الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ شَمِّ الرَّيَاحِينِ تَرَفُّهًا لَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَلَا مِنْ عَمَلِ صَنْعَةٍ فِيهِ وَلَوْ مُمَاطِلًا.
وَلَوْ حُبِسَتْ امْرَأَةٌ فِي دَيْنٍ وَلَوْ بِإِذْنِ زَوْجِهَا فِيمَا يَظْهَرُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّتَهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا، وَيُخْرَجُ الْمَجْنُونُ مِنْ الْحَبْسِ مُطْلَقًا، وَالْمَرِيضُ إنْ فُقِدَ مُمَرِّضًا فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْمَحْبُوسِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حَبْسِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ (وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ) وُجُوبًا (مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعْسَارُهُ شَهِدَ بِهِ) لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ لَوْ أَهْمَلَهُ الْقَاضِي، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأُجْرَةُ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدٌ بِذَلِكَ سَقَطَ الْوُجُوبُ عَنْ الْقَاضِي فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا.
نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَأَنْ يُسَخِّرَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْقَوَدَ، فَقِيَاسُهُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْتَرِضَ وَأَنْ يُسَخِّرَ بَاحِثِينَ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْبَاحِثَ اثْنَانِ وَلَوْ وُجِدَ مَالٌ بِيَدِ مُعْسِرٍ فَأَقَرَّ بِهِ لِحَاضِرٍ رَشِيدٍ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُوَاطِئْهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ مُعَيَّنٍ انْتَظَرَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْمَجْهُولُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَيَتَفَقَّدُ الْحَاكِمُ أَيْضًا حَالَ غَيْرِ الْغَرِيبِ فَلَا يُعْرِضُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ لَكِنْ لَا يُوَكِّلُ بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ.
فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ
(مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبَلْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَكَوْنُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: لَا مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَمِثْلُهَا الْأَصْدِقَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُبِسَتْ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْحَابِسَ لَهَا، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي بَابِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ فَلْيُرَاجَعْ.
قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَأَمَّا إذَا حَبَسَتْ هِيَ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ فَلَهَا النَّفَقَةُ أَوْ ظُلْمًا فَلَا اهـ م ر اهـ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) وَقِيَاسُ مَنْعِ الزَّوْجَةِ عَنْ الدُّخُولِ لِزَوْجِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ مُنِعَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ
(قَوْلُهُ: وَيُتَفَقَّدُ) أَيْ وُجُوبًا.
فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ (قَوْلُهُ: فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَا لَوْ غَرَسَ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ: أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ) أَيْ شَيْئًا مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَكَثِيرًا مَا يَحْذِفُونَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ) وَلَا يَحْتَاجُ لِلرَّفْعِ لِقَاضٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» اهـ وَقَوْلُهُ بِعَيْنِهَا: أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ اقْتِرَاضُ أُجْرَةِ الْجَلَّادِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ.
[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ]
(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ خَبَرٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي ذَلِكَ خَبَرًا، وَالْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِي هَذَا الْخُصُوصِ هُوَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» وَفِي
الثَّمَنِ لَمْ يُقْبَضْ يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِهِ فِي الْخَبَرِ، وَفِي حُكْمِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ الْمَوْتُ مُفْلِسًا فَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ» وَمُرَادُهُ بِلَمْ يُقْبَضْ عَدَمُ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ، فَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدُ وَكَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ لَهُ اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَمَا يَرْجِعُ الْأَصْلُ فِي بَعْضِ مَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَائِعِ، وَلَوْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ فَلَا رُجُوعَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا امْتِنَاعَ الْفَسْخِ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْحَجْرِ مَا لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِحَالِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يَجِبُ الْفَسْخُ بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ التَّصَرُّفُ بِالْغِبْطَةِ وَهِيَ فِي الْفَسْخِ كَمُكَاتَبٍ وَوَلِيٍّ، وَمِثْلُهُمَا الْبَائِعُ إذَا أَفْلَسَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ مِنْهُ الرُّجُوعَ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ) أَيْ الْفَسْخِ أَوْ الْبَائِعِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِجَامِعِ
دَفْعِ الضَّرَرِ
، وَالثَّانِي لَا كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ الضَّرَرِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِالْفَوْرِيَّةِ قُبِلَ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَلْ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْقَرْضِ، وَأَنَّهُ لَا فَوْرَ فِيهِ، وَلَوْ صُولِحَ عَنْ الْفَسْخِ عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْفَسْخِ إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ، وَلَوْ حَكَمَ بِمَنْعِ الْفَسْخِ حَاكِمٌ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْخِلَافُ فِيهَا قَوِيٌّ؛ إذْ النَّصُّ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَالْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْفَسْخَ لَا يَحْصُلُ (بِالْوَطْءِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ) وَتَلْغُو هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ لِمُصَادِفَتِهَا مِلْكَ الْغَيْرِ كَمَا لَا تَكُونُ فَسْخًا فِي الْهِبَةِ لِلْفَرْعِ، وَالثَّانِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِهِ) أَيْ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ مُفْلِسًا
(قَوْلُهُ: اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى نَقْصِ الْبَاقِي
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ وَهُنَا لَا يَضُرُّ بِالْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مَبِيعٌ كُلُّهُ
(قَوْلُهُ: فِي حَالِ الْحَجْرِ) أَيْ بَعْدَهُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مَعَ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ جَهِلَ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْفَسْخِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ لَا يَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجِبُ لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: كَمُكَاتَبٍ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ شَيْئًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ رِعَايَةً لِحَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ وَوَلِيٍّ) أَيْ وَوَكِيلٍ عَنْ غَيْرِهِ.
قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَدْ يُشْكَلُ تَصَوُّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ؛ إذْ يُمْكِنُ قَبْلَ قَبْضِهِ لُزُومُ الْبَيْعِ وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِفَلَسٍ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ الْفَسْخُ عَلَى الْوَلِيِّ ثُمَّ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمَوْلَى، وَلَوْلَا الْفَسْخُ لَمَا تَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ اهـ أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ أَيْضًا بِمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ، وَقَدْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْبَائِعِ الْفَسْخُ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا كُلُّ مَا قِيلَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ الْعُدُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْفَوْرِيَّةِ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ بِالْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا فَوْرَ فِيهِ) أَيْ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى لَمْ يَخْرُجْ الْمَالُ عَنْ مِلْكِ الْمُقْتَرِضِ جَازَ لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ، وَإِنْ تَرَاخَى (قَوْلُهُ لَا إنْ جَهِلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ مِمَّا يَخْفَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
رِوَايَةٍ لَهُمَا «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَقَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» .
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْقَرْضِ) أَيْ: الْجَارِي بِعُمُومِهِ فِي الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ) أَيْ: لَا بِالْقِيَاسِ، فَالنَّصُّ لَهُ إطْلَاقَانِ: مَا قَابَلَ الْقِيَاسَ وَالْإِجْمَاعَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم سَوَاءٌ كَانَ نَصًّا فِي الْمُرَادِ أَمْ ظَاهِرًا مَثَلًا،
يَحْصُلُ كَالْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَجَازَ الْفَسْخُ بِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا نَوَى بِالْوَطْءِ الْفَسْخَ وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ قَطْعًا، وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ أَوْ رَفَعْته أَوْ نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ رَدَدْت الثَّمَنَ أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ فِيهِ أَوْ رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَوْ اسْتَرْجَعْته كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (الرُّجُوعُ) فِي عَيْنِ مَالِهِ بِالْفَسْخِ (فِي سَائِرِ) الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي (كَالْبَيْعِ) وَهِيَ الْمَحْضَةُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ فَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالْمَحْضَةِ وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ غَيْرُهَا كَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَالْخُلْعِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي نَحْوِ الْهِبَةِ وَلِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ.
نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ بِالْإِعْسَارِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَجْرِ وَدَخَلَ فِي الضَّابِطِ عَقْدُ السَّلَمِ فَلَهُ فَسْخُهُ إنْ وَجَدَ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يُفْسَخْ بَلْ يُضَارِبُ بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَالِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَإِنْ انْقَطَعَ فَلَهُ الْفَسْخُ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُفْلِسِ فَفِي حَقِّهِ أَوْلَى، وَإِذَا فَسَخَ ضَارَبَ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَنْ يَقُومَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَإِنْ سَاوَى عِشْرِينَ، وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ أَفْرَزَ لَهُ عَشَرَةً، فَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ قَبْلَ الشِّرَاءِ اشْتَرَى لَهُ بِهَا جَمِيعَ حَقِّهِ إنْ وَفَّتْ بِهِ وَإِلَّا فَبَعْضُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ
(قَوْلُهُ: بِالْوَطْءِ) وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسْخِ بِهِ هَلْ يَجِبُ مَهْرٌ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الْمَوْطُوءَةِ عَلَى مِلْكِ الْمُفْلِسِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فِي رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ فِي اسْتَرْجَعْته هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مَعَ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ جَهِلَ
(قَوْلُهُ: الَّتِي كَالْبَيْعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْكَافَ تَقْيِيدِيَّةٌ لَا تَنْظِيرِيَّةٌ، وَإِلَّا لَدَخَلَ الصَّدَاقُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ، وَيَصِحُّ أَنْ تُعْرِبَ قَوْلَهُ: كَالْمَبِيعِ حَالًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: الْخَبَرِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ»
(قَوْلُهُ: الْهِبَةُ) أَيْ بِلَا ثَوَابٍ كَأَنْ وَهَبَهُ عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَالْإِبَاحَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا مُعَيَّنًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَتُطَالِبُ بَعْدَ الْحَجْرِ
(قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ بِالْإِعْسَارِ) أَيْ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِمُجَرَّدِ الْحَجْرِ أَوْ يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا؛ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ غَيْرُهُ إلَّا بِقِسْمَةِ أَمْوَالِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ إذْ مِنْ الْجَائِزِ حُدُوثُ مَالٍ لَهُ أَوْ بَرَاءَةُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَهُ أَوْ ارْتِفَاعُ بَعْضِ الْأَسْعَارِ، وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالنَّفَقَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ قِسْمَةِ أَمْوَالِهِ وَمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ بَعْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ) أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَاوَى) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَمَا قَابَلَ الظَّاهِرَ وَالْمُحْتَمَلَ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي الْوَطْءِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ وَالْبَيْعُ فَالْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى لَهُ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ مَا أُفْرِزَ لَهُ صَارَ كَالْمَرْهُونِ بِحَقِّهِ وَانْقَطَعَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ حِصَصِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَخْذِهِ لَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَوْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا أُفْرِزَ لَهُ لِمَا ذُكِرَ، وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ رَجَعَ بِبَاقِيهِ وَضَارَبَ بِبَاقِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا عَقْدُ الْإِجَارَةِ، فَإِذَا أَفْلَسَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ؛ إذْ الْمَنَافِعُ كَالْأَعْيَانِ، فَإِنْ أَجَازَ ضَارَبَ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِنْ فَسَخَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ ضَارَبَهُمْ بِبَعْضِهَا، وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهَا أُجْرَةُ كُلِّ شَهْرٍ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَلَا فَسْخَ فِيهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا وَالْمُعَوَّضِ بَاقِيًا فَلَا يَتَأَتَّى الْفَسْخُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْحُلُولِ وَلَا بَعْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ.
نَعَمْ إنْ كَانَ بَعْضُ الْأُجْرَةِ مُؤَجَّلًا فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْحَالِّ بِقِسْطِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَجْلِسِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا اسْتَغْنَى بِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ عَيْنٍ قَدَّمَ الْمُسْتَأْجَرُ بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مُلْتَزِمُ عَمَلٍ، وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَلَا تُسْلَمُ إلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْهَا بِالْمُضَارَبَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ إذْ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فِي الْمَنَافِعِ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُلْتَزَمَةِ إنْ تَبَعَّضَتْ بِلَا ضَرَرٍ كَحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ، وَإِلَّا كَقِصَارَةِ ثَوْبٍ وَرُكُوبٍ إلَى بَلَدٍ وَلَوْ نَقَلَ لِنِصْفِ الطَّرِيقِ لَبَقِيَ ضَائِعًا فَسَخَ وَضَارَبَ بِالْأُجْرَةِ الْمَبْذُولَةِ، فَلَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمُلْتَزِمُ عَيْنًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا قَدَّمَ بِمَنْفَعَتِهَا كَالْمُعَيَّنَةِ فِي الْعَقْدِ
(وَلَهُ) أَيْ لِلرُّجُوعِ فِي الْمَبِيعِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (شُرُوطٌ)(مِنْهَا كَوْنُ الثَّمَنِ حَالًّا) عِنْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِائَةً وَالدُّيُونُ الَّتِي مِنْهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ مِائَتَيْنِ أَخَذَ كُلٌّ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ نِصْفَ دَيْنِهِ، وَإِذَا قُسِمَ كَذَلِكَ خَصَّ الْمُسْلِمَ عَشَرَةٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةً لِقَوْلِهِ اشْتَرَى لَهُ
(قَوْلُهُ: مِمَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ) أَيْ وَيَكُونُ حَقُّهُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ (قَوْله لِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا أُفْرِزَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ) أَيْ كَعَبْدَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَلِفَتْ يَدُ الْعَبْدِ فَيَتَخَيَّرُ عَلَى مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَفْلَسَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: الْحَالَّةِ) أَيْ جَمِيعِهَا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ
(قَوْلُهُ: بِبَعْضِهَا) وَهُوَ قِسْطُ مَا مَضَى لِاسْتِيفَاءِ الْمُفْلِسِ مَنْفَعَتَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَفْسَخْ الْمُؤَجِّرُ أَوْ كَانَ الْمُفْلِسُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْحَجْرِ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ مُضِيِّهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ عِنْدَ أَوَّلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ) أَيْ يَتَعَذَّرُ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى الْفَسْخُ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ إلَخْ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ بِسَبَبِ الْحَجْرِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ تَسَلَّمَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ: عَمَلٍ) أَيْ فِي زَمَنِهِ بِخِلَافِ أَجِيرِ الْعَيْنِ إذَا أَفْلَسَ بَعْدَ قَبْضِهِ الْأُجْرَةَ فَلَا فَسْخَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِلْغُرَمَاءِ بِعَيْنِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ) أَيْ بِأَنْ قَبَضَهَا وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ فَلَوْ سُلِّمَ لَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً فَلَهُ الْفَسْخُ وَيَسْتَرِدُّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً ضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَيَسْتَأْجِرُ لَهُ مَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ إنْ تَأَتَّى عَلَى مَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ مِمَّا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَسَائِرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى لَهُ بَعْضٌ مُتَقَوِّمٌ كَعَبْدٍ مَثَلًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ بَلْ يَدْفَعُ لَهُ مَا خَصَّهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ) سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَعَيَّبَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا فِي الْمَجْلِسِ لَكِنَّ الْفَسْخَ مِنْ حَيْثُ تَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَرَّقَا انْفَسَخَتْ؛ لِفَوَاتِ التَّسْلِيمِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي هُوَ شَرْطُهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمُلْتَزِمُ عَيْنًا)
مُؤَجَّلًا قَبْلَهُ فَلَا رُجُوعَ فِيمَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَحِلَّ؛ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْحَالِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُوَ الْأَصَحُّ (وَ) مِنْهَا (أَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) أَيْ الثَّمَنِ (بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَلَوْ)(انْتَفَى) الْإِفْلَاسُ (وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مَعَ يَسَارِهِ أَوْ هَرَبَ) عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ أَوْ مَاتَ مَلِيًّا وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ التَّسْلِيمِ (فَلَا فَسْخَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ التَّوَصُّلِ بِالْحَاكِمِ، فَإِنْ فُرِضَ عَجْزٌ فَنَادِرٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَالثَّانِي يَثْبُتُ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ حَالًّا وَتَوَقُّعِهِ مَآلًا فَأَشْبَهَ الْمُفْلِسَ وَاحْتُرِزَ أَيْضًا بِالْإِفْلَاسِ عَنْ تَعَذُّرِ حُصُولِهِ بِانْقِطَاعِ جِنْسِ الثَّمَنِ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ جَازَ الْفَسْخُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَمِنْ أَنَّ إتْلَافَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَإِتْلَافِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ، وَإِذَا جَازَ الْفَسْخُ بِفَوَاتِ عَيْنِهِ مَعَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ إلَى جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ فَلِفَوَاتِ الْجِنْسِ أَوْلَى رُدَّ بِأَنَّ الْمِلْكَ هَا هُنَا قَوِيٌّ؛ إذْ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ فَبَعْدَ الْفَسْخِ وَهُنَاكَ الْمِلْكُ ضَعِيفٌ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَأَنَّهُ فَاتَ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَاغَ الْفَسْخُ بَلْ فِيهَا قَوْلٌ: إنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ كَالتَّالِفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالثَّمَنِ ضَامِنٌ مَلِيءٌ مُقِرٌّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ، وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْإِرْشَادِ خِلَافَهُ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ مِنْ الضَّامِنِ فَلَمْ يَحْصُلْ التَّعَذُّرُ بِالْإِفْلَاسِ.
وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي، فَإِنْ كَانَ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ وَالْأَقْرَبُ الدَّيْنُ رَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَا تَعَذُّرُ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ، وَثَمَّ شَغَلَ ذِمَّةَ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّامِنِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الضَّامِنُ مُعْسِرًا أَوْ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ فَيَرْجِعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ بِالْإِفْلَاسِ، وَلَوْ كَانَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا قَبْلَهُ) أَيْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) لَوْ حَصَلَ مَالٌ بِاصْطِيَادٍ وَأَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْمَالِ الْقَدِيمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا رُجُوعَ، وَنَسَبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِظَاهِرِ النَّصِّ اهـ ع.
وَمِثْلُ الِاصْطِيَادِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ أَوْ الْإِبْرَاءُ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى امْتَنَعَ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَطْفِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ مَعَ الْهَرَبِ فَلَا يَكْفِي الْهَرَبُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا
(قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ فَلَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ) أَيْ عَدَمُ الْفَسْخِ بِانْقِطَاعِ جِنْسِ الثَّمَنِ
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ
(قَوْلُهُ: إذَا فَاتَ) أَيْ بِالتَّلَفِ
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ) أَيْ إنْ كَانَ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ إتْلَافِ الثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّامِنِ
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَضَمِنَهُ بِإِذْنٍ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ) أَيْ إذَا ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ: قَبْلَ الْحَجْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ حَالًا نَصُّهَا فِي الْأَصْلِ: أَوْ حَلَّ قَبْلَ الْحَجْرِ وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَثْبُتُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ حَالًا مَعَ تَوَقُّعِهِ مَآلًا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا خَاصَّةً، فَالْوَجْهَانِ مَفْرُوضَانِ فِي الضَّمَانِ بِلَا إذْنٍ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ الْآتِي كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ إلَخْ) وَجْهُ شَهَادَةِ النَّصِّ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِذْنِ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّيْنِ فِي التَّخْيِيرِ فِي الْبُدَاءَةِ بِمَالِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ هُنَا أَيْضًا
بِالْعِوَضِ رَهْنٌ يَفِي بِهِ وَلَوْ مُسْتَعَارًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا لَمْ يَرْجِعْ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ لَهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ الْآتِيَةِ (وَلَوْ)(قَالَ الْغُرَمَاءُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ أَوْ قَالَ وَارِثُهُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ)(فَلَهُ الْفَسْخُ) وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِلْمِنَّةِ وَخَوْفِ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ سَوَاءٌ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَلْزَمُ الدَّائِنَ قَبُولُ التَّبَرُّعِ عَنْ الْمَيِّتِ أَوْ إبْرَاؤُهُ لِيَأْسِهِ عَنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْحَيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ، وَيُفَارِقُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْقَبُولِ مَا لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْقَصَّارِ لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِفَرْضِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ فَظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يُزَاحِمْهُ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لَكِنَّ دُخُولَهُ ضِمْنِيٌّ وَحُقُوقُ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَصَالَةً مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرُ الْمُتَبَرِّعِ فَلِمَنْ ظَهَرَ مُزَاحَمَتُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ لَوْ بَقِيَتْ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي بِبَادِئِ الرَّأْيِ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ أَخَّرَ حَقَّ الرُّجُوعِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ فِي الْعَالِمِ بِالْمُزَاحَمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أَعْطَاهُ وَارِثُ الْمَبِيعِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَلَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَلِيءٌ مُقِرٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ تَعَذُّرِ الثَّمَنِ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الرُّجُوعُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) غَايَةً وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ تَفْرِيعِيَّةٌ
(قَوْلُهُ: وَنُقَدِّمُكَ بِالثَّمَنِ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ أَعْطَاهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: لِيَأْسِهِ) أَيْ الدَّائِنِ (قَوْلُهُ لَا تُفْسَخُ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِصَارَةُ أَوْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَصَّرَ بِالْفِعْلِ، وَزَادَ الثَّوْبَ بِسَبَبِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهُ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَصْوِيرُهُ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ) أَيْ الَّذِي أَدَّى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ التَّرِكَةِ وَارِثًا كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ الْمُتَبَرِّعُ) أَيْ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْغُرَمَاءِ
(قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا لَوْ عَنَّ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ سُؤَالِهِمْ وَإِجَابَتِهِ لَهُمْ بِتَرْكِهِ الْفَسْخَ عَدَمُ تَقْدِيمِهِمْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ إجَابَتَهُمْ سَوَاءٌ عَلِمَ جَوَازَ رُجُوعِهِمْ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيُؤْخَذُ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ) أَيْ أَوَّلِ النَّظَرِ
(قَوْلُهُ: ظُهُورِ مُزَاحِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ مُزَاحَمَتَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَاهُ وَارِثُ الْمَبِيعِ) أَيْ مَنْ وَرِثَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَوَ لَا: أَوْ قَالَ وَارِثُهُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمَك إلَخْ.
لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا قَالَ الْوَارِثُ نُقَدِّمُك مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ قَالَ أَقْضِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي اخْتِيَارِ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَلْزَمُ الدَّائِنَ إلَخْ) كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ هَذَا فِيمَا إذَا تَبَرَّعَ الْغَرِيمُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمَيِّتِ لَا فِيمَا إذَا قَالُوا نُقَدِّمُكَ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّبَرُّعِ سَقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ التَّعْرِيفِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ مُسَايِرٌ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَا وَهُمَا قَدْ ذَكَرَا مَسْأَلَةَ التَّبَرُّعِ عَقِبَ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: الْمَبِيعِ الْمُفْلِسِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الْمَبِيعَ مُحَرَّفٌ عَنْ الْمَيِّتِ.
وَلِأَنَّهُ يَبْغِي بِذَلِكَ بَقَاءَ مِلْكِهِ؛ إذْ التَّرِكَةُ مِلْكُهُ فَأَشْبَهَ فَكَّ الْمَرْهُونِ، وَفِدَاءَ الْجَانِي بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.
وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَرِكَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْفَسْخُ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ، وَلَوْ قَدَّمَ الْغُرَمَاءُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ كَمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَيْنِ، وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي بَدَلِهَا (وَ) مِنْهَا (كَوْنُ الْمَبِيعِ) أَوْ نَحْوِهِ (بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (فَلَوْ فَاتَ مِلْكُهُ) عَنْهُ حِسًّا كَالْمَوْتِ أَوْ حُكْمًا كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ كِتَابَةً صَحِيحَةً (فَلَا رُجُوعَ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْفَوَاتِ وَفِي الْكِتَابَةِ هُوَ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ كَانَ ثَابِتًا حِينَ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ، وَحَقُّ الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا حِينَ تَصَرَّفَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِفْلَاسِ وَالْحَجْرِ.
نَعَمْ لَوْ أَقْرَضَهُ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ وَحُجِرَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ أَوْ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ لَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْوَاهِبِ لَهُ، قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ أَفْلَسَا وَحُجِرَ عَلَيْهِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ وَلَا بُعْدَ فِي الْتِزَامِهِ اهـ.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَكَانَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ هُنَا لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تِلْكَ الْعَيْنَ وَلَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
دَيْنِي مِنْ مَالِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَبْغِي) أَيْ يُرِيدُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ إجَابَةَ الْوَارِثِ
(قَوْلُهُ: سَقَطَ) أَيْ فَتَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُمْ لِمَا طَلَبُوهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: حَقُّهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ بِالْمَبِيعِ بِأَنْ يُمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَلَا يُبَاعَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ
(قَوْلُهُ: وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي بَدَلِهَا) أَقُولُ: إنْ كَانَ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ زَاحَمَ الْمُرْتَهِنَ أُشْكِلَ سُقُوطُ حَقِّهِ، وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ مُزَاحَمَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يُفَوِّتُوا بِتَقْدِيمِ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ الْمَارَّةِ
(قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى بَقَائِهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي فِي عَدَمِ بَقَائِهِ إذَا كَانَ مِمَّا يُسْتَهْلَكُ كَالْأَطْعِمَةِ وَإِلَّا كُلِّفَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِ بَقَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْبَائِعُ فَلَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّفِيعِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَهُ فَسْخُ التَّصَرُّفِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِعَادَةُ الشِّقْصِ إلَى مِلْكِهِ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لَسَبَقَ حَقُّهُ عَلَيْهَا) أَيْ التَّصَرُّفَاتِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ) أَيْ بَائِعِ الْمُفْلِسِ
(قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي) أَيْ وَهُوَ الْمُفْلِسُ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ) أَيْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَحُجِرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي
(قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ آكَدُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ: إنْ كَانَ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ زَاحَمَ الْمُرْتَهِنَ أَشْكَلَ سُقُوطُ حَقِّهِ وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ اهـ.
وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى التَّنْظِيرِ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) فِيهِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا كَالْعِتْقِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فَوَاتَ الْمِلْكِ فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ حِسِّيٌّ لَا حُكْمِيٌّ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَوْ شَرْعًا بَدَلَ قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا أَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِي فَاتَ إلَى ذَاتِ الْمَبِيعِ لَكَانَ وَاضِحًا.
نَعَمْ فَوَاتُ الْمِلْكِ فِي الْكِتَابَةِ حُكْمِيٌّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى فَاتَ. (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْفَوَاتِ) أَيْ: حَقِيقَةً وَحِسًّا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ) يَعْنِي الْمُفْلِسَ، وَلَوْ أَضْمَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ إذْ هِيَ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَنْ مِلْكِ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَهِيَ الَّتِي تُوَافِقُ مَا هُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ
تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِحَالٍ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ بِعَبْدٍ، وَلَعَلَّ مَنْ اخْتَارَهُ فِي الْقَرْضِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ.
اهـ وَأَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصَّدَاقِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعَ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَلَا، فَلَوْ زَالَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمَبِيعِ ثُمَّ عَادَ لَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَحَجْرُهُ بَاقٍ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ بَائِعُهُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَإِنْ صَحَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الرُّجُوعُ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْكَبِيرِ بِرُجْحَانِهِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَادَ الْمِلْكُ بِعِوَضٍ وَلَمْ يُوَفِّ الثَّمَنَ إلَى بَائِعِهِ الثَّانِي فَهَلْ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَبْقِ حَقِّهِ أَوْ الثَّانِي لِقُرْبِ حَقِّهِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ وَيُضَارِبُ كُلٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ، رَجَّحَ مِنْهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُمَا، وَالِاسْتِيلَادُ كَالْكِتَابَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مِنْ الرُّجُوعِ لَعَلَّهُ غَلَطٌ مِنْ نَاقِلِهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الِاسْتِيلَادِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ مَقْبُوضٍ وَجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا مُعَلَّقًا بِالرَّقَبَةِ، فَلَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ جَازَ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَا أَدْفَعُ إلَيْك حَقَّك وَآخُذُ عَيْنَ مَالِي فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ طَرْدُهُمَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ صَيْدًا وَالْبَائِعُ مُحْرِمٌ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِتَمَلُّكِهِ حِينَئِذٍ
وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِهِ لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فَاقْتَضَتْ جَوَازَ رُجُوعِهِ إذَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَبِعْ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) وَقَدْ عَلِمَ التَّقْيِيدَ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَفِي الْأُولَى: أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ لِوَلَدِهِ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةِ) أَيْ مِمَّا بَعْدَ الْقَرْضِ وَهِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ أَفْلَسَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيلَادُ) أَيْ الْحَاصِلُ قَبْلَ الْحَجْرِ، أَمَّا الْحَاصِلُ بَعْدَهُ فَلَا يَنْفُذُ كَمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ غَلَطٌ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْمَنْعِ) أَقُولُ: تَرْجِيحُ الْمَنْعِ هُنَا لَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَوْ قَدَّمُوا الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي دَفْعِ الْبَائِعِ مِنْهُ قَوِيَّةً وَتَقْدِيمُ الْغُرَمَاءِ لَا مِنَّةَ فِيهِ أَوْ فِيهِ مِنَّةٌ ضَعِيفَةٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَالِ الْمُقَدَّمِ مِنْهُ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْبَائِعُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبِعْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) يَعْنِي مَسَائِلَ الْقَرْضِ وَالْخِيَارِ وَالْهِبَةِ لِلْوَلَدِ بِقَرِينَةِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ وَسَكَتَ عَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ) أَيْ: وَإِلَّا فَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَفَهِمَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِلَّا فَالرُّجُوعُ فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ؛ وَلِهَذَا تَكَلَّفَ فِي مُرَادِ الشَّارِحِ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ بِمَا هُوَ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا يَأْبَاهُ السِّيَاقُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَضِيَّةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ كَقَوْلِكَ إنْ كَانَ الْإِنْسَانُ نَاطِقًا فَالْحِمَارُ نَاهِقٌ؛ إذْ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ثَابِتٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخِيَارُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُشْتَرِي أَمْ لِغَيْرِهِ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ) يَعْنِي الْمَبِيعَ
وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ قِيَاسُ الْفِقْهِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ كَافِرٌ رَجَعَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مِنْ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ قُرْبُ زَوَالِ الْمَانِعِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذِهِ، وَأَيْضًا فَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا.
بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الرُّجُوعِ (وَلَا يَمْنَعُ) الرُّجُوعُ (التَّزْوِيجَ) وَلَا التَّدْبِيرَ وَلَا تَعْلِيقَ الْعِتْقِ وَلَا الْإِجَارَةَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ إنْ شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ وَأَفْرَدَ التَّزْوِيجَ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعُيُوبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي لِعَدَمِ مَجِيءِ مَا سَيُفَصِّلُهُ فِيهَا مِنْ حُصُولِهِ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شُرُوطَ الرُّجُوعِ تِسْعَةٌ: أَوَّلُهَا كَوْنُهُ فِي مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ كَبَيْعٍ
ثَانِيهَا رُجُوعُهُ عَقِبَ عِلْمِهِ بِالْحَجْرِ.
ثَالِثُهَا كَوْنُ رُجُوعِهِ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ كَمَا مَرَّ.
رَابِعُهَا كَوْنُ عِوَضِهِ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَلَوْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِمَا يُقَابِلُ الْبَاقِي.
خَامِسُهَا تَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ بِسَبَبِ الْإِفْلَاسِ.
سَادِسُهَا كَوْنُ الْعِوَضِ دَيْنًا فَلَوْ كَانَ عَيْنًا قُدِّمَ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ.
سَابِعُهَا حُلُولُ الدَّيْنِ.
ثَامِنُهَا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ.
تَاسِعُهَا عَدَمُ تَعَلُّقٍ حَتَّى لَازَمَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ حَتَّى أَفْلَسَ مُشْتَرِي الشِّقْصِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ لَا الْبَائِعُ لِسَبْقِ حَقِّهِ، وَثَمَنُهُ لِلْغُرَمَاءِ كُلِّهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ
(وَلَوْ)(تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِأَنْ حَصَلَ فِيهِ نَقْصٌ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ حِسِّيًّا كَسُقُوطِ يَدٍ أَمْ لَا كَنِسْيَانِ حِرْفَةٍ (أَخَذَهُ) الْبَائِعُ (نَاقِصًا أَوْ ضَارَبَ) الْغُرَمَاءَ (بِالثَّمَنِ) كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَخْذَهُ نَاقِصًا أَوْ تَرْكَهُ، وَكَالْأَبِ إذَا رَجَعَ فِي الْمَوْهُوبِ لِوَلَدِهِ وَقَدْ نَقَصَ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَا ضُمِنَ كُلُّهُ ضُمِنَ بَعْضُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ فِي الزَّكَاةِ إذَا وَجَدَهَا تَالِفَةً يَضْمَنُهَا أَوْ نَاقِصَةً يَأْخُذُهَا بِلَا أَرْشٍ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَالْمُفْلِسِ، وَقَدْ يَضْمَنُ الْبَعْضَ وَلَا يَضْمَنُ الْكُلَّ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ جَنَى عَلَى مُكَاتَبِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ قَطَعَ عِوَضَهُ ضَمِنَهُ (أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ) تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ الْبَائِعِ) بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُضَارِبُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ) إلَيْهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي زَمَنِ إحْرَامِ الْبَائِعِ نَفَذَ بَيْعُهُ وَالْأَصْلُ فِيمَا يَنْفُذُ مِنْ الْقَاضِي جَوَازُهُ، وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ فَسْخَ بَيْعِ الْقَاضِي لَمْ يَنْفُذْ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ فَسْخِ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَنُفُوذِهِ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ جَوَازُ الْفَسْخِ بِالْحَجْرِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ فَسْخُهُ لِلْإِحْرَامِ وَقَدْ زَالَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مُنِعَ الشَّفِيعُ مِنْ الْأَخْذِ لِعَارِضٍ ثُمَّ زَالَ بَعْدَ تَصَرُّفِ الشَّرِيكِ الْحَادِثِ وَهُوَ لَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ الْإِحْرَامُ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: الْفِقْهِ) أَيْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَزُولُ) أَيْ الْمِلْكُ
(قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْبَائِعُ
(قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ بِاخْتِيَارِهِ
(قَوْلُهُ: لِسَبْقِ حَقِّهِ) أَيْ الشَّفِيعِ
(قَوْلُهُ: نَاقِصًا) أَيْ بِلَا أَرْشٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَارَبَ) أَيْ شَارَكَ الْغُرَمَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا وَجَدَهَا) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهَا) أَيْ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ: حَدَثَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْآخِذِ
(قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْجَانِي بَائِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: سَادِسُهَا كَوْنُ الْعِوَضِ دَيْنًا) يَعْنِي: الثَّمَنَ: أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَيْنًا بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ الْمُفْلِسُ هَذَا الْعَبْدَ بِهَذَا الثَّوْبِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ بِالثَّوْبِ عَلَى الْغُرَمَاءِ
. (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا وَالْمُفْلِسُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ يُؤَدِّي الْحَالُ إلَى التَّقَاصِّ وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم
مِائَةً وَمَعِيبًا تِسْعِينَ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَا تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ كَحَرْبِيٍّ فَجِنَايَتُهُ كَالْآفَةِ وَكَذَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَآفَةٍ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ طَرِيقَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي.
(وَلَوْ) تَلِفَ مَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ كَأَنْ (تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ) مَثَلًا الْمَبِيعَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً (ثُمَّ أَفْلَسَ) وَحُجِرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ (أَخَذَ الْبَاقِيَ وَضَارَبَ بِحِصَّةِ التَّالِفِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ لَوْ كَانَا بَاقِيَيْنِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي أَحَدِهِمَا مُكِّنَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَفْلَسَ بِقَيْدٍ، فَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ فَلَسِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (فَلَوْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ؛ لِأَنَّ الْإِفْلَاسَ عَيْبٌ يَعُودُ بِهِ كُلُّ الْعَيْنِ فَجَازَ أَنْ يَعُودَ بِهِ بَعْضُهَا، كَالْفُرْقَةِ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَعُودُ بِهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ إلَى الزَّوْجِ تَارَةً وَبَعْضُهُ أُخْرَى (فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ) وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَأْخُوذِ كَمَا لَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ وَأَخَذَ خَمْسِينَ وَتَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ كَانَ الْبَاقِي مَرْهُونًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ (وَفِي قَوْلٍ) مُخَرَّجٍ (يَأْخُذُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ) وَهُوَ رُبْعُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ التَّالِفِ وَنِصْفِ الْبَاقِي، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ وَالْقَدِيمُ لَا يَرْجِعُ بِهِ بَلْ يُضَارِبُ بِبَاقِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «وَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالتَّلَفِ فَإِنَّهُ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْمَبِيعِ شَيْءٌ جَرَى الْقَوْلَانِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ يَرْجِعُ فِي الْمَبِيعِ بِقِسْطِ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ قَبَضَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي النِّصْفِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَعَلَى الْقَدِيمِ يُضَارِبُ
(وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسَمْنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) وَكِبَرِ شَجَرَةٍ وَثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فِي يَدِهِ (فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لَهَا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ بَعْدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالسَّمْنِ بِجَامِعِ أَنْ لَا صُنْعَ لِلْمُفْلِسِ فِيهِمَا
وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا تَعَلَّمَ بِوَاسِطَةِ الْمُفْلِسِ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ الْمَبِيعَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَانَ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ الزِّيَادَةِ، وَعِبَارَتُهُمَا تُصَرِّحُ بِهَذَا الْجَمْعِ فَإِنَّهُمَا عَبَّرَا هُنَا بِالتَّعَلُّمِ مَصْدَرِ تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَثَمَّ بِالتَّعَلُّمِ مَصْدَرِ عَلَّمَهُ غَيْرُهُ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ إلَّا فِي الصَّدَاقِ فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الزَّائِدِ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لِلْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْبَيْعِ كَأَنْ زَرَعَ الْحَبَّ فَنَبَتَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْأَصَحُّ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ أَخَذَ الْبَاقِيَ) أَيْ جَوَازًا اهـ سم
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَكَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ لَهُ اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ
(قَوْلُهُ: إلَى الزَّوْجِ تَارَةً) أَيْ فِيمَا لَوْ فُسِخَتْ بِعَيْبِهِ أَوْ فُسِخَ بِعَيْبِهَا
(قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الْبَاقِي بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَفِي التَّالِفِ بِأَقَلِّهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) فَاعِلُ وَرَدَ
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ فِي التَّعَلُّمِ فَقَطْ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ الْجَمْعُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ التَّعَلُّمِ وَالتَّسْمِينِ
(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ) أَيْ الْعَقْدَ لَمْ يُوجَدْ: أَيْ وَفِي الصَّدَاقِ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَإِنَّمَا قَطَعَهُ بِالطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ أَوْ يُقْلَعُ حَالًا أَوْ يَبْقَى بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلشَّأْنِ
. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) يَعْنِي: فِي الصَّنْعَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ) يَعْنِي: مَا يَأْتِي مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الشَّرِكَةُ وَإِنْ
وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنْ لَا يَفُوزَ الْبَائِعُ بِالزِّيَادَةِ فَاعْلَمْهُ (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْوَلَدِ) الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ (لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَتْبَعُ الشَّجَرَ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَأْبِيرُ الْكُلِّ، فَلَوْ تَأَبَّرَ الْبَعْضُ كَانَ الْكُلُّ لِلْمُفْلِسِ أَيْضًا وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ؛ لِأَنَّ الِانْفِصَالَ ثَمَّ حِسِّيٌّ كَالِاتِّصَالِ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يُنْظَرْ إلَى أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ كَمَحْمَلٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ وَضَعَتْ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَ الْبَائِعُ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قِيَاسُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي نَظِيرِهَا سَوَاءٌ أَبَقِيَ الْمَوْلُودُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْحُدُوثِ وَالِانْفِصَالِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا فِي وَاحِدٍ، وَتَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَا شَاكَلَهُ عَلَى انْفِصَالِ الْبَاقِي لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ، فَتَرْجِيحُ الشَّيْخِ أَنَّهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَضَعْ شَيْئًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُؤَبَّرَةِ ثَمَرَةُ النَّخْلِ، وَأَمَّا ثَمَرَةُ غَيْرِهِ فَمَا لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَا يَدْخُلُ كَغَيْرِهَا، فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالنَّبْقِ وَالْحِنَّاءِ وَالْآسِ إنْ خَرَجَ، وَالْوَرْدُ الْأَحْمَرُ إنْ تَفَتَّحَ وَالْيَاسَمِينُ وَالتِّينُ وَالْعِنَبُ، وَمَا أَشْبَهَهُ إنْ انْعَقَدَ وَتَنَاثَرَ نُورُهُ وَالرُّمَّانُ وَالْجَوْزُ إنْ ظَهَرَ مُؤَبَّرَةٌ وَإِلَّا فَلَا، فَمَا لَا يَظْهَرُ حَالَةَ الشِّرَاءِ وَكَانَ كَالْمُؤَبَّرَةِ حَالَةَ الرُّجُوعِ بَقِيَ لِلْمُفْلِسِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ رَجَعَ فِيهِ (وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ) دُونَهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْمَبِيعِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَدُ الْأَمَةِ (صَغِيرًا) لَمْ يُمَيِّزْ (وَبَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ (الْبَائِعُ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ) لِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ، وَمَالُ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ فَأُجِيبَ الْبَائِعُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي تَمَلُّكِ الْمُعِيرِ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ هَذَا الْعَقْدِ لِلرُّجُوعِ، فَلَا يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ قَبْلُ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إذْ هُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْهَا (فَيُبَاعَانِ) مَعًا (وَتُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ) مِنْ الثَّمَنِ وَحِصَّةُ الْوَلَدِ لِلْغُرَمَاءِ فِرَارًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ وَفِيهِ إيصَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْسِيطِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنْ تُقَوَّمَ الْأُمُّ ذَاتَ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ بِهِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الرُّجُوعُ فِيهَا نَاقِصَةً ثُمَّ يُقَوَّمُ الْوَلَدُ وَيُضَمُّ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا إلَى قِيمَةِ الْآخَرِ وَيُقْسَمُ عَلَيْهِمَا (وَقِيلَ لَا رُجُوعَ) إذْ لَمْ يَبْذُلْ الْقِيمَةَ بَلْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِحَقٍّ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا دَفَعَ أُجْرَتَهَا مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَفُوزَ الْبَائِعُ) أَيْ بَلْ يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي، وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمُشَارَكَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَبِيعُ حَبًّا ثُمَّ زَرْعًا، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصِّبْغِ
(قَوْلُهُ: الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَ كُلٌّ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْحَمْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِيهِمَا
(قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهَا) أَيْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ) أَيْ التُّوتِ الْأَحْمَرِ، وَالْمُرَادُ هُنَا وَرَقُ التُّوتِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ) أَيْ خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: حَذَرًا) عِلَّةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بِعَقْدٍ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَوَّمُ الْوَلَدُ) أَيْ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا
(قَوْلُهُ: وَيَضُمُّ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ التَّقْسِيطِ هُنَا مِثْلُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيمَا لَوْ رَهَنَ الْأُمَّ دُونَ وَلَدِهَا، وَالْأَصَحُّ ثُمَّ أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْأُمُّ وَحْدَهَا ثُمَّ مَعَ الْوَلَدِ فَالزَّائِدُ قِيمَتُهُ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَمْ يُعَبَّرْ عَنْهَا بِالْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ حَيْثُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالنَّبْقِ وَالْحِنَّاءِ وَالْآسِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي مَرَّ لَهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ تَرْجِيحُ دُخُولِ الْأَرْبَعَةِ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ قَبْلُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ
يُضَارِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ إلَى الْبَيْعِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ قَلَاقَةٌ، وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْذُلْ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُبَاعُ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ مَعًا وَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ إلَى الْمُفْلِسِ وَمَا يَخُصُّ الْأُمَّ لِلْبَائِعِ.
وَالثَّانِي لَا يُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ بَلْ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الرُّجُوعِ وَيُضَارِبُ بِالثَّمَنِ (وَلَوْ)(كَانَتْ) الدَّابَّةُ الْمَبِيعَةُ (حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ أَوْ عَكْسَهُ) بِالنَّصْبِ: أَيْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرُّجُوعِ بِأَنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَهُ (فَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الرُّجُوعِ إلَى الْوَلَدِ) وَجْهُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى كَوْنُ الْحَمْلِ تَابِعًا فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَالْحَمْلُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيَرْجِعُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ.
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ لَا بَعْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِنَّمَا رُجِّحَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ ضَعِيفٌ، بِخِلَافِ الْفَسْخِ لِنَقْلِهِ الْمِلْكَ وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَا نَشَأَ مِنْ جِهَةِ الْمُفْلِسِ فَلَمْ تُرَاعَ جِهَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ.
وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَالْخِلَافُ فِيهَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِ الْحَمْلِ يُعْلَمُ فَكَأَنَّهُ بَاعَ عَيْنَيْنِ فَيَرْجِعُ فِيهِمَا أَوْ لَا يَعْلَمُ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَصَحُّ الْعِلْمَ كَانَ الْأَصَحُّ الرُّجُوعَ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَهُمَا رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا قَطْعًا، وَلَوْ حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَانْفَصَلَ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَبِذَلِكَ تَكْمُلُ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ
(وَاسْتِتَارُ الثَّمَرِ بِكِمَامِهِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ (وَظُهُورُهُ بِالتَّأْبِيرِ) أَيْ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ (قَرِيبٌ مِنْ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النَّخْلِ الْمَبِيعَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ كَالْحَمْلِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى الرُّجُوعُ إلَيْهَا عَنْ الرَّاجِحِ (وَ) هِيَ (أَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ) إلَيْهَا مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مَوْثُوقٌ بِهَا بِخِلَافِهِ، وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا، وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ دَافِعًا بِهِ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ أَوْلَى بِعَدَمِ تَعَدِّي الرُّجُوعِ، وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا جَزْمًا، وَلَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَكَانَتْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الرُّجُوعِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَتَى رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ فَلِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ تَرْكُهُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ
(وَلَوْ)(غَرَسَ) الْمُشْتَرِي (الْأَرْضَ) الْمَبِيعَةَ (أَوْ بَنَى) فِيهَا ثُمَّ أَفْلَسَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيْنَ مَا هُنَا وَثُمَّ حَيْثُ جَزَمَ هُنَا بِنَظِيرِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ هُنَاكَ، وَسَوَّى حَجّ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ قَلَاقَةٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ امْتِنَاعَ الرُّجُوعِ، وَإِنْ بَذَلَ الْقِيمَةَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَمَعْنَاهَا: أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) أَيْ أَوْ الرَّفْعِ أَيْ أَوْ حَصَلَ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) هِيَ صُورَةُ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) وَهِيَ كَوْنُهَا حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ وَعَكْسُهُ وَحَامِلًا فِيهِمَا وَلَيْسَتْ حَامِلًا فِي حَالَةٍ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ: أَيْ تَشَقُّقِ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَلَا فَالتَّأْبِيرُ التَّشْقِيقُ كَمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: الْمَبِيعَةَ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ فِي الْجَمِيعِ، فَلَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَرَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ جَازَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَيَصِيرُ كُلُّهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ وَيَمْتَنِعُ الْقَلْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ مَاءِ غَيْرِهِ عَنْ مِلْكِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَفْظِ قَبْلُ. (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ إلَخْ) وَحَقُّ الْعِبَارَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَرُجُوعُ الْوَلَدِ لَمْ يَنْشَأْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَلَا الْفَرْعِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ: لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّنَاوُلِ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ) أَيْ: لِلْمُفْلِسِ
وَحُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ وَفَاءِ الثَّمَنِ وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الْأَرْضِ (فَإِنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (فَعَلُوا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ وَتَجِبُ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ إنْ نَقَصَتْ بِالْقَلْعِ وَتَقَدَّمَ الْبَائِعُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ وَإِصْلَاحِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ بِأَرْشِ مَبِيعٍ وَجَدَهُ نَاقِصًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَدَثَ بَعْدَ الرُّجُوعِ (وَأَخَذَهَا) يَعْنِي الْبَائِعَ بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُهُمْ بِأَخْذِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ سُلِّمَ لَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يُقْلَعَ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعُمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ رُجُوعِهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَلْعِ (لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهِ لِوَضْعِ الْمُشْتَرِي لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِحَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا (بَلْ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (أَنْ) يُضَارِبَ بِالثَّمَنِ، وَلَهُ أَنْ (يَرْجِعَ) فِي الْأَرْضِ ذِكْرُهُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (وَ) حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ أَنْ (يَتَمَلَّكَ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلْحَاكِمِ لِيَفْعَلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا يَخُصُّ النِّصْفَ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَلْعِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَحَيْثُ جُعِلَتْ الْخِبْرَةُ لَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ بِرَفْعِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ هَذَا إذَا كَانَ عَامًّا فِي الْأَرْضِ، فَلَوْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ وَقُسِمَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ فَإِنْ آلَ لِلْمُفْلِسِ مِنْ الْأَرْضِ مَا فِيهِ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ بِيعَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ الْآنَ، وَإِنْ آلَ لِلْبَائِعِ مَا فِيهِ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْحَاصِلُ فِيمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى الْقَلْعِ فَذَاكَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَمِثْلُ الْمَبِيعَةِ الْمُؤَجَّرَةُ لَهُ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ثُمَّ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ فَسَخَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ضَارَبَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا مُضَارَبَةَ لِسُقُوطِ الْأُجْرَةِ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَحُجِرَ عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ بِأَنْ تَأَخَّرَ بَيْعُ مَالِ الْمُفْلِسِ وَعُذِرَ الْبَائِعُ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ أَوْ وَقَعَ بَيْعُهُ بَعْدَ حَجْرٍ جَهِلَهُ فَغَرَسَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَنَى ثُمَّ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْحَجْرِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ: فَعَلُوا) أَيْ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ) أَيْ بِإِعَادَةِ تُرَابِهَا فَقَطْ، ثُمَّ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ التَّسْوِيَةُ بِالتُّرَابِ الْمُعَادِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَزِمَ الْمُفْلِسَ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْبَائِعُ بِهِ) أَيْ الْأَرْشِ
(قَوْلُهُ: لِتَخْلِيصِ مَالِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: وَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ نَقْصَ صِفَةٍ بِأَنْ نَقَصَ شَيْئًا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ يَدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَدَثَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الرُّجُوعِ لَا أَرْشَ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، لَكِنْ قَالَ ع: قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَرْشُ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ قَبْلَ الرُّجُوعِ نَقْصٌ حَصَلَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا سَبَقَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ حَصَلَ النَّقْصُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ بِأَنَّ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْحَجْرِ حَاصِلٌ قَبْلَ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَكَانَ كَالْآفَةِ وَمَا هُنَا بَعْدَ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَكَانَ كَالْحَاصِلِ بَعْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: يَعْنِي الْبَائِعَ بِرُجُوعِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي) أَيْ يُسْتَحَبُّ اهـ سم.
وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ إلَخْ وُجُوبُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذِكْرُهُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَأَمَّلُ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا سَبَقَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَمَلَّكَ الْغِرَاسَ) أَيْ بِعَقْدٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ طب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَالْعَقْدُ الْمَذْكُورُ إمَّا مِنْ الْقَاضِي أَوْ مِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ: بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشِّهَابِ سم: أَيْ بِآفَةٍ.
قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا حَدَثَ النَّقْصُ قَبْلَ الرُّجُوعِ بِأَنْ نُقِلَ قَبْلَ الرُّجُوعِ اهـ.
قُلْت وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ بَعْدَ الرُّجُوعِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَلَّكَ إلَخْ)
بِقِيمَتِهِ) أَيْ لَهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ مُبَيِّنًا بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُمَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلَا عَكْسَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَرْشِ (وَلَهُ) بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ (أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ، وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَأُجِيبَ الْبَائِعُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا عَمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِلَا أُجْرَةٍ لِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ وَالرُّجُوعُ إنَّمَا شُرِعَ
لِدَفْعِ الضَّرَرِ
وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُكِّنَ، وَاسْتِشْكَالُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فَوْرِيٌّ يُرَدُّ بِأَنَّ تَخْيِيرَهُ كَمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اغْتِفَارَ نَوْعِ تَرَوٍّ لَهُ لِمَصْلَحَةِ الرُّجُوعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ اخْتِيَارِ شَيْءٍ وَعَوْدِهِ لِغَيْرِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ دُونَ الصَّبْغِ وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا مَعَهُ بِالصَّبْغِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصَّبْغَ كَالصِّفَةِ التَّابِعَةِ لِلثَّوْبِ
(وَلَوْ)(كَانَ الْمَبِيعُ) لَهُ مِثْلِيًّا كَأَنْ كَانَ (حِنْطَةً فَخَلَطَهَا) الْمُشْتَرِي (بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا) قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ) وَيَكُونُ فِي الدُّونِ مُسَامَحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْبَيْعِ وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ كَمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ، هَذَا إذَا خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَالِكِ بِإِذْنِ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ، عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَلْ يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَوْ يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ؟ وَعَلَى كُلٍّ إذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُنْقَضُ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ يُنْقَضُ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) ظَاهِرُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى يَعْرِفَ قَدْرَهَا ثُمَّ يَذْكُرَ فِي الْعَقْدِ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا بِقِيمَتِهِ وَيَعْرِضُ عَلَى أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ لِيَعْلَمَ قَدْرَهَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ هُنَا لِلْمُبَادَرَةِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَوْ غَرَسَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ مِرَارًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الشَّتْلِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَنْمُو إلَّا إذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ إذَا بَلَغَ إلَى قَدْرٍ مَخْصُوصٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ كَنُمُوِّ الْمَنْقُولِ، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَصْلًا بَعْدَ أَوَانِ الْحَصَادِ فَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ لِصِدْقِ الْغِرَاسِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ) أَيْ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَلِأَمَدٍ يُنْتَظَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ كَعُرُوضِ بَرْدٍ وَأَكْلِ جَرَادٍ تَأَخَّرَ بِهِ عَنْ إدْرَاكِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ أَوْ قَصَّرَ فِي التَّأْخِيرِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ لِلْبَائِعِ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ عُرُوضَ مِثْلِ ذَلِكَ نَادِرٌ وَالْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ التَّأْخِيرِ مُقَصِّرٌ بِهِ فَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفُوا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَإِنْ اتَّفَقُوا إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ أُجِيبَ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالرُّجُوعِ تَصِيرُ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ، وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فَيَطْلُبُ قَدْرَ مَا تَخُصُّهُ مِنْ الْقَاضِي فَيُفْرِزُهُ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْبَيْعِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ كَمَا يَأْتِي فَالْوَاجِبُ مَعَ الرُّجُوعِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ بَلْ الثَّلَاثَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَهُ أَنْ يُقْلِعَهُ إلَخْ
.
فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَارَبَ الْبَائِعُ بِنَقْصِ الْخَلْطِ كَمَا فِي الْعَيْبِ.
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَنَاقَضَ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَالْخَلْطِ هَلَاكٌ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَفَرْقُ غَيْرِهِ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُثْبِتْ الشَّرِكَةَ هُنَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْبَائِعِ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمُضَارَبَةِ بِهِ، وَفِي الْغَصْبِ يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ (أَوْ) خَلَطَهَا (بِأَجْوَدَ) مِنْهَا (فَلَا رُجُوعَ) فِي الْمَخْلُوطِ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يُضَارِبُ بِالثَّمَنِ فَقَطْ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ بِمَا ذُكِرَ، نَعَمْ إنْ قَلَّ الْأَجْوَدُ بِحَيْثُ لَا تَظْهَرُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِسِّ وَيَقَعُ مِثْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ.
قَالَ الْإِمَامُ: فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ وَيُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ فَلَا رُجُوعَ لِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمَاثُلِ فَهُوَ كَالتَّالِفِ
(وَلَوْ)(طَحَنَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ (أَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ) الْمَبِيعَ لَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِمَا فَعَلَهُ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ (وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (يُبَاعُ) وَيَصِيرُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَضِيعَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ) بِالْعَمَلِ، (فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) خَمْسَةً وَبَلَغَ بِالْقِصَارَةِ سِتَّةً فَلِلْمُشْتَرِي سُدُسُ الثَّمَنِ وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الْمَبِيعِ لِنَفْسِهِ وَإِعْطَاءُ الْمُفْلِسِ حِصَّةَ الزِّيَادَةِ كَمَا صَحَّحَاهُ وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا كَمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَيُجْبَرُ هُوَ وَغُرَمَاؤُهُ عَلَى قَبُولِهَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُ تُبَاعُ إمَّا لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ.
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُفْلِسَ وَغُرَمَاءَهُ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَبْذُلُوا لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَالثَّانِي لَا شَرِكَةَ لِلْمُفْلِسِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَالتَّعَهُّدِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِنِسْبَةِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ لَهُ بِخِلَافِ السِّمَنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ فَإِنَّ الْعَلَفَ وَالسَّقْيَ يُوجَدَانِ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ وَالْكِبَرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُشْتَرِيًا كَانَ أَوْ بَائِعًا
(قَوْلُهُ: فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَوْ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ خَالَطَهُ تَعَدَّى بِهِ: أَيْ فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ لِلْغُرَمَاءِ حَالًا، ثُمَّ إنْ رَجَعَ فِي الْعَيْنِ بَعْدَ الْحَجْرِ ضَارَبَهُ بِمَا غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا ضَارَبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مَا لَوْ خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ خَلَطَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَلَطَهَا أَجْنَبِيٌّ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ لَهُ الرُّجُوعُ لَأَضَرَّ بِالْمُفْلِسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ) أَيْ إنْ أَخَذَ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَإِنْ أَخَذَ دُونَهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَهُوَ رِبًا؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ النَّوْعِ وَهُوَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِبْدَالِ وَهُوَ عَقْدٌ وَالْإِجْبَارُ عَلَى بَيْعِ الْكُلِّ وَالتَّوْزِيعُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ بَعِيدٌ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ اهـ حَجّ بِتَصَرُّفٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَلَطُ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ خَرَجَتْ بِقَوْلِ الْمَتْنِ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالتَّالِفِ) أَيْ فَيُضَارِبُ
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَضِيعُ بِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْمُضَارَبَةِ
(قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الْحِنْطَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا طُحِنَتْ وَحْدَهَا أَوْ خُلِطَتْ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ إنْسَانًا اشْتَرَى سُكَّرًا مُعَيَّنًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ ثُمَّ أَخَذَ بَعْضَهُ وَخَلَطَهُ بِسُكَّرٍ آخَرَ ثُمَّ طُبِخَ الْمَخْلُوطُ جَمِيعُهُ فَصَارَ بَعْضُهُ سُكَّرًا وَبَعْضُهُ عَسَلًا ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالثَّمَنُ بَاقٍ بِذِمَّتِهِ، وَهُوَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ السُّكَّرِ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ، وَمَا خَلَطَهُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالطَّبْخِ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ زَادَتْ فَوَارِثُ الْمُشْتَرِي شَرِيكٌ فِيمَا يَخُصُّ الْبَائِعَ بِالزِّيَادَةِ كَقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَزِيَادَةِ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا) بِأَنْ فُرِضَتْ الزِّيَادَةُ غَيْرَ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ كَالصِّبْغِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيُجْبَرُ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ عَلَى قَبُولِهَا: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرِيدُوا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا) أَيْ: فِي غَيْرِ صُورَتَيْ الْمَتْنِ، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُ الطَّحْنِ وَالْقَصْرِ، فَكَلَامُ
فَكَانَ الْأَثَرُ فِيهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ بَلْ مَحْضُ صُنْعِهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَكْبِيرِ الشَّجَرَةِ وَتَسْمِينِ الدَّابَّةِ، بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، وَأَشَارَ بِالطَّحْنِ وَالْقَصْرِ إلَى ضَابِطِ صُوَرِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ صُنْعُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ فِيهِ أَثَرٌ كَخَبْزِ الدَّقِيقِ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَضَرْبِ لَبَنٍ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ وَتَعْلِيمِ الرَّقِيقِ الْقُرْآنَ أَوْ حِرْفَةً، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الظُّهُورُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدَّابَّةِ وَسِيَاسَتَهَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أَثَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ (وَلَوْ)(صَبَغَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (بِصَبْغِهِ) ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَدْرَ قِيمَةِ الصَّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَبْلَ الصَّبْغِ أَرْبَعَةً وَالصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ بَعْدَ الصَّبْغِ يُسَاوِي سِتَّةً (رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ) فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ، فَلَوْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ، وَهَكَذَا فِي صُورَتَيْ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، فَإِذَا سَاوَى الثَّوْبُ قَبْلَ نَحْوِ الصَّبْغِ خَمْسَةً وَارْتَفَعَ سُوقُهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً وَبِنَحْوِ الصَّبْغِ سَبْعَةً فَلِلْمُفْلِسِ سُبْعٌ، فَإِنْ سَاوَى مَصْبُوغًا سَبْعَةً دُونَ ارْتِفَاعِ سُوقِهِ كَانَ لَهُ سُبْعَانِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ، وَسِعْرُ الثَّوْبِ بِحَالِهِ كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ تَتَفَرَّقُ وَتَنْقُصُ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ فَيُبَاعُ وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ خُمُسُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الثَّوْبُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (أَوْ) زَادَتْ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ تُسَاوِي فِي مِثَالِنَا ثَمَانِيَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ) كُلَّهَا (لِلْمُفْلِسِ) ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَلَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ كَالسِّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ رُبْعُهُ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ (وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصَّبْغَ) وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَلْعَ الصِّبْغِ، وَإِلَّا فَلَهُمْ ذَلِكَ وَغَرَامَةُ أَرْشِ نَقْصِ الثَّوْبِ إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ) وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَهُ وَدَفْعَ الزِّيَادَةِ لِلْمُفْلِسِ لَمْ يُمَكَّنْ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُرِيدَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الثَّوْبِ بِلَا بَذْلِ مُقَابِلٍ لِلْقِصَارَةِ وَيُرِيدُ جَعْلَ الثَّوْبِ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِنِسْبَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَخْذَ الزِّيَادَةِ وَبَذْلَ الزِّيَادَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ، هَذَا وَفِي التَّصْوِيرِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ) أَيْ وَالْبَائِعُ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُفْلِسُ بِإِذْنِهِ مَعَ الْبَائِعِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ: وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ إلَخْ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا شَرِكَةٌ مُجَاوِرَةٌ لَا شُيُوعٌ، وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ) أَوْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ لَا بِسَبَبِهِمَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْقِصَارَةِ اهـ حَجّ وَفِي سم يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهِمَا اهـ.
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ارْتِفَاعَ السُّوقِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ، فَمَتَى زَادَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِهِمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اتَّفَقَ شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّيْخَيْنِ فِي مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاوَتْ الزِّيَادَةُ الصَّبْغَ وَلِمَا إذَا نَقَصَتْ عَنْهَا وَلِمَا إذَا زَادَتْ، فَقَوْلُهُ: بَعْدَ وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ إلَخْ هُوَ الصُّورَةُ الْوُسْطَى مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، فَالصُّورَةُ فِيهَا أَنَّهُ
فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِالْجَمِيعِ أَوْ اشْتَرَى الصَّبْغَ (وَالثَّوْبُ) مِنْ وَاحِدٍ وَصَبَغَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ بِصَبْغِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عَيْنُ حَقِّهِ (إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصَّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهَا أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصَّبْغِ) لِاسْتِهْلَاكِهِ كَمَا مَرَّ فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي الثَّوْبِ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَتْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُضَارِبْ بِالْبَاقِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ بَلْ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ (وَلَوْ)(اشْتَرَاهُمَا) أَيْ الثَّوْبَ وَالصَّبْغَ (مِنْ اثْنَيْنِ) الثَّوْبَ مِنْ وَاحِدٍ وَالصَّبْغَ مِنْ آخَرَ وَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ بَائِعَاهُ الرُّجُوعَ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ (مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصَّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ (فَصَاحِبُ الصَّبْغِ فَاقِدٌ) لَهُ يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ صَاحِبَهُ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ اشْتِرَاكًا) فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَيَأْتِي فِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ مَا مَرَّ (وَإِنْ زَادَتْ) وَلَمْ تَفِ بِقِيمَتِهِمَا فَالصَّبْغُ نَاقِصٌ فَإِنْ شَاءَ بَائِعُهُ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ أَوْ زَادَتْ (عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ جَمِيعًا (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) أَيْ الْبَائِعَيْنِ (بِالزِّيَادَةِ) عَلَى قِيمَتِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةً مَثَلًا وَالصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ لَهُمَا بِالرُّبُعِ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا بِنِسْبَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلِهِ مَعَ عَدَمِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ مَا يُقَابِلُهُ بَعْدَ بَيْعِ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْبَائِعِ فَتُصَدَّقُ جِهَتُهُ بِمَا لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْهُ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ لَوْ عَقَدَ هُوَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ لِلثَّوْبِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ) أَيْ الصِّبْغِ (قَوْلُهُ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ) أَيْ فَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الثَّوْبِ دُونَ الرُّجُوعِ
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِوَقْتِ اعْتِبَارِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَوْ الصِّبْغِ وَلَا بِوَقْتِ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا أَوْ النَّقْصِ عَنْهُمَا فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ، وَاَلَّذِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
حَصَلَتْ زِيَادَةٌ بِسَبَبِ الصَّبْغِ لَكِنْ نَقَصَ الْمَجْمُوعُ عَنْ مَجْمُوعِ قِيمَتَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ مُنْفَرِدَيْنِ كَمَا لَوْ صَارَ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ يُسَاوِي خَمْسَةً، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ أَوْ سَاوَتْ كَمَا لَوْ صَارَ يُسَاوِي ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعًا وَحُكْمُهُمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّبْغِ مِنْ أَصْلِهَا لَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ وَالثَّوْبُ لِبَائِعٍ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ يَكُونَا لِبَائِعٍ وَاحِدٍ أَوْ لِبَائِعَيْنِ، أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ مَرَّتْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَبَغَهُ بِصِبْغِهِ إلَخْ، وَمَرَّ لَهَا فِيمَا إذَا زَادَ الثَّوْبُ بِسَبَبِ الصَّبْغِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ هُنَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا إلَخْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَسَتَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحُكْمُ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَاحِدٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ اشْتَرَى الصَّبْغَ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ آخَرَ أَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُفْلِسِ، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَالصَّبْغُ مَفْقُودٌ يُضَارِبُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ زَادَتْ وَلَمْ تَفِ بِقِيمَتِهَا فَالصَّبْغُ نَاقِصٌ فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا إلَخْ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ صَاحِبَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِي الرُّجُوعِ فِيهِمَا كَمَا بِأَصْلِهِ انْتَهَتْ.
مَالَيْهِمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى قَلْعِ الصَّبْغِ وَغَرَامَةِ نَقْصِ الثَّوْبِ جَازَ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلِصَاحِبِ الصَّبْغِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُفْلِسُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ وَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ، وَلِمَالِكِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ مَعَ غُرْمِ نَقْصِ الصَّبْغِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْأُولَى وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخِيرَتَانِ، وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى ثَوْبٍ فَقَصَّرَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ وَحَبٍّ فَطَحَنَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ عَلَى الْمَقْصُورِ وَنَحْوِهِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ حَتَّى يَقْبِضَ أُجْرَتَهُ، كَمَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ وَنَحْوَهَا عَيْنٌ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ ضَارَبَ الْأَجِيرَ بِأُجْرَتِهِ، وَإِلَّا طَالَبَهُ بِهَا، وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ تُعْتَبَرُ عَلَى قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا الْقَطْعَ الْمَأْذُونَ فِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ لَا صَحِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ هُنَا وَبَيْنَ الْبَائِعِ حَيْثُ يُحْبَسُ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ أَنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْأَجِيرِ، وَأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لَمَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ كَانَ ضَعِيفًا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَمَتَى تَلِفَ الثَّوْبُ الْمَقْصُورُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ تَلَفِهِ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِ الْأَجِيرِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَظْهَرُ اعْتِبَارُ وَقْتِ الرُّجُوعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّقْوِيمِ لِيَعْرِفَ مَا لِلْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الثَّوْبِ حِينَئِذٍ خَلِيَّةً عَنْ نَحْوِ الصِّبْغِ وَقِيمَةُ نَحْوِ الصِّبْغِ بِهَا حِينَئِذٍ، وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ حِينَئِذٍ هَلْ هِيَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّالِفِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَفِي الْبَاقِي بِأَكْثَرِهِمَا بِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ فَوَاتُ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَوَاضِحٌ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَلِكَ أَوْ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ فَهُوَ فِي حُكْمِ عَيْنٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ حُكْمًا غَيْرَ الثَّوْبِ، وَمِنْهُ أَنَّهُ مَتَى سَاوَى شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِبَائِعِهِ إلَّا هُوَ وَإِنْ قَلَّ إنْ أَرَادَهُ وَإِلَّا ضَارَبَ بِقِيمَتِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ) أَيْ وَكُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ، بِخِلَافِ نَحْوِ نَقَّادٍ وَشَيَّالٍ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ لِصَاحِبِهِ وَيُطَالِبُهُ بِالْأُجْرَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَلَهُمَا وَضْعُهُ عِنْدَ غَيْرِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَصَّارِ حَبْسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا بِرِضَا مَالِكِهِ، وَعَلَيْهِ فَقِيَاسُهُ حَبْسُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ دُونَ صِفَتِهِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْبِسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ اسْتِدَامَةً لِيَدِهِ الْمُسْتَنِدَةِ لِمِلْكِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ جَوَازَ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: بِالْقِصَارَةِ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَالْخِيَاطَةِ لَا يُقَالُ: كَثِيرًا مَا يُشَاهَدُ أَنَّ الثَّوْبَ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ لَا يُسَاوِي إذَا بِيعَ قِيمَتَهُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ وَصْفٍ يَعْرِضُ لِلثَّوْبِ كَاسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْخِيَاطَةِ وَقَطْعُهُ لِأَجْلِهَا لَا يُورِثُ نَقْصًا، أَلَا تَرَى أَنَّ كَثِيرًا يَجْعَلُ حِرْفَتَهُ شِرَاءَ الْقُمَاشِ وَخِيَاطَتَهُ فَلَوْ كَانَتْ الْخِيَاطَةُ وَالْقَطْعُ لَهَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ لَمَا اتَّخَذُوهُ حِرْفَةً
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَتَلَفِ الْأَحْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى حَمْلِهَا إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ
(قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْأَجِيرُ) أَيْ وَلَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ إذْ لَا سَلَاطَةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي