الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ (يُصَدَّقُ) الْمُشْتَرِي (وَالْمُسْلِمُ) بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) أَنَّهُ الْمَقْبُوضُ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ شَغْلِ ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ إلَى وُجُودِ قَبْضٍ صَحِيحٍ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُعَيَّنِ وَالْبَائِعِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَالْبَيْعِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ مَثَلًا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ ادَّعَى نَقْصَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ عَادَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَإِلَّا فَلَا لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا فَظَهَرَ كَوْنُهُ لِابْنِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ فَوَقَعَ اخْتِلَافٌ كَأَنْ قَالَ الِابْنُ: بَاعَ أَبِي مَالِي فِي الصِّغَرِ لِنَفْسِهِ مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَاعَ وَكِيلِي مَالِي مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَعَدَّ الْوَلِيُّ وَلَا الْوَكِيلُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ وَلَا يُتَّهَمُ إلَّا بِحُجَّةٍ.
بَابٌ بِالتَّنْوِينِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ وَذَكَرَهُ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ لِلْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْحُرِّ فَأَخَّرْت أَحْكَامَهُ عَنْ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَلَوْ تَأَتَّى فِيهِ بَعْضُهَا، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ مُمْكِنٌ أَيْضًا بِأَنَّ فِيهِ إشَارَةً لِجَرَيَانِ التَّحَالُفِ فِي الرَّقِيقَيْنِ كَمَا مَرَّ وَمِنْ تَعْقِيبِهِ لِلْقِرَاضِ الْوَاقِعِ فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَهُ فِي أَنَّ كُلًّا فِيهِ تَحْصِيلُ رِبْحٍ بِإِذْنٍ فِي تَصَرُّفٍ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِقِنِّهِ تَوْكِيلٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ، وَتَصَرُّفَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَدَلًا، وَقِيلَ عَطْفَ بَيَانٍ، وَقِيلَ نَعْتًا لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ عَامِلٌ يَقْتَضِي رَفْعَهُ أَوْ نَصْبَهُ وَهَذَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي) لَكِنْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ الثَّمَنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَدَّهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا لَيْسَ هُوَ الْمَقْبُوضَ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَقْدِ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لِلْوَاقِعِ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا فِي الذِّمَّةِ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَإِنْ جَرَى عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثَمَّنُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَزْنِ) أَيْ أَوْ الْعَدَدِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُصَدَّقُ الْقَابِضُ إنْ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ الْغَلَطِ فِيهِ وَالْبَائِعُ إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِ مَا يَدَّعِيه الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الْقَابِضُ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) أَيْ فَيُطَالِبُ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْأَبِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي إذَا قَالَ الطِّفْلُ بَعْدَ بُلُوغِهِ بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ لِنَفْسِهِ تَعَدِّيًا وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي، لَكِنْ فِي آخِرِ فَصْلِ الْإِيصَاءِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ ادَّعَى بَيْعَ مَالِ الطِّفْلِ لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنْكَرَ الطِّفْلُ بَعْدَ بُلُوغِهِ طُولِبَ الْوَصِيُّ بِالْبَيِّنَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ شَفَقَةَ الْأَبِ تَمْنَعُهُ مِنْ الْخِيَانَةِ فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]
(بَابٌ) فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ مِلْكِهِ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَأَتَّى فِيهِ بَعْضُهَا) كَالتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي الْحَاوِي (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُشَابَهَةُ الْمَذْكُورَةُ مُتَحَقِّقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ) قَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا اسْتِخْدَامٌ وَالِاسْتِخْدَامُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بَابٌ) فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم وَأَثْبَتَ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ مُتَحَقِّقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا
أَقْسَامٍ مَا لَا يُنَفِّذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يُنَفِّذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخَلْعِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَذَا مَقْصُودُ الْبَابِ، وَقَدْ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (الْعَبْدُ) يَعْنِي الْقِنَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لَفْظَ الْعَبْدِ يَشْمَلُ الْأَمَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَكُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) الْمُعْتَبَرُ إذْنُهُ شَرْعًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ.
وَالثَّانِي يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ الثَّمَنِ بِالذِّمَّةِ وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدِهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ رَقِيقٌ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْآخَرُ.
نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ كَفَى إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَكُونُ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ بِمَالٍ لِأَنَّهُ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ بَلْ هُوَ تَحْصِيلُ مَالٍ لَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْقِنَّ) عِبَارَةُ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ: الْعَبْدُ الْقِنُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْعِتْقِ وَمُقَدِّمَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ عَلَى صِفَةٍ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ هَذَا مَعْنَاهُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبَوَاهُ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مُعْتَقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ بِأَنْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ هُوَ أَوْ أَحَدُهُمَا بِصِفَةٍ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهَا، وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْقِنُّ الْعَبْدُ إذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا عَبِيدٌ أَقْنَانٌ ثُمَّ يُجْمَعُ عَلَى أَقِنَّةٍ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْقِنُّ الرَّقِيقُ يُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ فَيُقَالُ عَبْدٌ قِنٌّ وَعَبِيدٌ قِنٌّ وَأَمَةٌ قِنٌّ بِالْإِضَافَةِ وَبِالْوَصْفِ أَيْضًا، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ وَهُوَ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا مَنْ تُغُلِّبَ عَلَيْهِ وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدٌ مُلِكَ، وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ، فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْعَبْدَ بِالْقِنِّ لَا يُوَافِقُ اللُّغَةَ وَلَا اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِالْإِذْنِ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا اهـ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ حُرًّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَلَا فِي التَّصَرُّفِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي أَحَدِهِمَا تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْإِذْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصَاتِ فَلَا يَصِحُّ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهَا، وَيُحَرَّمُ عَلَى الْآخِذِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَالِيِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) لَوْ تَرَكَ الْوَاوَ كَانَ أَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْعَيْنِ فَهُوَ بَاطِلٌ جَزْمًا كَمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) زَادَ حَجّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: تَبَيَّنَ بِقَوْلِي فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهَا تَحْتَهُ قِسْمَانِ: مَنْ اشْتَرَى وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِ الشِّرَاءِ فَلَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَمَنْ اشْتَرَى وَأُذِنَ لَهُ فِي خُصُوصِ الشِّرَاءِ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَشَمِلَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ إذْ لَوْ حَذَفَ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ اسْتَغْنَى عَنْهُ قُلْت: مِثْلُ هَذَا لَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ عَلَى أَنَّ ضَرُورَةَ التَّقْسِيمِ أَحْوَجَتْهُ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدِهِ فِيهَا) أَيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ) أَيْ هُنَا لَا فِي النِّكَاحِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَكْفِي إذْنُهُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ) أَيْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي نَحْوِ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) سَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَصَرُّفِهِ
وَلَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ بَطَلَ جَزْمًا، فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ ثِقَةً مَأْمُونًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ كَأَنْ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ إنْفَاقِهِ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِمَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ لِبَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ صَحِيحٌ لَا فِي غَيْرِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَوْبَتِهِ اهـ.
وَسَأَلَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَمَّا لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فِي تَصَرُّفٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ هَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِوُجُودِ إذْنِهِمَا؟ وَالْجَوَابُ: لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ إذْنُهُمَا فِي وَاحِدٍ مِنْ التَّصَرُّفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ: فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ نَوْبَتِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ لَا يَكْفِي وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى نَوْبَتِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إذَا عَادَتْ النَّوْبَةُ لِلْآذِنِ، بَلْ يَتَصَرَّفُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ السَّابِقِ فِي النَّوْبَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِذْنُ وَفِي غَيْرِهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ النَّوْبَةِ زِيَادَةً عَلَى نَوْبَتِهِ كَأَنَّهُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي سِتَّةٍ هَلْ يَصِحُّ فِي نَوْبَتِهِ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ أَوْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ تُكَمَّلُ السِّتَّةُ مِنْ نَوْبَةٍ أُخْرَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَيَّامَ بِهَذَا الْعَدَدِ تَوَالِيهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مَا زَادَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَوْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْمَلْ شَيْئًا مِنْ نَوْبَةِ شَرِيكِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ مَا بَاعَهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَإِنْ كَانَ زَمَنُ قَبُولِهِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ عَادَةً فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْعَبْدُ الْغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ: أَيْ وَلِيِّ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: ثِقَةً مَأْمُونًا) أَيْ إنْ دَفَعَ لَهُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ اهـ حَجّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَمَانَتُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا رُبَّمَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَأَهْلَكَهُ فَيَتَعَلَّقُ بَدَلُهُ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ إنْفَاقِهِ) أَيْ لَمَّا يَجِبُ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ لِمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ بِأَنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِعَيْنِ مَا لِلسَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَالًا يَصْرِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْفُذُ مِنْهُ فِي الصَّرْفِ وَأَنْ لَا يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْآنَ وَفَاءُ الثَّمَنِ مِمَّا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَوْ لَا لِأَنَّ حُكْمَهُ كَمُتَمَحِّضِ الرِّقِّ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي مُتَمَحِّضِ الرِّقِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَجَابَ مَرَّ بِالثَّانِي، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ حَالًّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَاشْتَرَى فِي نَوْبَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ حَيْثُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِ الْكُلِّ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ بِأَنَّ تَمَحَّضَ الرِّقِّ مَانِعٌ الْآنَ فَاسْتُدِيمَ بَعْدَ عِتْقِ الْبَعْضِ، بِخِلَافِ حُرِّيَّةِ الْبَعْضِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَعَهَا إلْحَاقُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الذِّمَّةِ فَاللَّائِقُ حَذْفُ الْوَاوِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْحَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّمَا هُوَ جَعْلُهَا قَيْدًا فِي الْأُولَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ هُنَا إلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ فَيَشْتَرِي مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ