الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ الْعَيْبِ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَالثَّانِي يَجِبُ لِيُبَادِرَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.
(وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا لِجَوَازِ الرَّدِّ (تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بَعْدَ إطْلَاعه عَلَى عَيْبِهِ (فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَخْدُمَهُ كَقَوْلِهِ نَاوِلْنِي كَذَا وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ، أَوْ اسْتَعْمَلَهُ كَأَنْ أَعْطَاهُ الْكُوزَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَأَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَهُ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ أَخْذِهِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ لِأَنَّ وَضْعَهُ بِيَدِهِ كَوَضْعِهِ بِالْأَرْضِ (أَوْ تَرَكَ) مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ (عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) وَلَوْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ فِي سَيْرِهِ لِلرَّدِّ أَوْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اُغْتُفِرَ لَهُ التَّأْخِيرُ فِيهَا، وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَقِيلَ نَفْسُهَا وَقِيلَ غَيْرُهُمَا (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ لِإِشْعَارِهِ بِالرِّضَا لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَتْرُكْهُ لَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ أَوْ تَحْمِيلِهِ.
وَلَوْ كَانَ نَزْعُهُ يَضُرُّهَا كَأَنْ عُرِفَتْ وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ تَعِيبَهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، إذْ لَا إشْعَارَ حِينَئِذٍ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ تَرَكَهُ لِمَشَقَّةِ حَمْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ أَمَّا لَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: فَيَتَضَرَّرُ) وَبِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ كَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَيَتَوَلَّى بَيْعَهُ وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ قَدْرَ الثَّمَنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَيَأْخُذُ مِثْلَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفِرَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) هُوَ طَلَبُ الْعَمَلِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَضُرَّ سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْعَالِمِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى صَنِيعِ الْمَتْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا أَنَّ تَأْخِيرَ الرَّدِّ مَعَ الْإِمْكَانِ تَقْصِيرٌ، فَكَذَا الِاسْتِعْمَالُ وَالِانْتِفَاعُ وَالتَّصَرُّفُ لِإِشْعَارِهَا بِالرِّضَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَجَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِهِ وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ سَقَطَ رَدُّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ وَكِيلُهُ وَوَلِيُّهُ فَلَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُهَا مُسْقِطًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) أَيْ مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَتْنِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ لِيَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ فِي ظَنِّهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ لَمْ يُعْذَرْ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ إلَخْ مَا لَوْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِصَلَاتِهِ كَأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِنَادُ إلَّا بِمُعَيَّنٍ، وَمِنْ الِاسْتِخْدَامِ مَا لَوْ صَالَ شَخْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَطَلَبَ مِنْهُ الْمُعَاوَنَةَ فِي دَفْعِهِ عَنْهُ فَيَسْقُطُ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَ عَلَى الْعَبْدِ فَطَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ رَدُّهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِلْهَرَبِ بِهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْدُمَهُ) بِضَمِّ الدَّالِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ نَاوِلْنِي كَذَا) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّ الْإِشَارَةَ هُنَا كَالنُّطْقِ فَتُسْقِطُ الرَّدَّ قِيَاسًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَفِي الْإِفْتَاءِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ فَيَنْبَغِي إنْ نَوَى بِهَا طَلَبَ الْعَمَلِ مِنْ الْعَبْدِ امْتَنَعَ الرَّدُّ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ) فِيهِ رَدَّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ سُقُوطَ الرَّدِّ فِيمَا إذَا اسْتَدْعَى الشُّرْبَ مِنْ الْعَبْدِ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ سَقَاهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَعْطَاهُ) أَيْ أَعْطَى الرَّقِيقُ سَيِّدَهُ الْكُوزَ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ) أَيْ أَوْ بِتَعْرِيضِهِ فَأَتَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ لَأَنْ وَضَعَهُ) أَيْ الْكُوزَ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ) لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَا يَبْعُدُ التَّقْيِيدُ بِهِ فِيهِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَتْنِ كَالرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ اهـ كَذَا فِي حَاشِيَةِ غزي عَلَى الشَّافِيَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُهُمَا) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ هَذَا وَقِيلَ مَا فَوْقَهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ) أَيْ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا لَا يَشْعُرُ بِقَصْدِ انْتِفَاعِهِ وَتَوَهُّمِهِ الْعَيْبَ الْمَذْكُورَ مَانِعٌ مِنْ إرَادَتِهِ الِانْتِفَاعَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ مُسْقِطَ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي]
. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اُغْتُفِرَ لَهُ التَّأْخِيرُ فِيهَا) أَيْ: وَإِلَّا فَالرَّدُّ سَاقِطٌ بِالتَّأْخِيرِ لَا بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ
كَانَ مِمَّنْ يَعْذِرُهُ فِي مِثْلِهِ لِجَهْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ فِي حَقِّهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي الطَّرِيقِ مُطْلَقًا حَتَّى بِوَطْءِ الثَّيِّبِ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَلْبِ الْآتِي ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِالسَّرْجِ وَالْإِكَافِ الْعِذَارُ وَاللِّجَامُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا لِتَوَقُّفِ حِفْظِهَا عَلَيْهِمَا (وَيَعْذِرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ) لِلرَّدِّ (يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبٍ فَرَكِبَهَا لِلْهَرَبِ بِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ رَدِّهَا، بِخِلَافِ رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ وَهُوَ لَابِسُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ كَذَا ذَكَرَاهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي طَرِيقِهِ لِلرَّدِّ لَا تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ، وَاسْتِدَامَةَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَعَيُّبِهَا، وَكَلَامُهُمَا فِيهِمَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ أَوْ النَّزْعِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِمَا عِنْدَ مَشَقَّتِهِ لَيْسَ مُرَادًا لَهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ غَيْرِ الْجَمُوحِ إلَّا بِرُكُوبِهَا لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ، وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا الْحَادِثِ حَالَ سَيْرِهَا، فَإِنْ أَوْقَفَهَا لَهُ أَوْ لِإِنْعَالِهَا وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي عَدَمِ سُقُوطِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْذَرُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِّيًّا لَمْ يُخَالِطْ الْفُقَهَاءَ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَلْبَ تَفْرِيغٌ لِلدَّابَّةِ مِنْ اللَّبَنِ الْمَمْلُوكِ لِلْمُشْتَرِيَّ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا) أَيْ وَلَا وَضْعُهُمَا فِي الدَّابَّةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِفْظُهُمَا (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطَّرِيقَيْنِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَعَلَّ اللُّزُومَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُ بِسُلُوكِ الْأَطْوَلِ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يُعَدُّ عَابِثًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْقَصْرِ اهـ حَجّ.
وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الْخِيَارِ بِمُجَرَّدِ الْعُدُولِ لَا بِالِانْتِهَاءِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ سَلَكَ الطَّوِيلَ لِمُطَالَبَةِ غَرِيمٍ لَهُ فِيهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ رَدِّهَا) هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَلَوْ عَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِالِاسْتِعْمَالِ بَعْدَ الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ إلَخْ) هُوَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ رُكُوبِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ وَلَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّى إلَيْهِ سَقَطَ رَدُّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا فِيهِمَا) أَيْ الثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ نَزْعَ الثَّوْبِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهَا بَيْنَ مَشَقَّةِ النُّزُولِ عَنْهَا وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ فِي حَوَاشِي حَجّ وَحَوَاشِي الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ الْمُعْتَمَدِ فِي كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ وَنَزْعِ الثَّوْبِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ، وَإِلَّا سَقَطَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَغَيْرِهِمْ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ) وَيَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي فِي ادِّعَاءِ عُذْرٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الرَّدِّ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ) وَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ الْبَرْذَعَةَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ رُكُوبُهُ بِدُونِهَا لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَهُ حَلْبُ نَحْوِ لَبَنِهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قِيَاسُهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَزِّ الصُّوفِ الْحَادِثِ بَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ نَحْوِ لَكِنْ وَقَعَ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَضُرُّ الْجَزُّ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ السَّيْرِ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ، وَانْظُرْ حَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ اسْتِعْمَالَ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَلْ شَرَطَهُ عَدَمَ الْفَسْخِ وَإِلَّا حَرُمَ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ يُبَاحُ مُطْلَقًا لِلْعُذْرِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْعُذْرُ يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأُجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي.
وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ ثُمَّ يُفَصِّلُهُ: أَيْ الصَّبْغَ نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْقَفَهَا) الْأَفْصَحُ حَذْفُ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ) أَيْ الْإِنْعَالِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَطَلَ رَدُّهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ حَالَ سَيْرِهَا أَوْ حَالَ عَلْفِهَا أَوْ سَقْيِهَا أَوْ رَعْيِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَهُ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ يَجِبُ عَلَى رَبِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ.
(وَإِذَا)(سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ لِتَقْصِيرِهِ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ لَهُ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَطْلُع عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَضَابِطُ الْحَادِثِ هُنَا هُوَ ضَابِطُ الْقَدِيمِ فِيمَا مَرَّ غَالِبًا، فَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ نَحْوُ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَهِيَ حَادِثَةٌ هُنَا بِخِلَافِهَا ثُمَّ فِي أَوَانِهَا، وَكَذَا عَدَمُ نَحْوِ قِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَلَا رَدَّ بِهِ ثَمَّ وَهُنَا لَوْ اشْتَرَى قَارِئًا ثُمَّ نَسِيَ امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَتَحْرِيمُهَا عَلَى الْبَائِعِ بِنَحْوِ وَطْءِ مُشْتَرٍ هُوَ ابْنُهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ (سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا) أَيْ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مَرِيدًا بِهِ أَنَّ الْقَهْرَ صِفَةٌ لِلرَّدِّ لَا لِلسُّقُوطِ، فَيَكُونُ السَّاقِطُ هُوَ رَدُّهُ الْقَهْرِيُّ، فَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ كَانَ جَائِزًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَهْرُ صِفَةً لِلسُّقُوطِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الرَّدُّ مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا، وَامْتِنَاعُ الرَّدِّ قَهْرًا لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِعَيْبٍ فَلَا يَرُدُّهُ بِعَيْبَيْنِ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَالَ الْحَادِثُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَادِثُ هُوَ التَّزْوِيجُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ الرَّدُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِهِ، وَلَا أَثَرَ لِمُقَارَنَتِهِ لِلرَّدِّ إذْ الْمَدَارُ عَلَى زَوَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ الْوَقْفُ لِلْحَلْبِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَلْبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ يَضُرُّ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى مَحَلِّ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) كَالْخِيَارِ (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ) وَمِنْهَا مُؤْنَةُ رَدِّ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى رَبِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ) لَوْ بَعُدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ هُنَا عَنْ مَحَلِّ الْأَخْذِ مِنْهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْيَدِ مُؤْنَةُ الزِّيَادَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَعَلَيْهِ لَوْ انْتَهَى الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ الْقَبْضِ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فِيهِ وَاحْتَاجَ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ إلَى مُؤْنَةٍ فَهَلْ يَصْرِفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ لِلْحَاكِمِ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ فَيَسْتَأْذِنُهُ فِي الصَّرْفِ وَإِلَّا صَرَفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُفَوِّتُ لَهُ) أَيْ الْأَرْشِ مِنْ حَيْثُ الْخِيَارُ: أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ غَالِبًا) وَلَوْ فَسَّرَ الْحَادِثَ هُنَا بِمَا نَقَصَ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ عَمَّا كَانَتْ وَقْتَ الْقَبْضِ لَمْ يَحْتَجْ لِزِيَادَةٍ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فِي أَوَانِهَا) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَيْبًا (قَوْلُهُ هُوَ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحَادِثٍ) أَيْ فَلَهُ بِالرَّدِّ كَمَا إنْ وَجَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي الرَّدَّ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَيْبًا قَدِيمًا (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا) أَيْ تَرَاضَيَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ لِوُجُودِ الْعِدَّةِ وَهِيَ عَيْبٌ (قَوْلُهُ: إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ) سَيَأْتِي التَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا لَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَمْ تُخْلِفْهُ عِدَّةً اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ تُخْلِفْهُ: أَيْ وَالْحَالُ إلَخْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِمُقَارَنَتِهِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْيَدَ بَعْدَ الْفَسْخِ يَدُ ضَمَانٍ وَهُوَ كَذَلِكَ
. (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِلرَّدِّ) أَيْ فِي الْمَعْنَى وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَنْفِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الثَّانِي إنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الصِّفَةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ إنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ سَقَطَ سُقُوطًا قَهْرِيًّا بِمَعْنَى قَهْرِيًّا فَهُوَ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِلْعِلْمِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ إذْ يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الرَّدُّ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْقَوْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا وَقَعَ الرَّدُّ بَعْدَ الدُّخُولِ وَخَرَجَ بِ قَبْلِ الدُّخُولِ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ تَعْقُبُهُ الْعِدَّةُ وَهِيَ عَيْبٌ كَمَا مَرَّ
ضَرَرِ الْبَائِعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ هُنَا فَانْدَفَعَ التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِإِصْلَاحِ التَّصْوِيرِ بِأَنْ يَقُولَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قُبَيْلَهُ، وَلَوْ أَقَالَهُ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ بِيَدِهِ فَلِلْبَائِعِ طَلَبُ أَرْشِهِ لِصِحَّتِهَا بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ فَكَذَا بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّتِهَا بَعْدَ التَّلَفِ صِحَّتُهَا بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَغْلِبُ فِيهَا أَحْكَامُ الْفَسْخِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّفَاسُخُ بِنَحْوِ التَّحَالُفِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ إجَارَتِهِ، وَإِذَا جُعِلَ الْمَبِيعُ كَالتَّالِفِ فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةَ الْمُتَقَوِّمِ، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَوْ لَا وَالْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (ثُمَّ) إذَا سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ (إنْ)(رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ) مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) عَلَيْهِ (أَوْ قَنَعَ بِهِ) مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ عَنْ الْقَدِيمِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا (فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدُّ) عَلَى الْبَائِعِ (أَوْ يَغْرَمُ الْبَائِعُ) لِلْمُشْتَرِي (أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدُّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَرِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِهِمَا) وَلَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ رِبَوِيًّا بِيعَ بِجِنْسِهِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَمِنْ ثَمَّ تَعَيَّنَ عَلَى وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ فِعْلُ الْأَحَظِّ، أَمَّا الرِّبَوِيُّ الْمَذْكُورُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخِ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعَيْبِ لِلرَّدِّ: أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَالَهُ) أَيْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي وَيَحْصُلُ بِلَفْظٍ مِنْهُمَا كَقَوْلِ الْبَائِعِ أَقَلْتُك فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَبِلْت (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ) ظَاهِرُهُ بِأُجْرَةٍ وَذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ أَوْ لَا.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ جَاهِلٌ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَهُ فَلَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ اهـ ع ب وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَالَ جَاهِلًا بِحُدُوثِ الْعَيْبِ ثُمَّ عَلِمَهُ كَانَ لَهُ فَسْخُ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْشَ هُنَا جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ يُنْسَبُ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ فَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُ هُنَا بِبَعْضِ الثَّمَنِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ مَا يُقَابِلُ بَعْضَ الثَّمَنِ، لِأَنَّ جُزْءَ الْقِيمَةِ فِي الْغَالِبِ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ وَإِنْ اتَّفَقَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا قَدْرَ مُسَاوِي الثَّمَنِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ فَذَاكَ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّتِهَا) أَيْ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي) وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُطَالِبُهُ بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ كَمَا يَأْتِي وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمَبِيعِ، قَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ عَبْدًا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ أَوْ مُسْلِمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ هَلْ يَكُونُ إسْلَامُهُ عَيْبًا حَادِثًا فَيَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ أَمْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ فِيهِ بِالْإِسْلَامِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ فِيهَا) أَيْ الْإِقَالَةُ (قَوْلُهُ: فَيُسَلِّمُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ) وَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِمِثْلِ الْمَبِيعِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُدَّةِ، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا رَضِيَ بِرَدِّ الْمَبِيعِ مُؤَجَّرًا أَخَذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَبِلَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ التَّحَالُفِ فَتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مَطْلُوبَةً فِي الْجُمْلَةِ كَانَ الْبَائِعُ كَالْمُجْبَرِ عَلَيْهَا لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهَا فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، بِخِلَافِ قَبُولِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالِامْتِنَاعِ فَقَبُولُهُ لِلْعَيْنِ مَحْضُ اخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَيْ أَوْ الرِّضَا بِهِ بِلَا طَلَبِ أَرْشِ الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلٌ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ لُزُومِ الْمُفَاضَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَكَذَا بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ) سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْشَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمُشْتَرِي جُزْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الثَّمَنِ، فَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ وَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ الْمُسَاوِيَةِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ
لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ لَمْ يُؤَدِّ لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ بِخِلَافِ إمْسَاكِهِ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَلَفِهِ وَمَتَى زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ أَوْ الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ امْتَنَعَ فَسْخُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي لَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْذَ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِالتَّرَاضِي مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا نَقُولُ: عِنْدَ إمْكَانِ الرَّدِّ يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ سَلْطَنَةِ الرَّدِّ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ تَكُونُ عَمَّا فَاتَ مِنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ) الْإِمْسَاكَ وَالرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ.
وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَلْبِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي.
نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ بِمَا زَادَ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ أَرُدُّهُ وَأَغْرَمُ لَك قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُ جَمِيعِهِ أُجِيبَ الْبَائِعُ وَوَجَّهَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي هُنَا إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ وَقِيمَةَ الصَّبْغِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَثَمَّ لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الرَّدَّ وَأَرْشَ الْحَادِثِ غَرَّمْنَاهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُ جَمِيعِهِ فَصَلَهُ وَرَدَّ الثَّوْبَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْصِ زَوَالُ بَعْضِ الْعَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُقَيَّدُ بِهِ، بَلْ لَوْ كَانَ الْعَيْبُ نَحْوُ انْصِدَاعٍ لِلْحُلِيِّ أَوْ ابْتِلَالٍ لِلْبُرِّ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا فُسِخَ الْعَقْدُ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي يَدِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ عَقْدٌ بِمُوجِبِ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ الْمُفَاوَضَةِ وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ الرِّبَوِيُّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ لَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى قَدِيمٍ بَعْدَ حُدُوثِ آخَرَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ فَلَا يُؤَدِّي لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ لَمَّا نَقَصَ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فَكَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةَ فَاءٍ فِي لَمْ يُؤَدِّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ) وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ بَدَلَ التَّالِفِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُهُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَإِزَالَتِهِ بِنَحْوِ دَوَاءٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي) أَيْ يَمْنَعُ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ) أَيْ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ بِنَحْوِ وِلَايَةٍ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ اهـ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَطَلَبَ الْوَلِيُّ الْإِمْسَاكَ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَنْصَرِفُ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ طَلَبَهُ غَيْرُ الْوَلِيِّ كَالْبَائِعِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ، أُجِيبَ: لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا تَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَوَلِيُّهُ الْآنَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ أَوْ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: وَأَخْذَ مَا) أَيْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ مُشْتَرٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الصَّبْغِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا تَزِيدُ بِهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ أَرُدُّهُ) أَيْ أَقْبَلُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ رَدُّهُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْبَائِعُ) أَيْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبْغُ عَيْبًا أَمْ لَا، وَلَيْسَ مُرَادًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِ هَذَا السُّؤَالِ، وَالْجَوَابُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ فِيهِ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الرَّدُّ قَهْرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى تَرْكِهِ عَلَى مَالٍ بَلْ يَسْقُطُ رَدُّهُ بِذَلِكَ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ، وَلَمَّا كَانَ مُشْكِلًا عَلَى مَا هُنَا مِنْ غُرْمِ الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَعَدَمِ الرَّدِّ ذَكَرَ إشْكَالَهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِنَعَمْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ إلَخْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ الْمَذْكُورِ تَفْصِيلًا طَوِيلًا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
ثُمَّ يُفَصِّلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ، وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الْأَرْشُ، فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ يُخَيِّرُ الْبَائِعَ بَيْنَ بَذْلِ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَأَخْذِهِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النَّسْجَ عَمَلٌ مُقَابَلٌ بِعِوَضٍ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا تَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يُرَدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا بِهِ وَبِالْحَادِثِ، بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ.
(وَيَجِبُ أَنْ)(يُعْلِمَ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ (بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ كَمَا يَجِبُ الْفَوْرُ فِي الرَّدِّ حَيْثُ لَا حَادِثَ.
نَعَمْ يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِوُجُوبِ فَوْرِيَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ تَأْخِيرِهِ بِرِضَاهُ بِهِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَرَمَدٍ وَحُمَّى عُذِرَ فِي انْتِظَارِهِ لِيَرُدَّهُ سَالِمًا عَلَى أَوْجَهِ الْقَوْلَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ، وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ، وَأَنَّ الْحَادِثَ لَوْ كَانَ هُوَ الزَّوَاجُ فَعَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَانْتَظَرَهُ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّهَا خَلِيَّةً لَمْ يَبْطُلْ رَدُّهُ، وَلَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ مِثْلُ الْقَدِيمِ كَبَيَاضٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ فِي عَيْنِهِ ثُمَّ زَالَ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ الْحَالُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ الزَّائِلُ الْقَدِيمُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْحَادِثُ فَلِي الرَّدُّ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الرَّدُّ بِحَلِفِ الْبَائِعِ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي بِحَلِفِهِ الْأَرْشُ وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَكَلَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ الْأَقَلُّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ مِنْهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ كَمَا فِي نُظَّارِهِ (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى عَلَيْهِ التَّنَازُعُ وَطَلَبُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ حَيْثُ يُرَدُّ الْحَيَوَانُ ثُمَّ يَجُزُّهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَرْشُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) وَهُوَ النَّسْجُ، وَالْمُرَادُ رَضِيَ بِأَخْذِهِ مَنْسُوجًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ) أَيْ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْمَضْمُونِ بِالثَّمَنِ وَأَمَّا الْحَادِثُ فَهُوَ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ فَهُوَ بَدَلُ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) أَيْ فَلَوْ عَرَفَ الْفَوْرِيَّةَ ثُمَّ نَسِيَهَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الرَّدِّ لِنُدْرَةِ نِسْيَانِ مِثْلِ هَذِهِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِنِسْيَانِ الْحُكْمِ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أُزِيلُ لَك الْعَيْبَ أَغْتُفِرَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَبِيعِ ثَمَّ لِلْمُشْتَرِي وَاشْتِغَالُ الْبَائِعِ بِإِزَالَةِ الْعَيْبِ يُفَوِّتُ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاعْتُبِرَ فِي مُدَّةِ إزَالَتِهِ أَنْ لَا تُقَابَلَ بِأُجْرَةٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَفُوتُ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَاغْتُفِرَتْ مَعَ قِصَرِهَا لِعَدَمِ الْإِشْعَارِ بِبَقَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي عَلَى مُوَافَقَةِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ طَالَتْ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَنَةٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَيَجِبُ الْأَرْشُ حَالًا، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْعَيْنِ الْمَسْلُوبَةِ الْمَنْفَعَةِ صَبَرَ الْمُشْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَأْخُذُ أَرْشًا لِعَدَمِ يَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّزْوِيجَ لَمَّا كَانَ يُرَادُ بِهِ الدَّوَامُ وَكَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَادِرًا لَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) أَيْ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) أَيْ أَرْشُ الْأَقَلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُضِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ) لَوْ ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ تَغَيُّرِهِ بِدُونِ ذَبْحِهِ كَمَا فِي الْجَلَّالَةِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بَعْدَ ذَبْحِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ.
هَذَا حَاصِلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ الْحَادِثِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) يَعْنِي فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَنْسُوجًا
. (قَوْلُهُ: لَهُ بِهِ) أَيْ الْقَدِيمِ.
كَكَسْرِ بَيْضٍ) لِنَحْوِ نَعَامٍ لِأَنَّ قِشْرَهُ مُتَقَوِّمٌ (وَ) كَسْرِ (رَانِجٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ حَيْثُ لَمْ تَتَأَتَّ مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ إلَّا بِكَسْرِهِ فَزَعَمَ تَعَيُّنَ عَدَمِ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَذِكْرُ ثُقْبٍ قَبْلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ بِالْكَسْرِ وَتَارَةً بِالثَّقْبِ أُخْرَى فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ (وَتَقْوِيرُ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (مُدَوِّدٌ) بَعْضُهُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَكُلُّ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَى كَسْرِهِ لِتَوَقُّفِ عِلْمِ بَيْعِهِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي يَرُدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ.
وَالثَّالِثُ لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
أَمَّا بَيْضُ نَحْوِ دَجَاجٍ مَذَرٌ وَنَحْوُ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٌ جَمِيعُهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَحَلِّ مِنْ قُشُورِهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ.
وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَزِمَهُ نَقْلُهَا مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ) الْمُشْتَرِي كَتَقْوِيرٍ كَبِيرٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِدُونِهِ وَكَشَقِّ رُمَّانٍ مَشْرُوطٍ حَلَاوَتُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِالْغَرْزِ فِيهِ لِمَعْرِفَةِ حُمُوضَتِهِ بِهِ سَوَاءٌ أَعْذَرَ وَذَلِكَ بِقِيَامِ قَرِينَةٍ تَحْمِلُهُ عَلَى مُجَاوِزِ الْأَقَلِّ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَعِنْدَ.
الْإِطْلَاقِ لَا تَكُونُ الْحُمُوضَةُ عَيْبًا لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ (فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ) فَيَمْتَنِعُ رَدُّهُ بِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالتَّدْوِيدُ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا إلَّا بِكَسْرِهِ وَقَدْ يُعْرَفُ بِالشَّقِّ، وَلَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بَيْضٍ أَوْ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ فَكَسَرَ وَاحِدَةً ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى رَدِّ الْكُلِّ بِذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ رَدِّ الْبَعْضِ فَقَطْ، فَإِنْ كَسَرَ الثَّانِيَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: قَوْلُ الشِّهَابِ فَلَهُ الرَّدُّ أَيْ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الذَّبْحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تَغَيُّرَ اللَّحْمِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ: رَانِجٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَبِفَتْحِهَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ ثُقْبٍ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِ رَانِجٌ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ) أَيْ الرَّانِجِ (قَوْلُهُ: بِطِّيخٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الطِّبِّيخُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْوَاوِ) مِنْ دُودِ الطَّعَامِ فَفِعْلُهُ لَازِمٌ، يُقَالُ دَادَ الطَّعَامُ يَدَادُ دَوْدًا بِوَزْنِ خَافَ يَخَافُ خَوْفًا وَأَدَادَ وَدَوَّدَ تَدْوِيدًا كُلُّهُ بِمَعْنًى اهـ مُخْتَارٌ.
وَالْوَصْفُ مُخْتَلِفٌ فَمِنْ دَادَ دَائِدٌ وَمِنْ أَدَادَ مَدِيدٌ وَمِنْ دَوَّدَ مَدُودٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْضُ نَحْوِ دَجَاجٍ) مُحْتَرَزٌ قَوْلِهِ لِنَحْوِ نَعَامٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي نَقْلُهَا مِنْهُ: أَيْ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ اهـ حَجّ.
وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْوَاقِعِ لَا لِظَنِّهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ اهـ حَجّ.
فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِدُونِهِ رُجِعَ فِيهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَلَوْ فَقَدُوا وَاخْتَلَفُوا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِتَحَقُّقِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالشَّكِّ فِي مُسْقِطِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يُعْذَرْ (قَوْلُهُ: مَقْصُودَةٌ فِيهِ) أَيْ الرُّمَّانُ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ رَدُّهُ) وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ رَجَعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَسَرَ وَاحِدَةً) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً.
[مَسْأَلَةٌ] سَأَلَ أَبُو ثَوْرٍ الشَّافِعِيَّ عَمَّنْ اشْتَرَى بَيْضَةً مِنْ رَجُلٍ وَبَيْضَةً مِنْ آخَرَ وَوَضَعَهُمَا فِي كُمِّهِ فَكُسِرَتْ إحْدَاهُمَا فَخَرَجَتْ مَذِرَةً فَعَلَى مَنْ يَرُدُّ الْمَذِرَةَ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَتْرُكُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ، قَالَ: يَقُولُ لَا أَدْرِي، قَالَ: أَقُولُ لَهُ انْصَرِفْ حَتَّى تَدْرِيَ فَإِنَّا مُفْتُونَ لَا مُعَلِّمُونَ اهـ.
وَلَا يُجْتَهَدُ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْغَيْرِ بِالِاجْتِهَادِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْأَمْوَالِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَبَضَ مِنْ شَخْصَيْنِ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا فَوَجَدَ بِهَا نُحَاسًا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْتَهِدَ هُنَا إنْ كَانَ ثَمَّ أَمَارَةٌ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ.
أَقُولُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَهْجُمُ وَيَرُدُّ الْمَذْكُورَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعَيْنِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَّفَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَبِيعَةً مِنْهُ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ عَرْضُهَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ حَلَفَ الْآخَرُ اسْتَمَرَّ التَّوَقُّفُ، وَإِنْ قَبِلَهَا أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ إذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا إنْ ظَهَرَ لَهُ بِقَرِينَةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ لِوُقُوفِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ بِالْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي عَيْبًا حَادِثًا، وَلَوْ بَانَ عَيْبُ الدَّابَّةِ وَقَدْ أَنْعَلَهَا وَكَانَ نَزْعُ النَّعْلِ يَعِيبُهَا فَنَزَعَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ لِقَطْعِهِ الْخِيَارَ بِتَعَيُّبِهِ بِالِاخْتِيَارِ وَإِنْ سَلَّمَهَا بِنَعْلِهَا أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِ النَّعْلِ، إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ قِيمَتِهَا فَإِنَّهَا حَقِيرَةٌ فِي مَعْرِضِ رَدِّ الدَّابَّةِ، فَلَوْ سَقَطَتْ اسْتَرَدَّهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَرْكَهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ وَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهَا لَمْ يُجْبَرْ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِهَا لَهُ، بِخِلَافِ الصُّوفِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ النَّعْلِ فَيَنْزِعُهَا، وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِنْعَالَ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ ضَارٌّ لِأَنَّ ذَاكَ اشْتِغَالٌ يُشْبِهُ الْحَمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَهُنَا تَفْرِيغٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ مَانِعٌ لَهُ مِنْ الرَّدِّ بَلْ يَرُدُّهُ ثُمَّ يَجُزُّ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَزْعِ النَّعْلِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَاضِحٌ.
[فَرْعٌ] إذَا (اشْتَرَى) مِنْ وَاحِدٍ عَبْدَيْنِ أَيْ عَيْنَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً) وَاحِدَةً جَاهِلًا بِالْحَالِ (رَدَّهُمَا) إنْ أَرَادَ لَا أَحَدُهُمَا قَهْرًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَائِعُ وَيُطْلَبُ النَّاكِلُ بِالثَّمَنِ، أَمَّا لَوْ كَانَتَا مَبِيعَتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَذِرَةِ وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي مِقْدَارِ ثَمَنِ التَّالِفَةِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالظَّاهِرُ فِيهَا مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ لَوْ اجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ النُّحَاسَ مِنْ زَيْدٍ فَأَنْكَرَ أَنَّ النُّحَاسَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَرْضُهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ صَارَ يَظُنُّ أَنَّ الْآخَرَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ وَيَعْتَرِفَ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَيُحَصِّلُ بِثَمَنِهِ بَعْضَ حَقِّهِ.
[فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَوَجَدَ لُبَّهَا أَنْبَتَ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ قَطْعِهِ مِنْ شَجَرَةٍ كَانَ عَيْبًا لَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خَزِينِهِ مُدَّةً يَغْلِبُ إنْبَاتُهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَلَا رَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ عَيْبِهَا بِدُونِ الْكَسْرِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِجَزِّ الصُّوفِ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَضَرَّرَ الشَّاةُ بِجَزِّهِ كَكَوْنِ الزَّمَنِ شِتَاءً مَثَلًا أَوْ لَا، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ الثَّمَنَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ فَأُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ تَبَعًا لَهُ وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْمِنَّةِ فِي الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي يَرُدُّ الشَّاةَ ثُمَّ يَفْصِلُ صُوفَهَا تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ نَزْعَ الصُّوفِ لَا يَضُرُّ بِالشَّاةِ فَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجُزُّ) بَابُهُ رَدٌّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَلَعَلَّهُ قِصَرُ الزَّمَنِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ إلَخْ) أَيْ لَمْ تَتَوَقَّفْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا الْكَامِلَةُ عَلَى الْأُخْرَى عَادَةً (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ فَسَّرَ بِهِمَا الْمُرَادَ بِالْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ رَدَّهُمَا) أَيْ جَازَ لَهُ الرَّدُّ إنْ إلَخْ، فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ أَحَدِهِمَا فَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الْآخَرِ رَدَّهُمَا إنْ شَاءَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاحِدًا وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى آخَرَ جَازَ لَهُ الرَّدُّ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي أَوَّلِ التَّصْرِيَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِالتَّصْرِيَةِ وَلَكِنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ الصَّاعِ أَيْضًا اهـ.
وَكَذَا قَوْلُ الرَّوْضِ مَتَى رَضِيَ: أَيْ الْمُشْتَرِي بِالْمُصَرَّاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا: أَيْ قَدِيمًا رَدَّهَا وَبَدَلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَرْعٌ] . (قَوْلُهُ: أَيْ عَيْنَيْنِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ عَقِبَ قَوْلِهِ عَبْدَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ
وَيَجْرِي فِي رَدِّ أَحَدِهِمَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (رَدَّهُمَا) إنْ أَرَادَ (لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ) فَلَا يَرُدُّهُ قَهْرًا عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِذَلِكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَاهُمَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ الْجَوَازُ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالرِّضَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَمَا لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِلْبَائِعِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُمَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّدِّ لَمْ يُرَدَّ كَمَا تَمَلَّكَ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي إنَّ لَهُ الرَّدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ وَكَذَا السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ كَمَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ الضَّرَرُ فَيُرَدُّ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ فَلَا وَالثَّانِي أَصَحُّ، وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ فِيمَا تَقَرَّرَ وَارِثُهُ وَنَحْوُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ تَلِفَ السَّلِيمُ أَوْ بِيعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَرَدُّ الْمَعِيبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِمَا: أَيْ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الرَّدِّ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَوْلَى بِكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ قِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَيْبِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَا تَتَّصِلُ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا مَا تَتَّصِلُ كَذَلِكَ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ فَلَا يُرَدُّ الْمَعِيبُ مِنْهُمَا وَحْدَهُ قَهْرًا قَطْعًا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ مَاتَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ أَحَدَهُمَا الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اللَّبَنِ مَعَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِي رَدِّ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ كَالْمَحَلِّيِّ وَلَمْ يَقُلْ وَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي إلَخْ لِجَوَازِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ بِالْأَصَالَةِ فِيمَا لَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا وَأَنَّ إجْرَاءَ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ بِطَرْدِهِمْ الْخِلَافَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ.
[فَرْعٌ] حَيْثُ جَوَّزْنَا: يَعْنِي عَلَى الضَّعِيفِ رَدَّ الْبَعْضِ اسْتَرْجَعَ قِسْطَهُ مِنْ الثَّمَنِ قَطْعًا، وَطَرِيقُ التَّوْزِيعِ تَقْدِيرُ الْعَبْدَيْنِ سَلِيمَيْنِ وَتَقْوِيمُهُمَا وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى عَلَى الْقِيمَتَيْنِ، وَلَوْ وَزَّعْنَا الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا مَعَ عَيْبِهِمَا لَأَدَّى إلَى خَطَأٍ وَفَسَادٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِامْتِحَانُ، وَالصَّوَابُ تَقْدِيرُ السَّلَامَةِ وَهِيَ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ نَافِعَةٌ فِي مَسَائِلَ ذُكِرَتْ فِيهَا الْغُنْيَةُ اهـ قوت (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِهِ) وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ لَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا) وَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ بِالرِّضَا لَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْحُبُوبِ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَعَلَّلَهُ حَجّ بِأَنَّهُ مَعَ الرِّضَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ لِلْأَصْحَابِ لَا يُنَافِي تَأْوِيلَ النَّصِّ الْمُخَالِفِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ بِحَيْثُ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ ذِكْرُ الْخِلَافِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّصَّ قَابِلٌ لِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْخِلَافُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْهُ، وَمِمَّا يُقَابِلُهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مُوَافِقًا لِقَوَاعِدِهِ وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّرَاضِي دَلَّ عَلَى مُنَافَاتِهِ لِلْخِلَافِ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَيُنَافِي اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى قَبُولِهِ لِلتَّخْرِيجِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ) أَيْ وَشَمِلَ مَا لَوْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي) أَيْ فِيمَا لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْبَائِعِ وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ عَلَى نَقْلِهِ) أَيْ الرَّدِّ عَنْهُ أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ) أَيْ فِي عَدَمِ رَدِّ أَحَدِهِمَا وَإِمْسَاكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةٌ إلَخْ) أَيْ لِجَوَازِ أَنَّ أَوْلَوِيَّتَهُ بِالنَّظَرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) يَعْنِي فِي الْغَايَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الرَّدِّ إلَخْ) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ مُفَرَّعٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الرَّدِّ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَقْصُودُ هَذَا الْكَلَامِ مَعَ أَنَّ أَوْلَى بِكَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ إذْ مَعْنَاهُ