الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعَلُّقِ زَوَالِ مَانِعِهَا بِاخْتِيَارِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ.
وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِ أُخْتِ الزَّوْجَةِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا يَحِلُّ قَرْضُهَا لِمُطَلِّقِهَا.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ حِلِّهَا لِقُرْبِ زَوَالِ مَانِعِهَا بِالتَّحْلِيلِ وَيَحْرُمُ قَرْضُ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ وَلَوْ لِنَحْوِ مَمْسُوحٍ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ خَوْفُ التَّمَتُّعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِخَوْفِ الْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ حِلِّ إقْرَاضِهَا لِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا حَرُمَتْ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِلَّا فَلَا مَحْذُورٌ بَعِيدٌ، إذْ الْمَحْذُورُ وَهُوَ وَطْؤُهَا ثُمَّ رَدُّهَا مَوْجُودٌ، وَتَحْرِيمُهَا عَلَى الْمُقْرِضِ أَمْرٌ آخَرُ لَا يُفِيدُ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، وَقَرْضُهَا لِخُنْثَى جَائِزٌ لِبُعْدِ اتِّضَاحِهِ، فَلَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَانَ بُطْلَانُ الْقَرْضِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَلَوْ اقْتَرَضَ الرَّجُلُ مُشْكِلًا لَمْ يَصِحَّ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ، وَالْقَوْلُ بِحِلِّهِ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهِ مَا دَامَ خُنْثَى خَطَأً كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ فِي نَوْعِهِ (لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَعِزُّ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ إذْ الْوَاجِبُ فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدُّ مِثْلِهِ صُورَةً.
وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالْبَيْعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ قَرْضِ الْخُبْزِ وَالْعَجِينِ وَلَوْ خَمِيرًا حَامِضًا لِلْحَاجَةِ وَالْمُسَامَحَةِ وَإِنْ صَحَّحَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ الْمَنْعَ وَيَرُدُّهُ وَزْنًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ عَدَدًا وَرَجَّحَهُ فِي الْكَافِي، وَمَنْ فَهِمَ اشْتِرَاطَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقَدْ أَبْعَدَ وَجُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ دَارٍ لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَطَلَاقِهِ لَهَا أَوْ مَوْتِهِ وَتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا بِإِذْنِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، وَغَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ قَبُولُ نِكَاحِهَا مِنْ وَلِيِّهَا إذَا أَوْجَبَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ) مُعْتَمَدُ الزِّيَادِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي التُّحْفَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: عَدَمُ حِلِّهَا) أَيْ عَدَمُ حِلِّ قَرْضِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِلِّ إقْرَاضِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْقَرْضِ بَلْ يُحْتَمَلُ جَوَازُ وَطْئِهَا، وَعَدَمُ جَوَازِهِ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّ الْمَانِعَ تَبَيَّنَ وُجُودُهُ هُنَا حَالَ الْقَرْضِ، بِخِلَافِ اقْتِرَاضِ الْمَجُوسِيَّةِ فَإِنَّ إسْلَامَهَا عَارِضٌ بَعْدَ الْقَرْضِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَرَضَ الرَّجُلُ) أَيْ أَوْ الْمَرْأَةُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. .
[مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ]
(قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ) وَمِنْهُ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُقْرَضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْبُرُّ الْمُخْتَلِطُ بِالشَّعِيرِ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ وَجَبَ عَلَى الْآخِذِ رَدُّ مِثْلِ كُلٍّ مِنْ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ خَالِصًا وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ صَدَقَ الْآخِذُ.
[تَنْبِيهٌ] إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ الشَّاةِ وَنِتَاجُهَا وَنَحْوُهُ كَالْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ فِي غُنْيَتِهِ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَالْأُخُوَّةُ وَنَحْوُهَا لَيْسَتْ مِنْهُ، فَلَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ وَاكْتَفَى فِي الرَّدِّ بِجَارِيَتَيْنِ مَثَلًا كَالْمُقْرَضَتَيْنِ فِي الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِأُخُوَّةٍ لَمْ يَبْعُدْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ شَامِلٌ لِلْمُمَاثَلَةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَمِنْهَا الْأُخُوَّةُ وَنَحْوُهَا وَاعْتِبَارُهَا فِي رَدِّ الْمِثْلِ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ) وَمِنْ ذَلِكَ قَرْضُ الْفِضَّةِ الْمَقَاصِيصِ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهَا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ مُطْلَقًا وَزْنًا أَوْ غَيْرَهُ لِتَفَاوُتِهَا فِي نَفْسِهَا كِبَرًا وَصِغَرًا وَإِنْ وَزَنَتْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَا وَفَعَلَا وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ إنَّهَا تُسَاوِي كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ (قَوْلُهُ جَوَازُ قَرْضِ الْخُبْزِ) أَيْ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَدَدًا) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّهُ عَدَدًا لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا بِالْكَيْلِ وَلَا عَكْسُهُ فَيَجِبُ رَدَّهُ لِدَافِعِهِ إنْ بَقِيَ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَيَسْتَرِدُّ بَدَلَ مَا أَقْرَضَهُ وَزْنًا (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَرْضِ خَمِيرَةِ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَيْهِ لِيَرُوبَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ لِاخْتِلَافِ حُمُوضَتِهَا الْمَقْصُودَةِ وَوَهَمَ مَنْ فَهِمَ اتِّحَادَهَا بِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرَضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ: أَيْ وَلَوْ مَآلًا لِئَلَّا يَرُدَّ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ لِيَرُدَّ مِثْلَهُ أَوْ صُورَتَهُ.
وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَتَجَافَ فِي الْمِكْيَالِ كَالسَّلَمِ (وَيَرُدُّ) حَتْمًا حَيْثُ لَا اسْتِبْدَالَ (الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ وَلَوْ فِي نَقْدٍ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فَشَمَلَ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ إقْرَاضِ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ ثُمَّ إبْطَالُهَا وَإِخْرَاجُ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَقْدًا (وَ) يَرُدُّ (فِي الْمُتَقَوِّمِ) وَيَأْتِي ضَابِطُهُمَا فِي الْغَصْبِ (الْمِثْلُ صُورَةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَمِنْ لَازِمِ اعْتِبَارِ الْمِثْلِيِّ الصُّورِيِّ اعْتِبَارُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُزَادُ الْقِيمَةُ بِهَا كَحِرْفَةِ الرَّقِيقِ وَفَرَاهِيَةِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ كُلَّهَا حَتَّى لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَيُصَدَّقُ الْمُقْتَرِضُ فِيهَا بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ فِي الْأَفْرَاحِ هَلْ يَكُونُ هِبَةً أَوْ قَرْضًا؟
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِيهِ السَّلَمُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عِزَّةُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَفَاوَتَتْ أَجْزَاؤُهَا وَكَانَتْ قِسْمَتُهَا تَحْتَاجُ إلَى رَدٍّ أَوْ تَعْدِيلٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ نُدْرَةُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ) وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ) لَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ التَّمْثِيلُ.
(قَوْلُهُ: لَا اسْتِبْدَالُ الْمِثْلِ) أَيْ أَمَّا مَعَ اسْتِبْدَالٍ كَأَنْ عَوَّضَهُ عَنْ بُرٍّ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبًا أَوْ دَرَاهِمَ فَلَا يَمْتَنِعُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ (قَوْلُهُ: اسْتَسْلَفَ بَكْرًا) هُوَ الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَرَدَ رُبَاعِيًّا وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ اهـ حَجّ: وَالثَّنِيُّ هُوَ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ اهـ زِيَادِيٌّ.
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: الْبَكْرُ مِنْ الْإِبِلِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الصَّغِيرُ كَالْغُلَامِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَلُوصٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَالْجَارِيَةِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَأَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ وَأَعْطَاهُ رَبَاعِيًّا بِتَخْفِيفِهَا، وَفِيهِ «إنَّ خِيَارَكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً» قَالُوا: مَعْنَاهُ ذُو الْمَحَاسِنِ سَمَّاهُمْ بِالصِّفَةِ، وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ مُحْسِنٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ أَحَاسِنُكُمْ جَمْعَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَفَرَاهِيَةُ الدَّابَّةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ الْحَاذِقُ، وَالْمَلِيحُ الْحَسَنُ، وَمِنْ الدَّوَابِّ الْجَيِّدُ السَّيْرِ (قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اعْتَبَرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةَ الْقِيمَةِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ عَبْدٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَاتِهِ فَهَلْ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ دَرَاهِمَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ يَرُدُّ مِثْلَهُ صُورَةً وَيَرُدُّ مَعَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ) أَيْ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ مَأْذُونِهِ.
أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ لِلشَّاعِرِ وَالْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا رُجُوعَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْفَرَحِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ سُكُوتُهُ عَلَى الْآخِذِ وَلَا وَضْعُهُ الصِّينِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ بِالْأَرْضِ وَأَخْذُ النُّقُوطِ وَهُوَ سَاكِتٌ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَنْزِيلِ مَا ذُكِرَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلرُّجُوعِ وَتَقَرَّرَ أَنَّ الْقَرْضَ الْحُكْمِيَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ النِّصْفَ شَائِعٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسَاوِيًا فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرِضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ كَعُمْرِ دَارِي كَمَا تُشْعِرُ بِهِ أَمْثِلَتُهُمْ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ الْحُكْمِيِّ وَفِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا أَوْ مُعَيَّنًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ طَعَامٍ) الَّذِي مَرَّ
أَطْلَقَ الثَّانِيَ جَمْعٌ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ.
قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي اهـ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ الرُّجُوعُ بِهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمِقْدَارِ وَالْبِلَادِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا اُعْتِيدَ وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ) يَرُدُّ (الْقِيمَةَ) يَوْمَ الْقَبْضِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَدَاءَ الْمُقْرَضِ كَأَدَاءِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي سَائِرِ مَا مَرَّ فِيهِ صِفَةً وَزَمَنًا وَمَحَلًّا (وَ) لَكِنْ (لَوْ)(ظَفِرَ) الْمُقْرِضُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُقْتَرِضِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ وَلِلنَّقْلِ) مِنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ (طَالَبَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ لِلْمُقْتَرِضِ إذْنُهُ فِي الصَّرْفِ مَعَ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ الْجِيرَانِ لِبَعْضٍ بِقَهْوَةٍ وَكَعْكٍ مَثَلًا، وَمِنْهُ أَيْضًا اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَالْقَهَاوِي وَدَفْعُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الثَّانِيَ) أَيْ قَرْضًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَكُونُ قَرْضًا حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إنْ قَالَ: خُذْهُ وَنَوَى الْقَرْضَ.
قَالَ حَجّ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي أَخٍ أَنْفَقَ عَلَى أَخِيهِ الرَّشِيدِ وَعِيَالِهِ سِنِينَ وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ أَخْذًا مِنْ الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ فِي مَسْأَلَة النُّقُوطِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَادَةِ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ وَعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ.
وَالْمَسَائِلُ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِالرُّجُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ مَعَ الْإِشْهَادِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ الْحَامِلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ أَوْ نَفَى حَمْلَ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَتَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ لِظَنِّهَا الْوُجُوبَ فَلَا تَبَرُّعَ، وَلَوْ عَجَّلَ حَيَوَانًا زَكَاةً ثُمَّ رَجَعَ بِسَبَبٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِإِنْفَاقِهِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لُقَطَةٍ تَمَلَّكَهَا ثُمَّ جَاءَ مَالِكُهَا.
نَعَمْ لَا أَثَرَ بِظَنِّ وُجُوبٍ فِي مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ فَاسِدًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَتَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُلْتَقِطِ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَرُدُّهُ بِدُونِ زِيَادَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ أَجَابَ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا لَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّعْجِيلِ وَالِالْتِقَاطِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَأَنْ يَأْخُذَ الْمُعَجَّلَةَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ أَوْ بَانَ خَلَلٌ فِي التَّعْجِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَزَمَنًا وَمَحَلًّا) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِالسَّلَمِ فِي الزَّمَانِ أَنَّهُ إنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ، بَلْ إذَا ذُكِرَ الْأَجَلُ إمَّا يَلْغُو أَوْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِهِ فِي الزَّمَانِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُقْرَضَ فِي زَمَنِ النَّهْبِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، كَمَا أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ إذَا أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَإِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي كَفِّ دَرَاهِمَ
(قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ) قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ إلَخْ، هَذَا الْبَعْضُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ فِي تُحْفَتِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ؛ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي بِهِ الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ أَيْ حُكْمًا.
ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ هِبَةٌ قَالَ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ الرُّجُوعُ بِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ.
قَالَ لِاخْتِلَافِهِ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَالْبِلَادِ.
وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُهُ اهـ. مَا فِي التُّحْفَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرَحِ يَأْخُذُ النُّقُوطَ لِنَفْسِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَأْخُذُ بِنَحْوِ الْخَاتِنِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ يَدْفَعُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ قَطْعًا، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ تُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إنْ قُصِدَ الْمُزَيِّنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُظَرَائِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عُمِلَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ
بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ) يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ إذْ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ جَائِزٌ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَكَثِيرٍ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَةِ بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمَا هُنَا، أَمَّا بِقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوَاةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى الْمُؤْنَةِ يَنْظُرُ إلَى الْقِيمَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الضَّرَرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ، فَإِذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُ بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ أَغْلَى، كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَبِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إلَى مَكَّةَ ضَرَرًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَحَيْثُ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ لَا لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَوْ اجْتَمَعَا بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا.
أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ فَيُطَالِبُهُ بِهِ.
نَعَمْ النَّقْدُ الْيَسِيرُ الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ بِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ كَاَلَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ.
وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ قَوْلُهُ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ بَنَاهُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ.
(وَلَا يَجُوزُ) قَرْضُ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ اقْتَرَنَ (بِشَرْطِ)(رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ أَوْ) رَدِّ (زِيَادَةٍ) عَلَى الْقَدْرِ الْمُقْرَضِ أَوْ رُدَّ جَيِّدٌ عَنْ رَدِيءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَرْطٍ جَرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ كَرَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ رَهْنِهِ بِدَيْنٍ آخَرَ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَدَ الْعَقْدُ لِخَبَرِ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً» أَيْ شَرَطَ فِيهِ مَا يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ مَنْفَعَةً " فَهُوَ رِبًا " وَرُوِيَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لَكِنْ صَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ رَفْعَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمُنِعَ صِحَّتُهُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ شَرْطًا يَنْفَعُ الْمُقْرِضَ وَالْمُقْتَرِضَ فَيَبْطُلُ بِهِ الْعَقْدُ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْهُ الْقَرْضُ لِمَنْ يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ: أَيْ مَثَلًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَجْلِ الْقَرْضِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا إذْ هُوَ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حَضَرَهُ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَجَبَ قَبُولُهُ، فَالْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ مُجَرَّدُ أَنَّ الْقَرْضَ قَدْ يَجِبُ قَبُولُهُ إذَا أَتَى بِهِ لِلْمُقْرِضِ وَقَدْ لَا يَجِبُ، كَمَا أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ قَدْ يَجِبُ قَبُولُهُ وَقَدْ لَا يَجِبُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ إلَخْ) وَتُعْرَفُ قِيمَتُهُ بِهَا مَعَ كَوْنِهِمَا فِي غَيْرِهَا إمَّا بِبُلُوغِ الْأَخْبَارِ أَوْ بِاسْتِصْحَابِ مَا عَلِمُوهُ بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا أَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي عَشَرَةً مَثَلًا فَقَالَ: خُذْهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ جَازَ وَإِلَّا فَهُوَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ قَرْضِهَا، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ وَلَوْ قَالَ: أَقْبِضْنِي دَيْنِي وَهُوَ لَك إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ) أَيْ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: كَرَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُقْتَرِضِ: أَقْرَضْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ بَدَلَهُ لِوَكِيلِي بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) وَمَعْلُومُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ بِحَيْثُ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقَعْ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا فَسَادَ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْفَرَحِ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَشَاءُ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ أَقَلُّ قِيمَةً كَمَا إذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمَكَّةَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمِصْرَ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالْقِيمَةِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ) أَيْ: وَلَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ لِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ النَّقْدُ الْيَسِيرُ الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ) لَعَلَّهُ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ بِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا إذَا أَقْرَضَهُ دَنَانِيرَ مَثَلًا بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ وَقِيمَةُ