الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ خَاصَّتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، قِيلَ لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ وَعُرِفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ صِحَّتَهُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ.
(يُشْتَرَطُ لَهُ) لِيَصِحَّ (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى اشْتِرَاطَ رُؤْيَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالصِّيغَةُ فَلَا يُرَدُّ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى دُونَ شِرَائِهِ (أُمُورٌ) سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ كَأَنْ يُقَالُ مَوْصُوفُ مَبِيعِهِ أَوْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ مَانِعًا لِشُمُولِهِ بَيْعَ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَإِنَّ التَّعْرِيفَ صَادِقٌ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ (قَوْلُهُ: قِيلَ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِلَفْظِ السَّلَفِ كَالسَّلَمِ لِأَنَّهُمَا لِتَرَادُفِهِمَا يُعَدَّانِ وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِالتَّزْوِيجِ كَالنِّكَاحِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا صِيغَةً وَاحِدَةً لِتَرَادُفِهِمَا حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مَا يَمْتَنِعُ تَمَلُّكُ الْكَافِرِ لَهُ كَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالسَّلَمِ مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي السِّلَاحِ.
(قَوْلُهُ: فِي الرَّقِيقِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِ إذَا أَسْلَمَ لِلْكَافِرِ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ صَحَّ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: الَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا عِنْدَ الْكَافِرِ أَوْ لَا.
أَقُولُ: وَذَلِكَ لِنُدْرَةِ دُخُولِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِيمَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُسْلِمٌ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ عَمَّا فِيهِ وَيَجُوزُ تَلَفُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِيهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ السُّبْكِيّ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ مَذْكُورٌ فِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ التَّأْجِيلُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ وَإِلَّا فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ غَيْرُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجَابُ عَنْ الْمَتْنِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِجَوَابَيْنِ: إمَّا أَنَّهُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَإِمَّا بِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ وَقَدْ أَوْضَحَ كَلَامَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ: أَيْ أَوْ السَّلَفِ فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ
[شُرُوط صِحَّة السَّلَم]
(قَوْلُهُ: مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ إلَخْ) أَقُولُ فِي كَوْنِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ أَشَارَ إلَى هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِمَّا قَالَهُ هَذَا بِوَجْهٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا يَشْمَلُ الرُّكْنَ، فَيُفِيدُ أَنَّ أَرْكَانَهُ أَرْكَانُ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ فِي كُلِّ بَيْعٍ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ الشَّرْطُ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَعِلْمُهُ بِالرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعِلْمُهُ بِالْمِقْدَارِ وَالْوَصْفِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فَقَدْ أَشَارَ إلَى رَدِّهِ الشِّهَابُ سم، ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ عَمِيرَةَ صَرَّحَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ مَا ذَكَرْتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةَ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، وَمُرَادُهُ أَنَّ الصِّيغَةَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهَا الصِّحَّةُ هُنَا وَهُنَاكَ إلَّا أَنَّهَا هُنَا غَيْرَهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَعِبَارَةِ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ نَصُّهَا مَا عَدَا الرُّؤْيَةَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ شُرُوطُ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا) فِيهِ أَنَّ بَعْضَ السَّبْعَةِ شَرْطٌ لِلْبَيْعِ أَيْضًا كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ
فَلِذَا عَقَدَ لَهَا هَذَا الْكِتَابَ (أَحَدُهَا)(تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الثَّمَنُ (فِي الْمَجْلِسِ) الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْهُ أَوْ لُزُومِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُزُومَهُ كَالتَّفَرُّقِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّ فِي السَّلَمِ غَرَرًا فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرُ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَالصَّرْفِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَلْزَمَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَعْضِهِ بَطَلَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ، قَالَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ جَزَمَ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَقَبَضْتُك بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَهُ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ، وَلَا يَكْفِي قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْحَالِّ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَأَحْكَامُ الْبَيْعِ لَا تُبْنَى عَلَى التَّبَرُّعَاتِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك الْمِائَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك مَثَلًا فِي كَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ (فَلَوْ)(أَطْلَقَ) رَأْسَ الْمَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَدِّ اهـ أَنَّهُ دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُقَالُ هَذِهِ الْأُمُورُ الْمُعْتَبَرَةُ بَعْضُهَا رُكْنٌ وَبَعْضُهَا شَرْطٌ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّرُوطِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ رُكْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الشَّرْطِ الثَّانِي فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَادِ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَصَرَّحُوا فِيهِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَادِ بِالْقَبْضِ فَهَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الرِّضَا بِالْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا رَمْلِيٌّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.
وَقَوْلُهُ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ: أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِيهِ جَازَ الِاسْتِبْدَادُ بِقَبْضِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ فَلَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَلَكِنْ اسْتَقَلَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَاعِدَةُ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ حَتَّى حَصَلَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْزَمَاهُ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ خِيَارُ عَيْبٍ فَيَكُونُ فَوْرِيًّا، لَكِنَّ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إقْبَاضِ الْجَمِيعِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ.
أَقُولُ: قَوْلُ سم قَرِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَسَخَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ مَا قَبَضَهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَإِنْ أَجَازَ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِ مَا قَبَضَهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهِ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُسْلِمُ، وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ كَذَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَاهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الَّتِي فِي ذِمَّتِك مَثَلًا) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَدِيعَةٌ فَأَسْلَمَهُ إيَّاهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَحْصُلُ قَبْضُهَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
التَّفْصِيلِ هُنَا فَمِقْدَارٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الشَّرْطِ، عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَقْبَضْتُكَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ انْعَكَسَ الْأَمْرُ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ تَعْلِيلِهِمَا. (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) كَانَ الْأَوْلَى الْإِضْمَارُ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ) أَيْ لِحَالَةِ عَدَمِ الْقَبْضِ
عَنْ تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا (ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ) قَبْلَ التَّخَايُرِ (جَازَ) أَيْ حَلَّ الْعَقْدُ وَصَحَّ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ حَرِيمُ الْعَقْدِ فَلَهُ حُكْمُهُ.
(وَلَوْ)(أَحَالَ الْمُسْلَمُ بِهِ) السَّلَمَ إلَيْهِ عَلَى ثَالِثٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عَكْسُهُ فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهَا (وَ) إذَا (قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (فِي الْمَجْلِسِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَقْبِضْ فِيهِ بِالْأُولَى (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ إذْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبَضَهُ الْمُحِيلُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُحْتَالِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ وَسَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ الْمُسْلِمُ بِالتَّسْلِيمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِ فِي الْقَبْضِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي إحَالَةِ الْمُسْلِمِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُحْتَالِ.
نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَدِيعَةً لِلْوَدِيعِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إقْبَاضٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
غَائِبَةً كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَأَسْلَمْتُ إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَكْفِي أَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَلَّ الْعَقْدُ وَصَحَّ) غَرَضُهُ بِهِ تَبَعًا لِلْمَحَلِّيِّ التَّوَرُّكُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُهُ) وَيُشْتَرَطُ فِي رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بَيَانُ وَصْفِهِ وَعَدَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي مَرَّ فِي الْبَيْعِ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ نَحْوِ عَدَدِهِ إلَخْ اهـ حَجّ: وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَعَدَدِهِ يَتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ اهـ.
أَقُولُ: وَوَجْهُهُ أَنَّ النُّقُودَ إنَّمَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِالْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ، وَالْعَدَدُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي تَمَيُّزِ بَعْضِ النُّقُودِ عَنْ بَعْضٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الِاصْطِلَاحُ عِنْدَ قَوْمٍ عَلَى الِاسْمِ الْفُلَانِيِّ كِنَايَةً عَنْ عَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَاسْتِعْمَالِ الدَّرَاهِمِ فِي عَشَرَةٍ مَثَلًا فَيَكْفِي ذِكْرُهَا مُطْلَقَةً عَنْ بَيَانِ الْعَدَدِ وَفِيهِ مَا فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمَ بِهِ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَحَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثَالِثًا عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ تَقْدِيرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمَ بِهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى ثَالِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ لَهُ) أَيْ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فَلَا يَكْفِي مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ مِنْهُ أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَدِيعَةً) وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِمَّا هُوَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُؤَجَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ وَالْمَغْصُوبُ حَيْثُ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَقَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ مَالِكُهُ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَلَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ رَدَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مُعْتَقَدًا فِيهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِمَالِكِهِ فَسَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَانَتْ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فِي كَلَامِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ أَحَالَ ثَالِثًا عَلَى الْمُسْلِمِ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْعَقْدُ، ثُمَّ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ صِحَّةُ الْعَقْدِ إلَخْ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ بِمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ فِي هَذِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ قَبْضُ الْمُحْتَالِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمَسْأَلَةَ
قَبْلَ السَّلَمِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (وَلَوْ قَبَضَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمُ) وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ (جَازَ) وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ قَرْضًا أَوْ عَنْ دَيْنٍ جَازَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِيهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ مَعَ غَيْرِ الْآخَرِ، وَلِأَنَّ صِحَّتَهُ تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ، أَمَّا مَعَهُ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُمَا، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بَانَتْ صِحَّتُهُ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُمَا
(وَيَجُوزُ)(كَوْنُهُ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (مَنْفَعَةً) مَعْلُومَةً كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً وَصَدَاقًا كَأَسْلَمْتُ إلَيْك مَنْفَعَةَ هَذَا أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِي سَنَةً أَوْ خِدْمَتِي شَهْرًا أَوْ تَعْلِيمِي سُورَةَ كَذَا فِي كَذَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَبَحَثَهُ (وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) الْحَاضِرَةِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ لِلْغَائِبَةِ وَتَخْلِيَتُهَا فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ، إذْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ لَمَّا تَعَذَّرَ اكْتَفَى بِهَذَا لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّ لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ السَّلَمِ هُنَا وَفَسَادِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك الْمِائَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك فَإِنَّ الْمِائَةَ ثَمَّ لَا يَمْلِكُهَا الْمُسْلِمُ إلَّا بِالْقَبْضِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلَمِ) أَيْ وَهِيَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَكْفِي فِي قَبْضِهَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ وَهُوَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: بَانَتْ صِحَّتُهُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ جُعِلَ الْإِعْتَاقُ قَبْضًا ثُمَّ لَا هُنَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ لَمْ يَكْتَفِ بِالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا حَقِيقِيًّا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَوْنُهُ إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ سَاقِطَةٌ مِنْ الرَّوْضَةِ اهـ.
أَقُولُ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ حَيْثُ أَسْقَطَهَا ثَمَّ، فَأَشْعَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فِيهَا لَا يَصِحُّ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ، وَحِكْمَةُ إسْقَاطِهَا مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ فِيهَا إشْكَالًا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْهَا ثَمَّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَنَاقُضَ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَشَارَ بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ، إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ وَهَذَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ فِيهِ ذَلِكَ اكْتَفَى فِيهِ بِقَبْضِ مَحَلِّهِ وَبِمَا هُنَا يُقَيَّدُ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِي) وَلَا يَكْفِي أَسْلَمْت إلَيْك مَنْفَعَةَ عَقَارٍ صِفَتُهُ كَذَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي انْفِسَاخُ السَّلَمِ فِيمَا يُقَابِلُ الْبَاقِي لِتَبَيُّنِ عَدَمِ حُصُولِ الْقَبْضِ فِيهِ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الدَّارُ الْمُؤَجَّرَةُ قَبْلَ الْمُدَّةِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ) إنْ عُطِفَ عَلَى الْوُصُولِ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ التَّخْلِيَةُ بِالْفِعْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَبَاحِثِ الْقَبْضِ مَعَ مَا حَرَّرْنَاهُ ثَمَّ وَإِنْ عُطِفَ عَلَى مُضِيٍّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ بَلْ اعْتِبَارُ التَّخْلِيَةِ بِالْفِعْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ
وَالْمُرَادُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مُفَصَّلَةً فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ طِبْقَ مَا ذَكَرْتُهُ فَلَا بُدَّ فِي الصِّحَّةِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ، فَقَوْلُهُ: مَعْنَاهُ فِي الْحَقِيقَةِ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صِحَّتَهُ) أَيْ مَعَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ
. (قَوْلُهُ: فِي كَذَا) مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ الْمَسَائِلِ قَبْلَهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُضِيِّ زَمَنً إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً بِبَلَدٍ بَعِيدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيَتِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى مُضِيِّ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَنْقُولَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ مُضِيِّ وَتَخْلِيَتِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم. (قَوْلُهُ: إذْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَانْظُرْ هَلْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ فِي الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ، فَمَحَلُّ الْكَلَامِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ
بَطَلَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.
(وَإِذَا)(فُسِخَ) السَّلَمُ (بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ) كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْآتِي (وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ (اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ) وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِيهِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ (وَقِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ عَيْنَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ.
أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَسْلَمَ عَرَضًا وَجَبَ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمِثْلِيِّ فِي سَلَمٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ)(فِي الْأَظْهَرِ) كَالثَّمَنِ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ بِالرُّجُوعِ بِهِ لَوْ تَلِفَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ ثُمَّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ مُصَدَّقٌ فِي قَدْرِهِ لِكَوْنِهِ غَارِمًا، وَلَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا إذْ عِلَّةُ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ هُنَا غَيْرُ رَاجِعَةٍ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَخْمِينًا بِرُؤْيَتِهِ بَلْ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْجَهْلُ بِهِ عِنْدَ الرُّجُوعِ لَوْ تَلِفَ، وَبِالْعِلْمِ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ زَالَ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ اسْتِشْكَالَهُ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَبِعْتُكَ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَعَلِمَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ غَيْرَ مُلَاقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ جَهْلُهُمَا بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا لِعِلْمِهِمَا بِهِ بَعْدُ.
أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ بِالرُّؤْيَةِ فَتَكْفِي فِيهِ الرُّؤْيَةُ جَزْمًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَيُفَرَّقُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَخْلِيَتُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِجَارَةِ) وَيُتَّجَهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ عِزَّةِ الْوُجُودِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا غَرَرَ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ) كَأَنْ رَهَنَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّهُ) أَيْ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ كَالثَّمَنِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا أَرْشٍ إذَا فَسَخَ عَقْدَ الْبَيْعِ بَعْدَ تَعَيُّبِهِ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ نَقْصَ صِفَةٍ لَا نَقْصَ عَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْخِيَارِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ دُونَ الْمَبِيعِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتَهُ، نَصُّهَا: أَمَّا لَوْ بَقِيَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ رَجَعَ بِبَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ لَا أَرْشَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصَ وَصْفٍ كَأَنْ حَدَثَ بِهِ شَلَلٌ كَمَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مَجَّانًا اهـ.
ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعُدُولِ إلَى بَدَلِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ ثَمَّ، وَيُجْبَرُ هُنَا أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي رُجُوعِهِ لَهُ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ ثَمَّ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ تَلَفًا أَدَّى إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فَسَخَ هُوَ الْعَقْدَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) أَيْ وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمِثْلِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ طَرِيقَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِنَحْوِ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ تَحَالُفٍ اهـ: أَيْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَصِفَتِهِ) مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ لَيْسَتْ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: لِمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمِثْلِيِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ أَنَّ الَّذِي لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ لَا تَكْفِي رُؤْيَتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ جَهِلَ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ.
فَإِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .