المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السلم (في الحيوان) - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٤

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ]

- ‌[يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ]

- ‌[طَالَ مُكْثُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا]

- ‌فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَمَا تَبِعَهُ

- ‌[شَرْطُ الْخِيَار فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ]

- ‌[الْأَظْهَرُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]

- ‌يَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) لِلْعَقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا)

- ‌فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌[حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ]

- ‌(قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ)

- ‌(بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ)

- ‌[هَلَكَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ]

- ‌[تَلِفَ الثَّمَنُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا]

- ‌(عَلِمَ بِالْعَيْبِ) فِي الْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ)

- ‌ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ

- ‌[وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي]

- ‌[اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ]

- ‌الزِّيَادَةِ) فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنُ (الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ)

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصْرِيَةِ

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ

- ‌إِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا

- ‌[إتْلَافَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌(تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ

- ‌ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ)

- ‌ بَيْعُ) الْمُثَمَّنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ

- ‌[بَيْعُ الدَّيْنِ غَيْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِعَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ]

- ‌[قَبْضُ الْمَنْقُولِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ]

- ‌ جَرَى الْبَيْعُ) فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَأُرِيدَ الْقَبْضُ وَالْمَبِيعُ

- ‌[بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الْبَائِعُ عَنْ نَفْسِهِ لِمُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ]

- ‌لِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[شُرُوطِ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ)

- ‌[بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارُ]

- ‌[لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ مَا يُؤْخَذُ دُفْعَةً]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ الْأَبْنِيَةُ وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ وَكُلُّ بِنَاءٍ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا وَبَرَتُهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا]

- ‌[ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شَرَطَتْ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ]

- ‌[بَاعَ نَخَلَاتِ مُطْلِعَةٍ وَبَعْضَهَا مُؤَبَّرٌ فَلِلْبَائِعِ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌[يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ]

- ‌[بَيْع ثَمَر بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ]

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ]

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[اقْتِرَاضُ الرَّقِيق وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ]

- ‌[مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ]

- ‌[مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

- ‌[تَعَلُّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة السَّلَم]

- ‌[إذَا فُسِخَ السَّلَمُ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ لصحة السَّلَم]

- ‌ السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ

- ‌ السَّلَمُ (فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ)

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ)

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ]

- ‌يَجُوزُ) (إقْرَاضُ) كُلِّ (مَا يُسْلَمُ فِيهِ)

- ‌[مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ]

- ‌[قَرْضُ النَّقْد أَوْ غَيْرِهِ إنْ اقْتَرَنَ بِشَرْطِ رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ]

- ‌[يُمْلَكُ الْقَرْضُ بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌[شَرْطُ الْعَاقِدِ رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ]

- ‌[شَرْطُ الرَّهْنِ كَوْنُهُ عَيْنًا]

- ‌ رَهْنُ الْمُشَاعِ)

- ‌رَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ

- ‌ رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ)

- ‌[يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ]

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌ الرَّهْنُ (بِمَا) لَيْسَ بِثَابِتٍ

- ‌[الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

- ‌لَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ (إلَّا) بِإِقْبَاضِهِ

- ‌يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌[وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ]

- ‌[لَا يَصِحُّ رَهْنٌ لِغَيْرِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ]

- ‌[لَوْ وَطِئَ الْأَمَة رَاهِنُهَا الْمَالِكُ لَهَا]

- ‌[لِلرَّاهِنِ كُلُّ انْتِفَاعٍ لَا يَنْقُصُ الْمَرْهُونَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌[لَوْ شَرَط الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن وَضْع الْمَرْهُونَ عِنْدَ عَدْلٍ]

- ‌مُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ)

- ‌لَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مُصْلِحَةِ الْمَرْهُونِ

- ‌ الْمَرْهُونُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ)

- ‌[حُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ]

- ‌[تَلِفَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ]

- ‌[لَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَة الْمَرْهُون الْمُنْفَصِلَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ

- ‌(تَلِفَ الْمَرْهُونُ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[إقْرَار الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ قَبْل الْحَجْرَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌[مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ]

- ‌[مَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ)

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ]

- ‌ ضَمَانِ الدَّرَكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ

الفصل: ‌ السلم (في الحيوان)

وَالْوَزْنِ وَالشَّكْلِ وَالصَّفَاءِ وَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأُمُورِ نَادِرٌ، وَخَرَجَ بِالْكِبَارِ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلزِّينَةِ الصِّغَارُ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي: أَيْ غَالِبًا وَضَبَطَهُ الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مِنْ كَثْرَةِ وُجُودِ كِبَارِهِ فِي زَمَنِهِمْ، أَمَّا الْآنَ فَهَذَا لَا يُطْلَبُ إلَّا لِلزِّينَةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّتِهِ (وَجَارِيَةٍ) وَلَوْ قَلَّتْ صِفَاتُهَا كَزِنْجِيَّةٍ (وَأُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (أَوْ وَلَدِهَا) أَوْ شَاةٍ وَسَخْلَتِهَا لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَطَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي إوَزَّةٍ وَأَفْرَاخِهَا أَوْ دَجَاجَةٍ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعَدَدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا مَعَ مَا مَرَّ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حُكْمُ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ شَرْطُ نَحْوَ الْكِتَابَةِ مَعَ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ تِلْكَ الصِّفَاتِ لِسُهُولَةِ تَحْصِيلِهَا بِالتَّعَلُّمِ، وَيَصِحُّ فِي الْبَلُّورِ لَا الْعَقِيقِ لِاخْتِلَافِ أَحْجَارِهِ.

[فَرْعٌ يَصِحُّ]

‌ السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ)

لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اقْتَرَضَ بَكْرًا» وَقِيسَ عَلَى الْقَرْضِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» وَهَذَا سَلَمٌ لَا قَرْضٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَالْفَضْلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قِيلَ كُبَارٌ بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا، وَمِثْلُهُ طُوَالٌ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ) أَيْ الصِّغَرَ، وَقَوْلُهُ: بِسُدُسِ دِينَارٍ: أَيْ وَقَدْرُ ذَلِكَ اثْنَتَا عَشْرَةَ شَعِيرَةً (قَوْلُهُ: كَزِنْجِيَّةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ: وَهِيَ مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ صِفَاتُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَوْنَ الزِّنْجِ لَا يَخْتَلِفُ، فَالصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا هِيَ الطُّولُ وَنَحْوُهُ دُونَ اللَّوْنِ.

(قَوْلُهُ: وَأُخْتُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُمَا فِيهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا إلَخْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بَيْنَ بَلَدٍ يَكْثُر فِيهِ الْجَوَارِي وَأَوْلَادُهُمْ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ كَبِلَادِ السُّودَانِ وَأَنَّ لَا، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ حَمْلًا لِلنَّصِّ بِالْمَنْعِ عَلَى بَلَدٍ لَا يَكْثُرُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ.

وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ إنْ كَانَ انْتِفَاءُ الْوُثُوقِ لِلنُّدْرَةِ فَلِمَ غَايَرَ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَمَا هُوَ، وَهَلَّا عَلَّلَ فِيهَا بِالنُّدْرَةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ، وَقَدْ يَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا غَايَرَ لِأَنَّ النُّدْرَةَ فِي الْأُولَى ذَاتِيَّةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمِيَّةٌ بِاعْتِبَارِ مَا عَرَضَ مَعَهُ تَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ.

هَذَا وَقَدْ يُقَالُ كَثْرَةُ وُجُودِ الْإِمَاءِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ مَعَ أَوْلَادِهِنَّ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأَوْلَادِ مَعَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأُمِّ، مَثَلًا إذَا وَصَفَ الْأُمَّ بِأَنَّهَا بِنْتُ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ كَوْنِ طُولِهَا كَذَا وَقَدِّهَا كَذَا وَوَصَفَ الْبِنْتَ بِأَنَّهَا بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ مَثَلًا وَأَنَّهَا بِصِفَةِ كَذَا عَزَّ اجْتِمَاعُ الصِّفَتَيْنِ فِيهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْفَرْدِ النَّادِرِ، وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: لَا الْعَقِيقِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ.

[السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ]

(قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَصِحُّ السَّلَمُ) الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ تَفْصِيلُ الصِّفَاتِ فَقَطْ لَا بَيَانُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَوَانِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، قَالَ حَجّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَيَوَانِ: أَيْ غَيْرِ الْحَامِلِ اهـ.

وَلَعَلَّهُ لِعِزَّةِ الْوُجُودِ بِالصِّفَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي جَارِيَةٍ وَبِنْتِهَا، أَوْ أَنَّهُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْحَمْلِ صَيَّرَهُ مَقْصُودًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهَا وَحَمَلَهَا وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اهـ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ ابْنَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد:«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي قِلَاصِ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ» : أَيْ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ اهـ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا اهـ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْقِلَاصُ جَمْعُ قَلُوصٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ وَيُجْمَعُ عَلَى قُلُوصٍ وَقَلَائِصُ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا سَلَمٌ) إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ سَلَمًا عَلَى مُعْتَمَدِهِ إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 203

لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُمَا، وَتَصْحِيحُ الْحَاكِمِ النَّهْيَ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ.

(فَيُشْتَرَطُ فِي) السَّلَمِ فِي (الرَّقِيقِ)(ذِكْرُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ) وَرُومِيٍّ وَحَبَشِيٍّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ وَجَبَ ذِكْرُهُ كَرُومِيٍّ أَوْ خَطَائِيٍّ (وَ) ذِكْرُ (لَوْنِهِ) إنْ اخْتَلَفَ (كَأَبْيَضَ) وَأَسْوَدَ (وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ) وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدُورَةٍ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ لَوْنُ النَّوْعِ أَوْ الصِّنْفِ كَالزِّنْجِ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ (وَ) ذِكْرُ (ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى وَثِيَابَتِهِ وَبَكَارَتِهِ، وَالْوَاوُ فِي هَذَا عَلَى مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ضِدَّيْنِ مِمَّا يَأْتِي بِمَعْنَى أَوْ (وَسِنِّهِ) كَابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مُحْتَلِمٍ: أَيْ أَوَّلِ عَامِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَلَمٌ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: لَا قَرْضٌ إلَخْ، فَإِنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ كَوْنِهِ لَيْسَ قَرْضًا مَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَالزِّيَادَةِ، وَهُمَا كَمَا يَقْبَلُهُمَا السَّلَمُ يَقْبَلُهُمَا الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَرْضَ (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُهُمَا) أَيْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: عَنْ السَّلَفِ) أَيْ السَّلَمِ.

(قَوْلُهُ: كَتُرْكِيٍّ) عِبَارَةُ حَجّ: كَتُرْكِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ، وَصِفَةُ الْمُخْتَلَفِ كَرُومِيٍّ أَوْ خَطَّائِيٍّ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَلْزَمُهُ التَّنَاقُضُ فِي الرُّومِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ أَوَّلًا نَوْعًا لِلرَّقِيقِ وَثَانِيًا صِنْفًا لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصِفُ بَيَاضَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَفِي جَوَازِ أَبْيَضَ مُشَرَّبٍ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَجْهَانِ: أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَرْجَحُ الْجَوَازَ، وَيَكْفِي مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ، بَلْ مَا ذَكَرَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْحُمْرَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى) أَيْ وَإِنْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ذَكَرٍ فَجَاءَ لَهُ بِخُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، أَوْ عَكْسِهِ فَجَاءَ لَهُ بِأُنْثَى اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهَا لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْآلَتَيْنِ يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ وَيُوَرِّثُ نَقْصًا فِي خِلْقَتِهِ، وَمِثْلُ الْخُنْثَى الْحَامِلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْحَامِلِ عَنْ حَجّ.

هَذَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُنَا: إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْعَقْدِ كَوْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا ثُمَّ أَتَى لَهُ بِحَامِلٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُعَدُّ الْحَمْلُ فِيهَا عَيْبًا لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا وَإِلَّا وَجَبَ (قَوْلُهُ: وَثِيَابَتِهِ) مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ وَهِيَ مَصْدَرُ ثَابَ إذَا رَجَعَ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَالَ فَيُقَالُ ثَابَ ثَوْبًا، وَيَجُوزُ فِيهِ ثَوَبَانًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالصِّحَاحِ، وَثُوُوبًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ: أَيْ وَأَصْلُهُ ثُئُوبٌ كَقُعُودٍ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ الْأُولَى فَقُلِبَتْ هَمْزَةً، وَلَمْ أَرَ الثِّيَابَ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ إلَّا فِي جَمْعِ الثَّوْبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْأُنْثَى وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَجِبُ فِي الْأَمَةِ ذِكْرُ الثِّيَابَةِ وَالْبَكَارَةِ: أَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْتِهِ) قَضِيَّةُ الْمُغَايَرَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَرُومِيٍّ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اخْتِلَافِ الصِّنْفِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ هُنَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلَ عَامِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتِهِ) هَذَا هُوَ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ فَلَا يَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا، نَعَمْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ زَادَهُ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بَيَانًا لِمُرَادِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ مُحْتَلِمٍ، فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ مَا مَرَّ: وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَ عَشْرٍ وَنَحْوِهَا قَدْ يَحْتَلِمُ وَقَدْ لَا يَحْتَلِمُ إلَّا بَعْدَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَالْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا بَيِّنًا اهـ.

لَكِنَّ بَحْثَ الْعَلَّامَةِ حَجّ أَنَّ الْمُرَادَ احْتِلَامُهُ بِالْفِعْلِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ وَإِلَّا فَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنِيًّا قَالَ فَلَا يُقْبَلُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَا مَا نَقَصَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْتَلِمْ، فَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِ مُحْتَلِمٍ فِي الْعَقْدِ، وَأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَجِبُ قَبُولُهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْأَذْرَعِيِّ وَإِلَّا لَكَانَ يَجِبُ قَبُولُ ابْنِ تِسْعٍ مُطْلَقًا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَحَدِ الْمَذْكُورِينَ

ص: 204

فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ وَفِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا، وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُسْلِمِ إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ: أَيْ الدَّلَّالِينَ بِظُنُونِهِمْ (وَقَدِّهِ) أَيْ قَامَتِهِ (طُولًا وَقِصَرًا) وَرَبْعَةً فَيَذْكُرُ وَاحِدًا مِنْهَا لِاخْتِلَافِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ بَعْدَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ احْتِلَامٌ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُحْتَلِمَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَبِلَهُ وَغَيْرَ الْمُحْتَلِمِ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ قَبِلَهُ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِوَقْتِ الْقَبُولِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ بَلْ أَقَلُّ وَقْتٍ يُقْبَلُ فِيهِ تِسْعٌ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُقْبَلُ مَا دُونَ التِّسْعِ وَيُقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهَا فَمَا فَوْقُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ إلَى تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً الَّتِي هِيَ وَقْتُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّقَابُلُ بَيْنَ أَوَّلِ عَامِ الِاحْتِلَامِ وَوَقْتِهِ وَهُوَ التِّسْعُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِبُلُوغِهِ التِّسْعَ لَمْ يَبْقَ لِاعْتِبَارِ الِاحْتِلَامِ بِالْفِعْلِ مَعْنًى، فَإِنَّهُ إذَا احْتَلَمَ فِي الْعَاشِرَةِ مَثَلًا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ فِيهِ، وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ الِاحْتِلَامِ وَالْوَقْتِ وَجْهَانِ: فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الْوَقْتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الِاحْتِلَامَ.

(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ) الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ عَامِ الِاحْتِلَامِ أَوْ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً مُحْتَلِمٌ اهـ.

فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ فَكَيْفَ يَقُولُ فَانْدَفَعَ إلَخْ طَبَلَاوِيٌّ بِهَامِشٍ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَرُدَّ خُصُوصَ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بَلْ يَجُوزُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَاعْتَرَضَهُ بِكَلَامٍ قَصَدَ الشَّارِحُ دَفْعَهُ، وَالْأَذْرَعِيُّ لَهُ كُتُبٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَالتَّوَسُّطِ وَالْقُوتِ وَالْغُنْيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِرَاضِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا عَدَمُ اعْتِرَاضِهِ فِي غَيْرِهِ.

هَذَا وَقَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ احْتِلَامُهُ بِالْفِعْلِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَإِلَّا فَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنِيًّا، وَلَا يُقْبَلُ مَا زَادَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصِّغَرَ مَقْصُودٌ فِي الرَّقِيقِ وَلَا مَا نَقَصَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْتَلِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَصْفُ الِاحْتِلَامِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ لِدُخُولِ وَقْتٍ بِتِسْعٍ لِأَنَّهُ مَجَازٌ وَلَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ) قَالَ حَجّ: أَيْ الْعَدْلُ اهـ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إذَا أَخْبَرَ بِالِاحْتِلَامِ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ، وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ حَمْدَانُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ قُبِلَ: يَعْنِي بِخِلَافِ إخْبَارِهِ عَنْ السِّنِّ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ لَا بُدَّ لِقَبُولِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا عَدْلًا اهـ بِالْمَعْنَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَأَخْبَرَ وَإِلَّا يُوجَدُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا وَلَمْ يُخْبِرْ، فَقَوْلُ السَّيِّدِ وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ قَوْلُ الْعَبْدِ وَقَوْلُ السَّيِّدِ قُدِّمَ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِ إخْبَارِ الْعَبْدِ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، إنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةٌ تُقَوِّي صِدْقَ السَّيِّدِ كَأَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَّخَ وِلَادَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدُ قَرِينَةً يُسْنِدْ إلَيْهَا بَلْ قَالَ سِنِّي كَذَا وَلَمْ يَزِدْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لحج مَا يُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا وَلَمْ يَعْلَمْ سِنَّ نَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ فِي سِنِّ الْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ: أَيْ فَيُقَدَّمُ خَبَرُ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: الْمُسْلِمِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ قَوْلِ الرَّقِيقِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ كَشَرْحِ الرَّوْضِ اعْتِبَارُهُ اهـ وَعِبَارَتُهُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ الْبَالِغَيْنِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ سم مِنْ اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ فِي الرَّقِيقِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ اعْتِبَارِ حَجّ الْعَدَالَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَهُ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ) مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى الْكِفْلِ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا بِشَيْءٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي كَلَامِهِ كَمَا قَرَّرْتُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُ مُحْتَلِمٍ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا قَبُولُ ابْنِ تِسْعٍ فَقَطْ أَوْ مَنْ هُوَ فِي أَوَّلِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ: أَيْ فَلَا يُقْبَلُ ابْنُ عَشْرٍ مَثَلًا إذَا لَمْ يَحْتَلِمْ بِالْفِعْلِ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنَّ الشَّارِحَ كَالْأَذْرَعِيِّ أَرَادَ بِقَوْلِهِمَا: أَيْ أَوَّلَ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتَهُ مُجَرَّدَ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ

ص: 205

الْغَرَضُ بِهَا (وَكُلِّهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِمَّا يَخْتَلِفُ كَالْوَصْفِ وَالسِّنِّ وَالْقَدِّ بِخِلَافِ نَحْوِ الذُّكُورَةِ (عَلَى التَّقْرِيبِ) فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ ابْنَ عَشَرٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ لَمْ يَصِحَّ لِنُدْرَتِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْكَحَلِ) بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ سَوَادٌ يَعْلُو جَفْنَ الْعَيْنِ كَالْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ (وَالسِّمَنِ) فِي الْأَمَةِ (وَنَحْوِهِمَا) كَالدَّعَجِ: وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ.

وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ وَثِقَلِ الْأَرْدَافِ وَرِقَّةِ الْخَصْرِ وَالْمَلَاحَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا.

وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ لَا تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَتَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا وَيَنْزِلُ فِي الْمَلَاحَةِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهَا، وَمَعَ ظُهُورِ هَذَا وَقُوَّتِهِ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

وَيُسَنُّ ذِكْرُ تَفَلُّجِ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَعْدِ الشَّعْرِ أَوْ سَبْطِهِ وَصِفَةِ الْحَاجِبَيْنِ لَا سَائِرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ كَمَا يَصِفُ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ بِأَوْصَافِهِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَ بِهِ الْعُرْفُ وَالْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعِزَّةَ، وَلَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ صَحَّ كَإِسْلَامِ صَغِيرِ الْإِبِلِ فِي كَبِيرِهَا، فَإِنْ كَبِرَتْ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَجْزَأَتْ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ وَطِئَهَا كَوَطْءِ الثَّيِّبِ وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ.

(وَفِي) الْمَاشِيَةِ كَالْبَقَرِ وَ (الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ)(وَالسِّنِّ وَاللَّوْنِ وَالنَّوْعِ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ وَالْقِيمَةِ بِذَلِكَ، فَيَقُولُ فِي الْإِبِلِ بَخَاتِيٌّ أَوْ عِرَابٌ أَوْ مِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ بَلَدِ بَنِي فُلَانٍ، وَفِي بَيَانِ الصِّفَاتِ أَرْحَبِيَّةٌ أَوْ مُهْرِيَّةٌ لِمَا مَرَّ، وَفِي الْخَيْلِ عَرَبِيٌّ أَوْ تُرْكِيٌّ أَوْ مِنْ خَيْلِ بَنِي فُلَانٍ لِطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَبْلَقِ، وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَفِي الْحَاوِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبُلْقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْبَرَاذِينِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَتَاقِ، وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيهِ، وَيَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَبْلَقَ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى الِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْكَحَلِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَيَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: السِّمَنِ فِي الْأَمَةِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَمَةِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ تَوَهُّمِ الِاشْتِرَاطِ دُونَ الْعَبْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَالْمَحَلِّيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ وَلَكِنْ يُسَنُّ ذِكْرُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقِيَاسًا عَلَى سَنِّ ذِكْرِ مُفَلَّجِ الْأَسْنَانِ وَمَا مَعَهُ الْآتِي بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمَلَاحَةُ) هِيَ تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ، وَقِيلَ صِفَةٌ يَلْزَمُهَا تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: بِإِهْمَالِهَا) أَيْ فِي الرَّقِيقِ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْخِدْمَةُ لَا التَّمَتُّعُ فِي الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ) أَيْ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ظُهُورِ هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِفُ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَبِرَتْ) أَيْ الْجَارِيَةُ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ حَيْثُ وُجِدَتْ فِيهَا صِفَاتُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهَا.

وَإِنَّمَا خَصَّ الْجَارِيَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ امْتِنَاعُهُ خَوْفًا مِنْ وَطْئِهَا ثُمَّ رَدِّهَا (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ) وَضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمَعَانِي وَالْأَجْرَامِ فَبِالضَّمِّ، وَإِنْ كَانَ فِي السِّنِّ فَبِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَبْلَقِ) فِي الْمُخْتَارِ: الْبُلْقُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَكَذَا الْبُلْقَةُ بِالضَّمِّ يُقَالُ فَرَسٌ أَبْلَقُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَبْلَقِ مَا فِيهِ حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْلَقِ فِي كَلَامِهِمْ مَا اشْتَمَلَ عَلَى لَوْنَيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا) أَيْ الْخِلَافُ فِي الْأَبْلَقِ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ) كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الْبَحْرِ وَالْحَاوِي، فَلَيْسَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَا سَائِرُ الْأَوْصَافِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَ نَوْعَهُ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: لِطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ) أَيْ لِئَلَّا يُعَزَّ وُجُودُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي ثِمَارِ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ

ص: 206

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الْقَدِّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ فِي الرَّقِيقِ وَفِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّ مَا يَرْفَعُهُ هَذَا فِي أَثْمَانِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَثْمَانُ الْحِنْطَةِ بِصِغَرِ الْحَبَّاتِ وَكِبَرِهَا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِيهِ، وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْبَقَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْجَزْمُ بِهِ حَتَّى فِي الْغَنَمِ أَيْضًا، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا مَرَّ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ بِذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ.

(وَفِي الطَّيْرِ) وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا (النَّوْعِ وَالصِّغَرِ وَكِبَرِ الْجُثَّةِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَلَوْنُ طَيْرٍ لَمْ يَرِدْ لِلْأَكْلِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَهْمَلَاهُ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ، وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ.

وَيَجِبُ ذِكْرُ سِنِّهِ إنْ عُرِفَ وَذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ، وَكَوْنُ السَّمَكِ بَحْرِيًّا أَوْ نَهْرِيًّا طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ.

(وَفِي اللَّحْمِ) مِنْ غَيْرِ طَيْرٍ وَصَيْدٍ وَلَوْ قَدِيدًا مُمَلَّحًا (لَحْمُ بَقَرٍ) جَوَامِيسَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَحْثًا مُقَابِلًا كَلَامَهُمَا كَمَا قَدْ تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَتُهُ، لَكِنْ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْحَاوِي الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى بَلَدٍ يَقِلُّ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الْبُلْقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمَ الِانْضِبَاطِ لَا قِلَّةَ وُجُودِهِ وَكَثْرَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ إلَى رَدِّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِقَوْلِهِ وَيَكْفِي مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ) أَيْ فِي الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْقَدِّ (قَوْلُهُ: الْمَاوَرْدِيُّ) صَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي جَازِمٌ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِي جَمِيعِ الْمَاشِيَةِ حَتَّى الْبَقَرِ، وَمَا هُنَا يَخْرُجُ مَا عَدَا الرَّقِيقَ وَالْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَذْكُرْ الِاشْتِرَاطَ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ إلَخْ، هَذَا وَقَضِيَّةُ نَقْلِهِ مَا ذَكَرَ فِي الرَّقِيقِ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَقَدِّهِ طُولًا وَقِصَرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ) أَيْ الْقَدُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ: وَفِي الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا) عِبَارَةُ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَلَحْمِهِمَا، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي لَحْمِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ نَحْوَهُمَا مُحَرَّفَةٌ عَنْ لَحْمِهِمَا، وَعَلَى كَوْنِهَا صَحِيحَةً فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ وَإِلَّا فَلَا غَرَابَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ) أَيْ اعْتِبَارُ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِ السَّمَكِ بَحْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَهْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْحُلْوِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ) بِالْحَاءِ: أَيْ وَأَمَّا النَّخْلُ بِالْخَاءِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّلَمِ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهِ بِالطُّولِ وَنَحْوِهِ فَيَقُولُ أَسْلَمْت إلَيْك فِي نَخْلَةٍ صِفَتُهَا كَذَا فَيُحْضِرُهَا لَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا.

وَمِنْ الصِّفَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةَ نَبَاتِهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي اللَّحْمِ) لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى أَوْ غَيْرَهُ صَدَقَ الْمُسْلِمُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَا ذَكَّيْته فَيَصْدُقُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَدَّ فِي الرَّقِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَمِنْهَا أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَخْتَلِفُ) مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ

.

ص: 207

أَوْ عِرَابٍ (أَوْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ) ذَكَرٍ (خَصْيٍ رَضِيعٍ) هَزِيلٍ لَا أَعْجَفَ لِأَنَّ الْعَجَفَ عَيْبٌ (مَعْلُوفٍ أَوْ ضِدِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ: أَيْ أُنْثَى فَحْلٍ فَطِيمٍ رَاعٍ سَمِينٍ، وَالرَّضِيعُ وَالْفَطِيمُ فِي الصَّغِيرِ، أَمَّا الْكَبِيرُ فَمِنْهُ الْجَذَعُ وَالثِّنْيُ وَنَحْوُهُمَا فَيُذْكَرُ أَحَدُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، إذْ لَحْمُ الرَّاعِيَةِ أَطْيَبُ وَالْمَعْلُوفَةِ أَدْسَمُ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَلَفٍ يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي لَحْمِهَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَوَّاهُ.

وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّاعِيَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الظَّاهِرُ وُجُوبُ قَبُولِهَا: نَعَمْ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا وَضِدُّهَا بَلَدٌ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَيُذْكَرُ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عِنْدَ عُمُومِهِمَا كَوْنُ ذَلِكَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَيُذْكَرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدُ وَفِي الْمَيِّتِ الْوَزْنُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ عَيْنِ مَا صِيدَ بِهِ (مِنْ فَخْذٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (أَوْ كَتِفٍ أَوْ جَنْبٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ أَيْضًا بِهِمَا (وَيُقْبَلُ) حَتْمًا (عَظْمُهُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ كَنَوَى التَّمْرِ، وَيَجُوزُ شَرْطُ نَزْعِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَيَجِبُ قَبُولُ جِلْدٍ يُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ مَعَ اللَّحْمِ لَا رَأْسٍ وَرِجْلٍ مِنْ طَيْرٍ وَذَنَبٍ أَوْ رَأْسٍ لَا لَحْمَ عَلَيْهِ مِنْ سَمَكٍ.

(وَفِي الثِّيَابِ الْجِنْسُ) مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ وَالنَّوْعُ وَبَلَدُ نَسْجِهِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَقَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ عَنْ غَيْرِهِ (وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْغِلَظُ وَالدِّقَّةُ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُمَا صِفَتَانِ لِلْغَزْلِ (وَالصَّفَاقَةُ) وَهِيَ انْضِمَامُ بَعْضِ الْخُيُوطِ إلَى بَعْضٍ (وَالرِّقَّةُ) وَهِيَ ضِدُّهَا، وَهُمَا يَرْجِعَانِ لِصِفَةِ النَّسْجِ فَمَا هُنَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ ضَأْنٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اللَّوْنِ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ خَرُوفٍ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ.

وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ إذَا اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ.

وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِاعْتِبَارِ ذِكْرِ لَوْنِ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ الْمُسْلَمِ فِي أَهْلِهِ لَحْمُهُ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي لَحْمِ الْوَحْشِيِّ وَقَالَ: إنَّ لِأَلْوَانِهِ فِي لَحْمِهِ تَأْثِيرًا فَيَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي الْأَهْلِيِّ إلَّا أَنْ يَتَّضِحَ فَرْقٌ وَلَا إخَالُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بَيْنَ لَحْمِ الْعَرَبِيِّ وَالْمِرْعِزِّ وَجَبَ ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَمِنْهُ الْجَذَعُ) اُنْظُرْ لَوْ ذَكَرَ كَوْنَهَا جَذَعَةَ ضَأْنٍ هَلْ تُجْزِي مَا أَجْذَعَتْ قَبْلَ الْعَامِ أَوْ مَا تَأَخَّرَ إجْذَاعُهَا عَنْ تَمَامِ الْعَامِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تُجْزِي فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا إذَا أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِجْذَاعِ مِثْلِهَا فِيهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ التَّقْدِيرِ بِالسِّنِّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ مُسَمَّى الْجَذَعَةِ، وَإِنْ أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَتُجْزِي قَبْلَهَا، وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى حَدٍّ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا جَذَعَةٌ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهَا) أَيْ الْمَعْلُوفَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا) أَيْ بِالرَّاعِيَةِ (قَوْلُهُ: وَضِدِّهَا) أَيْ الْمَعْلُوفَةِ (قَوْلُهُ: بَلَدٌ) أَيْ غَرَضُ أَهْلِ بَلَدٍ بِأَنْ يَتَفَاوَتَ لَحْمُهُمَا عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا فِيهِ، وَكَذَا الطَّيْرُ، وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي لَحْمِهَا النَّوْعُ وَصِغَرُ الْجُثَّةِ أَوْ كِبَرُهَا دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ عَظْمُهُ إلَخْ) لَا نَزْعُ نَوَى التَّمْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيهِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّمْرَ يُدَّخَرُ غَالِبًا وَنَزْعَ نَوَاهُ يُعَرِّضُهُ لِلْإِفْسَادِ بِخِلَافِ الْعَظْمِ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُهُ كَالْمَحَلِّيِّ أَنَّ شَرْطَ نَزْعِ الْعَظْمِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّارِحَ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ لَا نَزْعَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ مُخَالَفَةَ حَجّ فِي ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، هَذَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ شَرْطُ نَزْعِهِ لِلتَّمْرِ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ لِلْعَظْمِ لِكَوْنِهِ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ مُوَافِقًا لِكَلَامِ حَجّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ (قَوْلُهُ: لَا لَحْمَ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ لِلذَّنَبِ وَالرَّأْسِ.

أَمَّا الرِّجْلُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا عَلَيْهَا لَحْمٌ أَمْ لَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيُذْكَرُ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ مَا يُذْكَرُ فِي لَحْمِ غَيْرِهِ إلَّا الْخِصَى وَالْعَلَفُ وَضِدُّهُمَا وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ إلَّا إنْ أَمْكَنَ وَفِيهِ غَرَضٌ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ عَيْنِ مَا صِيدَ بِهِ) يَعْنِي فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ

.

ص: 208

كَأَصْلِهَا مِنْ إسْقَاطِهِمَا.

نَعَمْ قَدْ يُسْتَعْمَلُ الدَّقِيقُ مَوْضِعَ الرَّقِيقِ وَعَكْسُهُ (وَالنُّعُومَةُ وَالْخُشُونَةُ) وَكَذَا اللَّوْنُ فِي نَحْوِ قُطْنٍ وَوَبَرٍ وَحَرِيرٍ (وَمُطْلَقُهُ) أَيْ الثَّوْبِ عَنْ قِصَرٍ وَعَدَمِهِ (يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ) دُونَ الْمَقْصُورِ لِأَنَّ الْقِصَرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ، فَلَوْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ فَهُوَ أَوْلَى، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَبُولِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِ الْغَرَضُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ (وَيَجُوزُ فِي الْمَقْصُورِ) لِانْضِبَاطِهِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَلْبُوسِ وَلَوْ لَمْ يُغْسَلْ لِانْتِفَاءِ انْضِبَاطِهِ، بِخِلَافِ الْجَدِيدِ وَإِنْ غُسِلَ وَلَوْ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ إنْ أَحَاطَ الْوَصْفُ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ تَنَاقُضُ الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَتَّانِ لَكِنْ بَعْدَ دَقِّهِ: أَيْ نَفْضِهِ لَا قَبْلَهُ فَيَذْكُرْ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ وَنُعُومَتَهُ أَوْ خُشُونَتَهُ وَدِقَّتَهُ أَوْ غِلَظَهُ وَعِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بِذَلِكَ، وَفِي (مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ النَّسْجِ كَالْبُرُودِ) إذَا بَيَّنَ مَا يُصْبَغُ بِهِ وَكَوْنَهُ فِي الصَّيْفِ أَوْ الشِّتَاءِ، وَاللَّوْنَ وَبَلَدَ الصَّبْغِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْأَقْيَسُ صِحَّتُهُ فِي الْمَصْبُوغِ بَعْدَهُ) أَيْ النَّسْجِ كَمَا فِي الْغَزْلِ الْمَصْبُوغِ (قُلْت: الْأَصَحُّ مَنْعُهُ) لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا تَظْهَرُ الصَّفَاقَةُ وَلَا الرِّقَّةُ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَجُوزُ فِي الْحَبِرَةِ وَعَصَبِ الْيَمَنِ إنْ وَصَفَهُ حَتَّى تَخْطِيطِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا عَصَبَ الْيَمَنِ غَلَطٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَضْبِطُهُ الْوَصْفُ.

(وَفِي التَّمْرِ) وَالزَّبِيبِ (لَوْنَهُ وَنَوْعَهُ) كَمَعْقِلِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ (وَبَلَدَهُ) كَبَصْرِيٍّ أَوْ بَغْدَادِيٍّ (وَصِغَرَ الْحَبَّاتِ وَكِبَرَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا لِأَنَّ صَغِيرَ الْحَبِّ أَقْوَى وَأَشَدُّ (وَعِتْقَهُ وَحَدَاثَتَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا وَكَوْنَ جَفَافِهِ بِأُمِّهِ أَوْ الْأَرْضِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِي أَصْفَى لَا مُدَّةَ جَفَافِهِ إلَّا فِي بَلَدٍ يَخْتَلِفُ بِهَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: قَدْ يُسْتَعْمَلُ) أَيْ مَجَازًا (قَوْلُهُ: قَدْ يُسْتَعْمَلُ الرَّقِيقُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّفْرِقَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَفِي ع مَا نَصُّهُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالرِّقَّةُ هُوَ يُوَافِقُ مَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ فِي الصِّحَاحِ الدَّقِيقُ وَالرَّقِيقُ خِلَافُ الْغَلِيظِ (قَوْلُهُ: وَحَرِيرٍ) زَادَ حَجّ: وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ مِنْ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ اهـ.

وَلْيُتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُطْنِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ اللَّوْنِ وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ نَوْعَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ) أَيْ لِعَامَّةِ النَّاسِ لَا لِخُصُوصِ الْمُسْلِمِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: لِانْضِبَاطِهِ) وَمِنْ انْضِبَاطِهِ أَنْ لَا تَدْخُلَهُ النَّارُ وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ دَوَاءٍ، وَعِبَارَةُ ع: قَوْلُ الشَّارِحِ وَفَرَّقَ الْمَانِعُونَ. إلَخْ هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمَقْصُورَ إذَا كَانَ فِيهِ دَوَاءٌ يَمْتَنِعُ.

أَقُولُ: خُصُوصًا إذَا كَانَ يُغْلَى عَلَى النَّارِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ بِبِلَادِنَا، بَلْ وَفِي الْبَعْلَبَكِيِّ فِيمَا بَلَغَنِي فَإِنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ وَأَخْذَهَا مَنْ قُوَاهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بَلْ وَلَوْ خَلَا عَنْ الدَّوَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ الْمَصْقُولُ بِالنَّشَا مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ نَفْضِهِ) أَيْ مِنْ النَّاسِ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ قَبْلَ نَفْضِهِ بِالْوَصْفِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُعَايَنَةَ بِخِلَافِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْيَسُ) أَيْ وَالْأَوْفَقُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّبْغَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا غُسِلَ بِحَيْثُ زَالَ انْسِدَادُ الْفَرْجِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت فِي مَصْبُوغٍ بَعْدَ النَّسْجِ مَغْسُولٍ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ انْسِدَادٌ فِيهِ إلَخْ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ طب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْحِبَرَةِ) وَالْحِبَرَةُ كَالْعِنَبَةِ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حِبَرٌ كَعِنَبٍ وَحِبَرَاتُ بِفَتْحِ الْبَاءِ اهـ مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ: وَعِتْقُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَتُقَ بِضَمِّ التَّاءِ اهـ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِضَمِّ الْعَيْنِ اهـ عَمِيرَةُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْحِبَرَةِ) الْحِبَرَةُ مِنْ الْبُرُودِ مَا كَانَ مُوَشًّى مُخَطَّطًا، يُقَالُ ثَوْبٌ حِبَرَةٌ وَبُرُدٌ حِبَرَةٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ عَلَى الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ وَهُوَ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حَبَرٌ وَحَبَرَاتٌ، وَالْعَصْبُ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ يُعْصَبُ غَزْلُهَا: أَيْ يُجْمَعُ وَيُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ وَيُنْسَجُ فَيَأْتِي مُوَشًّى لِبَقَاءِ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبْيَضَ لَمْ يَأْخُذْهُ صَبْغٌ، وَقِيلَ هِيَ بُرُدٌ مُخَطَّطَةٌ، قَالَهُ فِي نِهَايَةِ الْغَرِيبِ

.

ص: 209

وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ الْمَكْنُوزِ فِي الْقَوَاصِرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَجْوَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ حِينَئِذٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَذْكُرُ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ غَيْرَ الْأَخِيرَيْنِ، وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا جَفَافَ فِيهِ (وَالْحِنْطَةُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ) فِيمَا ذَكَرَ حَتَّى مُدَّةِ الْجَفَافِ بِتَفْصِيلِهَا، وَمَرَّ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ كَالْبَحْرِ إذْ لَا يُعْرَفُ حِينَئِذٍ لَوْنُهُ وَصِغَرُ حَبِّهِ وَكِبَرُهَا لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ نَحْوُ بَيْعِ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ فِي النُّخَالَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِالِانْكِبَاسِ وَضِدِّهِ، وَيَصِحُّ فِي الْأَدِقَّةِ فَيَذْكُرُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارَهُ، وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ طَحْنِهِ هَلْ هُوَ بِرَحَى الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ، وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ تِبْنٍ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَكِيلَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَفِي الْمِصْبَاحِ عَتَقَتْ الْخَمْرَةُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَرِبَ قَدُمَتْ عِتْقًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا اهـ، وَفِي الْقَامُوسِ عَتَقَ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ كَضَرَبَ وَكَرُمَ فَهُوَ عَتِيقٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالشَّيْءُ قَدُمَ كَعَتَقَ كَنَصَرَ وَالْخَمْرُ حَسُنَتْ وَقَدُمَتْ اهـ: فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَصْدَرَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَسْرِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُحَشِّي بِكَسْرِ الْعَيْنِ تَحْرِيفٌ عَنْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَصْدَرُ عَتُقَ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: الْمَكْنُوزُ فِي الْقَوَاصِرِ) لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَنْزِهِ فِيهَا جَازَ قَبُولُ مَا فِيهَا اهـ حَجّ.

والْقَوَاصِرُ جَمْعُ قَوْصَرَةٍ وَهِيَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ وِعَاءُ التَّمْرِ تُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ) هَذَا قَدْ يُفْهِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ فِي الْعَجْوَةِ الْمَنْسُولَةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ) أَيْ لَا يَدُومُ عَلَى صِفَةٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ عِتْقِهِ وَحَدَاثَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ التَّشْبِيهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْجَفَافِ بِأُمِّهِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرُّطَبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْعِنَبِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا) أَفَادَ شَيْخُنَا الشَّارِحُ فِي إفْتَاءٍ لَهُ أَنَّ الْفُولَ الْمَدْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ، وَنَقَلَ عَنْ وَالِدِهِ عَدَمَ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ اهـ كَذَا بِخَطِّ الْأَصْلِ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَدْشُوشُ مِنْ غَيْرِ الْفُولِ أَيْضًا لِاخْتِلَافِهِ بَعْدَ دَشِّهِ نُعُومَةً وَخُشُونَةً، وَقَدْ يُخْرِجُ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْحُبُوبِ لِأَنَّهَا بَعْدَ دَشِّهَا لَا تُسَمَّى حَبًّا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ: فِي النُّخَالَةِ وَالتِّبْنِ) وَمِثْلُهُ قِشْرُ الْبُنِّ اهـ حَجّ.

وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ ضَبْطُ ذَلِكَ أَهُوَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقِيَاسُ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِحُ فِي النُّخَالَةِ مِنْ الْكَيْلِ جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي التِّبْنِ وَالْقِشْرِ، ثُمَّ مَا صَحَّ مَكِيلًا صَحَّ مَوْزُونًا وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْكَيْلِ كَوْنُهُ بِآلَةٍ يُعْرَفُ مِقْدَارُ مَا تَسَعُ، وَيُعْتَبَرُ فِي كَيْلِهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي التَّحَامُلِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْكَبِسُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ كَيْلِهِ مِنْ تَحَامُلٍ أَوْ عَدَمِهِ رَجَعَ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ فِي صِفَةِ مَا يُكَالُ بِهِ تَحَالَفَا لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ) أَيْ أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِقْدَارَهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ) وَمِثْلُهُ قِشْرُ الْبُنِّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ الدَّرِيسُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لسم فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا أَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: خِفَّةٌ وَرَزَانَةً) أَيْ الْقِشْرُ وَفِي نُسْخَةِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، بِالنَّصْبِ بِغَيْرِ وَعُطِفَ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ

ص: 210