الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبْقَاقِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ اخْتِلَالُهُ فِي حَالِ ضَعْفِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ، لَكِنْ مَا دَامَ خَمْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ حُكْمُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَتْ الرَّهْنِيَّةُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ قَبَضَهُ خَلًّا. وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي حَالِ الْخَمْرِيَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ بِانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصِ الْخَلِّ عَنْ الْعَصِيرِ، بِخِلَافِ انْقِلَابِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ تَخَمَّرَ فِي يَدِهِ وَتَخَمُّرُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَتَخَمُّرِ الرَّهْنِ بَعْدَهُ فِي بُطْلَانِ حُكْمِ الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إذَا عَادَ خَلًّا، لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَيْضًا.
وَلَوْ مَاتَ الْمَرْهُونُ فَدَبَغَ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ جِلْدَهُ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْخَلِّ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا فَإِنَّهُ نَادِرٌ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ مَلَكَهُ دَابِغُهُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ رَهْنِ الْعَصِيرِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ.
(وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ)(تَصَرُّفٌ) مَعَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ إذْ لَوْ صَحَّ لَفَاتَتْ الْوَثِيقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ صَحَّتْ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَهُ قَتَلَهُ قَوَدًا وَدَفْعًا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ إلَخْ اهـ.
لَكِنْ فِي دَعْوَى الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الْمَجْنُونِ نَظَرٌ.
فَإِنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ بَلْ يَقُومُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ فَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ أَوْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجُنُونِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهِ الْإِذْنُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مَا نَصُّهُ: وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْخَرَسِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ) أَيْ وَالْجِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا فِيهِمَا: أَيْ التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ كَالْجِنَايَةِ فَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَا دَامَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِالتَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ أَخْذِهِ إذَا أَرَادَهُ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: إنَّ لَهُ الْمَنْعَ: أَيْ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ) أَيْ بِأَنْ يَسْتَرِدَّهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ يُعِيدَهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالتَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ) أَيْ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّ الْخَمْرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ.
(قَوْلُهُ: فَدَبَغَ الْمَالِكُ) اُنْظُرْ مَا لَوْ انْدَبَغَ بِنَحْوِ إلْقَاءِ رِيحٍ عَلَى دَابِغٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ شَأْنِهِ الْمُعَالَجَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا) أَيْ الْمُعَالَجَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَادِرٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِانْدِبَاغِ الْجِلْدِ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَرَجَّاهُ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ) أَيْ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ بِالدَّبْغِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الْمَالِكِ لَمْ يَزُلْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَ اخْتِصَاصًا وَأَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ حَقِّ ذِي الْيَدِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَدَبَغَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الرَّهْنِ مِلْكُ الدَّابِغِ لَهُ بَلْ فِعْلُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الرَّاهِنِ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِهِ وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّهُ أَثَرُ اخْتِصَاصِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) أَيْ الْجِلْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ أَوْ لَا.
[وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ]
(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
هُنَا مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ
. (قَوْلُهُ: لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ) كَانَ الْأَوْلَى عَطْفَهُ عَلَى
وَكَذَا لِنَحْوِ رِدَّةٍ إذَا كَانَ وَالِيًا (لَكِنْ) مَعَ قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ (فِي إعْتَاقِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ وَإِعْتَاقِ مَالِكٍ جَانِيًا تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ تَبَرُّعًا أَوْ غَيْرَهُ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ فِي الْحَالِ (مِنْ الْمُوسِرِ) بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ، بَلْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ يَسَارِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ أَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ كَعِتْقِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ بِقَدْرِ مَا أَيْسَرَ بِقِيمَةٍ وَإِقْدَامُ الْمُوسِرِ عَلَى عِتْقِ الْمَرْهُونِ جَائِزٌ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ أَيْضًا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الْأُمِّ فِي بَحْثِ التَّنَازُعِ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ امْتِنَاعُ إقْدَامِهِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي يَنْفُذُ مُطْلَقًا وَيَغْرَمُ الْمُعْسِرُ إذَا أَيْسَرَ الْقِيمَةَ وَتَصِيرُ رَهْنًا وَالثَّالِثُ لَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (عِتْقِهِ وَتَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونَةً وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُرْتَهِنِ، وَقِيَاسُ جَوَازِ بَيْعِهِ لَهُ صِحَّةُ وَقْفِهِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ كَذَا نُقِلَ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبُولُهُ.
هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ بِأَنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَقَدْ يُرِيدُ الْوَاقِفُ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبُولِ فَيَرْفَعُ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ التَّوَثُّقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْوَقْفِ لِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ لِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَاقِفِ مَا يُوَفِّي مِنْهُ الدَّيْنَ غَيْرُ الْمَرْهُونِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ رِدَّةٍ) مِنْ النَّحْوِ قَطْعُهُ لِلطَّرِيقِ وَتَرْكُهُ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: تَبَرُّعًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) هَلْ الْيَسَارُ يَتَبَيَّنُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ أَوْ بِمَا فِي الْفَلَسِ أَوْ بِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ، وَاعْتَبَرَ حَجّ فِي الْمُؤَجَّلِ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فَفِي مَوْضِعٍ قَالَ: إنَّ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ أَوْ بِحَالٍّ اُعْتُبِرَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، وَفِي آخَرَ قَالَ: الْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مُطْلَقًا اهـ، وَالْإِطْلَاقُ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا أَيْسَرَ بِهِ) أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي أَيْسَرَ بِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: جَائِزٌ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُ إقْدَامِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ لَمْ يُسْتَثْنَ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ اُسْتُثْنِيَ انْعِقَادُ نَذْرِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ قَالَهُ الْإِمَامُ اهـ مَحَلِّيٌّ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَانِي، فَإِنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الرَّهْنِ مِنْهُ نَظَرًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى قِيمَةِ الْعَتِيقِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي بِالرَّهْنِ فَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَائِدَةٌ إذْ الْحَقُّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ حَتَّى تَكُونَ مَرْهُونَةً وَيُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَفَاءِ وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِهَا عِنْدَ تُزَاحِمْ الْغُرَمَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ تَرِكَتِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا قَبْلَهُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرُ الْقِيَاسِ بَلْ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي التُّحْفَةِ
. (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْجَانِي فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ) وَمَعَ ذَلِكَ مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى غَايَةً فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا بَعْدَ الْغُرْمِ بِالْفِعْلِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْبِيرُهُ بِيَغْرَمُ وَهُوَ الَّذِي يُلَاقِيهِ التَّخْيِيرُ الْآتِي كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَغَرِمَ قِيمَتَهُ: أَيْ وَقْتَ إعْتَاقِهِ، وَتَصِيرُ مِنْ حِينِ غُرْمِهَا رَهْنًا، إلَى أَنْ قَالَ فِي الْمَتْنِ، أَوْ تُصْرَفُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ انْتَهَتْ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا فِي
وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ فَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَلَوْ قَالَ: قَصَدْت الْإِيدَاعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِعَقْدٍ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهَا تُجْعَلُ رَهْنًا، هَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، وَإِلَّا فَبَحَثَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا وَصَرْفِهَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ فِي ذَلِكَ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِسُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ وَإِلَّا فَهِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ إعْتَاقُ وَارْثِ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ عَنْ مُورَثِهِ وَإِعْتَاقُ وَارِثِ الْمَدْيُونِ عَبْدَ التَّرِكَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَرْهُونًا عَنْ مُورَثِهِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورَثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ وَفِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ لَا غَيْرِهِمَا، ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ نُنَفِّذْهُ) لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَنْفُذْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ الْحَجَرُ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ فَالْأَوْجَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ احْتِمَالَاتٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَأَنَّهُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَصِيرُ رَهْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَكُونُ وَاقِعَةً عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِمَّا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ فِعْلِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ: أَيْ كَوْنُهَا مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ كَوْنُ الْقِيمَةِ تَصِيرُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا) أَيْ لِتَكُونَ رَهْنًا وَبَيْنَ صَرْفِهَا إلَخْ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَسَيَأْتِي إعْتَاقُهُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِلَا سُؤَالٍ نَفَذَ، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَعِتْقُهُ تَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بَاطِلٌ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي تَعْلِيلِ بُطْلَانِ إعْتَاقِهِ تَبَرُّعًا بِمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِدُونِ سُؤَالِهِ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ تَبَرُّعًا أَنَّهُ بِسُؤَالٍ مِنْ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْهِبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، لَكِنْ مَا أَفَادَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِغَيْرِ سُؤَالٍ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَيَّدَ بِالسُّؤَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ تَصْحِيحُ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُنَازَعَةِ فِي التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَتْ النُّسْخَةُ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: خَلِيفَةُ مُورَثِهِ) أَيْ وَعِتْقُهُ نَافِذٌ حَيْثُ أَيْسَرَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَلَوْ بِعِوَضٍ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُمَا جَائِزَانِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ قَبُولَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
الذِّمَّةِ غَايَةً فِي الْمَتْنِ بَلْ يَجْعَلُهُ حُكْمًا مُقْتَضِيًا كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ) أَيْ: لِتَعَيُّنِهَا لِلرَّهْنِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَصِيرُ رَهْنًا. (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَأَيْضًا لِيَتَأَتَّى تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَخْ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْعَتِيقُ غَيْرَ مَرْهُونٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) قَيْدٌ مُضِرٌّ إذْ هُوَ عَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعْتَقْ جَزْمًا، قَالَ: وَقَدْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ