الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ، أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهَا الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ كَمَا مَرَّ فَيَرْجِعُ سَلَّمَ الْأَرْشَ أَمْ لَا، وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ بِزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ صَحَّ جَوَازُ الرُّجُوعِ، ثُمَّ نُقِلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَقَلَ الْأَوْجُهَ الضَّعِيفَةَ، أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ، إذْ قَدْ يَرْضَى الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَخْذِهِ مَعِيبًا بِالْحَادِثِ وَيَقْبَلُهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ) إجْمَاعًا بِأَنْ
يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ
لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالشُّفْعَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَمْ يَلْزَمْهُ فَوْرٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا بِعَيْبِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي طَلَبِ الْأَرْشِ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الْعَقْدِ وَلَا فِي حَقِّ جَاهِلٍ بَانَ لَهُ الرَّدُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَكُونُ الْعِلَّةُ فِيهِ عَدَمَ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ)[فَرْعٌ] لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ اللَّفْظِ كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَحْوِهِ. [فَرْعٌ] وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ اتَّجَهَ الْفَوْرُ أَيْضًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ مَحَلِّيٍّ، وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ هَكَذَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِاللَّفْظِ عَنْ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ، أَمَّا الْكِتَابَةُ مِنْهُ فَهِيَ كِنَايَةٌ، وَمَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ كَمَا يَكُونُ بِالصَّرِيحِ يَكُونُ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كُلِّهِمْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمْ الْقَوْلُ فِيهِ بِثُبُوتِ الْفَوْرِ كَثُرَ الْمُجْتَهِدُونَ أَوْ قَلُّوا (قَوْلُهُ: الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ الْمُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ، لَكِنْ فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ بَعْدَهُ فَلَا اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالتَّعَيُّنِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى التَّرَاخِي وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ رَأَى جِنَازَةً بِطَرِيقِهِ فَصَلَّى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيجٍ وَانْتِظَارٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَّجَ لِذَلِكَ أَوْ انْتَظَرَ فَلَا يُعْذَرُ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ عَرَضَ بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الرَّدِّ، فَلَوْ كَانَ يَنْتَظِرُ جِنَازَةً وَعَلِمَ بِالْعَيْبِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي التَّجْهِيزِ اُغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ كَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ) أَيْ بِحُصُولِ النَّقْصِ فِيهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ، رَاجِعٌ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مَبِيعٍ) ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ فَيَجِبُ رَدُّهَا لَهُ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهِ مَعِيبًا وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ بَاطِلٌ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي طَلَبِ الْأَرْشِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَطَلَبَ إسْقَاطَ الْأَرْشِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا نَفْسَ حُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ فَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَوَابُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ فَتَأَمَّلْ
[يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ]
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ) أَيْ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ، وَإِنَّمَا قَصَرَ الْمَتْنَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ بِالْوَاوِ عَلَى قَوْلِهِ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَقِّ جَاهِلٍ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ) أَيْ فَلَا يُعْذَرُ فِي الْفَوْرِيَّةِ، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهُ لِجَهْلِهِ بِالْفَوْرِيَّةِ
وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَجْنُونًا فَأَفَاقَ رَشِيدًا فَاشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ أَنَّهُ يَصْدُقُ كَالنَّاشِي بِالْبَادِيَةِ وَلَا فِي مُشْتَرِي شَخْصًا مَشْفُوعًا وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَانْتَظَرَهُ هَلْ يَشْفَعُ أَوْ لَا، وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ.
نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ أَوْ مَغْصُوبٍ فَأَخَّرَهُ مُشْتَرِيهِ لِعَوْدِهِ فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَلَا إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أُزِيلُ عَنْك الْعَيْبَ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَخَذَ فِي إثْبَاتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ كَمَا لَا يَجِبُ فِي رَدِّهِ مَا قَبَضَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَوْ بِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْفَوْرِ إنْ كَانَ عَامًّا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا) أَيْ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ بِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ، وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي مَحَالَّ أَنَّهُ يُعْذَرُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي قِيلَ بِعُذْرِهِ فِيهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِبَادَاتِ أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا وَمَا قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ كَهَذَا الْمَوْضِعِ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ خَفَائِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِمِّيٍّ اشْتَرَى وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكُفْرِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَتَرَك الرَّدَّ لِجَهْلِهِ وَهُوَ مُخَالِطٌ لَنَا فَلَا يُعْذَرُ، وَعِبَارَةُ حَجّ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ يَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعْذَرُ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لَنَا بِأَنَّهُ فِي حَالَةِ كُفْرِهِ لَمْ يَلْتَزِمْ جَمِيعَ أَحْكَامِنَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي الرَّدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى شَيْئًا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعَلُّمُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مُشْتَرٍ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَانْتَظَرَهُ) أَيْ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بُلُوغُهُ الْخَبَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَهَا) وَيُغْتَفَرُ لَهُ مِقْدَارُ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ إخْرَاجُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ عَادَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا) وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِبَاقُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) وَقِيَاسُ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الزَّكَوِيِّ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ وَرَدِّ الْآبِقِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ سَقَطَ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الرَّدِّ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ مَعًا كَمَا يُفْهَمُ عَنْ كَلَامِ حَجّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَغْصُوبَ وَصَرَّحَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْآبِقِ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ الرَّدَّ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَقَطَ وَإِنْ عَذَرَ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ قَالَ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ كَانَتْ تُقَابِلُ بِأُجْرَةٍ وَطَلَبَ الْبَائِعُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ.
وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِطَلَبِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُنْسَبْ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَى رِضًا بِالْعَيْبِ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ فِي مُدَّةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَأْخِيرِهِ إلَيْهَا سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ) أَيْ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهُوَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ الذِّمِّيَّ أَسْلَمَ بِخِلَافِ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ) فَلَيْسَ تَأْخِيرُهُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ كَمَا لَهُ الرَّدُّ حَالًا. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ)
وَلَا فِي مُشْتَرٍ آخَرَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ.
مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا وَجَبَ الْفَوْرُ (فَلْيُبَادِرْ) مَرِيدُ الرَّدِّ (عَلَى الْعَادَةِ) فَلَا يُكَلَّفُ الرَّكْضُ فِي الرُّكُوبِ وَالْغُدُوِّ فِي الْمَشْيِ لِيَرُدَّ (فَلَوْ)(عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي) وَلَوْ نَفْلًا (أَوْ) وَهُوَ (يَأْكُلُ) وَلَوْ تَفَكُّهًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ وَهُوَ فِي حَمَّامٍ أَوْ خَلَاءٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ الرَّدِّ (حَتَّى يَفْرُغَ) مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ الْكَامِلِ لِعُذْرِهِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْرَى هُنَا مَا قَالُوهُ ثُمَّ وَعَكْسَهُ، وَلَوْ سُلِّمَ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ مُحَادَثَتِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ لُبْسُ مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً أَوْ تَأْخِيرٌ لِنَحْوِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شَامِلٍ لِمَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا فَطَلَبَ الرَّدَّ بِأَحَدِهِمَا فَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ قَبْلُ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ عَدَمَ إعْلَامِ الْبَائِعِ بِهِ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ طَلَبَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي مُشْتَرٍ آخَرَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ وَكَانَ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسَخْ لَفَسَخَهُ غَيْرُهُ فَكَأَنَّهُ مُكْرَهٌ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ اخْتِيَارًا، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ الْإِقَالَةُ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنَّهُ إذَا أَقَالَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ الْمَبِيعَ مُؤَجَّرًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُقِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مَطْلُوبَةً لِأَنَّهَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ كَانَ مُحْسِنًا فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَأَيْضًا فَالْإِقَالَةُ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهَا أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَشْبَهَتْ الْعُقُودَ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ كَتِسْعِينَ سَنَةً حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا لِلْمَبِيعِ عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِأَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، لَكِنْ قَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ: أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، هَذَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِيَ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى رَدِّ الْعَيْنِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا لِلْبَائِعِ لَمْ يَلْزَمْ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ عَامَّةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي) يَتَّجِهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِ فِي الصَّلَاةِ تَطْوِيلًا وَغَيْرَهُ وَفِي قَدْرِ التَّنَفُّلِ وَإِنْ خَالَفَ عَادَةَ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ أَوْ لَا، وَتَغْيِيرُ عَادَتِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا تَطْوِيلًا أَوْ قَدْرًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَادَةِ غَيْرِهِ مَرَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا قَصَدَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَا يَضُرُّ فِعْلُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلًا لَا يَضُرُّ أَيْضًا لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عَادَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا فِي الْعَادَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّكَرُّرِ بِحَيْثُ صَارَ عَادَةً لَهُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَكُّهًا) أَيْ دَخَلَ وَقْتُهُ بِأَنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَ حُضُورُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ قُرْبَ حُضُورِهِ كَحُضُورِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِهِ الْكَامِلِ) وَمِنْهُ انْتِظَارُ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لِلصَّلَاةِ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إذَا كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالرَّدِّ يُفَوِّتُ الصَّلَاةَ مَعَهُ بَلْ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالتَّسْبِيحَاتِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَبْعًا سَبْعًا (قَوْلُهُ: مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لَهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِهِ حِينَئِذٍ عَيْبٌ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الذَّمُّ بِسَبَبِهِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَا كَلُبْسِ غَيْرِ فَقِيهٍ ثِيَابَ فَقِيهٍ لَمْ يُعْذَرْ فِي الِاشْتِغَالِ بِلُبْسِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْخِيرٌ) أَيْ وَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِ إلَخْ: أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْعَيْبَيْنِ أَوَّلًا وَإِلَّا فَرِضَاهُ بِعَيْبٍ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ آخَرَ فَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ بِمَا إذَا اشْتَغَلَ بِالْإِثْبَاتِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) يُقَالُ فِيهِ مَا قَدَّمْتُهُ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ
مَطَرٍ أَوْ وَحَلٍ شَدِيدٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِمَا يَسْقُطُ مَعَهُ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ (أَوْ) عَلِمَهُ (لَيْلًا فَحَتَّى) يُصْبِحَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ.
نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّيْرِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ لَمْ يُعْذَرْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهَارِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَنُقِلَ نَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ) إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي وَوَارِثِهِ الرَّدُّ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْ) رَدُّهُ (عَلَى) مُوَكِّلِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ (وَكِيلِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ كَمَا أَفَادَهُ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَعِبَارَتُهُ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلُهُ الْبَائِعُ وَوَكِيلُهُ (وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ آكِدٌ) فِي الرَّدِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا مَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ تَأْخِيرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ) أَيْ نَحْوُ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: طَلَبُ الْجَمَاعَةِ) وَهُوَ مَا يَبُلُّ الثَّوْبَ (قَوْلُهُ: فَحَتَّى يُصْبِحَ) أَيْ وَيَدْخُلَ الْوَقْتُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِانْتِشَارِ النَّاسِ إلَى مَصَالِحِهِمْ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ كُلْفَةٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَالَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرُ مُضِرٍّ) كَأَنْ كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ فَانْتَظَرَ حُضُورَهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ مَسَافَتُهُ إلَى الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْبَائِعُ كَأَنْ اشْتَرَى مِنْ وَلِيٍّ فَكَمُلَ الْمَوْلَى فَيُرَدُّ عَلَيْهِ لَا عَلَى وَلِيِّهِ عَلَى الْأَوْجَهِ.
ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: وَالرَّدُّ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ مَثَلًا فَكَمُلَ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الرَّادَّ هُوَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْمَالِكَ لَا وَلِيَّهُ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَمُلَ الطِّفْلُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ حَيْثُ قُلْنَا ثَمَّ الرَّدُّ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ ثَبَتَ لِلْوَلِيِّ ابْتِدَاءً فَدَامَ بِخِلَافِهِ هُنَا.
نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ كَمَالِ الصَّبِيِّ وَأَخَّرَ الْوَلِيُّ الرَّدَّ لِعُذْرٍ ثُمَّ كَمُلَ الصَّبِيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ قَبْلَ كَمَالِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِ أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْوَلِيِّ قَبْلَ كَمَالِ الطِّفْلِ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ بِكَمَالِهِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَلِيِّ قَصْدًا بِتَرَاضِي الْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مُوَكِّلِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّهِ) أَيْ أَوْ الْحَاكِمِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْوَلِيِّ لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ وَلِيِّهِ لَوْ كَانَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ كَأَنْ مَاتَ الْعَاقِدُ وَخَلَفَ أَطْفَالًا وَوَلِيَهُمْ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْحَاكِمِ خِيفَ عَلَى الْمَالِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى كَمَالِ الْأَطْفَالِ وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ وَفَوَائِدُهُ لِلْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَاخَى فِي الرَّدِّ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إنْ رَأَى الْعَدْلُ، وَقَدْ يُقَالُ تَوْكِيلُهُ كَافٍ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الرِّضَا فَلَا يَجِبُ الْفَوْرُ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَى الْوَكِيلِ، لَكِنْ فِي جَمْعِ مَا نَصَّهُ: وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ: أَيْ الْفَسْخِ أَيْضًا حَالَ تَوْكِيلِهِ أَوْ عُذْرِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ غِيبَةٍ عَنْ بَلَدِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَخَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ وَقَدْ عَجَزَ التَّوْكِيلُ فِي الثَّلَاثِ وَعَنْ الْمُضِيِّ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ أَيْضًا فِي الْغِيبَةِ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ حَالَ تَوْكِيلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضِ وَلَا فِي شَرْحِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شُرُوعِهِ فِي الرَّدِّ بِنَفْسِهِ بَلْ لَا يُسَاوِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْإِشْهَادِ حِينَئِذٍ وَجَبَ.
فَإِنْ قُلْت: لُزُومُ الْإِشْهَادِ يُعَطِّلُ فَائِدَةَ التَّوْكِيلِ.
قُلْت: لَوْ سُلِّمَ إبْطَالُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا مَحْذُورَ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَفْسَخَ بِحَضْرَةِ مَنْ يُرِيدُ تَوْكِيلَهُ لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَإِذَا وَكَّلَهُ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الرَّدِّ وَطَلَبِ الثَّمَنِ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ التَّوْكِيلَ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم مِنْ أَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شُرُوعِهِ فِي الرَّدِّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ (قَوْلُهُ: الْبَائِعُ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: جَزْمًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَافْتِقَارٍ إلَى غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَأْتِي فِي الْبَائِعِ
الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ اهـ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَعَلَيْهِ يَحْمِلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ.
نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَذَهَبَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ بَطَلَ حَقُّهُ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ يَشْهَدُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شُهُودٍ غَالِبًا، فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يُفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ.
قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ (وَإِنْ)(كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِهَا (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ لَقِيَ الْقَاضِي أَوَّلًا فَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ إلَخْ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُدُولُهُ إلَى الْبَائِعِ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ وَرَأَى الْقَاضِي قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْبَائِعِ، وَقَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ، وَانْظُرْ لَوْ لَقِيَ الْبَائِعُ أَوْ تَرَكَهُ لِوَكِيلِهِ أَوْ عَكْسَهُ هَلْ يَضُرُّ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحَاكِمُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا لَوْ لَقِيَ الْبَائِعَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّهُ آكَدُ، فَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي الضَّرَرِ مَا لَوْ لَقِيَ الْمُوَكِّلَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالرَّدِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَعُدُولُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ تَقْصِيرٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الذَّهَابِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَسَافَتَانِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ) أَيْ وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْكُمُ لَهُ (قَوْلُهُ: بَطَلَ حَقُّهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَا مَجْلِسُ الْحُكْمِ عَنْ الشُّهُودِ وَأَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَالْإِشْهَادُ خَارِجَهُ عَلَى الْفَسْخِ مَرَّ سم عَلَى حَجّ.
وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ) لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْسَخُ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنَّمَا إلَخْ، وَهَلْ يُقَدَّمُ الْفَسْخُ عَلَى الْإِخْبَارِ هُنَا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْفَرَاوِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْإِخْبَارِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِشْهَادِ الْآتِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّفْعِ الْآتِي لِلْقَاضِي فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ، بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ بِالْفَسْخِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا) أُلْحِقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ مِنْهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: رُفِعَ الْأَمْرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ غَائِبًا وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِالْبَلَدِ وَلَا حَاكِمَ بِهَا وَلَا شُهُودَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ الْمَقَامِ اللُّزُومُ اهـ سم
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَقِيَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَيَكُونُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْآخَرِ، وَصَرِيحُ سِيَاقِهِ أَنَّ هَذَا الصِّدْقَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ رَدِّهِ لِتَقْيِيدِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدْرِكْ إلَّا إذَا اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ بِالْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَرَّ بِالْحَاكِمِ فِي طَرِيقِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ
وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِحُضُورِهِ فَيَقُولُ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ كَذَا وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَيُحْلِفُهُ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ فَتُعْتَبَرُ شُرُوطُهُ ثُمَّ يُفْسَخُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ إنْ قَبَضَهُ وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيُعْطِيه الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ وَإِلَّا بَاعَهُ فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْقَاضِي لَيْسَ بِخَصْمٍ فَيُؤْتَمَنُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ تَكْفِي فِيهِ الْغِيبَةُ وَلَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ (عَلَى الْغَائِبِ) فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَا يُبَاعُ مَالُهُ إلَّا لِتَعَزُّزِ أَوْ تَوَارٍ ذَكَرَ مُعْظَمَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ مَثَلًا أَوْ أَنْهَى وَأَمْكَنَهُ فِي الطَّرِيقِ الْإِشْهَادُ (يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى) نَفْسِ (الْفَسْخِ) عَلَى الرَّاجِحِ لَا عَلَى طَلَبِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَتَأْخِيرُهُ حِينَئِذٍ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَدَاءِ الضَّامِنِ، وَلَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَاتَا فَاسِقَيْنِ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَنَظِيرِهِ مِنْ الضَّمَانِ، أَيْضًا، وَلَا يُنَافِي لُزُومُ الْإِشْهَادِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ سَارَ طَالِبُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِحُضُورِهِ) يَنْبَغِي وَلَا لِلذَّهَابِ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَيُحْلِفُهُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَفْسَخُ) أَيْ الْمُشْتَرِي هَذَا إنْ لَمْ يُفْسَخْ قَبْلُ وَإِلَّا أُخْبِرَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَاعَهُ) أَيْ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقْضِ مِنْ الْبَيْعِ ابْتِدَاءً لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ مَعَ طَلَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ حُجَّةً يُبْدِيهَا إذَا حَضَرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ وَتَقَدَّمَ لَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَقْدِ، وَقِيلَ مِنْ التَّفَرُّقِ إنْ حَبَسَ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسُ مَا فِي يَدِهِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ بِأَنْ يَقُولَ: لَا أَرُدُّ حَتَّى يَرُدَّ، بَلْ إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالْمُطَالَبَةِ لَزِمَ الْآخَرَ الدَّفْعُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّ مَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا، وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ مَالِكِهِ فِيهِ مَا دَامَ مَحْبُوسًا اهـ.
وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ) أَوْ غِيبَةٍ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَحَلِّهِ لَيْلًا، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَعَلَا ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَجَوَّزَاهُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ رَدَدْت الْمَبِيعَ أَوْ فَسُخْته مَثَلًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ الْفَرَاوِيِّ: صُورَةُ رَدِّ الْمَعِيبِ أَنْ يَقُولَ رَدَدْته بِالْعَيْبِ عَلَى فُلَانٍ، فَلَوْ قَدَّمَ الْإِخْبَارَ عَنْ الرَّدِّ بَطَلَ رَدُّهُ: أَيْ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ الْفَرَاوِيُّ: أَيْ بِضَمِّ الْفَاءِ إلَى فَرَاوَةَ بُلَيْدَةٌ بِطَرَفِ خُرَاسَانَ وَاسْمُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ اهـ طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْخَامِسَةُ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ.
وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٍ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ اهـ.
وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَهُ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ الرَّدُّ لِعُذْرِهِ لَا أَنَّهُمَا يَكْفُونَ فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ إظْهَارُ الطَّلَبِ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ (إنْ أَمْكَنَهُ) وَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ عَنْهُ الْفَوْرِيَّةُ لِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) إلَّا لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً وَحِينَئِذٍ لَا يَبْطُلُ رَدُّهُ بِتَأْخِيرِهِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ.
نَعَمْ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ غَايَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِ الْفَسْخِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ فَوْرٍ وَلَا إنْهَاءٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْخَصْمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى إيجَابِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي حَالَتَيْ وُجُودِ الْعُذْرِ وَفَقْدِهِ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِهِ يُسْقِطُ الْإِنْهَاءَ وَيَجِبُ تَحَرِّي الْإِشْهَادَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَعِنْدَ فَقْدِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ وَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْإِشْهَادُ: أَيْ تَحَرِّيه فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ وَهَذَا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ إيجَابَ لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ أَوْ سَامِعٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ بَعِيدٌ فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ وَالْحَاكِمِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الصُّوَرِ) مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ مَثَلًا أَوْ أَنْهَى وَأَمْكَنَهُ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَجَعَلَ ذَلِكَ صُوَرًا إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا انْدَرَجَ مِنْ تَحْتِ الْعَجْزِ عَنْ الْإِنْهَاءِ مِنْ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ رَأَى الْعَدْلَ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَوْ وَقَفَ وَأَشْهَدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلشُّهُودِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ وَهُمْ فِيهِ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمْ، لَكِنَّ مَسَافَةَ مَحَلِّهِمْ دُونَ مَسَافَةِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ لَمْ يُكَلَّفْ التَّعْرِيجَ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَدَّ بِتَرْكِهِ مُقَصِّرًا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَ الشَّاهِدَ أَوْ مَرَّ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِطَلَبِ الشُّهُودِ عَنْ الْإِنْهَاءِ إلَى مَنْ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا) أَيْ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ لِرُكُوبِهَا لِكَوْنِهَا جَمُوحًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَكِبَ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَقَدْ يُقَالُ عُذْرُهُ يُسْقِطُ الْحُرْمَةَ دُونَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (قَوْلُهُ: لِفَصْلِ الْأَمْرِ) أَيْ لَا لِلْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ، أَيْ حَيْثُ لَمْ يَلْقَ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ كَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَبِيعَ) عِلَّةٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ يَأْبَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشِّهَابُ حَجّ وَاَلَّذِي مَا فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ كَلَامُهُ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَتْنَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَذَا التَّقْرِيرِ وَأَنَّ ظَاهِرَهُ فَاسِدٌ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ فَقْدِهِ) يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُ حَالَةَ فَقْدِ الْعُذْرِ الْعُدُولَ عَنْ الْإِنْهَاءِ وَالذَّهَابَ ابْتِدَاءً إلَى الشُّهُودِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ