسَادُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ ارْتَفَعَ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِفِعْلٍ فَأَشْبَهَ إحْرَاقَ الْمَالِ، أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهَذَا أَوْضَحُ (وَإِنْ)(ضَرَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّجَرَ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ عَكْسَهُ (وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ فِي السَّقْيِ (فُسِخَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ، شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ) قَالَ حَجّ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَغْلِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِمَائِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ لِمَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا حَيْثُ نَفْعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ مَالَ الْغَيْرِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ بِهِ، وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَمَحَلُّ سَقْيِ الْبَائِعِ مِنْ الْبِئْرِ الدَّاخِلَةِ فِي الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ الْمُشْتَرِي لِمَاءِ الْبِئْرِ لِيَسْقِيَ بِهِ شَجَرًا آخَرَ مَمْلُوكًا هُوَ وَثَمَرَتُهُ لَهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ تَلِفَتْ ثَمَرَةُ الْبَائِعِ فَإِنْ أَرَادَ سَقْيَهُ نَقَلَ إلَيْهِ مَاءً مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لِأَنَّ الْمَاءَ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ أَحَقُّ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ لَزِمَهُ سَقْيُهُ قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) أَيْ قَضِيَّةُ هَذَا الظَّاهِرِ لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ، بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَقِيَتْ لِلْبَائِعِ وَلَوْ بَعْدَ التَّأْبِيرِ بِشَرْطٍ أَوْ بِدُونِهِ كَانَ لَهُ السَّقْيُ عَلَى أَنَّ كَوْنَ قَضِيَّتِهِ مَا ذَكَرَ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعَا إلَخْ) وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فَرْعٌ: لَوْ تَشَاحَّا فِي عَدَدِ السَّقْيِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ رُوجِعَ عَدْلَانِ انْتَهَى: أَيْ فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا فَمَنْ الْمُصَدَّقُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي إجَابَةُ مُدَّعِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّنْمِيَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ) صَوَابُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَقَضِيَّتُهُ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ الرَّاجِعِ إلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَقِبَ التَّعْلِيلِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ رُجُوعَهُ لِلتَّعْلِيلِ لِذِكْرِهِ عَقِبَهُ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ) هَذَا الْجَوَابُ لِلسُّبْكِيِّ وَهُوَ الْمُتَشَكِّلُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُمَا فِيهِ: وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رِضَا الْآخَرِ بِالْإِضْرَارِ رَفَعَ حَقِّ مُطَالَبَتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ حِينَئِذٍ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمِلْكِ الْآخَرِ خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ بِرِضَا الْآخَرِ ارْتَفَعَ الْحَرَجُ عَنْهُ فِي مَالِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُطَالَبَةِ وَمِنْ جِهَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حُكْمُ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ إذْ أَقَلُّ الْمَرَاتِبِ أَنْ يُجْعَلَ مَالُ غَيْرِهِ بِالْإِذْنِ فِي إتْلَافِهِ كَمَالِ نَفْسِهِ فِي حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْعٌ آخَرُ غَيْرُ الَّذِي رَفَعَهُ التَّرَاضِي