الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْهُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَنْفَسِخُ السَّلَمُ فَلَا نَدْرِي بِمَا يَرْجِعُ.
(الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا) كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّهِ السَّابِقِ فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لَهُ (فَلَوْ)(قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ) أَوْ دِينَارًا فِي ذِمَّتِي (فِي هَذَا الْعَبْدِ) فَقَبِلَ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِيَّةِ (وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ تَرْجِيحِهِمْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَلَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ، وَقَدْ يُرَجِّحُونَ الْمَعْنَى عِنْدَ قُوَّتِهِ كَجَعْلِهِمْ الْهِبَةَ ذَاتَ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعًا، وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي سُكْنَى هَذِهِ سَنَةً لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِهِ فِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ قِنِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ (وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) أَوْ بِدَنَانِيرَ فِي ذِمَّتِي (فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هُنَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ سَلَمًا) نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ لِأَنَّ كُلَّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ، وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ لَهُ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ، وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَطَالُوا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَيَثْبُتَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ انْتِفَاءِ ذِكْرِ لَفْظِ السَّلَمِ بَعْدَهُ وَإِلَّا كَانَ سَلَمًا بِالِاتِّفَاقِ لِمُسَاوَاةِ اللَّفْظِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ.
(الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ مَا تَضَمَّنَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قِيلَ بَلْ هُوَ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ رُؤْيَةٍ مُعْتَبَرَةٍ.
قُلْت: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الصِّحَّةِ لَا يَكُونُ مَعَهَا انْضِبَاطٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَتَى وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي قَبْضِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ إذْنًا شَرْعِيًّا بَلْ هُوَ لَاغٍ (قَوْلُهُ: ذَاتَ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعًا) قَالَ حَجّ: نَعَمْ لَوْ نَوَى بِلَفْظِ السَّلَمِ الْبَيْعَ فَهَلْ يَكُونُ كِنَايَةً كَمَا اقْتَضَتْهُ قَاعِدَةُ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَجَازَ كَوْنُهُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ أَوَّلًا، لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ يُنَافِي التَّعْيِينَ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، وَمَا فِي الْقَاعِدَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كُلُّ مُحْتَمَلٍ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الْفَرْعِ مِنْ صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّرْفِ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ لَا تَعْيِينَ ثُمَّ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ دِينَارًا فِي ذِمَّتِي (قَوْلُهُ: فِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْفَعَةِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ نَفْسِهِ وَقِنِّهِ وَدَابَّتِهِ مُعَيَّنٌ، وَالْمُعَيَّنُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقَارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْعَقَارُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا لَمْ يُغْتَفَرْ صِحَّةُ ثُبُوتِ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَمَّا كَانَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فِي الْجُمْلَةِ اُغْتُفِرَ ثُبُوتُ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَبِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ لَا يُرَدُّ الْحُرُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي مَنْفَعَتِهِ لِمَا عَلِمْت وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَدَلَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِفَرْضِ كَوْنِهِ رَقِيقًا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَمَّا الثَّمَنُ نَفْسُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ سَلَمًا) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مُتَمِّمًا لِلصِّيغَةِ لَا فِي مَجْلِسِهِ، وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الصِّيغَةِ.
(قَوْلُهُ: الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ مَا تَضَمَّنَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[إذَا فُسِخَ السَّلَمُ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ]
. (قَوْلُهُ: رَأْيٌ مَرْجُوحٌ) لَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِهِ وَالشَّارِحُ أَرَادَ حِكَايَتَهُ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ) عِلَّةُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ
. (قَوْلُهُ: ذَاتَ ثَوَابٍ) حَالٌ مِنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى صَاحِبَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ بِخِلَافِ قَبْضِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) سَيَأْتِي لَهُ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ (الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ) سَلَّمَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهُمَا (بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ) سَلَمًا مُؤَجَّلًا وَهُمَا بِمَحَلٍّ (يَصْلُحُ) لَهُ (وَ) لَكِنْ (لِحَمْلِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مُؤْنَةٌ اشْتَرَطَ)(بَيَانَ مَحَلِّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ: أَيْ مَكَان (التَّسْلِيمِ) لِلْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَالسَّلَمِ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ (فَلَا) يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ وَيَتَعَيَّنُ مَحَلُّ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ فِيهِ فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ تَعَيَّنَ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ لَمَّا قَبِلَ التَّأْجِيلَ قُبِلَ شَرْطًا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ خِيَارٌ وَلَا يُجَابُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْفَسْخَ وَرَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لِخَلَاصِ ضَامِنٍ وَفَكِّ رَهْنٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ دَارٌ عُيِّنَتْ لِلْإِرْضَاعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَحَلِّ غَيْرِهَا فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُفَارِقُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ وَالْمُؤَنِ، وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ فِيهِمَا وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْمُرَادُ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ هُنَا مَحَلَّتُهُ لَا خُصُوصُ مَحَلِّهِ فِيهِمَا.
وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ قَالَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلَدِ كَذَا وَهِيَ غَيْرُ كَبِيرَةٍ كَفَى إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَنْزِلِهِ أَوْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شِئْت مِنْهُ صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ وَثَمَّ عَلَى حِفْظِ الْأَبْدَانِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الدُّورِ، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَّا دَارًا لِلرَّضَاعِ تَعَيَّنَتْ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَتَى اشْتَرَطَ التَّعْيِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَا ذَكَرَ لَا يَسْتَقِيمُ، إذْ الشَّرْطُ هُوَ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَا قَوْلُهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِتَعْيِينِ غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ لِلْقَبْضِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حَطَبًا أَوْ نَحْوَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إيصَالَهُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِخَرَابٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالْخَرَابِ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ لِخَرَابٍ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ، وَإِنْ كَانَ لِخَوْفٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْقَبُولُ فِيهِ وَلَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ النَّقْلُ إلَى غَيْرِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ) بَقِيَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْمَحَلَّانِ هَلْ يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَخْيِيرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ بِكَوْنِهِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ يَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُ فِي الْأَبْعَدِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْأَنْقَصِ، وَالْمُرَادُ أُجْرَةُ الزِّيَادَةِ فِي الْأَبْعَدِ وَالنَّقْصِ فِي الْأَنْقَصِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الِانْهِدَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا أَعْرَضَ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ) أَيْ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ) أَيْ الْبَلَدُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ) نَصُّهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَصَّانِ بِالِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ فَقِيلَ هُمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ هُمَا فِي حَالَيْنِ قِيلَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِي الصَّالِحِ وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَيُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ.
وَقَوْلُهُ سِتَّةُ طُرُقٍ: أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَصِيرُ الطُّرُقُ سَبْعَةً.
وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَصْلُحُ الْمَوْضِعُ وَجَبَ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ الْبَيَانُ فِي الْمُؤَجَّلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الثَّمَنِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ
. (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلِيقُ
يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عُلِمَ صِحَّةُ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ السَّلَمَ الْحَالَّ يَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ صَالِحًا لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ فَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْضًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِكَثِيرٍ وَالْكَلَامُ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا الْحَالُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ: أَيْ إذَا كَانَ صَالِحًا وَإِلَّا اُشْتُرِطَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْمَفْهُومِ.
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ (حَالًّا) إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا (وَ) كَوْنُهُ (مُؤَجَّلًا) بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ وَقِيَاسًا أَوْلَوِيًّا فِي الْحَالِّ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّأْجِيلُ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا وَجَبَ فِيهَا لِانْتِفَاءِ قُدْرَةِ الرَّقِيقِ، وَالْحُلُولُ يُنَافِي ذَلِكَ، وَكَوْنُ الْبَيْعِ يُغْنِي عَنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ اطَّرَدَ بِالرُّخْصِ فِي مُطْلَقِ السَّلَمِ دُونَ الْبَيْعِ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا فِيهِ (انْعَقَدَ حَالًّا) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ التَّأْجِيلَ فِيهِ فَسُكُوتُهُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ بِمَجْهُولٍ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُؤَجَّلِ (الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ) لِمَنْ يَأْتِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَصِحَّ كَإِلَى الْحَصَادِ أَوْ الْمَيْسَرَةِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الشِّتَاءِ وَلَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُمَا الْمُعَيَّنَ، وَكَإِلَى أَوَّلِ أَوْ آخِرِ رَمَضَانَ لِوُقُوعِهِ عَلَى نِصْفِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخَرِ كُلِّهِ عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، لَكِنْ قَالَا: قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ كَمَا فِي النَّفَرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَهُوَ الْأَقْوَى، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذُكِرَ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَدَلِيلًا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَمَا عَزَاهُ الشَّيْخَانِ لِلْأَصْحَابِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ، وَقَدْ سَوَّى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بَيْنَ إلَى رَمَضَانَ وَإِلَى غُرَّتِهِ وَإِلَى هِلَالِهِ وَإِلَى أَوَّلِهِ، فَإِنْ قَالَ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ حَلَّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ، وَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: مَا نَقَلَاهُ عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
دُونَ الْحَالِّ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ احْتِيَاجُ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ لِلتَّقْيِيدِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ سَلَمًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) أَيْ فِي بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ) أَيْ مَعَ مَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَخْفَى) الْكَافُ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِمَعْنَى اللَّامِ: أَيْ لِمَا يَخْفَى مِنْ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَأْتِي) وَهُوَ الْعَاقِدَانِ أَوْ عَدْلَانِ غَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَيْسَرَةِ) أَيْ وَقْتِ يَسَارِ النَّاسِ عَادَةً كَالصَّيْفِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ ظُهُورِ ضَوْئِهَا، وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ أَنَّ الصَّوْمَ قَدْ يَسْتُرُهُ الْغَيْمُ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ) الْحَمْلُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ صَحَّ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الرَّوْضُ.
وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الثَّانِي مَرَّ اهـ.
وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْحَمْلِ (قَوْلُهُ: تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ) أَيْ فِي عَزْوِهِ ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْبَغَوِيِّ قَالَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ سَوَّى) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّصْرِيحُ بِالتَّأْجِيلِ وَإِلَّا يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ) أَيْ فِي عَزْوِهِ لِلْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَالْإِمَامُ هُوَ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ
الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَاهُ آخِرًا بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ.
أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَهُ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُمَا قَالَا: يَحِلُّ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِ ثُمَّ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِهِ فَوَجَبَ وُقُوعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ قَضِيَّةَ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ لَا لِتَعَيُّنِهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَعَ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ أَثْنَاءَ يَوْمِهَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِأَوَّلِهِ، وَأَمَّا السَّلَمُ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ التَّأْجِيلَ بِالْمَجْهُولِ لَمْ يَقْبَلْهُ بِالْعَامِ وَإِنَّمَا قَبِلَهُ بِنَحْوِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ، فَدَلَالَتُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ بَلْ لِزَمَنٍ مُبْهَمٍ مِنْهَا (فَإِنْ)(عَيَّنَ) الْعَاقِدَانِ (شُهُورَ الْعَرَبِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ)(جَازَ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ، وَيَصِحُّ التَّأْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ، وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ بُرْجَ الْمِيزَانِ، وَالْمِهْرَجَانُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقْتُ نُزُولِهَا بُرْجَ الْحَمَلِ، وَعِيدُ الْكُفَّارِ كَفِصْحِ النَّصَارَى وَفَطِيرِ الْيَهُودِ إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُخْتُصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا لِعَدَمِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ، نَعَمْ إنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا يُمْنَعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِمْ وَاكْتَفَى هُنَا بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْأَجَلَ أَوْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ فِي صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَثَمَّ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَحْتَمِلَ هُنَا مَا لَا يَحْتَمِلُ هُنَاكَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الشَّهْرَ (حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيِّ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ هَذَا إنْ عَقَدَ أَوَّلَهُ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ) بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَكَانَ التَّأْجِيلُ بِشُهُورٍ (حَسَبَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ (بِالْأَهِلَّةِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ) مِمَّا بَعْدَهَا، وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ.
نَعَمْ لَوْ عَقَدَا فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ آخِرَ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا، وَلَا يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ مِمَّا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ، هَذَا إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ، وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ بَلْ يُتَمِّمُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ حِينَئِذٍ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَأْجِيلِهِ بِالْعِيدِ وَجُمَادَى) وَرَبِيعٍ وَالْفِطْرِ (وَيُحْتَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: بِالْعَامِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ شُمُولَ الْيَوْمِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ الْمُبْهَمِ، فَإِنَّ الْعَامَّ هُوَ مَا اسْتَغْرَقَ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ الْأَفْرَادِ لَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَوَصْفُهُ بِالْعُمُومِ تَجَوُّزٌ وَكَأَنَّ عِلَاقَتَهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْأَجْزَاءَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِهْرَجَانُ عِيدُ الْفُرْسِ، وَهِيَ كَلِمَتَانِ مِهْرٌ وِزَانُ حِمْلٌ وَجَانَ لَكِنْ تَرَكَّبَتْ الْكَلِمَتَانِ حَتَّى صَارَتَا كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَعْنَاهَا مَحَبَّةُ الرُّوحِ.
وَفِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ: كَانَ الْمِهْرَجَانُ يُوَافِقُ أَوَّلَ الشِّتَاءِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَنْهُ حَتَّى صَارَ يَنْزِلُ فِي أَوَّلِ الْمِيزَانِ انْتَهَى.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقْتُ نُزُولِهَا أَوَّلَ بُرْجِ الْحَمَلِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ نَقَصَ إلَخْ) أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَهِلَّةِ بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْعَاقِدَانِ) أَرَادَ بِهِ حَلَّ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إلَّا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الشَّارِعُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفُهُمْ بِخِلَافِهِ.