الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِشِرَاءِ الرَّهْنِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ، وَلَوْ حَكَمَ بِهَا شَافِعِيٌّ بِرَهْنٍ ثُمَّ اسْتَعَادَهُ الرَّاهِنُ فَأَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَحَكَمَ مُخَالِفٌ يَرَى قِسْمَتَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِهَا نَفَذَ إنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ بُطْلَانُهُ بِقَبْضِ الرَّاهِنِ حَتَّى أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ صِحَّتِهِ لِأَنَّ هَذِهِ قَضِيَّةٌ طَرَأَتْ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا حُكْمُ الشَّافِعِيِّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الصِّحَّةِ أَوْ لَا، قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَهِيَ قَاعِدَةٌ تَخْرُجُ مِنْهَا مَسَائِلُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْعِصْمَةِ وَنَحْوِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إنْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ، فَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَلَا لِتَنَاوُلِهِ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ الْآثَارَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الْمَوْجُودَةُ وَالتَّابِعَةُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَكَابِرِ الْعَصْرِ بَعْدَهُ وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُ مُنْتَصِرًا لِكَلَامِ الْعِرَاقِيِّ إنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ الْمُخَالِفِ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، إذْ لَوْ نَظَرْنَا إلَى ذَلِكَ لَمَا اسْتَقَرَّتْ غَالِبُ الْأَحْكَامِ.
فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ
(شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ) لِيَصِحَّ الرَّهْنُ (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَلَوْ زَكَاةً تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهَا أَوْ مَنْفَعَةٌ كَالْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَائِهِ بِبَيْعٍ الْمَرْهُونِ وَتَحْصِيلِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لَا إجَارَةُ الْعَيْنِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ بِيعَ الْمَرْهُونُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ أَيْضًا مُعَيَّنًا مَعْلُومًا قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ، فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ رَهَنَ بِأَحَدِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُصَنِّفُ التَّحْرِيرِ وَالْمُعَايَاةِ والبلق وَالشَّافِي، مَاتَ رَاجِعًا مِنْ أَصْبَهَانَ إلَى الْبَصْرَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي طَبَقَاتِهِ وَابْنُ سَعْدٍ اهـ. مِنْ طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ، وَعَدَّ مِنْ أَهْلِ جُرْجَانَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً وَصَفَهُمْ بِالتَّبَحُّرِ فِي الْعُلُومِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعَادَهُ) أَيْ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِهَا) أَيْ بِالِاسْتِعَادَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ نَفَذَ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ) أَيْ آثَارِهِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ مُوجِبَهُ (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَقُولُ: وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُخَالِفَ يَرَى حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ حُكْمًا حَقِيقِيًّا مُلْزِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ مَعَ كَوْنِ حَاكِمِهِ؟ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حُكْمٌ حَقِيقِيٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الرَّهْنِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَبَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ وَبَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ الرَّهْنُ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ الشُّرُوطُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْعُقُودِ أَوْ الْعِبَادَاتِ وَالْمَرْهُونُ بِهِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ دَيْنًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ) بِأَنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لِيَكُونَ دَيْنًا لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِالذِّمَّةِ ثُمَّ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ يَمْتَنِعُ هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثَةٍ وَمِنْ الْإِمَامِ أَيْضًا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّنْفَيْنِ إذَا قَبَضَ بَرِئَ الدَّافِعُ فَكَأَنَّ الْحَقَّ انْحَصَرَ فِيهِمْ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَحَقِّ لِيَكُونَ الْمَرْهُونُ بِهِ مَعْلُومًا دُونَ مَا إذَا تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يُحْمَلُ الْكَلَامَانِ الْمُتَنَاقِضَانِ اهـ.
فَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَحَقِّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعَارَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالرَّاءِ وَلَعَلَّ الرَّاءَ مُحَرَّفَةٌ عَنْ الدَّالِ:
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ
الدِّينَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ، وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ عَنْ التَّعْيِينِ لِأَنَّ الْإِيهَامَ يُنَافِيهِ، وَلَوْ ظَنَّ دَيْنًا فَرَهَنَ أَوْ أَدَّى فَبَانَ خِلَافُهُ لَغَا كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْأَدَاءِ، أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فَرَهَنَ وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَحَّ لِوُجُودِ مُقْتَضَيْهِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ مِمَّا مَرَّ مَا لَوْ ضَمِنَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ، وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ فِي الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ، إذْ الْمُؤَثِّرُ هُنَا الْجَهْلُ وَالْإِيهَامُ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ (ثَابِتًا) أَيْ مَوْجُودًا حَالًّا، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ لَفْظُ الدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسْمِيَةِ الْوُجُودُ وَإِلَّا لَمْ يُسَمَّ الْمَعْدُومُ مَعْدُومًا (لَازِمًا) فِي نَفْسٍ كَثَمَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْخِيَارِ دُونَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، فَاللُّزُومُ وَمُقَابِلُهُ وَصْفَانِ لِلدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَحِينَئِذٍ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ سَوَاءٌ أَوُجِدَ مَعَهُ اسْتِقْرَارٌ كَدَيْنِ إتْلَافٍ وَقَرْضٍ أَمْ لَا كَثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ وَأَجْرِهِ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ.
(فَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِالْعَيْنِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَاقِيًا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقَالُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَمَّا مَعَ قَوْلِهِ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ فَلَا لِجَوَازِ اتِّحَادِ الدِّينَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً فَالرَّهْنُ بِأَحَدِهِمَا بَاطِلٌ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (قَوْلُهُ: يُنَافِيهِ) أَيْ الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: لَغَا) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الدَّيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ) أَيْ فَفِي الْعِلْمِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ بِالْأُولَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَسَطَهَا فِي الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَهْنٌ فَاسِدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: كَمَا إذَا اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ شَيْئًا مِنْ دَائِنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ وَإِنْ فَسَدَ لِلشَّرْطِ لَكِنَّ الرَّهْنَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلًّا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ صَحَّ) هَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْعَقْدِ الثَّانِي مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا كَالشَّارِحِ، وَثُمَّ بَعْدَ مِثْلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ مَعَ ظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ لِأَنَّ فَسَادَهُ ضَعِيفٌ، أَوْ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ إذْ لَا جَهَالَةُ تَمْنَعُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ.
فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُوَافِقٌ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي كَلَامِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِتِسْعَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الرَّهْنِ بِدِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعْدُومًا) فِيهِ نَظَرٌ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَسْمِيَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ وَتَسْمِيَةٍ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ بَلْ عَلَى الْعَدَمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَازِمًا فِي نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ طَرَفِي الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ إتْلَافٍ وَقَرْضٍ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَازِمٌ مُسْتَقِرٌّ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، وَقَدْ يَكُونُ الدَّيْنُ مُسْتَقِرًّا غَيْرَ لَازِمٍ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَا مُسْتَقِرًّا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ) أَيْ بِسَبَبِ الْعَيْنِ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ إلَخْ) أَيْ: إذَا حَذَفَ التَّقْيِيدَ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ دَائِمًا (قَوْلُهُ: وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) صُورَتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَيْنٌ فَيَبِيعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنِهِ الْقَدِيمِ أَوْ بِهِ وَبِالْجَدِيدِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ مُسَاهَمَةٌ، وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُقَالَ: أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: فَاسِدٌ وَصْفًا لِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُنَا فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّهْنِ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لَا مُخَالِفٌ لَهُ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مَوْضُوعَةٌ شَرْعًا لِتِسْعَةٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْخِيَارِ) وَكَذَا فِي زَمَنِهِ كَمَا سَيَأْتِي
الْمَضْمُونَةِ كَالْمَأْخُوذَةِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ السَّوْمِ وَ (الْمَغْصُوبَةُ وَالْمُسْتَعَارُ) وَأُلْحِقَ بِهَا مَا يَجِبُ رَدُّهُ فَوْرًا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ فَيَدُومُ حَبْسُهُ لَا إلَى غَايَةٍ، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِالضَّمَانِ، وَحُصُولُ الْعَيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا يُتَصَوَّرُ، أَمَّا الْأَمَانَةُ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِحُّ بِهَا جَزْمًا، وَبِهِ عُلِمَ بُطْلَانُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَخْذِ رَهْنٍ مِنْ مُسْتَعِيرِ كِتَابٍ مَوْقُوفٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ لُزُومِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ذَلِكَ، وَالْعَمَلُ بِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ رَهْنٌ بِالْعَيْنِ لَا سِيَّمَا وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَوْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ وَبِأَنَّ الرَّاهِنَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنْ عَنَى الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ فَبَاطِلٌ أَوْ اللُّغَوِيَّ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً صَحَّ وَإِنْ جُهِلَ مُرَادُهُ اُحْتُمِلَ بُطْلَانُ الشَّرْطِ حَمْلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِرَهْنِ تَعَذُّرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ أَوْ لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا، وَشَرْطُ هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مَظِنَّةُ ضَيَاعِهِ، وَاحْتُمِلَ صِحَّتُهُ حَمْلًا عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْرِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ انْتَهَى. وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَتْبَعُ اللُّغَةَ، وَكَيْفَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مَعَ امْتِنَاعِ حَبْسِهِ شَرْعًا فَلَا فَائِدَةَ لَهَا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا عُمِلَ بِشَرْطِهِ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْآخِذِ وَثِيقَةً تَبْعَثُهُ عَلَى إعَادَتِهِ وَتُذَكِّرُهُ بِهِ حَتَّى لَا يَنْسَاهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَتَبَاطَأُ فِي رَدِّهِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَيَبْعَثُ النَّاظِرَ عَلَى طَلَبِهِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُرَاعَاتُهَا، وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَالشَّرْطُ بُلُوغُهَا ثَمَنَهُ لَوْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَلَى مَا بُحِثَ إذْ لَا يُبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ شَرْطِ عَدَمِ إخْرَاجِهِ وَإِنْ أَلْغَيْنَا شَرْطَ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَتَعَسَّرْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِلَّا جَازَ إخْرَاجُهُ مِنْهُ لِمَوْثُوقٍ بِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَيَرُدُّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهَا فَوْرًا) الْمُرَادُ بِرَدِّهَا فَوْرًا إعْلَامُ مَالِكِهَا وَبَعْدَ الْإِعْلَامِ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِإِلْحَاقِهِ لَهَا بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا بِتَوْجِيهِهِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِتَخْصِيصِهِمْ صِحَّةَ ضَمَانِ الْعَيْنِ بِالْمَضْمُونَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَمَّا الْأَمَانَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ مُسْتَعِيرٍ) فِيهِ تَجَوُّزٌ، فَإِنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ لَا يُسَمَّى اسْتِعَارَةً فَإِنَّ النَّاظِرَ مَثَلًا لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ حَتَّى يُعِيرَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مُسْتَحَقًّا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ) : قَالَ سم عَلَى حَجّ: الْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا، وَلَا مُعَوَّلَ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، نَعَمْ يَنْبَغِي امْتِنَاعُ إخْرَاجِ الْكِتَابِ مِنْ مَحَلِّهِ حَيْثُ تَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا يَتَضَمَّنُ مَنْعَ الْوَاقِفِ إخْرَاجَهُ فَيَعْمَلُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ صِحَّتَهُ) أَيْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ) أَيْ صِحَّةِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ لَهَا) أَيْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ) أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْطُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ لَكِنْ قَالَ سم مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَهُ أَوْ الْحَمْلُ عَلَيْهِ حَيْثُ جُهِلَ مُرَادُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ إخْرَاجُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ وَأَخَذَ رَهْنًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ حُكْمَ فَاسِدِ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِقِيمَتِهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ: فِي مَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ وَلَوْ بَعِيدًا عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَمَانَةُ) أَيْ: الْجَعْلِيَّةُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ شَرْطِ عَدَمِ إخْرَاجِهِ إلَخْ) فُهِمَ مِنْهُ وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ سم قَالَ:؛ لِأَنَّ