الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ، بِخِلَافِ الدُّيُونِ لَا حَصْرٌ لِأَفْرَادِهَا، وَلَوْ ضَمِنَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ مَاتَ مَدِينٌ فَسَأَلَ وَارِثُهُ دَائِنَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ وَيَكُونَ ضَامِنًا لِمَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَهُ ظَانًّا صِحَّةَ الضَّمَانِ، وَأَنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّةِ الضَّامِنِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنِّ انْتِقَالِهِ لِلضَّامِنِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَدُلُّ لِبُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ قَوْلُ الْأُمِّ وَتَبِعُوهُ: لَوْ صَالَحَهُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ صُلْحَ إنْكَارٍ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ ظَانًّا صِحَّةَ الصُّلْحِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ عَيَّنَ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي أَبْرَأَ مِنْهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُمْ لَوْ أَتَى الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ بِالنُّجُومِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْت حُرٌّ خَرَجَ الْمَالُ مُسْتَحَقًّا بَانَ عَدَمُ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَهُ بِظَنِّ سَلَامَةِ الْعِوَضِ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ أَتَى بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِي بَيْعٍ ظَانًّا صِحَّةَ الشَّرْطِ بَطَلَ أَوْ عَالِمًا فَسَادَهُ صَحَّ، وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ الرَّهْنِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِمَا مَرَّ.
وَلَمَّا ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا أَعْتَقِدُهُ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَتَزْيِيفُ الْإِمَامِ لِقَوْلِ الْقَاضِي الْمُوَافِقِ لِذَلِكَ مُزَيَّفٌ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَصْدِيقِهِ مِنْ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي صِدْقَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظَّنِّ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ بَرِئَ فِيهِمَا لِأَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مُسَاوَاةُ عَكْسِهِ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ، لَكِنْ مَرَّ صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مِثْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ أَصْلِيٌّ وَدَيْنُ ضَمَانٍ عَلَى آخَرَ فَقَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك بَرِئَ مِنْهُمَا.
(فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ
وَفِيهِ خِلَافٌ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ إمَامِنَا رضي الله عنه إنَّهَا ضَعِيفَةٌ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَ (الْمَذْهَبُ) مِنْهُ (صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ) وَهِيَ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُ كَنِصْفِهِ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ كَرَأْسِهِ أَوْ قَلْبِهِ أَوْ رُوحِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُتَكَفِّلُ بِجُزْئِهِ حَيًّا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَعَشَرَةٍ) أَيْ وَإِلَى عَشَرَةٍ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرَطَ الْمَرْهُونَ بِهِ إلَخْ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ، وَالْمُرَادُ بِمُقْتَضِيهِ وُجُودُ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى) أَيْ بِنَاءً عَلَى إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بَرِئَ مِنْهُمَا) أَيْ فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الْإِبْرَاءَ مِنْ دَيْنِ الضَّمَانِ دُونَ الثَّمَنِ مَثَلًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ
(فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي، وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي) أَيْ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَكَوْنِهِ يَغْرَمُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ:: وَالْمَذْهَبُ مِنْهُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَقَالَ: إنَّهَا لَا مُسْتَنَدَ لَهَا. (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا) حَالٌ مِنْ الْمَأْتِيِّ بِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ) خَبَرُ كَانَ.
[فَصْلٌ فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ]
(فَصْلٌ) فِي قِسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ) هَذَا التَّفْسِيرُ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَمْ يَتَأَتَّ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ إطْلَاقُ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الضَّعْفَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَمَنَعَ الْكَفَالَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الضَّعْفِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَصَحَّحَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَمِنْ ثَمَّ أَخَّرَ الشِّهَابُ حَجّ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ جَوَابٌ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ عَمَّا يُورِدُهُ عَلَيْهِ مُقَابِلُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُتَكَفِّلُ بِجُزْئِهِ حَيًّا) هَذَا قَيْدٌ فِي الرُّوحِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ حَيْثُ كَانَ
وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ لَهَا، وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فَلَا يَصِحُّ كَفَلْت بَدَنَ أَحَدِ هَذَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (فَإِنْ كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ) أَوْ عِنْدَهُ مَالٌ وَلَوْ أَمَانَةً (لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ) لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ
(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِسَبَبِهِ (مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) فَلَا يَصِحُّ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ بِالنُّجُومِ وَلَا بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ خَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَبَحَثَ صِحَّتَهَا إذَا صَحَّ ضَمَانُهَا فِي الذِّمَّةِ (وَالْمَذْهَبُ)(صِحَّتُهَا بِبَدَنِ) كُلِّ مَنْ اسْتَحَقَّ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ عَلَيْهِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَأَجِيرٍ وَكَفِيلٍ وَقِنٍّ آبِقٍ لِمَوْلَاهُ وَامْرَأَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) لَمْ يُصَرِّحْ فِيمَا سَبَقَ بِبَيَانِ الثَّانِي لَكِنَّهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُ صِحَّةُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَإِنْ كَفَلَ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَحَلِّيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي أَصْلِ الْكَفَالَةِ خِلَافًا، فَفِي قَوْلٍ: هِيَ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَفَلَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَلَ) قَضِيَّةُ مَا فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ بِمَعْنًى عَالَ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَعْنَى ضَمِنَ تَعَدَّى بِالْبَاءِ وَعِبَارَتُهُ: وَالْكَفِيلُ الضَّامِنُ.
وَقَدْ كَفَلَ بِهِ يَكْفُلُ بِالضَّمِّ كَفَالَةً، وَكَفَلَ عَنْهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ وَأَكْفَلَهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ، وَأَكْفَلَهُ الْمَالَ ضَمَّنَهُ إيَّاهُ وَكَفَلَهُ إيَّاهُ بِالتَّخْفِيفِ، فَكَفَلَ هُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَدَخَلَ وَكَفَّلَهُ إيَّاهُ تَكْفِيلًا مِثْلُهُ، وَتَكَفَّلَ بِدَيْنِهِ وَالْكَافِلُ الَّذِي يَكْفُلُ إنْسَانًا يَعُولُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَا نَصُّهُ: عَدَّاهُ كَغَيْرِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ضَمِنَ، لَكِنْ قِيلَ: إنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ إلَّا مُتَعَدِّيًا بِالْبَاءِ اهـ.
وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ، أَمَّا كَفَلَ بِمَعْنَى عَالَ كَمَا فِي الْآيَةِ فَمُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ دَائِمًا: أَيْ وَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ الْآتِي الْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ تَأْكِيدًا اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَانَةً) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ إذْ الْأَمَانَةُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا ذَكَرَ بَلْ ذَكَرَ بَعْدَهُ صِحَّةَ كَفَالَةِ مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ لِآدَمِيٍّ وَأُلْحِقَ بِهَا مَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِهِ حُضُورَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إذَا طُلِبَ لَهُ، وَمِنْهُ الْوَدِيعُ وَالْأَجِيرُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهُمْ إذَا طُلِبُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْوَدِيعِ فَإِنَّ اللَّازِمَ لَهُ التَّخْلِيَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الْعَيْنِ فَطَلَبَ مَالِكُهَا حُضُورَهُ
(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ) أَيْ لَا يُطَالَبُ بِالْغُرْمِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ يُحْبَسُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ؛ لِأَنَّ التَّأْدِيَةَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَضَرَ الْمَكْفُولُ أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ اسْتَرَدَّ مَا غَرِمَهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالُ) أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ بِصِفَةِ كَوْنِهِ دَيْنًا أَوْ عِنْدَهُ وَهُوَ عَيْنٌ (قَوْلُهُ: بِالنُّجُومِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ بَدَنِهِ بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ، وَفِيهِ أَنَّ قِيَاسَ مَا قَدَّمْنَا عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَوْنُهُ لَازِمًا عَدَمُ صِحَّةِ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: فَبَحَثَ صِحَّتَهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) تَقْيِيدُهُ بِالذِّمَّةِ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِهَا فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ ضَمَانِ مَنْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَقِنٍّ آبِقٍ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْآبِقُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُتَكَفِّلُ بِرُوحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ) ذَكَرَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ قَبْلَ هَذَا قَوْلًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، فَمَا فِي الْمَتْنِ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجَلَالِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَطْعُ مَشْهُورًا لَمْ يُحْمَلْ الْمَتْنُ عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِسَبَبِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَيْ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ انْتَهَتْ.
فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ كَفَلَهُ بِسَبَبِ عَيْنٍ عِنْدَهُ صَحَّ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً، وَإِنْ كَفَلَهُ بِسَبَبِ دَيْنٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ. (قَوْلُهُ: كَأَجِيرٍ وَكَفِيلٍ وَقِنٍّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَجِيرَ وَالْقِنَّ مِمَّنْ اُسْتُحِقَّ حُضُورُهُ مَجْلِسَ
لِمَنْ يَدَّعِي نِكَاحَهَا لِيُثْبِتَهُ أَوْ لِمَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا لِيُسَلِّمَهَا لَهُ، وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَ (مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ آدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) وَتَعْذِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لِحَقٍّ لَازِمٍ فَأَشْبَهَ الْمَالَ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُهُ الْمَالُ وَلِذَا مَثَّلَ بِالْمِثَالَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ: لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ فَتُقْطَعُ الذَّرَائِعُ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى تَوْسِيعِهَا (وَمَنَعَهَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) وَتَعَازِيرِهِ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِسَتْرِهَا وَالسَّعْيِ فِي إسْقَاطِهَا مَا أَمْكَنَ، وَمَعْنَى تَكَفَّلَ الْأَنْصَارِيُّ بِالْغَامِدِيَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِ زِنَاهَا إلَى أَنْ تَلِدَ: أَنَّهُ قَامَ بِمُؤَنِهَا وَمَصَالِحِهَا عَلَى حَدِّ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] فَلَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا مَعَ وُجُوبِ الِاسْتِيفَاءِ فَوْرًا.
وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا تَحَتَّمَ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا الصِّحَّةُ كَحُدُودِ الْآدَمِيِّينَ (وَتَصِحُّ بِبَدَنِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُمَا لِيَشْهَدَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا عَلَيْهِمَا بِنَحْوِ إتْلَافٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ وَلِيِّهِمَا فَيُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ عَلَيْهِمَا.
أَمَّا السَّفِيهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ، وَمُطَالَبَتُهُ دُونَ وَلِيِّهِ لِصِحَّةِ إذْنِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ، وَاسْتَظْهَرَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ إذْنِ وَلِيِّهِ دُونَهُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ لَا إذْنُ سَيِّدِهِ انْتَهَى.
وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي ذَلِكَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنْ قَيَّدَهُ سم عَلَى حَجّ بِمَا لَوْ أَذِنَ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَشْمَلُهُ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْقِنُّ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) وَهُوَ كَفَالَةُ الزَّوْجِ لِامْرَأَةٍ ادَّعَتْ نِكَاحَهُ لِتُثْبِتَهُ أَوْ تَطْلُبَ النَّفَقَةَ وَالْمَهْرَ إنْ كَانَ نِكَاحُهُ ثَابِتًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى كَأَجِيرٍ (قَوْلُهُ: يَدْخُلُهُ الْمَالُ) أَيْ حَيْثُ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّهُ
(قَوْلُهُ: فَتُقْطَعُ) أَيْ تُدْفَعُ (قَوْلُهُ: الذَّرَائِعُ) أَيْ الْوَسَائِلُ
(قَوْلُهُ: إلَى تَوْسِيعِهَا) أَيْ إلَى تَوْسِيعِ الطُّرُقِ الْمُؤَدِّيَةِ لِاسْتِيفَائِهَا
(قَوْلُهُ: وَمَنْعِهَا) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْفُولِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ التَّسَاهُلُ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ
(قَوْلُهُ: إذَا تَحَتَّمَ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ) كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ
(قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَوْ تَقَطَّعَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَذِنَ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ ثُمَّ جُنَّ هَلْ يَبْطُلُ إذْنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَ.
وَهُوَ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ اعْتَدَّ بِهِ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ فَيُعْتَبَرُ إذْنُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ إلَّا إذَا أَذِنَ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ
(قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ حَجْرُهُ) شَمِلَ قَوْلُهُ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ.
وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي السَّفِيهِ أَنَّ الطَّلَبَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَا سَبَقَ إذْنُ الْوَلِيِّ اُسْتُصْحِبَ.
وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا وَبَيْنَ الْكَفَالَةِ بِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إذَا بَلَغَ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَيَتَوَجَّهُ الطَّلَبُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا إذْنٌ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا
(قَوْلُهُ: أَمَّا السَّفِيهُ) قَسِيمُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ: أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدِينِهِ وَمَالِهِ وَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ أَوْ بَلَغَ مُصْلِحًا لَهُمَا ثُمَّ فَسَقَ وَبَذَّرَ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا
(قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ السَّفِيهِ
(قَوْلُهُ: دُونَهُ) وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّ السَّفِيهَ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى كَفَالَتِهِ فَوَاتُ مَالٍ أَوْ اكْتِسَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: قَالَ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ السَّفِيهِ بِنَاءً عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: بِمَنْ لَزِمَهُ إجَابَةٌ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَبِبَدَنِ آبِقٍ وَأَجِيرٍ فَجَعَلَهُمَا مَعْطُوفَيْنِ عَلَى الضَّابِطِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا) أَيْ مِنْ مَنْعِ الْكَفَالَةِ فِي حُدُودِهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ إشْكَالٍ ثَانٍ يَرِدُ عَلَى قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ فِيهِ الْفَوْرُ فَلِمَ أَخَّرَ حَدَّهَا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِصَّةَ الْغَامِدِيَّةِ مُشْكِلَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِسْنَادُهُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. الثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ ضِدَّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ مَعَ أَنَّ إلْحَاقَ الْقِنِّ بِالسَّفِيهِ بَحْثٌ لِغَيْرِ
لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السَّيِّدِ كَإِتْلَافِهِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ (وَمَحْبُوسٍ) بِإِذْنِهِ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُ مُعْسِرِ الْمَالِ (وَغَائِبٍ) لِذَلِكَ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ جُهِلَ مَكَانُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَنْوَارِ فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ حَيْثُ عَرَفَ مَكَانَهُ لِإِذْنِهِ السَّابِقِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ فَهُوَ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ، وَمُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِيهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَرْجُوحٍ (وَمَيِّتٍ لِيَحْضُرَهُ فَيُشْهَدَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ (عَلَى صُورَتِهِ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ؛ إذْ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ دَفْنِهِ لَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَمَعَ عَدَمِ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فِي مُدَّةِ الْإِحْضَارِ وَإِذْنُ الْوَلِيِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَغْوٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْوَارِثِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ: أَيْ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ، وَوَافَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ، ثُمَّ بَحَثَ اشْتِرَاطَ إذْنِ كُلِّ الْوَرَثَةِ وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ كَثِيرِينَ صَوَّرُوا مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ بِمَا لَوْ كَفَلَهُ بِإِذْنِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْوَلِيِّ مِنْ وَرَثَتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ.
أَمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَلَمْ يَأْذَنْ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ كَفَالَتِهِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَمَحْبُوسٌ) أَيْ سَوَاءٌ حُبِسَ بِحَقٍّ أَمْ لَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَغَائِبٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ: أَيْ مِنْ الْغَيْبَةِ بِأَنْ يَحْضُرَ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ مَكَانُهُ) خِلَافًا لحج، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْكَفَالَةِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا عُرِفَ مَكَانُهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ وَقْتَ الْكَفَالَةِ اسْتِمْرَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِبَلَدٍ بِهَا حَاكِمٌ حَالَ الْكَفَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا طَلَبَ إحْضَارَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَوْ قَبْلَهُ لِلْمُخَاصَمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِيهِ) أَيْ فِي صِحَّةِ كَفَالَةِ مَنْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَمَيِّتٌ) : أَيْ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَوَلِيًّا وَنَبِيًّا، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي حُضُورِهِمْ فِي جَانِبِ الْخُرُوجِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْمَيِّتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَيِّتٌ قَبْلَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ) الْمُرَادُ بِالدَّفْنِ وَضْعُهُ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْوَضْعِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي الْعَارِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ: بَلْ يُتَّجَهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ: أَيْ فِي الْعَارِيَّةِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً بِهِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ
(قَوْلُهُ: إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا، أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ سَفِيهًا فَيُعْتَبَرُ إذْنُ وَلِيِّهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِ السَّفِيهِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ دُونَ وَلِيِّهِ وَبَيْنَ كَفَالَةِ مُوَرِّثِهِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي كَفَالَةِ الْمُوَرِّثِ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ السَّفِيهِ وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ إحْضَارِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَحَثَ اشْتِرَاطَ إذْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كُلِّ الْوَرَثَةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَيَاتِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: مِنْ وَرَثَتِهِ) التَّقْيِيدُ بِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْوَلِيِّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ دُونَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ كَانَا غَيْرَ وَارِثَيْنِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلِيٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فَقَطْ لَا إذْنُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلْإِذْنِ، وَإِلَّا فَإِذْنُ أَوْلِيَائِهِمْ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَامَ وَلِيُّهُ) وَمَحَلُّ الِاعْتِدَادِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إحْضَارِهِ نَقْلٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا خِيفَ تَغَيُّرُهُ كَمَا سَبَقَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْأَذْرَعِيِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ إذْنِ وَلِيِّ السَّفِيهِ، وَلَهُ احْتِمَالٌ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ غَيْرَهُ: أَيْ غَيْرَ الْأَذْرَعِيِّ قَالَ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَفَالَةِ بَدَنِ السَّفِيهِ إذْنُ وَلِيِّهِ لَا إذْنُهُ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ
.
(ثُمَّ إنْ)(عَيَّنَ مَكَانَ التَّسْلِيمِ) فِي الْكَفَالَةِ (تَعَيَّنَ) إنْ كَانَ صَالِحًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ بَعْدَهُ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا لِإِمْكَانِ رَدِّهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْبَابَيْنِ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ فِيهِمَا.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَسَدَتْ، وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ مُؤْنَةٌ أَمْ لَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَكَانًا (فَمَكَانُهَا) إنْ صَلَحَ
(وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ) أَوْ تَسْلِيمِ وَكِيلِهِ (فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ) الْمُتَعَيَّنِ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ (بِلَا حَائِلٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكْفُولِ لَهُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا لَزِمَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ بِحَضْرَةِ مَانِعٍ (كَمُتَغَلِّبٍ) يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَلَا يَبْرَأُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ.
نَعَمْ لَوْ قِيلَ مُخْتَارًا بَرِئَ وَخَرَجَ بِمَكَانِ التَّسْلِيمِ غَيْرُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فِيهِ حَيْثُ امْتَنَعَ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَ لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةٌ أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى خَلَاصِهِ، وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهِ فَإِنْ صَمَّمَ تَسَلَّمَهُ عَنْهُ، فَإِنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَشْهَدَ أَنَّهُ سَلَّمَهُ لَهُ وَبَرِئَ، وَيُجْرَى هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ، وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ أَيْضًا لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ (حُبِسَ بِغَيْرِ حَقِّ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَعْدَهَا مُعَلَّقٌ لِلضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ يُبْطِلُهُ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الضَّمَانِ عَنْ الطَّلَبِ، وَتَعْلِيقُهُ مُبْطِلٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَبِأَنْ)(يَحْضُرَ الْمَكْفُولُ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ، وَلَا حَائِلَ (وَيَقُولُ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (سَلَّمْت نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ التَّسْلِيمِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا غَرَضَ فِي الِامْتِنَاعِ فَيَشْهَدُ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إشْهَادُهُ إلَّا إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ.
أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ إلَّا إنْ رَضِيَ بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَكَانِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ حَيْثُ أَذِنَ فِي ذَلِكَ لَا تَتَفَاوَتُ الْأَمَاكِنُ فِيهِ، وَيُرَدُّ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ قَدْ تَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ كَمَعْرِفَةِ أَهْلِهِ لَهُ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ مُؤْنَةٌ) أَيْ فِي حُضُورِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: فَمَكَانُهَا) وَالْمُرَادُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي السَّلَمِ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ لَا ذَلِكَ الْمَحِلُّ بِعَيْنِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ تَسْلِيمِ وَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ الْكَفِيلِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِتَسْلِيمِهِ: أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمَكْفُولِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ وَكِيلِ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَسَلَّمْهُ الْمَكْفُولُ لَهُ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَبِلَ) أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ
(قَوْلُهُ: تَسَلَّمَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ) أَيْ الْكَفِيلُ الْحَاكِمَ أَيْ بِغَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ إلَى مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ مَشَقَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِتَحَجُّبِهِ أَوْ طَلَبِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا سَلَّمَ الْمَكْفُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَرِئَ إنْ كَانَ الْحَبْسُ بِحَقٍّ كَأَنْ كَانَ عَلَى دَيْنٍ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ تَحْتَ يَدِ مُتَغَلِّبٍ فَلَا يَبْرَأُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيقُهُ مُبْطِلٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا (قَوْلُهُ: فَيَشْهَدُ) أَيْ الْمَكْفُولُ
(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَقُولُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَالِحًا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ هَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ أَوْ تَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا، أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ فِيهِمَا) لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ وَضْعِهِ وَإِنَّمَا مَوْضِعُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ صَلُحَ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَكَانُهَا
. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِتَسْلِيمِهِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْكَافِرِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فَهُوَ مُضَافٌ
الْمَكْفُولُ لَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَسْلِيمُ وَلِيِّ الْمَكْفُولِ كَتَسْلِيمِهِ (وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ حُضُورِهِ) مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لِانْتِفَاءِ تَسْلِيمِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ جِهَتِهِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَلَوْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ،
وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ بِإِذْنِهِ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ، فَإِنْ قَبِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ
وَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ اثْنَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ، وَإِنْ قَالَ سَلَّمْته عَنْ صَاحِبِي
وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ، فَإِنْ تَكَافَلَا بَرِئَ مَحْضَرُهُ مِنْ الْكَفَالَتَيْنِ، وَالْآخَرُ مِنْ الْأُخْرَى فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَبْرَأْتُك مِنْ حَقِّي بَرِئَ أَوَّلًا حَقٌّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِذَلِكَ
(فَإِنْ)(غَابَ) الْمَكْفُولُ (لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ إحْضَارُهُ إنْ جُهِلَ مَكَانُهُ) لِعُذْرِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِمَ مَكَانُهُ (فَيَلْزَمُهُ) عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ فِي بَحْرٍ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ فِيهَا وَإِنْ طَالَتْ، وَمَا يَغْرَمُهُ الْكَفِيلُ مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي مَالِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا دُونَهَا مُرَادُهُ بِهِ مِنْ مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ لَا التَّقْيِيدُ بِمَرْحَلَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَبِمَسَافَةِ الْإِحْضَارِ تَتَقَيَّدُ غَيْبَتُهُ فِي صِحَّةِ كَفَالَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إمَّا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ يَحْتَاجُ لِمُؤَنِ السَّفَرِ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ اُتُّجِهَ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ، وَقَدْ ذَكَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَرْسَلَنِي وَلِيِّي إلَيْك لِأُسَلِّمَ نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَلِيًّا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَرْضَ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ مِنْ الْأُخْرَى) أَيْ وَهِيَ كَفَالَةُ صَاحِبِهِ دُونَ كَفَالَةِ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الْحَقِّ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ مِنْ الْوَقَائِعِ مُسْتَحِقٌّ طَالَبَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مَكَانَهُ) وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي عَلِمَ ذَهَابَهُ إلَيْهَا وَجَهِلَ خُصُوصَ الْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِيَبْحَثَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَخْ) .
[تَنْبِيهٌ] مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ إنَّمَا يُلْزَمُ بِالسَّفَرِ لِلْإِحْضَارِ وَيُمَكَّنُ مِنْهُ إنْ وَثِقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ بِذَلِكَ وُثُوقًا ظَاهِرًا لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ بِكَفِيلٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُبِسَ حَتَّى يَزِنَ الْمَالَ قَرْضًا أَوْ يَيْأَسَ مِنْ إحْضَارِهِ انْتَهَى حَجّ
(قَوْلُهُ: مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ) أَيْ عَلَى نَفْسٍ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ فَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: مُرَادُهُ بِهِ مِنْ مَسَافَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِمَفْعُولِهِ الثَّانِي، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلْمَكْفُولِ فَهُوَ وَإِنْ صَحَّ فِي الْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ يَأْبَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ تَسْلِيمُ وَكِيلِهِ وَيَمْنَعُ الثَّانِي أَيْضًا أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِ بَرِئَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ فِي الشَّارِحِ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ الْمُعْتَبَرِ تَسْلِيمُهُ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ الْحَقَّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ السَّوَادَةِ
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَافَلَا) مَحَلُّ وَضْعِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ
(قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ إلْزَامِهِ إحْضَارَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِمَسَافَةِ الْإِحْضَارِ تَتَقَيَّدُ غَيْبَتُهُ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: وَقِيلَ إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ صِحَّةَ كَفَالَةِ الْغَائِبِ تَابِعَةٌ لِلُزُومِ إحْضَارِهِ، فَالْمَحَلُّ الَّذِي يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مِنْهُ لَوْ طَرَأَتْ غَيْبَتُهُ هُوَ الَّذِي تَصِحُّ كَفَالَتُهُ فِيهِ لَوْ كَانَ غَائِبًا ابْتِدَاءً فَسَيَأْتِي فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ) يُتَأَمَّلُ مَعَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ
صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعَ حَبْسِهِ بِحَقٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ يَلْزَمُ بِإِحْضَارِهِ وَبِحَبْسِ مَا لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي تَحْصِيلِهِ، وَلَوْ بِبَذْلِ مَا عَلَيْهِ (وَيُمْهَلُ مُدَّةَ ذَهَابٍ وَإِيَابٍ) عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ.
وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ، وَهُوَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إمْهَالُهُ عِنْدَ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ يَأْمَنُ بِهِمْ، وَعِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ الشَّدِيدَةِ وَالْأَوْحَالِ الْمُؤْذِيَةِ الَّتِي لَا تُسْلَكُ عَادَةً وَلَا يُحْبَسُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ (فَإِنْ مَضَتْ) الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (وَلَمْ يُحْضِرْهُ حُبِسَ) مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، فَلَوْ أَدَّاهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ بِالْأَدَاءِ وَإِنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ، وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَلْحَقَ بِقُدُومِهِ تَعَذُّرُ حُضُورِهِ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ، وَإِذَا حُبِسَ أَدِيمٌ حَبَسَهُ إلَى تَعَذُّرِ إحْضَارِ الْغَائِبِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَقِيلَ: إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْبَتِهِ الْمُنْقَطِعَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ مَالَ الْمَدِينِ لَوْ غَابَ إلَيْهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ فَكَذَا هُوَ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ تَطْرَأَ الْغَيْبَةُ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا وَقْتَ الْكَفَالَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَدُفِنَ) أَوْ هَرَبَ أَوْ تَوَارَى وَلَمْ يُعْرَفْ مَحَلُّهُ (لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى جَزْمًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ
(قَوْلُهُ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْكَفِيلَ
(قَوْلُهُ: قَضَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ: أَيْ فَيُقَالُ هُنَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ السَّفَرِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَضَاؤُهُ لِلدَّيْنِ بِإِذْنِ الْمَدِينِ وَصَرَفَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِإِذْنٍ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَشَأَ عَنْ الضَّمَانِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْأَدَاءِ وَالصَّرْفِ عَلَى الْمَكْفُولِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ يَأْذَنُ لِلْكَفِيلِ فِي صَرْفِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ قَرْضًا؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِإِذْنِهِ فِي الْكَفَالَةِ الْتَزَمَ الْحُضُورَ مَعَ الْكَفِيلِ لِلْقَاضِي وَمَنْ لَازَمَهُ صَرْفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ: وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا لَوْ غُرِّبَ الْمَكْفُولُ لِزِنًا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَيُمْهَلُ الْكَفِيلُ مُدَّةَ التَّغْرِيبِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ) عِلَّةٌ لِلْحَبْسِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ) أَيْ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَزَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ لِلْفُرْقَةِ: وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْوَفَاءَ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
(قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ) وَلَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا بِهِ مِنْ الْحَبْسِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ.
وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) .
[فَرْعٌ] كَفَلَهُ إلَى أَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ بِإِذْنِهِ لِيُحْضِرَهُ بَعْدَ حُلُولِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَكْفُولُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ الْآنَ لِحُلُولِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ إلَى رَجَبٍ مَثَلًا عَلَى لَازِمِهِ وَهُوَ حُلُولُ الدَّيْنِ فَمَتَى حَلَّ بِمَوْتِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَمَاتَ الْمَضْمُونُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَيْثُ بَقِيَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ مَعَ حُلُولِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْأَجَلِ ثَمَّ فِي حَقِّ الضَّامِنِ لَا يَلْزَمُهُ تَفْوِيتٌ وَبَقَاؤُهَا هُنَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْكَفَالَةِ؛ إذْ يَتَعَذَّرُ إحْضَارُهُ بَعْدَ الدَّفْنِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ
(قَوْلُهُ: فَالْعُقُوبَةُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ الِاسْتِرَاحَةِ: يَعْنِي، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهَا مُطْلَقًا، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَقِبَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورِ نَصُّهَا: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ اهـ.
فَاسْتَظْهَرَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَالشَّارِحُ أَرَادَ أَنْ يُوَافِقَهُ فِي تَقْيِيدِ الْأُولَى وَيُبْقِيَ الثَّانِيَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا فَعَبَّرَ بِمَا قَالَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْقَلَاقَةِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ) أَيْ حَتَّى يَرْجِعَ الْكَفِيلُ بِمَا غَرِمَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى جَزْمًا) يُوهِمُ أَنَّ الْجَزْمَ
لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ أَصْلًا بَلْ النَّفْسُ وَقَدْ فَاتَتْ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الدَّفْنُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ قَدْ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِلْإِشْهَادِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ قَبْلَهُ بِالْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِهِ لَا عَنْ الْإِحْضَارِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَكْفُولُ وَفَاءً أَمْ لَا، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ فَمَاتَ أَوْ زَوْجَةٍ فَمَاتَتْ
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ (إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بَطَلَتْ) الْكَفَالَةُ؛ إذْ هُوَ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ نَحْوِ صَحِيحٍ، وَضَمَانٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا مُسْتَقِلٌّ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ فَأَثَرُ شَرْطِهِ كَشَرْطِ عَقْدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ صِفَةً تَابِعَةً لَا يَحِلُّ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَقُولَ: كَفَلْت بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ، أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ، فَلَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَمَا عُورِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْت لَكَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) أَوْ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ، فَتَبْطُلُ فَائِدَتُهَا، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إحْضَارِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ، فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِنْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ) أَيْ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ إلَخْ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْعَبْدِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ
(قَوْلُهُ: فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى إلْغَاءِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَمُتَمَكِّنٌ مِنْ الْإِبْرَاءِ مَتَى شَاءَ فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إلْغَائِهَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ وَالزَّرْكَشِيُّ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْضٍ) أَيْ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِدُونِ الْإِذْنِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَدِرَ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا، الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَيْنَ وُجُوبُ إحْضَارِهَا مِمَّنْ قَدِرَ عَلَيْهَا لَا تَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى مُجَرَّدِ رِضَا مَالِكِهَا بِإِحْضَارِهَا وَالْبَدَنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ حُضُورِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْقَاضِي مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَمَرَضٍ فَاحْتِيجَ إلَى إذْنِهِ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِ إذَا أَرَادَ إحْضَارَهُ وَلَوْ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مِنْهُ كَكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّهِ) وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْإِتْلَافِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ
(قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ) وَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ أَوَّلًا فِيهِ مَا قَدَّمْنَا فِي رَدِّ الْمَضْمُونِ لَهُ مِنْ كَلَامِ حَجّ وسم عَلَى مَنْهَجٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَفَلَ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى فَلِهَذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهَا جَزْمًا. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ) أَيْ قَطْعًا وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ
. (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ وَمَا عُورِضَ بِهِ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ.
وَحَاصِلُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَى دَعْوَى
الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ مُطَالَبَتُهُ وَإِنْ طَالَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ بِطَلَبِهِ.
قَالَ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ بِتَضَمُّنِ الْمُطَالَبَةِ التَّوْكِيلَ بَعِيدٌ إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَجِبُ حَتْمًا؛ إذْ هُوَ وَكِيلُ رَبِّ الدَّيْنِ، وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَعَ اسْتِدْعَاءِ الْحَاكِمِ، أَمَّا الْكَفِيلُ بِالْإِذْنِ فَيُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ كَمَا مَرَّ
وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَلَا شَيْءَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَا وَيَبْقَى الْحَقُّ لِوَرَثَتِهِ، فَلَوْ خَلَّفَ وَرَثَةً وَوَصِيًّا وَغُرَمَاءَ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِلْجَمِيعِ، وَيَكْفِي التَّسْلِيمُ إلَى الْمُوصَى لَهُ عَنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْوَصِيِّ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى لَهُ مَحْصُورًا لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِسَبَبِ مَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهِ فَالْمُسْتَحِقُّ لِلْكَفَالَةِ الْوَارِثُ وَحْدَهُ
، وَيَصِحُّ التَّكَفُّلُ لِمَالِكِ عَيْنٍ وَلَوْ خَفِيفَةً لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا بِرَدِّهَا لَا قِيمَتِهَا لَوْ تَلِفَتْ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ وَأَذِنَ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ قَدِرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِنَحْوِ تَلَفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ إلَخْ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ
(قَوْلُهُ: مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ وَجْهٌ لِطَلَبِهِ الْحُضُورَ لِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ) أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ كَفَلَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَكْفُولِ
(قَوْلُهُ: يَتَضَمَّنُ الْمُطَالَبَةَ) أَيْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ إحْضَارَهُ وَقَدْ كَفَلَ بِلَا إذْنٍ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى لَهُ) أَيْ وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ الْمُوصَى لَهُ وَهِيَ أَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ التَّكَفُّلُ) ذَكَرَهُ هُنَا، وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ شُمُولِ الْمَتْنِ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ ثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِضَمَانِ الْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ: أَيْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي عَدَمِ نِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ عَنْ حَقِّي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا رَجَّحَهُ: أَيْ ابْنُ الْمُقْرِي: أَيْ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِجَابَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ بِطَلَبِهِ، فَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ رَدٌّ لِاكْتِفَاءِ الضَّعِيفِ بِتَضَمُّنِ قَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ إخْرَاجٌ عَنْ حَقِّي لِتَوْكِيلِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَفَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا يَلْزَمُ الْمَكْفُولَ إجَابَتُهُ، وَإِنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ تَلْزَمُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ اُخْرُجْ عَنْ حَقِّي لَكِنْ لَا لِلْكَفَالَةِ بَلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَبِ فَكَأَنَّهُ صَارَ وَكِيلَ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي طَلَبِ الْمَكْفُولِ فَتَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ اسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي، وَالصَّحِيحُ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَيَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْجِيهِ الْأَمْرِ بِطَلَبِهِ صَرِيحًا بِشَرْطِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَةُ الْكَفِيلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ حَتْمًا) أَيْ إنْ اسْتَدْعَاهُ الْقَاضِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي.