الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى أَدَائِهِ لَهُ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّ أَعْطَى يَتَعَدَّى إلَى اثْنَيْنِ بِنَفْسِهِ يُرَدُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلتَّقْوِيَةِ (وَإِذَا)(أَحْرَمَ) حَالَ الْحَجْرِ (بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ بَعْدَ الْحَجْرِ وَقُلْنَا بِسُلُوكِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ أَوْ إتْيَانِهِ بِهِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) فِي الْحَضَرِ (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ
صِيَانَةً لِمَالِهِ
، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصَرٍ فَيَتَحَلَّلُ) بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُضِيِّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا.
وَالثَّانِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ كَمَنْ فَقَدَ زَادَهُ وَرَاحِلَتَهُ (قُلْت: وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) وَالْحَلْقِ مَعَ النِّيَّةِ (إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْحَجِّ (؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ) فَإِنْ قُلْنَا لَا بُدَّ لَهُ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُحْصَرِ.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا (وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرَ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ) عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ لَكِنَّهَا لَمْ تَزِدْ (لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِمْكَانِ الْإِتْمَامِ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلْمَالِ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فِيمَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِهِ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ مَعَ غِنَاهُ، بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْوَلِيِّ وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ التَّطَوُّعِ حَالَ سَفَهِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مِنْ الْفَرْضِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ صَارَ فَرْضًا اهـ.
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا وَأَدَّى إلَى نَفَاذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِلتَّقْوِيَةِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ لَامَ التَّقْوِيَةِ هِيَ اللَّامُ الزَّائِدَةُ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ الضَّعِيفِ إمَّا بِتَقْدِيمِ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ أَوْ كَوْنِهِ فَرْعًا فِي الْعَمَلِ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ فِيهِ أَعْطَى وَهُوَ فِعْلٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْمُولُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَحْرَمَ) أَيْ أَوْ سَافَرَ لِيُحْرِمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَنْعِ وَعَدَمِهِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ صِيَانَةً لِمَالِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ) قَالَ حَجّ: كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ أَصْلِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى ذَاتِهِ، وَيُرَدُّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى ذَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُفْضِي لِضَيَاعِ مَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّفَرَ كَذَلِكَ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا قَصِيرًا أَوْ خُرُوجًا إلَى تَنَزُّهٍ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهَا بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ضَيَاعُ مَالٍ بِوَجْهٍ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اخْتِلَاطُهُ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ مُرَافَقَتُهُمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ) أَيْ بِالتَّصَرُّفَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ بَلْ وَالْمَالِيَّةِ الَّتِي فِيهَا تَحْصِيلٌ كَقَبُولِ الْهِبَةِ
(قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قُلْنَا لَا يَمْنَعُهُ فَسَافَرَ وَلَهُ كَسْبٌ يَفِي كَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِنَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ.
قُلْت: إذَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ يُسَافِرُ مَعَهُ لِيُؤَجِّرَهُ لِذَلِكَ الْكَسْبِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُؤَجِّرُهُ لَهُ ثُمَّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَوْ عَجَزَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَهَلْ نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْوَلِيِّ لِإِذْنِهِ؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ حَيْثُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ) مُرَادُهُ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ.
أَقُولُ: وَجْهُ تَعَجُّبِ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَرْضُ مَا ذُكِرَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ فَوَّتَ بِالسَّفَرِ عَمْدًا مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يَفُوتَ بِالسَّفَرِ وَهُوَ يَأْتِي بِهِ فِي السَّفَرِ فَلَا تَفْوِيتَ أَصْلًا وَبِذَلِكَ يُنْظَرُ فِي نَظَرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَفْصِيلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ) فِي اقْتِضَائِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ.
[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]
.
مِمَّا ذَكَرَاهُ؛ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَسْبُ فِي طَرِيقِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ.
أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ كَانَ كَالْوَاجِبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي الْحَجِّ.
فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ
(وَلِيُّ الصَّبِيِّ) أَيْ الصَّغِيرِ وَلَوْ أُنْثَى (أَبُوهُ) إجْمَاعًا (ثُمَّ جَدُّهُ) أَبُو أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا كَوَلَايَةِ النِّكَاحِ؛ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُمَا لِبَاقِي الْعُصْبَةِ كَالنِّكَاحِ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ فِي الْمَالِ وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ، وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا، فَإِنْ فَسَقَا نَزَعَ الْحَاكِمُ الْمَالَ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مُسْلِمًا إذْ الْكَافِرُ يَلِي وَلَدَهُ الْكَافِرَ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ، وَالْأَوْجَهُ بَقَاءُ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا كَالنِّكَاحِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي وَلَايَةِ الْإِجْبَارِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الشَّارِحِ وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم حَجّ
(قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَاهُ) أَيْ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ وَالْأَذْرَعِيُّ
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ كَسْبُ الزِّيَادَةِ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ مَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ إذَا كَانَ غَنِيًّا فَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْكَسْبِ، فَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَكَانَ يَكْسِبُ فِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ لَا يُعَدُّ تَفْوِيتًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِ يَتَأَتَّى يَعْنِي يُوجَدُ وَيَحْصُلُ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ: أَيْ فَإِنَّ مَا يَصْرِفُهُ فِي السَّفَرِ حِينَئِذٍ يُعَدُّ تَفْوِيتًا.
(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ
(قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَدَعْوَاهُ عَدَمَ التَّصَرُّفِ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الصَّغِيرِ) قَدْ يُوهِمُ تَفْسِيرَ الصَّبِيِّ بِهِ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَشْمَلُ الْأُنْثَى دُونَ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِمْ بِغَيْرِ الْكُفْءِ فَيَجْتَهِدُونَ فِيمَنْ يَصْلُحُ لِمُوَلِّيَتِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ الْآلُ
(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ) أَيْ إلَّا إذَا سَجَّلَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ بِعَدَالَتِهِمَا م ر.
[فَرْعٌ] قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ انْفِسَاخِهِ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَقَامَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ إلَخْ بَحْثٌ لِلسُّبْكِيِّ وَلَا يَسُوقُهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ، وَكَتَبَ أَيْضًا
قَوْلُهُ: وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ نُوزِعَا فِي فَصْلِ الْإِيصَاءِ أَنَّهُ إنْ نُوزِعَا لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ: أَيْ وَتَعُودُ لَهُمَا الْوَلَايَةُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ وَلَوْ بِلَا تَوْلِيَةٍ مِنْ الْقَاضِي، وَمِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِرَارًا، وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً
(قَوْلُهُ:: وَالْأَوْجَهُ بَقَاءُ وَلَايَتِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اُسْتُفْتِيَتْ عَنْ ذِمِّيِّ مَاتَ وَتَرَكَ طِفْلًا وَلَا وَصِيَّ لَهُ هَلْ لِقَاضِي الْمُسْلِمِينَ التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِالنَّظَرِ وَنَصْبِ الْقَيِّمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُمْ إلَيْهِ فَتَوَقَّفْت فِي الْإِفْتَاءِ، وَمِلْت إلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ (قَوْلُهُ: أَيْ الصَّغِيرِ) لَا دَاعِيَ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ)
فِي النِّكَاحِ: إنَّ شَرْطَهُمَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ فِي وَلَايَةِ الْمَالِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَدْ نُقِلَ فِي بَابِ الْوَصَايَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ عَدَمُ الْعَدَاوَةِ.
وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ أَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لِلْمَذْكُورِينَ عَلَى الْأَجِنَّةِ بِالتَّصَرُّفِ، وَصَرَّحَا بِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ فَقَطْ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْإِيصَاءِ مِنْ جَوَازِ النَّصْبِ عَلَى الْحَمْلِ لِحَمْلِهِ عَلَى مَنْصُوبِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَشَرْطُهُ الْعَدَالَةُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ (ثُمَّ الْقَاضِي) أَيْ الْعَدْلُ الْأَمِينُ لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَوَلِيُّ مَالِهِ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ، وَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْمُتَّصِفِ بِمَا مَرَّ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَقَارًا، وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا كَالصَّبِيِّ فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ.
قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي مَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُمْ.
وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ سَلَّمَهُ لِحَاكِمٍ خَانَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ وُلِّيَ عَدْلٌ أَمِينٌ وَجَبَ الرَّفْعُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَنْقُضُ مَا كَانَ تَصَرَّفَ فِيهِ زَمَنَ الْجَائِرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا شَرْعًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ السَّابِقِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِوُجُوهٍ اهـ
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعَدَاوَةِ) أَيْ الظَّاهِرَةِ
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعَدَاوَةِ) أَيْ وَلَوْ بَاطِنَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ
(قَوْلُهُ: لَا وَلَايَةَ لِلْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ فِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَا بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ.
الْوَلَايَةِ بِالتَّصَرُّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِنَفْيِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ) أَيْ التَّصْرِيحُ
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَقَطْ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذَكَرَ ثُمَّ وَصِيُّهُمَا، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ قَبْلُ، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ إلَخْ لَكِنْ عَلَى هَذَا يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي إلَخْ، فَإِنَّ مَا هُنَا عَلَى مَا ذَكَرَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وَلَايَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَغَيْرِهِمَا، وَمَعَ ذَلِكَ كَيْفَ يَتِمُّ قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَنْصُوبِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْوَلَايَةِ بِالْحَاكِمِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) وَلَوْ أُمًّا بَلْ هِيَ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ الْوَصِيِّ
(قَوْلُهُ: الْعَدَالَةُ) أَيْ الْبَاطِنَةُ كَمَا يَأْتِي لَهُ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْغِبْطَةِ) كَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَفِ الْأَعَمُّ مِنْ تَلَفِ الْعَيْنِ وَذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ بِبَلَدِ قَاضِي الْمَالِ دُونَ بَلَدِ الصَّبِيِّ أَجَّرَهُ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ مِنْ قَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَحَلِّ وَلَايَتِهِ وَلَيْسَ بَلَدُ الْمَالِ مِنْهَا
(قَوْلُهُ: وَلِقَاضِي بَلَدِهِ) قَالَ حَجّ: الْمُرَادُ بِبَلَدِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَطَنُهُ وَإِنْ سَافَرَ عَنْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى مَالِهِ لَمْ يَجُزْ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ لَائِقَةٌ كَأَنْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ
(قَوْلُهُ: إسْعَافُهُ) أَيْ بِإِرْسَالِهِ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فِي مَالِ مَحْجُورِهِمْ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَذْكُورِينَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ الْوَلِيُّ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ: أَوْ تَقَدَّمَ حَيْثُ كَانَ بِالْآخَرِ مَانِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ، وَمَالُهُ بِآخَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالْعِبْرَةُ بِقَاضِي بَلَدِ الْمَوْلَى: أَيْ: وَطَنِهِ، وَإِنْ سَافَرَ عَنْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِنْمَاءِ وَبِقَاضِي بَلَدِ مَالِهِ فِي حِفْظِهِ وَتَعَهُّدِهِ وَنَحْوِ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ عِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ بِوَصِيٍّ عَلَيْهِ وَلَهُ مَالٌ وَلَوْ سَلَّمَهُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَافَ ضَيَاعَهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهِ وَالتَّصَرُّفُ
لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا قَاضٍ فَاسِقٌ أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ كَانَتْ الْوَلَايَةُ لِلْمُسْلِمِينَ: أَيْ لِصُلَحَائِهِمْ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.
وَالثَّانِي تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِمَا لِكَمَالِ شَفَقَتِهَا، وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الْوَلَايَةِ سَائِرُ الْعُصْبَةِ كَأَخٍ وَعَمٍّ.
نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وَلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَمُرَادُهُ بِالْمَجْنُونِ هُنَا مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ
(وَيَتَصَرَّفُ) لَهُ (الْوَلِيُّ) أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (بِالْمَصْلَحَةِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] وَاقْتَضَى كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ امْتِنَاعَ تَصَرُّفٍ اسْتَوَى طَرَفَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ حِفْظُ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَاسْتِنْمَاؤُهُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مُؤْنَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ، وَلِلْوَلِيِّ بَدَلُ بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ وُجُوبًا لِتَخْلِيصِ الْبَاقِي عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ كَمَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِخَرْقِ الْخَضِرِ لِلسَّفِينَةِ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ لَائِقٌ بِهِ أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي ذَلِكَ.
وَيُنْدَبُ شِرَاءُ الْعَقَارِ لَهُ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ عِنْدَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ مِنْ رِيعِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مِنْ جَوْرِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ خَرَابٍ لِلْعَقَارِ وَلَمْ يَجِدْ بِهِ ثِقْلَ خَرَاجٍ وَلَهُ السَّفَرُ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِنَحْوِ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فِي زَمَنٍ أَمِنَ صُحْبَةَ ثِقَةٍ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ؛ إذْ الْمَصْلَحَةُ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ إلَّا فِي نَحْوِ بَحْرٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِهَا.
أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَجُوزُ إرْكَابُهُ الْبَحْرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ بِأَنْ ادَّعَى نَفَقَةً لَائِقَةً إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَلَايَةُ لِلْمُسْلِمِينَ) بَلْ عَلَيْهِمْ: أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَوَلِّي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِ بِالْغِبْطَةِ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ) أَيْ وَعَدَمُهُ لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: نَعَمْ لِلْعُصْبَةِ مِنْهُمْ: أَيْ الْعَدْلِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْإِنْفَاقَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَضَرَ الْوَلِيُّ وَأَنْكَرَ أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَيْهِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَنَّ فِعْلَهُمْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ادَّعَوْهُ
(قَوْلُهُ: كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّ لِلْعُصْبَةِ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ
(قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) أَيْ لِيَتَأَتَّى الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ
(قَوْلُهُ: وَاسْتِنْمَاؤُهُ إلَخْ) فَلَوْ تُرِكَ اسْتِنْمَاؤُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَصَرَفَ مَالَهُ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ الْعَقَارِ حَتَّى خَرِبَ الضَّمَانُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَرْكَ الْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْمَالِ، وَتَرْكُ الِاسْتِنْمَاءِ إنَّمَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ التَّحْصِيلِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَيَاعُ الْمَالِ فِي النَّفَقَةِ
(قَوْلُهُ: لِتَخْلِيصِ الْبَاقِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا يَبْذُلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَكُونُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَسْتَرْجِعُهُ مِنْ الظَّالِمِ قَلِيلًا
(قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ وَيُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ إلَخْ؛ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرَعْنَا مَا يُقَرِّرُهُ
(قَوْلُهُ: أَخْبَرَهُ الْوَلِيُّ) أَيْ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: لِيَرْتَفِقَ بِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: إنَّ وَلِيٍّ السَّفِيهِ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ وَفِي حَجّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا اهـ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: مِنْ رِيعِهِ) أَيْ غَلَّتِهِ
(قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ أَمْنٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اُحْتُمِلَ تَلَفُهُ فِي السَّفَرِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْأَقْرَبُ الْمَفْهُومُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ قَوِيَ جَانِبُ الْخَوْفِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ
. (قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ مُرَادًا فَلْيُنْظَرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ وَفِي التُّحْفَةِ التَّصْرِيحُ بِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ هُنَا
عِنْدَ غَلَبَتِهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَيُفَارِقُ مَالَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ مُنَافَاتُهُ غَرَضَ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِهِ هُوَ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ (وَيَبْنِي دُورَهُ) وَمَسَاكِنَهُ (بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ؛ لِأَنَّ الطِّينَ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَالْآجُرُّ يَبْقَى (لَا اللَّبِنِ) وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرَقْ مِنْ الطُّوبِ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنَ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَنْكَسِرُ عِنْدَ النَّقْضِ، وَالْجِصُّ كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ وَلَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ عِنْدَ النَّقْضِ بَلْ يُلْصَقُ بِالطُّوبِ فَيُفْسِدُهُ، وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ فِي الْجِصِّ بِالْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ فَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ فِي اللَّبِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الطِّينِ أَمْ الْجِصِّ، وَعَلَى الِامْتِنَاعِ فِي الْجِصِّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ اللَّبِنِ أَمْ الْآجُرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِفَهْمِ الْمَنْعِ فِيمَا عَدَاهُمَا، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَصْرِ الْبِنَاءِ عَلَى الْآجُرِّ وَالطِّينِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّاشِيُّ.
قَالَ فِي الْبَيَانِ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ: وَهَذَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ الْحِجَارَةُ فِيهِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا أَكْثَرُ وَأَقَلُّ مُؤْنَةً، وَمَا اشْتَرَطَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُسَاوِيَ كُلْفَتَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فِيهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مُنِعَ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ لِكُلْفَتِهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ بِنَائِهِ لَهُ.
نَعَمْ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ أَحَظَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ.
(وَلَا) يَشْتَرِي لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَلَوْ كَانَ مُرْبِحًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا (يَبِيعُ عَقَارَهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ أَسْلَمُ وَأَنْفَعُ مِمَّا عَدَاهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ) مِنْ كِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّةُ الْعَقَارِ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مُقْرِضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً تَفِي بِالْقَرْضِ، وَلَهُ بَيْعُهُ أَيْضًا لِثِقَلِ خَرَاجٍ أَوْ خَوْفِ خَرَابٍ أَوْ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْيَتِيمِ، وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ مَنْ يُوَجِّهُهُ لِيَجْمَعَ غَلَّتَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَبْنِيَ بِبَلَدِ الْيَتِيمِ مِثْلَهُ أَوْ لِحَاجَةِ عِمَارَةِ أَمْلَاكِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْعَقَارِ (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) كَبَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ جَوَازَ بَيْعِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِرُجُوعِ أَصْلِهِ فِي هِبَتِهِ لَهُ، وَنَظَرَ فِي دُخُولِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْغِبْطَةِ، وَالْأَقْرَبُ دُخُولُهَا فِيهَا فَقَدْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِحُسْنِ الْحَالِ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِجَوَازِ بَيْعِ ضَيْعَةِ يَتِيمٍ خَرِبَتْ، وَخَرَاجُهَا يَسْتَأْصِلُ مَالَهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلِّ مَا خِيفَ هَلَاكُهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ غَصْبُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَتِهَا) أَيْ السَّلَامَةِ
(قَوْلُهُ: إرْكَابِ الْبَهَائِمِ) أَيْ الَّتِي لِغَيْرِ الصَّبِيِّ الْبَحْرَ
(قَوْلُهُ: عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) الْوَجْهُ جَوَازُ اتِّبَاعِهَا عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَمِثْلُهُ عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُدْرَكًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ الْجَرْيَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ) أَيْ الَّذِي تَهَدَّمَ بَعْضُ جُدْرَانِهِ، وَقَوْلُهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً إلَخْ: أَيْ أَنْ يُحْيِيَ لَهُ مَوَاتًا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ ثُمَّ يُحَدِّثَهُ فِيهَا
(قَوْلُهُ: مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَاجِلًا قَبْلَ خَشْيَةِ فَسَادِهِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَدَرَ بِنَاءً عَلَى الْمَصْلَحَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَافٍ
(قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَكَبَيْعِ الْعَقَارِ إيجَارُ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي إيجَارِ مِثْلِهِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِإِجَارَةٍ أَمَّا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فِيهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ
(قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ) أَيْ مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحَصِّلُهُ مِنْ الْغَلَّةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ) وَمِثْلُهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرنَا مِنْ أَنَّ مَا خَرِبَ مِنْ الْأَوْقَافِ لَا يَعْمُرُ فَتَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضِهِ لِمَنْ يَعْمُرُهَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَوْ بَقِيَ، وَبَحَثَ الْبَالِسِيُّ جَوَازَ بَيْعِ مَالِ تِجَارَتِهِ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ لِيَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا هُوَ مَظِنَّةُ الرِّبْحِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ، قَالَ: وَمَا عَدَاهُمَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ، لَكِنْ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِدُونِ حَاجَةٍ وَبِدُونِ رِبْحٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِقِيمَتِهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهَا، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْغِبْطَةَ بِالظَّاهِرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يَسْتَهِينَ بِهَا الْعُقَلَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شِرَاءِ الْعَقَارِ.
نَعَمْ لَهُ صَوْغُ حُلِيٍّ لِمُوَلِّيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ وَصَبْغُ ثِيَابٍ وَتَقْطِيعُهَا وَكُلُّ مَا يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ بَقَائِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ: الْأَصْلُ، وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ، وَالْوَصِيُّ، وَالْقَيِّمُ كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَرَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ فَقَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْقَيِّمِ شِرَاءَ جِهَازٍ مُعْتَادٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَيَقَعُ لَهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ أَوْ إيجَارَهُ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ وَضَمِنَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ وَالتَّرْكُ فِيهَا يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْخُلْعِ: إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ وَقَبَضَ الْمَالَ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ: أَيْ وَأَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى لُقَطَةِ الصَّبِيِّ.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرِقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ لَتَوَقَّعَ زِيَادَةً فَتَلِفَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَ عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْيَتِيمِ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إقْرَاضُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ إرَادَةِ سَفَرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ.
أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ.
وَلَا يُقْرِضُهُ إلَّا لِمَلِيءٍ أَمِينٍ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: مِنْ صُفْرٍ) اسْمٌ لِلنُّحَاسِ
(قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهُمَا) أَيْ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ وَالْعَقَارَ
(قَوْلُهُ: إلَّا لِغِبْطَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ) لِابْنِ السُّبْكِيّ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ
(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ) أَيْ الشِّرَاءُ
(قَوْلُهُ: حَتَّى خَرِبَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرَبْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ الَّتِي فَوَّتَهَا بِعَدَمِ الْإِيجَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَخْرَبْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ: فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الْعِمَارَةِ وَالْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَالتَّرْكُ فِيهَا) أَيْ مَسْأَلَةِ التَّلْقِيحِ
(قَوْلُهُ: يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ فَاتَتْ الْأَجْوَدِيَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ، أَمَّا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَسَادُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّلْقِيحِ اُتُّجِهَ الضَّمَانُ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إيجَارَ دُورِهِ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مَنْ يَسْتَأْجِرُ عَدَمَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ حَاصِلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم الضَّمَانُ
(قَوْلُهُ: وَقَبْضُ الْمَالِ) أَيْ عَيْنًا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ دَيْنًا وَأَذِنَ الْوَلِيُّ فِي قَبْضِهِ
(قَوْلُهُ: الْفِرْصَادِ) أَيْ التُّوتِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُجْنَى وَيُنْتَفَعُ بِهِ
(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ) أَيْ تَوَقُّعًا قَرِيبًا
(قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ) أَيْ وَقْتُ طُلُوعِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْرِضُهُ) أَيْ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ السَّابِقَةِ فِي تَفْسِيرِ الْغِبْطَةِ الظَّاهِرَةِ، فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْعَبَّادِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ) تَقَدَّمَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي فَصْلِ الْقَرْضِ، لَكِنَّهُ اسْتَوْجَهَ فِي بَابِ الرَّهْنِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا، وَأَوَّلَ عِبَارَةَ الشَّيْخَيْنِ الْمُوَافِقَة لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا
وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَا يُودِعُهُ أَمِينًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إقْرَاضِهِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَرَاهَا فِيهِمَا كَأَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ رِبْحٌ وَفِي الثَّانِي زِيَادَةٌ لَائِقَةٌ أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ (وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً أَشْهَدَ) عَلَى الْبَيْعِ وُجُوبًا (وَارْتَهَنَ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا بِهِ وُجُوبًا أَيْضًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ، وَقِصَرُ الْأَجَلِ عُرْفًا، وَزِيَادَةٌ لَائِقَةٌ بِهِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَكَانَ ضَامِنًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا وَلَا يُجْزَى الْكَفِيلُ عَنْ الِارْتِهَانِ.
نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا كَأَنْ بَاعَا مَالَهُ لِنَفْسِهِمَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ فِي حَقِّهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ مَلِيًّا، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ، وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا مَالَ وَلَدِهِمَا إذَا رَفَعَاهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ فِي حَقِّ وَلَدِهِمَا وَيَجِبُ إثْبَاتُهُمَا الْعَدَالَةَ لِيُسَجَّلَ لَهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيُحْكَمَ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَصَحَّ بِخِلَافِ مَا فِي شُهُودِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ لَهُمَا عَلَى الْوَلَايَةِ وَهَذَا فِي طَلَبِهِمَا مِنْهُ التَّسْجِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي ثُبُوتَهُ عِنْدَهُ وَالثُّبُوتُ يَحْتَاجُ لِلتَّزْكِيَةِ، وَنَظَرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْنَعُ الشُّرَكَاءَ مِنْ قِسْمَةِ دَارٍ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِمِلْكِهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي الْحُكْمَ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَتُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِالْمَصْلَحَةِ وَبِعَدَالَتِهِمَا.
وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ مَالَ نَحْوِ طِفْلٍ لِنَفْسِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّهْنِ مُطْلَقًا، فَقَوْلُهُ هُنَا تَرَكَهُ: أَيْ الْقَرْضَ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ ثَمَّ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْقَرْضِ وَرَضِيَ بِاقْتِرَاضِهِ مِنْ وَلِيِّهِ مُوسِرٌ ثِقَةٌ لَكِنْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَاضُ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَرَكَهُ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَّا إذَا تَرَكَ الرَّهْنَ وَالْمُشْتَرِي مُوسِرٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا اسْتِثْنَاءَ وَضَمِنَ.
نَعَمْ إنْ بَاعَهُ لِمُضْطَرٍّ لَا رَهْنَ مَعَهُ جَازَ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ تَلَفُهُ وَأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ إلَّا بِبَيْعِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ بِأَدْنَى ثَمَنٍ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى عَلَى مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنْ لَا يَرْتَهِنَ فِي الْبَيْعِ لِنَحْوِ نَهْبٍ إذَا خَشِيَ عَلَى الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ لِحَنَفِيٍّ وَيَضْمَنُهُ لَهُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ بَعْدَ الرُّشْدِ اسْتِخْلَاصُ دُيُونِ الْمُولَى كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِحَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ الْمَالِكِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْعِ وَأَيَّدَهُ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَالْحَالُ
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَلِيًّا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ
(قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ الْقَاضِي) أَيْ فِي صُورَةِ شِرَائِهِمَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا
(قَوْلُهُ: إذَا رَفَعَاهُ) أَيْ الْأَمْرَ فِي الْمَالِ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ سَبْقِ دَعْوَى وَلَيْسَ هُنَا مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِمَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِلْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالِاكْتِفَاءِ بِرَفْعِهِمَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا لِيَكُونَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِصَرْفِ الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعَانِهِ فِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُصَوَّرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَفِي الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ وَارْتَهَنَ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى الرَّهْنِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ قَالَ: فَالْأَوْلَى إذَا خَافَ عَلَى الرَّهْنِ أَنْ لَا يَرْتَهِنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ: وَلَوْ قَاضِيًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إثْبَاتُهُمَا الْعَدَالَةَ لِيُسَجِّلَ) أَيْ لِيَحْكُمَ إذْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّسْجِيلِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْأَبِ وَالْجَدِّ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ عَدَالَتِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ؛ لِبَقَائِهِمَا عَلَى الْوِلَايَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا هُنَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ.
وَلَا مَالَ نَفْسِهِ لَهُ وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيُّهُ، وَلَوْ أَبًا فَشَمَلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ وَمَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ، وَلَا يَعْفُو عَنْ قِصَاصٍ إلَّا فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، وَلَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ وَلَا يُدَبِّرُهُ وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَا يَصْرِفُ مَالَهُ فِي الْمُسَابِقَةِ وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَنْعُ شِرَاءِ الْجَوَارِي لَهُ لِلتِّجَارَةِ لَغَرَرِ الْهَلَاكِ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا وَيَتْرُكُ الْأَخْذَ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ، وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَهُ: يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا هُنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَحَكَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بِيعَ شَيْءٌ بِغِبْطَةٍ هَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ وَفِي الْإِهْمَالِ تَفْوِيتٌ، وَالتَّفْوِيتُ مُمْتَنِعٌ، بِخِلَافِ الِاكْتِسَابِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ وُجُودِ الْغِبْطَةِ وَكَمُلَ الْمَحْجُورُ أَخَذَهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وَلَايَتِهِ فَلَا يَفُوتُ بِتَصَرُّفِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْغِبْطَةِ وَلَوْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ مَعًا، وَلَوْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْوَلِيِّ بِأَنْ بَاعَ شِقْصًا لِلْمَحْجُورِ وَهُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا؛ إذْ لَا تُؤْمَنُ مُسَامَحَتُهُ فِي الْبَيْعِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ شِقْصًا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَهُ الْأَخْذُ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا هُمَا فَلَهُمَا الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ بِالْمَصْلَحَةِ دُونَ الْغِبْطَةِ أَوْلَى لِعُمُومِهَا؛ إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ، وَالْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ وَبَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَلَى الْوَلِيِّ بَيْعٌ خَالٍ عَنْ نَفْعٍ وَضَرَرٍ لَا الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فِيهِ إلَى الْغِبْطَةِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَلِيُّ مَعَ الْمَصْلَحَةِ فَكَمُلَ الْمَحْجُورُ، وَأَرَادَ الرَّدَّ لَمْ يُمْكِنْ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ تَرْكَ الْأَخْذِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ بِدُونِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ اتِّهَامِهِ. .
(وَيُزَكِّي مَالَهُ) وَبَدَنَهُ فَوْرًا حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا حِسْبَةً بِأَنَّهُمَا أَخَذَا مَالَ مَحْجُورِهِمَا وَتَصَرَّفَا فِيهِ لِأَنْفُسِهِمَا.
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الصَّبِيُّ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِيَ لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ)
أَيْ خَوْفًا مِنْ خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ أَخْفَاهُ الْبَائِعُ وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى التَّدَارُكُ بَعْدُ فَلَوْ خَالَفَ بَطَلَ
(قَوْلُهُ: لِغَرَرِ الْهَلَاكِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ: أَيْ الْأَخْذَ بِهَا
(قَوْلُهُ: بِأَنْ بَاعَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ
(قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ لِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) بَاعَ لَهُ أَوْ أَخَذَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى) لَا يُقَالُ: سَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَخْ.
لِأَنَّا نَقُولُ: مَا هُنَا أَعَمُّ لَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الصَّبِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَيُزَكِّي مَالَهُ وَبَدَنَهُ إلَخْ) إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ وَافَقَ مَذْهَبَ الْوَلِيِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ فَالِاحْتِيَاطُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ أَنْ يَحْسِبَ زَكَاتَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُخْبِرَهُ بِهَا، أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِقَاضٍ يَرَى وُجُوبَهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ) مُرَادُهُ بِهِ تَصْوِيرُ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ مَعَ بَقَاءِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) أَيْ فَقَدْ يَخْرُجُ الْبَيْعُ مُسْتَحَقًّا. (قَوْلُهُ: لِلْمَحْجُورِ) وَصْفٌ لِلشِّقْصِ أَيْ بَاعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) الَّذِي مَرَّ لَيْسَ هُوَ قَصْرَ الْغِبْطَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَاصَدَقَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ التَّصَرُّفَ بِدُونِهِمَا) يَعْنِي الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ إذْ غَيْرُهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ بَعْضُهُ
فِي طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، فَإِنْ قَصَرَ أَثِمَ أَوْ أَسْرَفَ ضَمِنَ وَأَثِمَ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ الْحَالَّ لَا يَجِبُ وَفَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ مَعَ أَنَّ الْأَرْشَ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِيَارِ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ أَدَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَاهُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مَجْنُونًا أَوْ طِفْلًا أَوْ زَمِنًا يَعْجَزُ عَنْ الْإِرْسَالِ، وَلَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ لَمْ يَحْتَجْ إلَى طَلَبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ اُعْتُبِرَ طَلَبُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ نَفَقَةً وَلَا أُجْرَةً، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَاشْتَغَلَ بِسَبَبِهِ عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ، وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وَلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ، وَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتِمُّونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَهُ أَوْلَى، وَلَا يَضْمَنُ الْمَأْخُوذُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ، وَلِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالِهِ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَمُوَاكَلَتُهُ لِلْإِرْفَاقِ حَيْثُ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَكُونَ كُلْفَتُهُ مَعَ الِاجْتِمَاعِ أَقَلَّ مِنْهَا مَعَ الِانْفِرَادِ، وَلَهُ الضِّيَافَةُ وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ حَيْثُ فَضَلَ لِلْمَوْلَى قَدْرُ حَقِّهِ، وَكَذَا خَلْطُ أَطْعِمَةِ أَيْتَامٍ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِيهِ
وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ وَإِنْ تَفَاوَتَ أُكُلُهُمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَيُلْزِمَهُ بِهَا حَتَّى لَا يَرْفَعَ بَعْدُ لِحَنَفِيٍّ يُغَرِّمُهُ إيَّاهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالِاحْتِيَاطِ جَوَازُ الْإِخْرَاجِ حَالًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ كَيْفَ يُضَيِّعُ مَالَهُ فِيمَا لَا يَرَى وُجُوبَهُ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِيَاطِ وُجُوبُ ذَلِكَ حِفْظًا لِمَالِ الْمُولَى عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمِثْلِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَتَعَدَّدَ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ التَّوَسُّعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِيَارِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالًا لِغَيْرِهِ أَوْ تَعَدَّى بِاسْتِعْمَالِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ الْبَدَلِ لِمَا أَتْلَفَهُ وَأُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ صَاحِبُهُ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ) أَيْ الْقَرِيبِ، فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَصَرَفَ لَهُ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنًا) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ وَاضْطُرَّ وَلَمْ يَطْلُبْ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إعْطَاؤُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا وَلِيَّ لَهُ) أَيْ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ وَلَمْ يَطْلُبْ
(قَوْلُهُ: أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُوَكِّلُهُ شَيْئًا عَلَى عَمَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ: أَيْ أَخْذَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ، وَهُوَ يُفْهِمُ عَدَمَ جَوَازِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لِإِمْكَانِ مُرَاجَعَةِ مُوَكِّلِهِ فِي تَقْدِيرِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ عَزْلِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ اخْتِيَارِ شَخْصٍ حَاذِقٍ لِشِرَاءِ مَتَاعٍ فَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِحِذْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ تَمَامَ الْقِيمَةِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَفَرَّهُ لِحِذْقِهِ وَبِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا زَمَنًا كَانَ يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا بَقِيَ لِمَالِكِهِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ إلَخْ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ) وَمَحَلُّ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَقَلِّ فِي الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبًا وَلَا جَدًّا وَلَا أُمًّا كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: أَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ بِقَدْرٍ يَسِيرٍ
(قَوْلُهُ: وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا خَلَطَ. .
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ) إنَّمَا سُنَّ ذَلِكَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِاسْتِئْنَاسِ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ) لَعَلَّهُ عِنْدَ الْأَكْلِ مَثَلًا بِأَنْ يَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ زَادِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْخَلْطِ، فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَلَبِ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَلْيُرَاجَعْ